لتحميل عدد المجلة الذي يتضمن المقال بصيغته الرقمية pdf الرابط أذناه:
https://www.allbahit.com/2022/12/49-2022-30-pdf-httpsdrive.html
الأستاذ عملوك المهدي
باحث في القانون العام
ماهية الشرطة الإدارية ودورها في حماية النظام العام
What is the administrative police and its role in
protecting public order
مقدمة:
الضبط الإداري، الشرطة الإدارية أو البوليس الإداري إحدى الدعامات الرئيسية التي تقوم عليها وظيفة الإدارة العامة، التي تعمل على إشباع حاجيات الأفراد بتقديم أفضل الخدمات لهم.[1]
لذلك يفضل الأستاذ عبد القادر باينة مفهوم الضبط الإداري الذي يستعمله الفقهاء في الوطن العربي ويعتبره أقوم على تعبير الشرطة الإدارية، التي لا تقتصر على مفهوم السلطة أو الردع، بل تؤكد أيضا على التنظيم وضبط النشاط الإداري والحياة العامة بالبلاد وتوجيه نشاط المواطنين في نطاق الصالح العام يعني في إطار الحفاظ على النظام العام.[2]
ففي الوقت الذي كانت أغراض سلطة الضبط الإداري مقتصرة على إشاعة الأمن العام والصحة العامة والحفاظ على السكينة العامة وراحة عموم الناس، شهدت نظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تطورات كبيرة مما استوجب تدخل الدولة الفاعل، لتنظيم حريات الأفراد التي بدورها تعددت مناحي نشاطاتها وتنوعت أشكالها، لهذا فإن تدخل سلطة الضبط الإداري لتحقيق مصالح المجتمع العليا والمتمثلة في الحفاظ على النظام العام أصبح ضرورة لا مناص منها.
إن الضبط الإداري والشرطة الإدارية أو البوليس الإداري هو نشاط ومظهر من مظاهر عمل الإدارة تهدف من خلاله الحفاظ على النظام العام أو إعادته لنصابه عند اختلاله من خلال الوسائل والأساليب المقررة لها قانونا، ويقتضي ذلك منحها الإدارة العديد من الامتيازات اللازمة لتحقيق الغاية المذكورة، إلا أن تلك الامتيازات لا يمكن أن تكون غاية بحد ذاتها، بقدر ما هي وسائل يمكن لسلطة الضبط الإداري من خلالها أن تقوم بأداء مهامها بفاعلية ونشاط .
غير أنه وبسبب الارتباط المباشر النشاط الضبط الإداري بحقوق الأفراد وحرياتهم العامة، فإن ذلك يمكن أن يرتب أثره تجاه سلطة الضبط الإداري بحيث لا يمكن أن تكون لها حرية مطلقة عند أداء مهامها، دون حدود و قيود بل يجب عليها التقيد بإجراء
الموازنة بين متطلبات المحافظة على النظام العام كونه يمثل غاية الضبط الإداري من جهة واحترام حقوق الأفراد وحرياتهم العامة من جهة أخرى حتى وان تطلب ذلك تنظيمها لممارسة الأفراد لتلك الحريات تفاديا للتهديد الحاصل بالنظام العام.
وحيث أن فكرة النظام العام، فكرة مرنة ونسبية ومتغيرة من زمان لأخر ومن مكان الآخر، بحيث لا يمكن تحديد
ماهيتها ضمن مفهوم محدد سلفا في النصوص القانونية أو الأحكام القضائية، فإنه قد يفسح المجال أمام سلطة الضبط الإداري في التعسف بالسلطة الممنوحة لها لفرض المحافظة على النظام العام، بشكل قد يرتب آثاره السلبية تجاه حقوق الأفراد وحرياتهم العامة، من خلال المساس بها أو تقييدها دون مبرر قانوني خاصة وان عناصر النظام العام لم تعد قاصرة على العناصر التقليدية لها والمتمثلة بالأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة بل أصبحت شاملة في الوقت الحاضر لعناصر أخرى، كالنظام العام المعنوي (الأخلاق العامة) والنظام العام البيئي (جمال الرونق والرواء) والنظام العام الاقتصادي. [3]
وفي هذا الصدد، فإننا سنتطرق في هذا المقال لتأصيل فكرة الضبط الإداري من خلال التطرق لطبيعة الضبط الإداري في
المطلب الأول و انواعه وعلاقته ببعض الأنظمة المشابهة له في المطلب الثاني ثم اهدافه في
المطلب الثالث.
المطلب الأول : تأصيل فكرة الضبط الإداري
إن الضبط الإداري إحدى الدعامات الرئيسية التي تقوم عليها وظيفة الإدارة العامة التي تعمل على إشباع حاجات الأفراد بتقديم أفضل الخدمات لهم.
والسلطات العمومية هي المكلفة بالحفاظ على النظام العام وكل دولة لا تستطيع الحفاظ عليه فلا يمكن أن تعتبر دولة قادرة على القيام بمسؤولياتها من اجل حماية مواطنيها وسلامة الدولة نفسها .
لما كانت سلطة الضبط الإداري تطال مجالات شتى، فقد تباينت آراء فقهاء القانون في تناولهم لطبيعتها، إذ رأى قسم منهم أنها سلطة قانونية محايدة
(الفقرة الاولى) في حين عدها آخرون سلطة ذات طبيعة سياسية
(الفقرة الثانية) بينما أكد رأي آخر على الطبيعة المزدوجة لسلطة الضبط الإداري
(الفقرة الثالثة).
الفقرة الاولى: الضبط الإداري سلطة قانونية محايدة .
يری جانب من الفقه بان سلطة الضبط هي سلطة قانونية محايدة، تمارس في حدود القانون وتخضع لرقابة القضاء للتأكد من مشروعية عمل الضبط، ويقصد بالحيادية في هذا الخصوص "أن تـنصرف وظيفة الضبط الإداري إلى غاية الأوضاع الرتيبة لحياة المجتمع من أي خلل ضمن إطار يباشر فيه الأفراد حرياتهم حتى لإرساء استخدامها وتسود الفوضى".[4]
ويمثل هذا الاتجاه في الفقه الفرنسي الفقيه (ber nard)، والذي ينكر وجود نظام عام سياسي مستقل يكون مبررا لوجود سلطة ضبط سياسية، على اعتبار أن هناك فروقا جوهرية بين السلطتين الإدارية والسياسية، وأن السلطة الإدارية كقاعدة عامة لابد من أن تكون بمنأى عن المؤثرات السياسية داخل الدولة الأمر الذي يترتب عليه عدم ارتباط النظام العام بالنظام السياسي، ومتى حصل ذلك فإنه يؤدي إلى انتفاء الصفة القانونية عن فكرة النظام العام التي تمثل غاية الضبط الإداري، ومن أنصار هذا الاتجاه الفقيه (ULman) والذي أكد على الطبيعة القانونية المحايدة للضبط الإداري، إلا أنها، حسب هذا الرأي، قد تتحول إلى طبيعة سياسية متى ما حصل انحراف باستعمالها من قبل الأشخاص القائمين بها.
أما في الفقه العربي فقد ذهب ذ. محمود سعد الدين الشريف إلى إيضاح الطبيعة القانونية المحايدة للضبط الإداري من خلال تمديد الخصائص
المميزة لهذه الفكرة، كونها ضرورية، كما تصنف بكونها حيادية، إضافة إلى خضوع وظيفة الضبط الإداري لسيادة القانون ورقابة القضاء الإداري، كونها تمثل نشاطا إداريا يستمد شرعيته من النصوص الدستورية والتشريعية، وأخيرا ما تتميز به هذه الوظيفة هو اعتمادها على وسيلة السلطة العامة في المحافظة على النظام العام.
الفقرة الثانية: الضبط الإداري سلطة سياسية
اتجه جانب من الفقه الإداري إلى المناداة بالطبيعة السياسية للضبط الإداري ويمثل هذا الاتجاه الفقيه باسكو (pasco) في الفقه
الفرنسي و د. محمد عصفور في الفقه العربي، حيث يؤكد أصحابه بأن طبيعة الضبط الإداري في الجوهر ما هو إلا فكرة سياسية بحتة ويتمثل بمظهرين في وقت واحد، هما المظهر الخارجي الظاهر للعيان ويتجلى بتحقيق الأمن في الشوارع، والمظهر الداخلي المتمثل بالأمن الذي يمكن أن تشعر به سلطة الحكم.
لذلك فإنه إذا كان هنالك حدا لا يختلف من مجتمع لأخر ضمن نطاق النظام العام والمتمثل في تحقيق الأمن العام والصحة العامة
والسكينة العامة، فإن هناك حدا آخر يختلف بين المجتمعات ويتعلق بحماية النظام السياسي في الدولة، ويبرز ذلك بصورة واضحة في الرقابة القضائية على سلطات الإدارة في مجال الضبط الإداري والقيود التي تفرض على الحريات العامة بإدعاء حماية النظام العام، رغم أنها تفرض حماية السلطة الحاكمة في الدولة.
ولغرض تأكيد الطبيعة السياسية للضبط الإداري فقد ذهب الفقيه باسكو إلى أن الضبط الإداري ما هو إلا سلطة سياسية لها حق الرقابة والدفاع عن كيان الدولة، وتملك هذه السلطة في سبيل تحقيق غايتها، الحق في إجبار الأفراد على احترام نظام الدولة ولو بالقوة.
