الدكتورة يسيرة الشنواني
دكتورة في الحقوق – المملكة المغربية
آليات الحماية القانونية للتجارة الإلكترونية
Mechanisms of legal protection of electronic commerce
مقدمة :
تشكل ثورة الاتصال والمعلومات أحد
العناوين البارزة للمرحلة الراهنة بسبب الانتشار الهائل للانترنيت، وقد أدى ذلك
إلى تطور مفهوم التجارة الإلكترونية ولم بعد يقتصر على بيع وشراء السلع والخدمات
عبر الانترنيت فقد توسعت إلى أن أصبحت تشمل عمليات بيع المعلومات نفسها إلى جانب
السلع والخدمات.
‘إما بطريقة إلكترونية بحتة أو
جزئية سواء لعبت الشركة الإلكترونية دورا رئيسيا في السلعة أو الخدمة المقدمة أو
كوسيط بين البائع والمشتري.
وبالنسبة للمغرب لم يعرف
استخدام الشبكة المعلوماتية بشكل موسع إلا أواخر التسعينات حيث كثرة مقاهي
الانترنيت وتزايد الإقبال عليها فأصبحت المعاملات التجارية تتم عبر هذه النواة
فساهم ذلك في ظهور الجرائم المعلوماتية من اختراق للمواقع وتدميرها وسرقة
المعلومات والسطو على بطائق الائتمان وغيرها من الجرائم المعلوماتية الماسة
بالتجارة الإلكترونية، فبرزت الحماية القانونية لأول وهلة في القانون المغربي حيث
صدر القانون 53.03 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية لسنة 2007
بالإضافة إلى القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعطيات
ذات الطابع الشخصي لسنة 2009.
ومع تسارع الوقت وزيادة انتشار التجارة
الإلكترونية داخليا وخارجيا وزيادة حجم التداول الإلكتروني بين الشركات ودورها في
تنمية الاقتصاد وطنيا وعالميا خصوصا أثناء فترة covid 19 وبعدها.
ومن خلال ما سبق، ومع هذه
المعطيات يمكننا طرح التساؤل التالي؟
إلى أي حد استطاع المشرع
المغربي حماية جميع المتدخلين في التجارة الإلكترونية بين البائع والمشتري أو
السماسرة؟ وهل الحماية القانونية وحدها كفيلة بتحقيق دلك، أم لا بد أن تواكبها
حماية تقنية لتواكب التطور المتسارع للنظام المعلومات العالمي؟.
للإجابة عن ذلك، ارتأيت الحديث
اولا عن المحددات العامة لعقود التجارية الإلكترونية في (المبحث الأول)، ثم للحماية
القانونية للتجارة الإلكترونية في (المبحث الثاني).
المبحث الأول: المحددات العامة
لعقود التجارية الإلكترونية
احتلت الإنترنت مكاناً بارزاً في حياة العالم، وتطوره،
حتى أضحت تستخدم في كثير من مجالات الحياة، فيمكن الدخول إلى الإنترنت للحصول على
المعلومات، والأخبار في أي وقت والاستخدام الأحدث والأبرز للأنترنت هو التجارة عن طريقه.
وفي هذا المبحث كان من الضروري، ما أمكن، دراسة ماهية العقود التجارية الإلكترونية، وإعطاء
فكرة عن العقود الإلكترونية، من حيث التوقيع والمصادقة الإلكترونية وحجيتهما في إثبات التجارة الإلكترونية في
(المطلب الثاني).
المطلب الأول: ماهية العقود
التجارية الإلكترونية
بالنظر إلى مفهوم التجارة الإلكترونية نجد أنه لا
تعريفاً محددًا لها، فكل كاتب أو مؤلف يحاول الاجتهاد في إيجاد التعريف المناسب،
فهناك من عرفها بأنها "استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، مثل الإنترنت
وغيرها من الوسائل التكنولوجية الأخرى في إبرام الصفقات، وعقد العقود، والتسويق، وتبادل
الخ
الفقرة الأولى: مفهوم العقود
التجارية الإلكترونية
ينشأ العقد كقاعدة عامة في معظم
القوانين الدولية بمجرد توصل طرفيه إلى اتفاق بشأن أحكامه الأساسية، وهو ما يتم في
الغالب بتبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين بشأن عملية معينة ما لم ينص العقد على
خلاف ذلك.