وانتقد أصحاب هذا الاتجاه الرأي القائل بالطبيعة القانونية المحايدة للضبط الإداري، على اعتبار أن ذلك يعد ضربا من الخيال، ولا يمكن أن يوجد إلا في المجتمعات المثالية، ومن الناحية النظرية حيث أن الواقع العملي يشير إلى خلاف ذلك، باعتبار أن الطبقة الحاكمة هي التي تفرض النظام الذي يمكن لها من خلاله البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، وقد تعرض هذا الرأي العديد من الانتقادات:
اولا : إغفاله جانبا هاما من النشاط الضبطي وهو الضبط الإداري بالمعنى الضيق.
ثانيا :يترتب عليه التوسع في نظرية أعمال السيادة وهو أمر غير مستحب، لأنه يؤدي إلى عدم خضوع أعمال الضبط لرقابة القضاء الإداري.
ثالثا:إنه يضفي على السلطة التنفيذية نوعين من الولاية، إحداهما تنفيذ القوانين والأخرى ذات طابع سياسي وهذا غير متصور عقلا.
الفقرة الثالثة: الطبيعة المزدوجة للضبط الإداري
لغرض التوفيق بين الاتجاهين السابقين، فقد تبنى بعض الفقه اتجاها وسطا يقوم على الاعتداد بالطبيعة المزدوجة للضبط الإداري كونها ذي طبيعة قانونية محايدة في الوظائف التقليدية للضبط الإداري وذي طبيعة سياسية في الوظائف ذات الطابع السياسي.
ويربط أصحاب هذا الرأي بين طبيعة الضبط الإداري من جهة وغايتها من جهة أخرى، حيث أن وظيفة الضبط الإداري في كافة الدول، ديمقراطة كانت أو ديكتاتورية، إنما تهدف إلى ممارسة الأفراد لحرياتهم العامة، والحيلولة دون إساءة استعمالها بشكل لا تكون معه مضرة بحريات الآخرين، الأمر الذي يتطلب اتخاذ الإجراءات المانعة لارتكاب الجرائم الجنائية، والعمل على حماية النظام العام بعناصره التقليدية من امن عام وصحة عامة وسكينة عامة.
وتكتنف هذه الوظيفة طبيعة قانونية حيادية وفق مبادئ الحياد الوظيفي دون أية شبهة سياسية، وهذا بخلاف ما هو عليه الحال عندما يكون الغرض من ممارسة الضبط الإداري الوظيفة سياسية أو لغرض منع ارتكاب جرائم سياسة، وهي التي تنصب عادة على أمن الدولة أو تتعلق بنظامها السياسي إذ يعمد النظام السياسي عادة على إصدار العديد من القوانين التي تحقق له الطمأنينة السياسية وعندها فلا يمكن القول بغير الطبيعة السياسية الضبط الإداري.
وبالعودة إلى سلطات الدولة التقليدية نجد توافر هذه المقومات فيها، فقد اعترف بها الدستور، ولها من الهيئات ما تستطيع تنفيذ ما يلقى على كاهلها من مهام وواجبات، بلا تدخل سلطة أخرى ولاسيما في الأنظمة الديمقراطية.
وإذا اتفقت سلطات الدولة التقليدية في هذه الأمور المشتركة فإنها تختلف فيما تنفرد به كل منها لاختلاف طبيعة النشاط الذي تمارسه.
وحسب رأي الدكتور عدنان الزنكة، فإن سلطة الضبط الإداري لا تتوافر فيها المقومات لكي تعد سلطة مستقلة في الدولة أسوة بالسلطات الثلاث الأخرى، زد على ذلك لا يمكن إضافتها إلى السلطات التقليدية (التشريعية والتنفيذية والقضائية) كسلطة رابعة وما تصدر عنها من إجراءات أو قرارات تهدف إلى حماية النظام العام، إن هي إلا استثناء على مواد الدستور أو مخالفتها له لدى ممارسة اختصاصاتها، لذا لا يمكن عدها سلطة مستقلة من سلطات الدولة بل هي جزء من السلطة التنفيذية.[5]
المطلب الثاني: الضبط الإداري و الأنظمة المشابهة له.
إذا كان تعريف الضبط الإداري لم يلق اتفاقا حاسما بين أقطاب الفقه الإداري، وكذلك طبيعته القانونية لم تكن أفضل حالا، حيث احتدم الخلاف فقهيا بصدد تحديدها، كذلك يتداخل مفهوم الضبط الإداري ببعض المفاهيم الأخرى، سيما إذا كانت أهدافها متقاربة أو يكمل بعضها البعض الآخر أو تصب كلها في اتجاه واحد، حيث يخشى أن يؤدي ذلك التداخل، إلى سوء فهم أو تفسير لمضمونها أو حمله على غير محمله.
لذلك سنتطرق لتمييز الضبط الإداري عن بعض الأنظمة المشابهة له، من خلال التمييز بين الضبط الإداري والضبط التشريعي في الفقرة
الاولى ، والتمييز بين الضبط الإداري والضبط القضائي في الفقرة
الثانية، والتمييز بين الشرطة الإدارية والمرفق العام في الفقرة
الثالثة .
الفقرة الاولى: الضبط الإداري والضبط التشريعي
سنتناول في هذه الفقرة الفرق بين الضبط الإداري والضبط التشريعي وذلك وفقا للمعيار الشكلي اولا ثم المعيار الموضوعي
ثانيا.
اولا: المعيار الشكلي
يمارس الضبط الإداري من طرف السلطة الإدارية التي تنتمي إلى السلطة التنفيذية وذلك من خلال وضع القيود والضوابط على ممارسة الحريات الفردية لأجل حماية النظام العام، أما الضبط التشريعي فتمارسه السلطة التشريعية وذلك بإصدار القوانين التي تنظم الحريات الفردية التي كفلها الدستور للأفراد فهو يشمل القوانين والتشريعات التي تحدد نطاق مباشرة الحريات الفردية التي نص عليها الدستور، لكن الأصل العام لا يحرم السلطة
التنفيذية من استخدام سلطتها المستقلة في فرض قيود أخرى على حريات الأفراد طالما أنها ضرورية لحماية
النظام العام في المجتمع وهو ما أدى إلى إدخال لوائح الضبط في إصدار اللوائح المستقلة.[6]
ثانيا :المعيار الموضوعي
إن الضبط الإداري يقصد به مختلف التدابير والأعمال الإدارية التي ترمي للحفاظ على النظام العام، وبهذا فإن المهمة الوقائية للضبط الإداري تتمثل في الحفاظ على النظام العام وذلك بالوقاية من حدوث الجرائم وغيرها من الأفعال التي تهدد الأمن العام أو السكينة العامة أو الصحة العامة في المجتمع.
أما الضبط التشريعي يشمل القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية والتي تحدد وتضبط وتبين كيفيات ممارسة الحريات الواردة في الدستور ذلك أن معظم تلك الحريات تقتضي سن قوانين متعلقة بها.
الفقرة الثانية: الضبط الإداري والضبط القضائي
يقصد بالضبط القضائي الإجراءات التي تتخذها السلطة الضبطية في التحري عن الجرائم بعد حدوثها في سبيل القبض على مرتكبي هذه الجرائم وجمع الأدلة اللازمة للتحقيق وإقامة الدعوى لمحاكمة المتهمين وإنزال العقوبة على من تثبت إدانته[7]، ونوضح فيما يلي أهمية
التمييز بين الضبط الاداري و الضبط القضائي اولا،
ومعايير التمييز
بينهما ثانيا .
أولا: أهمية التمييز بين الضبط الإداري والضبط القضائي
إن التمييز بين الضبط الإداري والضبط القضائي يظهر في مجالين الأول مجال الاختصاص والثاني في مجال المسؤولية.
1-مجال الاختصاص القضائي
إن نشاط الضبط الإداري يتصل بالسلطة التنفيذية أما الضبط القضائي فيتعلق بممارسة ولاية السلطة القضائية، وعليه فإن أعمال الضبط القضائي أعمال قضائية وتدخل المنازعات المتعلقة بها في اختصاص القضاء العادي ولا يقبل الطعن بالإلغاء أو إيقاف التنفيذ، أما أعمال الضبط العادي فتعتبر قرارات إدارية يدخل الطعن فيها بالإلغاء وبالتعويض و هي من اختصاص القضاء الإداري.
2- في مجال المسؤولية
إن أعمال الضبط الإداري تعتبر قرارات إدارية وتسأل فيها الدولة أسوة بالقرارات الإدارية عموما، أما بالنسبة لأعمال الضبط القضائي فقد اختلف الوضع بشأنها، ففي فرنسا ظل القضاء الفرنسي فترة طويلة متمسكا بمبدأ عدم مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط القضائي
باعتبارها داخلة ضمن أعمال السلطة القضائية، إلا أن التعديل الذي أدخله المشرع الفرنسي على قانون المرافعات بموجب قانون 5 يوليو 1972 أشار في مادته 11 إلى مسؤولية الدولة عن الأخطاء التي يقع فيها مرفق القضاء في حالتين هما، حالة الخطأ الجسيم وحالة إنكار العدالة.
في مصر، فإن القضاء المصري بالرغم من إضفاء صفة الأعمال القضائية على أعمال الضبطية القضائية، إلا أنه قد اتجه منذ البداية إلى تقرير مسؤولية الدولة عنها[8] وفي المغرب وحسب المادة 122 من الدستور فهي تنص على حق "كل متضرر عن خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة " فإن الأعمال القضائية أصبحت شأنها شأن الأعمال الإدارية من حيث إمكانية انعقاد مسؤولية الدولة عن وقوع خطأ من المرفق الصادر عن العمل"[9].
ثانيا: معايير التمييز بين الضبط الإداري والضبط القضائي
إن إيجاد معيار للتمييز بين الضبط الإداري والضبط القضائي أمر بالغ الدقة والصعوبة، نظرا للتداخل الموجود بينهما والذي بيناه من قبل لذلك نجد الفقه في هذا المجال ما يقدم عدة معايير للتمييز بينهما.
1-المعيار الشكلي
يقوم هذا المعيار على أساس الفصل بين السلطات حيث ينظر للعمل من حيث الجهة التي أصدرته، فيكون عملا إداريا إذا صدر عن السلطة الإدارية ويكون قضائيا إذا صدر عن السلطة القضائية، إذ أن الضبط الإداري يتصل في عملياته وإجراءاته بالسلطة التنفيذية أو الإدارية ومن ثم تخضع إجراءاته للقضاء الإداري أما إجراءات الضبط القضائي فيختص بها القضاء العادي أو العدلي[10].
غير أن التمييز بين الضبط الإداري والضبط القضائي على النحو المذكور لا ينفي وجود تداخل بينهما خصوصا عندما يتم إسناد هما لنفس الشخص، فالعمال والباشوات والقواد مثلا يقومون في نفس الوقت بمهام الضبط الإداري بصفتهم ممثلين للسلطة الإدارية المركزية، ويسهرون على تطبيق القوانين والحفاظ على النظام العام ويمارسون مهام الضبط القضائي استنادا على مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، نفس الشيء بالنسبة لرجال الأمن والدرك والسير على الطرقات، كما يمارسون مهام الضبط
القضائي عندما يقومون بالتحقيق والبحث والقبض على الجناة [11].
2- معيار الغاية والهدف
تتميز الشرطة الإدارية عن الشرطة القضائية بطابعها الوقائي حيث تهدف إلى منع الاضطرابات في النظام العام، سواء من خلال الأفعال المادية، مثل هدم مبنی غير صحي أو نشر قوات الشرطة في شوارع التجمعات
السكنية أو عن طريق تنفيذ أحكام الأنظمة القانونية، أو بسن تدبير فردي، مثل منح تصريح إقامة لمواطن أجنبي بخلاف الشرطة القضائية فتتميز بكونها نشاط قمعي تهدف إلى التعرف على مرتكبي الجرائم والبحث عنهم والقبض عليهم[12].
3- المعيار المادي أو الموضوعي
حسب المعيار
المادي، يعتبر العمل ضبطا قضائيا إذا كان العمل الذي يقوم به الموظف المختص يدخل في نطاق البحث والتحري والاستدلال عن جريمة معينة بقصد القبض على مرتكبيها وتقديمهم للعدالة وتوقيع العقوبات عليهم، ويعتبر العمل ضبطا إداريا إذا كان العمل الذي يقوم به الموظف المختص يدخل في نطاق المراقبة والإشراف العام بغية المحافظة على النظام العام.
وقد اعتمد مجلس الدولة الفرنسي في هذا الخصوص على المعيار الموضوعي، وذلك بالنظر إلى طبيعة وموضوع الإجراء الضبطي ومن ثم إذا كـان الإجراء الضبطي، قد اتخذ بصدد جريمة محددة بقصد جمع الاستدلالات أو البحث عن المجرمين والقبض عليهم لتقديمهم إلى العدالة، فإن الإجراء في هذه الحالة يعد من قبيل إجراءات الضبط القضائي، أما إذا كان الإجراء الضبطي لا يواجه جريمة معينة وإنما اتخذه رجل الضبط بقصد حماية النظام العام، فإن الإجراء في هذه الحالة يعتبر من إجراءات الضبط الإداري.
ومن أحكام مجلس الدولة الفرنسي التي أخذت بهذا المعيار حكمه الصادر في 11 مايو 1951 في قضية « BAUD » ثم الحكم الصادر فــــــي 24 يونيو 1960 في قضية FRAMPAR [13].
رغم هذه المعايير السابق ذكرها، لم تزدد محاولة التمييز بين الشرطتين إلا تشعبا كما تعددت الآراء والاتجاهات بخصوصها، وفي هذا السياق حاول البعض البحث عــــــن عناصر التمييز بينهما من خلال اعتماد عنصر من العناصر التي تبدو في نظره وجيهة. من بين هذه العناصر نجد:
1-عنصر تحديد المسؤولية الإدارية و عنصر ازدواجية القانون .
2-عنصر الاجتهاد القضائي إذ يستخلص عنصر التمييز بين ثنايا الأحكام القضائية الصادرة عن مختلف المحاكم .
3-عنصر نوع النشاط.
4- عنصر العقوبة هل هي إدارية أم جنائية.
5-عنصر شرعية العمل .
6-عنصر الوقائية والزجرية.. إلخ .
الفقرة الثالثة : الشرطة الإدارية والمرفق العام
يستعمل اصطلاح المرفق العام للدلالة على معنيين: أحدهما عضوي والآخر مادي، فالمعنى العضوي يطلق على الهيئة العامة التي تمارس النشاط ذو النفع العام، ومن أمثلة ذلك الجامعات والمستشفيات والوزارات بمختلف أنواعها بصفة عامة أما المعنى المادي فيطلق على النشاط أو العمل الذي يمارسه المرفق تحقيقا للمصلحة العامة، ومن أمثلة المرافق العامة المادية حماية الصحة وصيانة الأمن وتحقيق العدالة.. الخ، وكافة الخدمات التي تقدمها الحكومة للجمهور.
[14]
أجمع معظم الباحثين على ضرورة التمييز بين الشرطة الإدارية والمرفق العمومي داخل الوظيفة الإدارية، حيث اعتبر مارسيل واكين بان الشرطة الإدارية و المرفق العمومي مختلفين للتدخل مختلفين ومتناقضين فيما بينهما، ومن جهته اعتبر العميد فيديل بأن التعارض يتجلى في كون أن النمط العادي للشرطة هو إصدار الأوامر بينما النمط العادي للمرفق العمومي هو إرساء الخدمات معترفا بأن هذا التعارض يبقى نسبيا[15].
إن الأخذ بفكرة المرفق العام يتعارض مع النشاط الفردي، فحيث ما يوجد مرفق عام يصبح هذا النشاط محكوما بصفة جزئية أو كلية بالقانون العام القانون الإداري وبالعكس فإن تدخل الشرطة الإدارية ينصب على النشاط الذي يمارسه الأفراد والذي يعتبر بطبيعة الحال نشاطا خاصا، وهذا يبرز الخلاف ما بين الشرطة الإدارية من جهة والمرفق العام من جهة ثانية على اعتبار أن كلا منهما يتجه إلى أسلوب يختلف عن الأسلوب الأخر.
فعندما تتدخل الإدارة عن طريق اتخاذ تدابير شرطية تفرض قيودا على حريات الأفراد ونشاطهم بهدف حماية النظام العام، فهذا أسلوب الشرطة الإدارية أما عندما تتدخل مباشرة لإشباع حاجيات المواطنين إما بنفسها أو عن طريق الغير وتقديم خدمات لهم سواء كانت مجانا أو بمقابل نظرا لعجز الأفراد عن إشباعها بأنفسهم أو لعدم توفرهم على الإمكانيات المالية أو الفنية أو لعزوفهم عن القيام بها لأنها لا تدر ربحا أو غير ذلك من الأسباب فإن هذا هو أسلوب المرفق العمومي [16].
بناء على هذا التمييز يتضح أن الفرق بين الشرطة الإدارية والمرفق العمومي يكمن في أن الأولى تدخلها سلبي، وأداتها الأساسية هي وضع التنظيمات التي هي عبارة عن أوامر أو نواهي بينما الثاني وهو المرفق العام تدخله يتميز بالإيجابية أي تقديم خدمات معينة للمواطنين. وهنا يثور التساؤل عن خطوط التماس بين الشرطة الإدارية والمرفق العام؟
والجواب عن ذلك هو أنه يوجد بهذا الصدد مذهبان في تكييف العلاقة بينهما يختلف كل منهما عن الأخر وهما مذهب الوحدة، ومذهب الازدواجية.
فمذهب الوحدة، يعتبر أنصاره أن فكرة المرفق العمومي، هي أساس القانون الإداري ومعيار تطبيقه، لذا يقول العميد دوكي، أن نشاط الضبط الإداري هو في جوهره مرفق عمومي، وقد برر توجهه هذا بكون السعي نحو تحقيق المصلحة العامة هو الهدف الذي ينبغي الوصول إليه، وبرأيه فإن كلا من الشرطة الإدارية والمرفق العمومي يسعيان إلى تحقيق المصلحة العامة، إذ هما شيء واحد.