وإذا كانت العقود المبرمة لا
تثير الكثير من الشكوك حول التراضي بين الطرفين، فإن العقود الإلكترونية التجارية
تثير الكثير من النقاش حول التعبير عن الإرادة بسبب الوسائل المستعملة للتطابق
الإيجابي مع القبول ببن كلا المتعاقدين.
وبالرجوع إلى القانون 53.05 المتعلق
بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية[1]
وتحديدا الفصل 65.03 الذي ينص على أنه: " يمكن استخدام الوسائل الإلكترونية
ووضع عقود تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام
عقد من العقود ".
ويتضمن هذا الغرض الإلكتروني
طبقا للفصل 65.04 من نفس القانون الخصائص الأساسية لسلعة او الخدمة المفترضة
والأصل التجاري أو أحد العناصر بالإضافة
لشروط بيع هذه السلعة أو الخدمة ومختلف المراحل الواجب إتباعها لإبرام العقد
بطريقة إلكترونية ولا سيما الكيفية التي يفي طبقها الأطراف بالتزاماتهم المتبادلة.
إذ نرى أن المشرع المغربي
وحماية منه للمتعاقدين فقد ألزم بضرورة إفراغ العرض الإلكتروني في قالب قانوني وأن
كل اقتراح غير متضمن لكافة البيانات المثار إليها في الفصل 65.04 لا يجوز اعتباره
عرضا ويبقى مجرد إشهار ولا يلزم صاحبه.
لذلك، فالإيجاب هو الأساس الذي
يتم بناء العقد عليه، فيجب احتوائه على كافة العناصر الأساسية ليتم إصدار قبول
كامل[2].
هذا الأخير هو الركيزة الثانية
لإقامة العقود الإلكترونية، وقد نص المشرع المغربي على أحكام القبول الإلكتروني
وما تحمله من خصوصية من خلال الفصل 65.3 من قانون 53.05.
إلا أن القبول لا ينتج آثاره
إلا إذا كان من أرسا إليه العرض قد تمكن من التحقق من تفاصيل الإذن الصادر عنه ومن
السعر الإجمالي ومن تصحيح الأخطاء المحتملة ...
على العموم، يمكن القول بأن
التعبير عن الإرادة في الوسائل الإلكترونية يختلف عن التعبير عن الإرادة التقليدية
من حيث الوسيلة الرقمية المستخدمة وتعدد طرفي التعبير عن الإرادة بهذه الوسائل،
فقد يتم عن طريق الرسائل المعلوماتية، أو البيانات أو البريد الإلكتروني، أو من
خلال التنزيل عن بعد، أو من خلال التعبير عن الإرادة مباشرة من خلال شبكة
الانترنيت داخل المواقع الإلكترونية، أو بواسطة عرف الدردشة أو بواسطة الوكيل
الإلكتروني[3]، وذلك بمجرد توصل الموجب
بقبول الموجب له يصبح ملزما بإيجابه بشكل لا رجعة فيه[4].
وإذا كان تعاقد حاضرين لا يثير
إشكالا من حيث تحديد الزمان والمكان عند انعقاد العقد، فإن التعاقد الإلكتروني بين
غائبين من حيث الزمان والمكان عكس ذلك، لأن تحديد الزمان والمكان دور في تحديد وقت
بدء تنفيذ الالتزامات التي يفرضها العقد وتحديد المحكمة المختصة والقانون الواجب
التطبيق[5].
وهو ما تداركه المشرع المغربي
مؤخرا من خلال القانون [6]78.20 المغير والمتمم للمادة 202 من قانون 31.08 المتعلق بتدابير
لحماية المستهلك[7] حيث حسم هذه المسألة، إذ نص على أن الاختصاص القضائي النوعي ينعقد حصريا
للمحكمة الابتدائية في حال نشوب نزاع بين المورد والمستهلك، ورغم وجود أي شرط
مخالف.