أما مذهب الازدواجية فإن أنصاره يضعون التمييز بين الشرطة الإدارية والمرفق العمومي من ناحية وجود تعارض نسبي بين ما الإجراءات التي يمارس بها كل منهما نشاطه.
إن التمييز بين المرفق العام والشرطة الإدارية من الصعوبة بمكان في نظر بعض الباحثين، وكل الآراء التي قيلت حول موضوع العلاقة بينهما رغم جديتها وعمقها لم تحسم في الموضوع، وكل ما وصلت إليه هو تقديم محاولة للتذليل على تحديد مهمة الشرطة الإدارية تجاه المرفق العامة[17]، وبناء عليه فإنه من الصعوبة بمكان الجزم بأن هنالك حدا فاصلا بين المرفق العام والشرطة الإدارية يمكن الركون إليها وأن التمييز بينهما على كل ما هنالك آراء أطلقها بعض الفقهاء القانون الإداري محاولين إيجاد صيغة مقبولة تختلف باختلاف النظر إلى كل من المرفق العام والشرطة الإدارية يمكن الركون إليها لتقريب وجهات النظر بخصوص التمييز بين المدلولين. ويمكن تلخيص وجهات النظر تلك فيما يلي:
الشرطة الإدارية تشكل في نظر البعض مرفقا عاما في مدلول إطلاق المصالح الإدارية للدولة، والتي تعتبر كلـــها مؤسسات تابعة لها، كيفــــــما كانت المسميات التي تطلق عليها كمصلحة الأشغال البلدية، المكتب الصحي البلدي، مصلحة النظافة[18] وجمع النفايات، مصلحة الرقابة المدنية.. الخ، من هذا المنظور فإن الدولة تتكون من عدد من المصالح كل واحدة تعمل في ميدان معين ومنها جميعها تتفرع المرافق العمومية.
انطلاقا من هذا التوجه، فإن الشرطة الإدارية مثلها مثل المرفق العام تتحول إلى النظام العام، وهي بهذا تلتقي مع المرفق العام الذي يتمظهر أيضا كمؤسسة من مؤسسات الدولة يقدم خدماته للمواطنين، وبناء عليه فإن الشرطة الإدارية حسب هذا المفهوم مشابهة للمرفق العام من الوجهة التنظيمية المؤسساتية.
الشرطة الإدارية تؤدي نفس الغرض الذي يؤديه المرفق العام، بمعنى المصلحة العامة إذ لا ننسى أن تعريف المرفق العام بصفة عامة، هو نشاط يرمي لخدمة الصالح العام دون الخوض في تحديد أسلوب إرضاء تلك الحاجيات.
من جهة أخرى يعتقد البعض أنه من غير الممكن بناء على هذا التصور القول أن الشرطة الإدارية مرفق عام إذا ما اعتبرنا تعريف هذا الأخير والذي يوصف بالخدماتي أي أنه عمل إيجابي، بينما يمتاز نشاط الشرطة الإدارية بالتقنين وهو بطبيعة الحال عمل سلبي أو بعبارة أخرى إن تدخلها بطبيعته تدبير. يحد من نشاط الأفراد.
وهذا العمل السلبي الذي تقوم به الشرطة الإدارية والمقيد لنشاط الأفراد هو نفسه الفضاء الطبيعي الذي يمارس في إطاره المرفق العام نشاطه حسب التنظيمات المعمول بها المقننة لمزاولة أي نشاط خاص[19].
إلا أنه ورغم ما ذكر فإن الفرق ما بين المرفق العمومي
والشرطة الإدارية يمكن التوصل إليه حسب رأي الأستاذ محمد الأعرج استنادا إلى القاعدة التي تؤكد بأن المرفق العام يمكنه اللجوء إلى تقنية العقود، في حين أن الشرطة الإدارية لا يمكن تفويتها إلى الأشخاص الخاصة[20].
وأخيرا وفي إطار هذه الفقرة، وجب التمييز بين الشرطة الإدارية والسلطة التنظيمية فهذه الأخيرة وسيلة قانونية يرتكز عليها عمل الشرطة في حين أن الشرطة الإدارية عمل من أعمال الإدارة[21].
المطلب الثالث : أهداف الضبط الإداري وأنواعه
تضع السلطات المكلفة بمهام الشرطة الإدارية قيودا على حريات الأفراد وحتى لا يترك المجال لهذه السلطات لتعصف بهذه الحريات تحت ستار المحافظة على النظام العام، كان لزاما تحديد أهدافها وغاياتها.
وعليه فإن سلطات الضبط الإداري ليست سلطات مطلقة بل مقيدة من جهة ما ورد في الدستور والنصوص التشريعية والتنظيمية ، ومن جهة أخرى مقيدة بهدف المحافظة على النظام العام، وإذا انحرفت سلطات الضبط الإداري عن تحقيق هذا الهدف اعتبر تصرفها مشوبا بعيب التجاوز في استعمال السلطة.
وهكذا تخضع سلطات الشرطة الإدارية لرقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضا[22]. وتعتبر حماية النظام العام بمدلولاته المتعارف عليها، الهدف الأساسي من وظيفة الشرطة/الإدارية فليس لهيئات الشرطة الإدارية استخدام سلطاتها من أجل تحقيق أهداف أخرى غير ذلك ، وان تعلق الأمر بالمصلحة العامة لأن أهداف الضبط الإداري هي أهداف مخصصة ليس للإدارة أن تخرج عليها، وذلك باعتبار أن فكرة النظام العام فكرة لصيقة بالمجتمع مما يجعلها تشكل ضرورة حيوية لتدخل سلطة الضبط الإداري بهدف وقاية المجتمع وتحقيق أمنه وسكينته، وبذلك تمثل السند الأساسي والشرعي لتلبية حاجيات المجتمع من استقرار وسلام كما يخولها سلطة تنظيم نشاط الأفراد في المجتمع بما يسمح للجميع من ممارسة حقوقهم وحرياتهم من جهة والحفاظ على النظام العام من جهة أخرى[23].
وقد وجد الفقهاء صعوبة في وضع تعریف جامع ومانع للنظام العام، ذلك لأن مفهومه لا يتصف بالثبات ولكونه يتغير بتغير الزمان والمكان بحسب طبيعة النظام السياسي السائد، كون فكرة النظام العام فكرة مرنة ومتطورة، وكل ما يستطيع المشرع أن يفعله هو أن يعرفها من خلال مضمونها فحسب تاركا المجال للقضاء والفقه لتحديد
التصرفات التي تعد مناهضة للنظام العام [24].
وعلى هذا الأساس فإن النظام العام ينصرف في مدلوله التقليدي إلى المحافظة على الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة، ويلاحظ على هذا المضمون الضيق لفكرة النظام العام التقاؤه مع الفكر الليبرالي التقليدي الذي لا يقبل تدخل الدولة إلا في أضيق الحدود.
ولقد ظل القضاء الإداري الفرنسي متمسكا بهذا المضمون الضيق لفكرة النظام العام لمدة طويلة، إلا أنه عدل عن ذلك جراء التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي سادت العالم وأثرت على مفاهيم
المذهب الليبرالي نفسه، فخول الإدارة
التدخل بإجراءات الضبط في مجالات أوسع لم يكن يتيحها قصر مضمون النظام العام على العناصر التقليدية الثلاثة المتعارف عليها[25]، كحماية الأخلاق الحميدة والآداب العامة وجمالية المدينة والكرامة الإنسانية . هكذا سنتناول أهداف الضبط الإداري من خلال التعريف بمدلول فكرة النظام العام وعناصره في (الفقرة
الاولى) والأهداف الحديثة المعتبرة من مدلولات النظام العام في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مدلول فكرة النظام العام وعناصره
أولا: مدلول فكرة النظام العام
يهدف الضبط الإداري أساسا إلى صيانة النظام العام وإعادته إلى نصابه إذا اختل،
وللنظام العام مدلول محدد في هذا المجال يختلف عن مفهومه في مجال القوانين الأخرى سواء كانت تلك القوانين من فروع القانون العام أو القانون الخاص [26]، وكما سبق الذكر اختلف الفقهاء في تحديد مفهوم النظام العام حيث اختلفوا في ماهيته وطبيعته ويرجع اختلافهم في ذلك لمرونة ونسبية فكرة النظام العام، حيث يتغير مفهومة باختلاف الزمان والمكان، اختلافه من دولة لأخرى بل حتى داخل الدولة الواحدة وكذلك باختلاف التوجه الاديولوجي والجانب الديني للمجتمع.
النظام العام فكرة قانونية يتجاوز بكثير نطاق الضبط الإداري وتتغلغل في ثنايا النظرية العامة للقانون، فهو من ناحية يعد حالة يسود فيها الترتيب المتناسق للعلاقات الاجتماعية، ومن ناحية أخرى يعني التعبير عن بعض القواعد القانونية الملزمة التي لا يمكن الاتفاق على مخالفتها أو نقضها، ويجب على القاضي ترجيحها إذا ساد الصمت أطراف العلاقة القانونية [27].
ولهذا لا يملك المشرع أن يحدد لها مضمونها ولا يعرفها على وجه محدد، فيشوه طبيعتها ويمنعها من أن تؤدي وظيفتها بحيث ترك للفقه والقضاء أمر تحديد التصرفات التي تعد مناهضة للنظام العام [28].