وهكذا جاء في المادة 202 من
القانون 31.08 ما يلي: " في حال نزاع بين المورد والمستهلك، ورغم وجود أي شرط
مخالف، فإن الاختصاص القضائي النوعي ينعقد حصريا للمحكمة الابتدائية.
تعتبر المحكمة المختصة مكانيا،
محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المتسبب في
الضرر باختيار هذا الأخير ".
فالقانون 78.20 الذي بمقتضاه تم
تعديل المادة 202 من القانون رقم 31.08 جاء ليجعل جميع المنازعات التي تنشأ بين
المستهلكين والمهنيين ينعقد الاختصاص النوعي فيها للمحاكم الابتدائية بشكل حصري،
وبالتالي لم يعدد ممكنا اللجوء فيها للمحاكم التجارية، ولا للمحاكم الادارية
بالنسبة لأشخاص القانون العام الذين يزاولون الانشطة الربحية والذين لهم صفة مهني
حسب قانون 31.08.
الفقرة الثانية: الآثار
المترتبة عن الإخلال بالعقود التجارية الإلكترونية
كما في العقود التجارية العادية
فغن العقود الإلكترونية ينتج عن عنها نفس الآثار المترتبة عن الإخلال بالعقد،
فالبائع أو الشركة التجارية تلتزم بتسليم محل العقد وضمانه، في حين أن المستهلك
ملزم بتسلم محل العقد ا إلكتروني وأداء محل العقد.
وبما أن الوضعية في إطار العقود
الإلكترونية غير متوازنة، فتسليم السلعة أو البضاعة هو أهم مرحلة في العقود
الإلكترونية وأهم يقع على البائع، وذلك راجع إلى الطابع غير المادي للعقد
الإلكتروني والذي يكون فيه الإيجاب مجرد معلومات على الشاشة، مما يصعب معه ملامسة
المبيع أو معاينته مباشرة[8].
فعند تسلم المبيع يتعين على
المشتري فورا التأكد من مطابقته للمواصفات المتفق عليها قبل التوقيع على وثيقة
الاستلام، وبإمكان المشتري في حال اكتشافه أن المبيع غير مطابق للمواصفات
المطلوبة، فله أن يرفض الاستلام ويدرج ملاحظاته في ورقة التسليم.
أما في حالة عدم حصول التسليم،
فالبائع هنا هو المسؤول أيضا عن كل عمليات الإرسال والنقل وما قد يقع، ولا يمكن له
أن يتحلل من مسؤوليته تجاه المشتري أو أن يلقي بها على الناقل مثلا[9].
وإذا كانت منتوجات ملموسة يمكن
إثبات عدم مطابقتها، إلا أن الإشكال يطرح في حالة ما إذا كان العقد الإلكتروني
ينصب على خدمة أو برنامج إلكتروني يتم تسليمها من خلال تحميلها على دعامات أو
أقراص ممغنطة وتحمل مباشرة على شبكة الانترنيت دفعة واحدة أو على شكل دفعات أو عبر
مراحل.
وعند الحديث عن المسؤولية
الملقاة على عاتق البائع، فلا بد من الحديث عن التزامات المستهلك الإلكتروني تجاه
الطرف الأول، فالمشتري ملزم بتسلم المبيع وبدفع الثمن وهو ما يميز العقد
الإلكتروني، إذ أن في الغالب يكون الدفع من خلال الوسائل الإلكترونية والتي تلاءم
مع هذا النوع من التجارة[10]، إما عن طريق البطاقة
البنكية أو بواسطة الأموال الرقمية أو أي وسيلة من الوسائل الأخرى.
يتبين من خلال ما سبق، أنه رغم
لما للعقد الإلكتروني من خصوصية، إلا أن قانون الالتزامات والعقود يظل هو الشريعة
العامة المطبقة عل هذا النوع من العقود إذ أن التزامات البائع تتمثل بصفة عامة
طبقا للفصل 498 من ق.ل بالالتزام بالتسليم.
المطلب الثاني: التوقيع
والمصادقة الإلكترونية وحجيتهما في إثبات التجارة الإلكترونية
كما هو الشأن بالنسبة للمحررات
العرفية التقليدية فإن الكتابة موقعة وحدها لا تكفي لأن تكون دليلا كاملا للإثبات
ما لم تكن موقعة ممن يراد الاحتجاج بها عليه، فالتوقيع شرط جوهري للمحرر العرفي،
لأنه هو الذي ينسب الكتابة إلى صاحبها وهو الذي يعطي المحرر العرفي قيمته في
الإثبات[11].
هذا وقد احدث قانون 53.05
المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات سلطة جديدة سماها بالسلطة الوطنية لاعتماد
ومراقبة التصديق. تتمثل في:
-
اقتراح معايير نظام الاعتماد على الحكومة واتخاذ التدابير اللازمة
لتطبيقها.
-
اعتماد مقدمي خدمات التصديق على التوقيع الإلكتروني ومراقبة أنشطتهم فهي
بمثابة الجهاز الساهر على تنظيم هذه المهام إداريا وتنظيميا إذا لها صلاحية اختيار
مقدمي خدمات المصادقة ا إلكترونية المرشحة لنيل الاعتماد توفرها على الكفاءة
المهنية وحفظ السير المهني والتوفر على نظام دقيق لضمان السلامة لمعاملة الزبناء.
بناء على ذلك سأعمل من خلال هذا
المطلب الحديث عن التوقيع الإلكتروني في (الفقرة الأولى)، والمصادقة ودورها في
حماية المتعاقدين في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التوقيع
الإلكتروني
إلى جانب المفهوم التقليدي
للتوقيع الذي يتم كتابة وكذلك التوقيع الذي يتم بالختم أو البصمة نجد أن الواقع العملي
قد أفرز نوعا جديدا من الوسائل الرقمية التي تحل محل التوقيع بمعناه التقليدي.
فقد أدى التطور المتسارع في
عالم الاتصال والمعلوميات إلى استعانة معظم الشركات بالوسائل الحديثة الشيء الذي
نتج عنه اليسر والسهولة والثقة في المعاملات التجارية، ومن بين هذه الوسائل نجد
التوقيع الكتروني.
فالتوقيع الإلكتروني كما جاء في
الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الأونيسترال النموذجي[12] هو البيانات ا إلكترونية
الموجودة في الرسائل والبيانات المرتبطة منطقيا بها والتي تستخدم للتحقق من شخصية
الموقع في إطار هذه الرسائل وتشير إلى قبوله المعلومات التي تتضمنها.
أما بخصوص المشرع المغربي ومن
خلال قانون 53.05 لم يعط تعريفا للتوقيع الإلكتروني وإنما استوجب إذا التوقيع
إلكترونيا أن يتم استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالمحرر الموضوع
عليه.
وفي نفس الإطار فقد عرفه أحد
الفقه[13] أنه مجموعة من الإجراءات
التقنية التي تمكن من تحديد شخصية من تصدر عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف
الذي صدر التوقيع بشأنه.
من خلال ما سبق، يمكن القول أن
التوقيع الإلكتروني هو كل علامة او رمز إلكتروني يضاف إلى رسالة البيانات
المعلوماتية الصادرة عن صاحب التوقيع والتي تبين هويته وقبوله أو عدم قبوله
الالتزام بذلك البيان.
وللتوقيع الإلكتروني مجموعة من
الصور:
-
التوقيع الإلكتروني الرقمي:
وهو من أحدث التوقيعات وأكثرها
فعالية وحماية لما يتوفر عليه من تقنيات التشفير التي تم باستخدام المفاتيح السرية
والطرق الحسابية المعقدة، وهو يحتوي على رقم سري لا يعرفه إلى صاحبه[14].
-
التوقيع البيومتري:
يقصد بهذا النوع من التوقيع
التحقق من شخصية المتعامل انطلاقا من الخواص الفزيائية الطبيعية لأفراد مثل بصمة
الأصبع وبصمة الصوت والمسح الرقمي للعين والوجه.