وقد ظهرت فكرة النظام العام في صورتها القانونية من خلال إعلان الثورة الفرنسية الذي قضى بمبدأ المساواة، واعتبرت أن كل اتفاق يهدف إلى المساس بالمبادئ الكبرى لا يعتبر مخالفا للنظام العام[29].
للنظام العام مفاهيم
متعددة وفقا للاتجاهات الفقهية والأحكام القضائية[30]. في المجال الفقهي برزت عدة تعريفات النظام العام، وذلك من خلال التركيز على انعكاس سلطة الضبط على النشاط والحرية، ومن خلال التقيد أو من خلال ربط التعريف بالعوامل المؤثرة في المجتمع[31].
في هذا الصدد وفي الفقه الفرنسي، يعرفه الأستاذ هوريو بأنه" النظام المادي المحسوس والذي يعتبر بمثابة حالة مناقضة للفوضى" أما الفقيه فالين Walin فعرفه بأنه " مجموعة الشروط اللازمة للأمن والآداب العامة التي لا غنى عنها لقيام علاقات سليمة بين الأفراد، وعلى ذلك فإن النظام العام يتسع ليشمل الجانب الأدبي أو المعنوي إضافة للجانب المادي[32].
وفي الفقه الإداري العربي عرف خالد خليل الظاهر النظام العام بأنه "المفاهيم والعقائد التي يقوم عليها المجتمع سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية السائدة في الدولة مع حركات تطور ظروف الزمان والمكان [33]، ويعرفه الدكتور زين العابدين بركان بقوله " النظام العام بمعنى المحافظة على الأمن العام والراحة العامة والسلامة العامة، وعلى ذلك يدخل ضمن أغراض الضابطة الإدارية كلما دعت الضرورة للمحافظة على النظام العام " [34].
وفي المجال القضائي وفي فرنسا فقد كتب مفوض الدولة le tour neur "في تقرير له يقول فيه " بأن النظام العام فكرة مبهمة إن غموض غائية النظام العام و الطابع الظرفي له يأتيان من تعدد المقتضيات التي تهدده، بل عليه أيضا أن يحمي الفرد من الأخطار التي لا يمكنه هو نفسه استبعادها سواء كان مصدرها أفرادا آخرون، أم كان مصدرها حيوانات أم ظواهر اجتهادية، لذلك ليس من الممكن حصر تلك المقتضيات ذات المضمون المتغير داخل صيغة محددة، إن تلك الحقبة قد أدركها القضاء تماما[35]. لا بد من إعادة النظر في هذه الفقرة غير المفهومة.
اتجه القضاء الإداري الفرنسي أول الأمر إلى تبني الاتجاه القائم على التضييق من فكرة النظام العام بأن قصرها على الجانب المادي فقط بدون جوانبه الأدبية أو المعنوية، إلا أن نقطة التحول في قضاء هذا المجلس يتمثل في حكمه الصادر بتاريخ و 18ديسمبر1959 في قضية لوتيسيا(LUTETIA) [36]. حيث تواترت أحكام المجلس المذكور على الإقرار بالنظام العام المعنوي أو الأدبي، بشكل مستقل عن النظام العام المادي، بل توسع إلى أبعد الحدود في تفسير فكرة الآداب العامة نفسها حيث قضى في قراره المؤرخ في 1995/10/27 إلى أن كرامة وشرف الإنسان. الأدبي تشكل إحدى عناصر النظام العام.[37]
هذا وتجدر الإشارة وبالعودة إلى بعض النصوص القانونية المتعلقة بالنظام العام في القانون المغربي منذ سنة 1960 التي نظمت مهام الشرطة الإدارية ، استعملت تعابير مختلفة عند الحديث عن العناصر المكونة للنظام العام من نص لأخر كتعبير الهدوء [38] النظام العام والصحة وذلك لإثارة نوع من الغموض بهدف ترك هامش واسع للإدارة وحرية أكبر لاتخاذ القرار المناسب وهي في ظرف يسمح لها بسلطة تقديرية هامة [39].
ثانيا : عناصر النظام العام
اتفق الفقه على العناصر التقليدية للنظام العام، غيران اتساع تدخل الدولة في ميادين متعددة داخل المجتمع جعل الفقه الإداري ينادي بعناصر أخرى بغية الحفاظ على النظام العام وهو ما أكده القضاء الإداري في عدة دول كفرنسا ومصر.
1-عناصر النظام العام بالمفهوم التقليدي:
على الرغم من اختلاف الفقه في تحديد مفهوم النظام العام إلا أن هذا لم يحل دون تحديد عناصره، فقد اتفق الفقه على أن العناصر التقليدية للنظام العام لا يخرج عن ثلاثة عناصر وهي المحافظة على الأمن العام، والصحة
العام، والسكينة العامة، بغض النظر عن النصوص القانونية[40].
&
في المحافظة على الأمن العام
الأمن يقابله الخوف، ويقصد بالأمن العام أو السلامة العامة ، حماية المواطنين ضد الجرائم والمخاطر والحوادث والكوارث التي يمكن أن تقع عليهم أو تهددهم في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم سواء كانت من فعل الإنسان أو الحيوان أو من الطبيعة، من خلال هذا التعريف نجد أن الأمن العام يلقي على سلطات الضبط الإداري واجب القيام ببعض المهام من أجل تحقيق هدف الحفاظ على الأمن العام منها: منع المظاهرات والتجمعات التي تخل بالأمن، اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الجرائم، تنظيم المرور في الشوارع [41].
&
المحافظة على الصحة العامة
تحيل الصحة العامة على حماية المواطنين ضد الأخطار التي تهدد صحتهم من الأوبئة وأخطار العدوى، والأخطار الناجمة عن غياب عام للصحة، والصحة العامة هي عنصر النظام العام الذي يتميز بانعدام الأمراض وتهديدها والذي يتطلب حالة صحية مرضية، ويتمخض عن إجراءات تتعلق بصحة الأشخاص والحيوانات وبمكافحة والوقاية من الأوبئة والجائحات الحيوانية ومراقبة الأطعمة المعروضة للبيع، ولحفظ الصحة العامة ووقايتها، يجب على سلطات الشرطة الإدارية أو الضبط الإداري أن تقوم بوضع الشروط الصحية اللازمة لحماية الجماعة كرعاية نظافة الأماكن العامة، والطرق العامة والتزويد بالمياه النقية....الخ . [42]
&- المحافظة على السكينة العامة أو الطمأنينة العامة
ويقصد بها المحافظة على حالة الهدوء والسكون ومنع الضوضاء التي تقلق الراحة والناتجة عن إنسان أو أشياء أو حيوان أو عن أبواق السيارات، أو مضايقة الباعة المتجولين في الشوارع وغيرها[43].
ولهذا السبب تتدخل الهيئات الإدارية التي تملك سلطات الشرطة الإدارية لمنع أي نشاط يضر أو يؤثر على السكينة العامة، أو منع أي نشاط من شأنه إلحاق الأذى بالسكينة العامة للمجتمع [44].
2- الأهداف الحديثة المعتبرة من مدلولات النظام العام
كون فكرة النظام العام هي فكرة مرنة ولا تقتصر على عناصر محددة، إضافة إلى اتساع تدخل الدولة في ميادين متعددة داخل المجتمع، اتسعت فكرة النظام العام لتشمل عناصر أخرى إضافية إذ لم تعد العناصر التقليدية كافية للحفاظ على النظام العام وحمايته، بحيث أصبح لسلطة الضبط الإداري أن تتدخل لحماية عناصر أخرى نادى بها الفقه الإداري وأكدتها أحكام القضاء الإداري في عدة دول منها فرنسا ومصر[45].
&- حماية الأخلاق الحميدة والآداب العامة:
اتجه القضاء الفرنسي حديثا إلى إدخال في وظائف الشرطة الإدارية مقتضيات تهم مجال الأخلاق الحميدة والآداب العامة، بحيث أصبحت سلطات الضبط الإداري تتدخل في حالة انتهاك الآداب العامة، غير أن القضاء الفرنسي كان يرفض تدخل سلطة الضبط لحماية الأخلاق العامة ما لم يكن للأخلاق بها مظهر خارجي يهدد النظام المادي، أي أنه لا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار انتهاك الآداب العامة إلا إذا كان ذلك أن يؤدي إلى إحداث اضطرابات مادية، وأن النظام المعنوي لا يكون محل التدخل الضبطي إلا إذا كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بالنظام العام المادي[46].
غير أن القضاء الفرنسي قد أجاز في فترة لاحقة لسلطات الضبط التدخل لحماية القواعد الأخلاقية الأساسية ولو لم يترتب على الإخلال بهــــا تهديد بالاضــــطراب المادي، وكان ذلك في حكمه الشهير في قضية «LUTETIA » سنة 1959 حيث اعترف مجلس الدولة في هذا الحكم بسلطة العمدة في أن يحظر عرض أفلام سبق أن أجازتها هيئة الرقابة على الأفلام ، إذ كان من شأن عرضها ، بسبب طابعها اللااخلاقي والظروف المحلية، أن يضر ذلك بالنظام العام، وبعبارة أخرى، أن لا أخلاقية الفيلم شكل دافعا صحيحا للمنع، ولكن يشترط أن تكون مصحوبة بظروف محلية[47].
وقد سار على خطاه القضاء المغربي إذ ذهب في نفس الاتجاه وأخذ بمبدأ التوسع في : مفهوم النظام العام وأصدر بعض الأحكام المؤيدة لهذا الموقف، حيث قرن بين الأخلاق الحميدة
والنظام العام منها على سبيل المثال، الحكم الصادر بتاريخ 22 يونيو 1964 في قضية المدعو أحمد واكريم والحكم الصادر بتاريخ 19 يونيو 1962 في قضية حمو دافيدو أيضا الحكم الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 1985 والذي جاء فيه ما يلي: "إن الإدارة وان كان لها الحق في منع بيع أي منشور إلا أن ذلك يجب أن يكون مبررا قانونيا بمعنى أن يكون الهدف من ذلك استعمال حق الرقابة للحفاظ على الأخلاق والنظام العام[48].
2-المحافظة على رونق وجمالية البيئة الحضرية
يقصد بالنظام العام الجمالي للبيئة بأنه"الاهتمام بجماليات الشوارع ومرافقها وبهائها، بحيث تبعث الهدوء والراحة النفسية سواء بتجميل
الشوارع أو وضع مواصفات معينة في الميادين بحيث يأتي منظر المدينة والشوارع منسقا".[49]
أو النظام الذي يهدف إلى حماية جمال الرونق والرواء للبيئة حفاظا على السكينة النفسية للأفراد المقيمين في هذه البيئة[50].
تعد المدينة تجمعا حضريا لعدد كبير من السكان على ارض واسعة نوعا ما لذا كان لابد من الاهتمام بتنظيم المدينة والعمل على تجميلها مما يتوافق مع آراء فقهاء القانون، إذ وضعوها ضمن الأغراض غير التقليدية لسلطة الضبط الإداري مما استدعى ضرورة اتخاذ سلطات الضبط الإداري إجراءات وتدابير بغية الإبقاء على جمال المدينة المتمثل في تنسيق أحيائها وشوارعها
وأزقتها باستحضار مواصفات معينة للمباني السكنية والعمارات، والعمل على زراعة الميادين وتقاطعات الطرق وحماية الميادين الأثرية والتراثية وإشاعة أجواء من النظافة والتنسيق مما تولد المتعة بجمال المدينة وبهائها، لأن هذا الجمال بدون الاستفادة من التطور
المعماري وتوفير السكينة والارتياح النفسي لا يكفي في حد ذاته.
ومن الصور الأساسية لجمال المدن وروائها:
1-ترميم المباني القديمة وتشييد العمارات ونظافة البيئة وتنظيم لوحات الدعاية والإعلان في المدينة.
2 -تشجير المدينة وتزيينها والاهتمام بحدائقها.
فهنا تبرز المسؤولية المباشرة للإدارة التي تناط بها واجبات حماية المواطن الذي يتذوق جمال مدينة ويعمل جاهدا على سلامتها والمحافظة عليها بكل غال ونفيس[51].
لقد كان مجلس الدولة الفرنسي في أول الأمر لا يعترف بحق سلطات الضبط الإداري في حماية الرونق والرواء وأيد هذا الاتجاه بعد ذلك ، في حكمه الصادر بتاريخ 1946 عندما اقر بمشروعية قرار يحذر توزيع منشورات على المارة في الشوارع العمومية خشية إلقائها في الطرقات بعد قراءتها مما يشوب رونقها ويخل بجمال منظرها[52]، إذ أشار الحكم صراحة إلى حق سلطة الشرطة الإدارية في اتخاذ الإجراءات التي تتطلبها ضرورة المحافظة على النظام والصحة العامة والسكينة وجمال الرونق على انه اشترط لذلك أن يصل مستوى المساس بجمال الرونق درجة من الخطورة وأن يكون من شأنه إثارة اضطرابات داخلية.
امتداد النظام العام للمجال الاقتصادي :
إذا كانت الدولة في عصرنا وجدت نفسها مضطرة تحت الظروف الاقتصادية والاجتماعية إلى التدخل في أوجه النشاط الاقتصادي من أجل تحقيق الصالح العام للأفراد فإن اتساع فكرة النظام العام تكون في حدود وضوابط معينة، أي أن النظام العام الاقتصادي لا يقوم إلا على أساس النصوص التشريعية أو
التنظيمية، لكون سلطة الشرطة الإدارية أو الضبط الإداري لا تملك سلطة التدخل في حرية التجارة والصناعة إلا لتحقيق بعض المصالح الاقتصادية الأساسية التي تهم النظام العام كما في مجال المواد الأساسية ومنع الارتفاع الوهمي للأسعار وخاصة في أوقات الأزمات [53].
وقد استقرت أحكام القضاء الإداري على الاعتراف لسلطة الضبط الإداري وضمن حدود معينة من التدخل لحماية النظام العام الاقتصادي إذ قضى مجلس الدولة الفرنسي بقراره المؤرخ 22 ديسمبر 1949 بأن المحافظ يستطيع أن ينظم فتح مخازن الخبز وأن يحضر نقله إلى المنازل في نطاق السياسية العامة للتغذية وأن العمدة يملك لحماية مصالح المستهلكين أن يفرض التدابير الملائمة
لمنع نقص المواد الأولية وكذا الارتفاع الوهمي للأسعار[54].
الفقرة الثانية: خصائص النظام العام
يعتبر النظام العام من أهم المكونات الأساسية المعبرة عن النظام القانوني لدولة ما، فهو لا يقتصر على ميادين خاصة من ميادين التنظيم القانوني وإنما يمتد إلى جميع المجالات
التي تتطلب استتباب الأمن والنظام في المجتمع، وبذلك فإن فكرة النظام العام تشمل نطاق كل من القانون العام والخاص وتشكل فكرة مشتركة لجميع فروع القانون، فهي واحدة في كافة النظم القانونية لما تتميز به من خصائص مهمة يمكن توضيحها فيما يلي:
أولا: قيام النظام العام على أساس قواعد قانونية آمرة
يشمل النظام العام مجموعة من القواعد والنظم التي لها من الأهمية الاجتماعية ما لا يمكن تجنب تطبيقها، نظرا لأنها تستهدف المحافظة على القيم التي لا غنى عنها للنظام الاجتماعي، فذهب البعض إلى أن "النظام العام بوصفه انعكاسا للجو القانوني للدولة يقوم على أسس نظم معينة وقواعد معينة متأصلة في السلوك التقليدي للمواطنين بحيث أن أي مساس بما يمكن أن يمثل إخلالا بالنظام
العام، لذلك نجد أن هذا الأخير يتجه إلى ضبط نشاط الأفراد وتصرفاتهم اجتماعيا[55]، من خلال رسم ضوابط السلوك الاجتماعي التي لا يجوز لهم انتهاكها وذلك ما يؤكد حتما أن ثمة قيما وأوضاعا تسمو على القيم أو القواعد التي تنظم العلاقات الفردية وبالتالي يجب المحافظة عليها واحترامها[56] ، وترتيبا على ما تقدم نجد أن ما يضفي على فكرة النظام العام صفتها الآمرة هو أنها تصنع حلولا للمنازعات في اتجاه الحفاظ على كيان المجتمع، وذلك عن طريق الملائمة بين الإرادة الفردية والمصلحة الاجتماعية.
ثانيا: النظام العام ليس من صنع المشرع وحده
يقوم المشرع بدور هام في التعبير عن النظام العام وتطوره ورغم ذلك فإنه لا يستطيع أن يفرض النظام العام الذي يريده بالقوة، ذلك أن النظام العام ليس نتاج النصوص بضفة مطلقة وإنما هو التعبير عن فكرة اجتماعية فالوسيط
الاجتماعي والسياسي الفلسفي وحالة الآداب السائدة في لحظة معينة هي التي تكون المصدر المباشر للنظام العام، لذلك كانت للتقاليد والأعراف المحلية قيمتها الكبرى في تكوين النظام العام .
ثالثا: النظام العام فكرة مرنة ومتطورة ومتغيرة باستمرار
النظام العام فكرة مرنة ومتطورة تبعا لتطور القانون ذاته مع مقتضيات التطور الاجتماعي[57].
وهذا ما يبرر استبعاد حصر النظام العام في النصوص القانونية، فكل ما يستطيع المشرع فعله هو تركه للقضاء والفقه أمر تحديد التصرفات التي تعد مناهضة للنظام العام لهذا فإنه من الصعوبة حصر عناصر النظام العام بشكل محدد لأن التحديد وإن كان صحيحا بالنسبة لفترة معينة، إلا أنه يخضع لتطور مستمر[58].
رابعا: ارتباط فكرة النظام العام بنطاق التفسير القضائي .
إن القاضي بحكم وظيفته القضائية هو الجهة التي تستطيع أن تحدد مضمون النظام العام بمناسبة نظره في المنازعات المعروضة عليه ، وذلك بناء على ما يستلهمه من مضمون تصوري يستمده من واقع الخصومة، فهو هنا يحس أو يتصور المضمون ولا يضمن في حكمه تعريفا مجردا لهذه الفكرة بقدر ما يتصور مضمونها بمناسبة الخصومة التي يتطلب لا منه الحسم بالفصل فيها وفق التفسير الملائم لروح عصره ففي هذا الإطار المرن يكون القاضي بمثابة مشرع يتقيد بآداب عصره ونظم مجتمعه ومصالحة العامة[59].