إلا أن ما يعاب على هذه التقنية
رغم أنها وسيلة للتعريف بصاحبها إلا أنه لا تضمن بالضرورة التعبير الصحيح عن إرادة
صاحبها الحقيقية[15].
-
التوقيع بالقلم الإلكتروني:
وهو توقيع كالتوقيع العادي يتم
بقلم إلكتروني على ماسح ضوئي مرتبط بجهاز الحاسب الآلي.
ويلعب التوقيع الإلكتروني دورا
كبيرا في تعزيز الثقة التعاقدية الإلكترونية بصفة عامة والتجارة الإلكترونية بصفة
خاصة، لذلك نجد أن التشريع الوطني أولى له أهمية كبيرة وعيا منه بالدور الذي أصبحت
تلعبه التقنيات الحديثة في إثبات العقود الموجهة بوسائل إلكترونية.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف
استلزم الأمر وجود طرف ثالث محايد موثوق به يعمل بطريقة خاصة على التأكد من جدية
وصحة هذه الإرادة التعاقدية ممن تنسب إليه، والتأكد من جدية هذه الإرادة وبعدها عن
الغش والتدليس والاحتيال، بالإضافة إلى تحديد مضمون الإرادة تحديدا واضحا يمكن
المتعامل من الاعتماد عليه في معاملاته[16].
لذلك أناط المشرع المغربي مهمة التصديق
الإلكتروني إلى لجنة خاصة مسؤولة على التصديق على هذا النوع من العقود من أجل
إعطاء الرسمية وتعزيز الثقة في الوثيقة الإلكترونية.
الفقرة الثانية: المصادقة
الإلكترونية ودورها في حماية المتعاقدين
لقد كان من أجل ازدهار التبادل الإلكتروني
للمعطيات الإلكترونية وانعكاسه على التجارة الإلكترونية تعزيز الثقة والأمان لدى
المتعاملين عبر الشبكة المعلوماتية، ويأتي في مقدمة الضمانات الحمائية التي يتعين
توفرها هو وجود طريقة للتحقق من الأوراق واعتماد المتعاملين بدرجة أكبر في هذا
العالم الافتراضي عن العالم التقليدي[17]
وخصوصا ما إذا علمنا ان هذه المعاملات تتم عن بعد بين طرفين لا يلقيان بشكل ملموس
ولا يعرفون بعضهم.
لذلك ولتعزيز هذه الثقة أوجد
المشرع المغربي طرفا ثالثا أسوة بالتشريعات المقارنة، أنيطت له مهمة المصادقة
الإلكترونية من خلال قانون 53.05 خصوصا الباب الثالث. فالمشرع اعتمد على نظام
الترخيص المسبق لمقدمي خدمة المصادقة الإلكترونية من طرف السلطة الوطنية المكلفة
باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية لإصدار شهادة المصادقة الإلكترونية[18].
هذه الشهادة هي بمثابة رسالة بيانات يؤكد الارتباط بين
الموقع وبين إنشاء التوقيع الإلكتروني، فهي بالرجوع إلى المادة 10 من قانون 53.05
تبين العلاقة بين المعطيات التي تمكن من التحقق من التوقيع الإلكتروني والموقع
وأنها تكون في شكل سند يتم إعداده بشكل إلكتروني.
ويجب أن تحترم هذه الشهادة
مجموعة من البيانات التي يجب أن تضمن فيها والمتمثلة في الإشارة إلى أن هذه
الشهادة مؤمنة ومع بيان هوية مقدم الخدمة المصادقة الإلكترونية وكذلك اسم ومقر
وموقع صاحب الشهادة الإلكترونية وتحديد بداية ونهاية مدة صلاحيتها ورقمها السري،
وذلك تحت طائلة ترتيب المسؤولية التقصيرية كما جاء في المادة 24 من قانون 53.05
التي جاء فيها: " يتحملون وفق القواعد القانونية العادية مسؤولية تهاونهم او
قلة كفاءتهم او قصورهم المهني سواء تجاه المتعاقدين معهم أو اتجاه الأغيار ".
وهذا التهاون أو القصور محل
متابعة جنائية حسب ما جاء في المادة 29 من نفس القانون بحيث يعاقب بالحبس من ثلاثة
أشهر إلى سنة وغرامة من 1000 درهم إلى 100.000 درهم كل من تابع نشاطه رغم سحب
اعتماده أو أفشى المعلومات أو السر المهني ".
المبحث الثاني: الحماية
القانونية للتجارة الإلكترونية
لقد قام النظام القانوني منذ زمن مبكر بحماية الرضى في
العقود عن طريق وسائل تقليدية متعددة، أهمها نظرية عيوب الإرادة، السبب، الإثراء،
التعسف في استعمال الحق....
لذلك، فإن المستهلك يظل من حقه كأي متعاقد، عندما يجد
نفسه في مواجهة عقد يحتوي على شروط تعسفية، اللجوء إلى المبادئ العامة التي تنظم
عملية التعاقد للبحث من خلالها عن الأدوات القانونية التي تمكنه إما من التنصل من
العقد نهائياً أو استبعاد تلك الشروط وآثارها فقط مع الاحتفاظ بالعقد قائما.
غير أنه إذا كان قانون العقود والالتزامات يحتوي على
العديد من القواعد التي يمكن اعتبارها ملائمة لتحقيق بعض الحماية للطرف الضعيف في
العقود غير المتوازنة، فإن دراسة متأنية لتعدد القواعد تبين لنا في مجملها أنها
تتضمن بعض المبادئ التي اقتصرت في مُجملها على تصحيح الأوضاع الظاهرة، فهي قد
لاتصل إلى تحقيق التوازن العقدي وحماية الثقة التي يقتضيها الضمير في المعاملات
المختلفة.
هذا الوضع شكل فراغا في التشريع
المغربي عانى منه لفترة طويلة، حيث كان يشكل تهديدا حقيقيا لحقوق للمستهلك بصفة
عامة والمستهلك ا إلكتروني بشكل خاص الذي لم يكن يتوفر على الوسيلة القانونية
الكفيلة فعلا بحماية حقه أثناء التعاقد، خاصة في ظل قصور القواعد العامة في تحقيق
ذلك، الأمر الذي يقتضي من المستهلك الإلكتروني الرجوع إلى القانون القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك رقم 31.08
من أجل البحث عن القواعد الكفيلة بحمايته من الشروط التعسفية التي قد يضمنها
البائع في العقد، ومن عيوب المواد والمنتوجات.
وأمام هذا الوضع، يمكننا أن
نتساءل حول أبرز المقتضيات الحمائية التي أتى بها
القانون 31.08 بغية حماية المستهلك الإلكتروني الطرف الضعيف في العلاقة
التعاقدية؟.
لملامسة ذلك،ارتأيت هنا الحديث عن حماية أطراف عقود
التجارة الإلكترونية في (المطلب الأول)، على أن أخصص الحديث في (المطلب الثاني) عن
الحماية الجنائية له.
المطلب الأول: حماية أطراف عقود
التجارة الإلكترونية
يتميز المستهلك الإلكتروني
بوضعية خاصة في العلاقة التعاقدية التي تربطه بالشركة التجارية، ويرجع السبب إلى
القوة التي يتميز بها الطرف الثاني نظرا للمعلومات التي يعرفها بخصوص العلاقة
التعاقدية الأمر الذي يؤدي إلى بروز قوته أثناء تحريره للعقد مع المستهلك الذي
يوجد في وضع ضعيف، إذ يفرض عليه المورد شروطا تحمي مصالحه، حيث أنه بعدما شكل مبدأ
سلطان الإرادة حجر الزاوية في الفكر القانوني خلال القرن 19، منذ أن تكرس في مدونة
نابليون لسنة 1804، إذ كانت الرضائية هي الأصل العام الذي يحكم العلاقات التعاقدية
ويضمن تحقق المساواة بين أطرافها، والتي كانت تشمل حرية الإنسان في أن يتعاقد وفقا
لما تقرره إرادته إلى جانب حريته في عدم التعاقد[19]،
وفي هذا الإطار عرفت القوانين المعاصرة تطورا سريعا وأهمية متعاظمة في مجال حماية
المستهلك ودرء المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها، بحيث لم تقف عند ضمان السلامة
البدنية، وإنما تجاوزتها إلى السلامة المعنوية للمستهلكين بكفالة سلامة الرضا
وحرية الإرادة والاختيار المتبصر تفاديا للوقوع في التضليل وذلك من خلال الالتزام
بالإعلام.