الفقرة الثالثة: أنواع الضبط الإداري
الضبط الإداري قد يكون عاما وقد يكون خاصا، فالشرطة الإدارية العامة هي مجموعة الأنشطة الإدارية التي يكون موضوعها سن قواعد عامة واتخاذ التدابير الفردية الضرورية والحفاظ على النظام العام بمفهومه الواسع.
والضبط الإداري العام من حيث الأشخاص المعهود إليهم بمزاولته ينقسم إلى ضبط وطني، والمقصود به السلطات الممارسة للشرطة الإدارية على التراب الوطني برمته ويمارسه بكيفية أساسية الوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا)، والضبط الإداري المحلي أي مجموعة السلطات المحلية الممارسة للشرطة على جزء محدود ومعين من إقليم الدولة كالجهة والإقليم والعمالة والجماعة وتدخل في اختصاص عامل الجهة بالنسبة[60] للجهات وعامل الإقليم وبالنسبة للأقاليم ويتقاسمه القائد والباشا ورئيس الجماعة الحضرية أو القروية بالنسبة للجماعة.
والضبط الإداري الخاص مقارنة مع الضبط الإداري العام يتميز بمجموعة من الخصائص:
+ وجود نص يحدد موضوعه بدقة ووضوح.
+الوسائل المستعملة من قبل الشرطة الإدارية محددة على سبيل الحصر، تتميز بالتدقيق والصرامة.
+العقوبات المطبقة في حالة الضبط الإداري الخاص منصوص عليه على سبيل الحصر ولا يمكن إخضاعها لتفسيرات واسعة.
ورغم أن هدف الشرطة الإدارية بصفة عامة واضحا وهو الحفاظ على النظام العام في مفهومه الواسع، وفي إطار التمييز بينهما اجتهد الفقه في تقديم عدة معايير إلا أنه لا يوجد ثمة اتفاق على معيار معين، لكن يمكن إجمال المعايير التي تم الاتفاق عليها فيما يلي:
أولا: المعيار العضوي أو القائم على أساس المعيار الموضوعي
ويتزعم هذا الرأي الأستاذ العميد VEDEL حيث يرى أن معيار
التمييز يكون على أساس الشخص القائم بسلطة الضبط الإداري والذي إما أن يمنح سلطة ضبط إداري عام أو سلطة ضبط إداري خاص[61].
غير أن هذا المعيار يبدو أنه غير مقنع وذلك لما ينطوي عليه من عامل ازدواجية ممارسة الشرطة الإدارية مما لا يضفي على معيار العضو بأي صفة مميزة بين الشرطتين[62] .
ثانيا: التمييز على أساس المعيار الترابي
يعتمد هذا المعيار على منطقة ترابية، أو جغرافية كأساس لتطبيق أو اتخاذ تدبير من تدابير الشرطة من طرف إدارة معينة، إلا أن هذا المعيار القائم على الاعتبار الترابي قد لا يفيد هو الأخر للتمييز بين الشرطتين وذلك نظرا لتداخل الاختصاصات بعضها ببعض فإذا كان يؤخذ به في مجال ممارسة الشرطة الإدارية العامة وتحديدا تلك التي تمارس من طرف السلطة المركزية على الصعيد الوطني وعلى مستوى التراب الوطني فإنها تمارس كذلك على الصعيد المحلي من قبل رئيس المجلس الجماعي أو السلطة المحلية في نطاق وحدة ترابية محددة. [63]
ثالثا: التمييز على أساس الغاية أو الهدف
ويتزعم هذا الرأي العميد AUBY حيث يميز بين الضبط الإداري العام عن طريق الهدف الذي يسعى إليه نشاط الضبط فإذا كان النشاط يهدف إلى حماية النظام العام فإن الجزاء المتخذ هو إجراء ضبط إداري عام، أما إذا كان النشاط محدد يهدف معين وتشريع سابق كان الضبط خاصا مثل الضبط الخاص بأماكن الصيد والضبط الخاص بالسكك الحديدية.
[64]
رابعا: معيار الأساليب المستخدمة
ويتمثل هذا المعيار في أن الضبط الإداري الخاص يتميز عن الضبط الإداري العام باستناده إلى أساليب خاصة في ممارسة نشاطه، بل إن أصحاب هذا المعيار يرون أن تدخل الضبط الإداري الخاص في مجالات أخرى تغاير مجال نشاط الضبط الإداري العام أو تبغي أهدافا أخرى غير الأمن والصحة والسكينة ليس في الواقع إلا اختلافا في الأسلوب الذي يتميز به الضبط الإداري الخاص.
خامسا: المعيار التوفيقي
إزاء هذه التشتت، الفقهي ذهب رأي إلى الأخذ بمعيار توفيقي أو مختلط يتكون من مزيج من معايير مختلفة، ويتم على أساسه تعريف الضبط الإداري الخاص وتمييزه بالتالي عن الضبط الإداري العام، خاصة عند حدوث ازدواج أو تداخل في الاختصاص بين كل من هيئات الضبط الإداري العام والضبط الإداري الخاص ويثور التساؤل عن كيفية معالجة هذا الأمر، ويمكن القول بأنه يجب التمييز في هذا الصدد بين حالتين:
الحالة الأولى: أن يمنح المشرع صراحة سلطات الضبط الإداري العام من التدخل في اختصاص الضبط الإداري الخاص، ومثال ذلك تنظيم المشرع الفرنسي لضبط السكك الحديدية بنصوص مفصلة تواجه كل ما يعرض النظام العام في مناطق السكك الحديدية للخطر وتعهد بها إلى هيئات الضبط الإداري الخاص.
الحالة الثانية: أن يرد كل من الضبط العام والضبط الخاص على أوجه من النشاط لا يهتم بها الأخر أو لان ما يعالجه الضبط الخاص لا يغطي كافة النواحي التي يستهدفها الضبط العام ، وهنا يمكن للضبط الإداري العام أن يتدخل ليكمل الضبط الإداري الخاص، غير أن هذا التداخل يجب أن يكون له ما يبرره من ظروف الزمان والمكان، مثال ذلك أن تحظر سلطة الضبط الإداري العام في بلدة ما عرض فيلم سينمائي أجازته سلطة الضبط الخاص بالرقابة على المصنفات الفنية التي يمتد اختصاصها ليشمل كل إقليم الدولة، وذلك لاحتواء الفيلم على السخرية من أبناء البلدة لكونها مقرا لاماكن عبادة.
لائحة المراجع:
عدنان الزنكة، سلطة الضبط الإداري في المحافظة على جمال المدن وروائها منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان، طبعة أولى،2011 .
عبد القادر باينة، أشكال النشاط الإداري منشورات زاوية للفن والثقافة، طبعة 2006.
حبيب إبراهيم حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط
الإداري في الظروف العادية ، دراسة مقارنة.
حبيب إبراهيم حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط
الإداري في الظروف العادية ، دراسة مقارنة.
بن ساسي بن الزين، عناصر الضبط الإداري، مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات شهادة ليسانس أكاديمي، كلية الحقوق والعلوم السياسية التخصص قانون العام،جامعة قاصدي مرباح،الجزائر،السنة الجامعية، 2014/2013 .
دايم عبد السلام، النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة ، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في القانون العام، جامعة أبي بكر بلقايد ، تلمسان كلية الحقوق الجزائر السنة 2004/2003.
حسن صحيب، تطور دعوى التعويض الإدارية في القضاء الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة في القضاء الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، REMARD
حسام مرسي، سلطة الإدارة في مجال الضبط الإداري، دراسة مقارنة في القانون الوضعي و الفقه الإسلامي، توزيع منشأة المعرف بالإسكندرية مصر 2010.
أحمد أجعون، النشاط الإداري وظائف الإدارة وسائل الإدارة. مطبعة سجلماسة مكناس طبعة، 2016/2015 .
مليكة الصروخ، القانون الإداري دراسة مقارنة التنظيم الإداري، النشاط الإداري أسلوب الإدارة وامتيازاتها رقابة القضاء على أعمال الإدارة، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، الطبعة السابعة 1431-2010.
عبد العزيز أشرقي، الشرطة الإدارية الممارسون له، والنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بها، توزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب الدار البيضاء الطبعة الأولى : 2006/1427
محمد الأعرج، المنازعات الإدارية والدستورية في تطبيقات القضاء المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 83 سنة 201.
أمل المرشدي، تفاصيل قانونية حول سلطات الشرطة الإدارية الجماعية مقال منشور على الموقع الالكتروني 2022-10-06تاريخ
المشاهدة. www.Mohamad.net/law:
[1]
- عدنان الزنكة، سلطة الضبط الإداري في المحافظة على جمال المدن وروائها منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان، طبعة أولى،2011 ص21.
[2]
- عبد القادر باينة، أشكال النشاط الإداري منشورات زاوية للفن والثقافة، طبعة 2006، ص 57.
[3]
- حبيب إبراهيم حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية ، دراسة مقارنة، م م، ص 9
[4]
- حبيب إبراهيم حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية ، دراسة مقارنة، م م، ص 9
[5]
- عدنان الزنكة، سلطة الضبط الإداري في المحافظة على جمال المدن وروائها، م. س، ص، 35 - 36..
[6]
- بن ساسي بن الزين، عناصر الضبط الإداري، مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات شهادة ليسانس أكاديمي، كلية الحقوق والعلوم السياسية التخصص قانون العام،جامعة قاصدي مرباح،الجزائر،السنة الجامعية، 2014/2013 ص16 .
[7]
- دايم عبد السلام، النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة ، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في القانون العام، جامعة أبي بكر بلقايد ، تلمسان كلية الحقوق الجزائر السنة 2004/2003 ص، 52
[8]
- دايم بلقاسم، النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة م. س، ص، 54
[9]
- حسن صحيب، تطور دعوى التعويض الإدارية في القضاء الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة في القضاء الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، REMARD ص، 30 و 31
[10]
- حسام مرسي، سلطة الإدارة في مجال الضبط الإداري، دراسة مقارنة في القانون الوضعي و الفقه الإسلامي، توزيع منشأة المعرف بالإسكندرية مصر 2010، ص، 129 .
[11]
- أحمد أجعون، النشاط الإداري وظائف الإدارة وسائل الإدارة. مطبعة سجلماسة مكناس طبعة، 2016/2015 ، ص، 6.
[12] - -la police administrative, par
Eric Guér. www.wiriterritorial.cnfpt.fr/xwiki/bin Vu a 10/3/2018, 22:14h .
[13]
- دايم بلقاسم، النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة، م. س، ص، 334..
[14]
- مليكة الصروخ، القانون الإداري دراسة مقارنة التنظيم الإداري، النشاط الإداري أسلوب الإدارة وامتيازاتها رقابة القضاء على أعمال الإدارة، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، الطبعة السابعة 1431-2010، ص، 334
[15] - Mohamed Amine BN Abdallah, la police
administrative dans le système juridique marocain, Publications APREJ
collection de droit public, 1987, p : 75.
[16]
- عبد العزيز أشرقي، الشرطة الإدارية الممارسون له، والنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بها، توزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب الدار البيضاء الطبعة الأولى : 2006/1427 ، ص، 48
[17]
- عبد العزيز أشرقي، الشرطة الإدارية، الممارسون لها، والنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بها، م. س، ص،51. .
[18]
- عبد العزيز أشرقي، الشرطة الإدارية والممارسون لها والنصوص القانونية و التنظيمية المتعلقة بها ، م. س، ص52.
[19]
- محمد الأعرج، المنازعات الإدارية والدستورية في تطبيقات القضاء المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 83 سنة 2013، ص، 86
[20]
- محمد الأعرج، المنازعات الإدارية والدستورية في تطبيقات القضاء المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 83 سنة 2013، ص، 86.
[21]
- أمل المرشدي، تفاصيل قانونية حول سلطات الشرطة الإدارية الجماعية مقال منشور على الموقع الالكتروني 2022-10-06تاريخ المشاهدة www.Mohamad.net/law:
[22]
- نجاة خلدون، العمل الإداري، الطبعة الأولى، 2015، الطبع، دعاية Diaayaحي أشماعو، ص124.
[23]
- محمد البعدوي، الشرطة الإدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعة، العدد 102، الطبعة الثانية 2014، ص، 41 .
[24]
- أمل المرشدي، تفاصيل قانونية حول سلطات الشرطة الإدارية الجماعية مقال منشور على الموقع الالكتروني 2022-10-06تاريخ المشاهدة www.Mohamad.net/law:
[25]
- محمد البعدوي، الشرطة الإدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام، وضمان الحريات، مرجع سابق، ص، 41.
[26]
- مليكة الصروخ، القانون الإداري، دراسة مقارنة، التنظيم الإداري، النشاط الإداري أسلوب الإدارة وامتيازاتها، رقابة القضاء على أعمال الإدارة، م س ص 421
[27]
- جلطي أعمر، الأهداف الحديثة للضبط الإداري، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ، جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان كلية الحقوق
والعلوم السياسية الجزائر، السنة الجامعية، 2016/2015 ، ص، 13
[28]
- جلطي أعمر، الأهداف الحديثة للضبط الإداري، م س، ص، 13.
[29]
- حبيب إبراهيم حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص85
[30]
- جلطي أعمر، الأهداف الحديثة للضبط الإداري، م س ص، 14.
[31]
- حبيب إبراهيم، حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية، دراسة مقارنة، مرجع سابق، 89
[32]
- حبيب إبراهيم، حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية، دراسة مقارنة، مرجع سابق، 89
[33]
- سليماني هندون سلطات الضبط في الإدارة الجزائرية، مرجع سابق، ص، 54.
[34]
- جلطي أعمر، الأهداف الحديثة للضبط الإداري، مرجع سابق، ص، 18 و 19.
[35]
- حيث أقر مجلس الدولة الفرنسي لسلطة الضبط الإداري أن تتدخل لمنع عرض الفيلم المذكور، رغم وجود إجازة سابقة بعرضه صادرة عن هيئة الرقابة، وذلك متى ترتب على عرض الفيلم المذكور إخلال بالنظام العام بسبب صفته اللاخلاقية والمقترنة مع الظروف المحلية بموقفها.
[36]
- حبيب إبراهيم الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية، دراسة مقارنة مرجع سابق، ص، 96 و 97
[37]
- ظهير 01 مارس 1963 بمثابة قانون خاص بمتصرف وزارة الداخلية، المادة 31 منه.
[38]
- ظهير
1976/09/30 المتعلق بالتنظيم الجماعي المادة 44 من الفقرة الأولى.
[39]
- عبد العزيز أشرقي، الشرطة الإدارية الممارسون لها والنصوص
القانونية والتنظيمية المتعلقة بها، ، م س، ص 56-57.
[40]
- بشر صلاح العاوور، سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية في التشريع الفلسطيني، م س، ص، 33
[41]
- بشر صلاح العاوور، سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية في التشريع الفلسطيني، م س، ص، 35.
[42]
- كريم ل حرش، القانون الإداري المغربي، الجزء الثاني نشاط الإدارة وامتيازاتها، الطبعة الثالثة مزيدة ومنقحة مطبعة الأمنية 2014 الرباط ص 50
[43]
- عبد المجيد غنيم عقشان المطيري، سلطة الضبط الإداري وتطبيقاتها في دولة الكويت ، قدمت هذه الدراسة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير، قسم القانون العام، كلية الحقوق جامعة الشرق الأوسط، 2011، ص، 37.
[44]
- كريم لحرش، القانون الإداري المغربي، الجزء الثاني، نشاط الإدارة وامتيازاتها، هم س، ص، 405 .
[45]
- حبيب إبراهيم حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية، دراسة مقارنة، م م، ص، 132.
[46]
- محمد البعدوي، الشرطة الإدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات، م س ص، 49 و50
[47]
- د. محمد البعدوي، الشرطة الإدارية. وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ، م س، ص، 50-51.
[48]
- عبد العزيز اشرفي، الشرطة الإدارية...، م س ، ص62.
[49]
- بشر صلاح العاوور، سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية في التشريع الفلسطيني، م س، ص، 43
[50]
- حسام مرسي، سلطة الإدارة في مجال الضبط الإداري، دراسة مقارنة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي، م س، ص، 160
[51]
- عدنان الزنكة، سلطة الضبط الإداري في المحافظة على جمال المدن وروائها، م. س، ص،57
[52]
- د. عبد العزيز أشرقية الشرطة الإدارية الممارسون لها والنصوص
القانونية والتنظيمية المتعلقة بها، م. س، ص، 61.
[53]
- حبيب إبراهيم حمادة الدليمي، حدود سلطة الضبط الإداري في الظروف العادية، دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص143
[54]
- كريم لحرش، القانون الإداري المغربي، الجزء الثاني نشاط الإدارة وامتيازاتها مرجع سابق، ص، 408.
[55]
- سليماني هندون، سلطات الضبط في الإدارة الجزائرية، مرجع سابق، ص، 56-57
[56]
- محمد البدوي، الشرطة الإدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات، مرجع سابق، ص، 57-58.
[57]
- سليماني هندون، سلطات الضبط الإداري في الإدارة الجزائرية، مرجع سابق، ص، 58
[58]
- جلطي أعمر، الأهداف الحديثة للضبط الإداري، مرجع سابق، ص، 39
[59]
- محمد البعدوي، الشرطة الإدارية و إشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات، م ، ص، 59 و60.
[60]
- محمد البعدوي، الشرطة الإدارية و إشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات، م ، ص، 59 و60
[61]
- سليماني هندون، سلطات الضبط في الإدارة الجزائرية، م س ، ص، 36.
[62]
- محمد البعدوي، الشرطة الإدارية و إشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات، م س ، ص، 64.
[63]
- محمد البعدوي، الشرطة الإدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات، م س ، ص، 65
[64]
- سليمان هندون، سلطات الضبط في الإدارة الجزائرية، م.س. ص 88
0 تعليقات