انطلاقا من ذلك، سأعمل من خلال
هذا المطلب الحديث عن الحماية المدنية للمستهلك الإلكتروني في (الفقرة الأولى)، ثم
للحماية الجنائية له في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الحماية المدنية
للمستهلك الإلكتروني
إن العقد بين حاضرين يدلل
الكثير من الصعوبات والإشكالات على أساس أن التعاقد يتم أمام أعين المتعاقدين
وبحضورهم، مما يسمح لكل منهم بالتحقق من شخصية الآخر، والتحقق من محل العقد، في
حين أن هناك الكثير من المسائل في إطار العقود المبرمة عن بعد يحيطها الشك من
الجانبين وخصوصا المستهلك الذي يفتقد الخبرة والدراسية اللازمة مما قد يصعب عليه الحكم الدقيق على المنتوج محل العقد[20].
لذلك أقر المشرع المغربي قواعد
خاصة أسوة بالتشريعات المقارنة السابقة في هذا المجال، من أجل حماية مصلحة الطرف
الضعيف والأولى بالحماية ألا وهو المستهلك الإلكتروني حيث خصص له الباب الثاني من
المواد 25 إلى 44 من القانون رقم 31.08 المتعلق بتدابير لحماية المستهلك.
ولعل أبرز مظاهر هذه الحماية
يمكن إجمالها في الالتزام العام بالأعلام وحق المستهلك في الرجوع والعدول عن العقد
إذا ما توافرت شروط ذلك، فبالرجوع إلى المادة 29 من قانون 31.08 نجدها تنص على
مجموعة من التدابير كضرورة التعريف بالمميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو
الخدمة مع ذكر اسم المورد وصفته التجارية والمعطيات الهاتفية ومقره وبريده
الإلكتروني وآجال التسليم والمصاريف ...
وهو ما أشار إليه المشرع
الفرنسي في المادة 121/18 من قانون الاستهلاك الفرنسي بعد تعديله أنه في جميع الأحوال
يجب عرض السلعة أو خدمة عن بعد على أحد المستهلكين ، فإن المهني يلتزم بالإعلام
باسمه ومشروعه وأرقام هواتفه[21].
بالإضافة إلى إعطاء المستهلك
الحق في الرجوع عن إرادته بعد إبرامه للعقد في مهلة معينة والمتمثلة في 7 أيام
لممارسة حق التراجع و 30 يوما بممارسة هذا الحق في حالة لم يفي المورد بالتزاماته
طبقا للمادة 36 من القانون 31.08.
بالرغم أن هذا العقد من العقود
اللازمة ولعل الدافع من وراء إعطاء المشرع المغربي هذا الحق للمستهلك يرجع إلى
طرفي التعاقد دائما نظرا لأن المستهلك لا تتوفر له الإمكانيات الفعلية أو الحقيقية
للمعاينة والتحقق من السلع والخدمات قبل إبرام العقد بل يرى الصورة فقط في الغالب[22].
ويعتبر هذا الحق من أهم
الضمانات القانونية للمستهلك لكن لا يقع في الغش والتدليس، وقد عززت هذه الضمانة
في حالة مخالفتها بضمانات زجرية وغرامات مالية كما جاء في المواد 173 و 195 من
قانون 31.08.
وإذا كان المشرع أتى بمجموعة من
الضمانات للمستهلك الإلكتروني والتي تحق له نوعا من الحماية القانونية، فإن هذه
الحماية يجب أن تنصب فعلا في مصلحة المستهلك بل يجب فعلا أن تحقق نوعا من التوازن
بين جميع أطراف التجارة الإلكترونية وخوصا الشركات التجارية الإلكترونية.
الفقرة الثانية: الحماية
الجنائية للمستهلك الإلكتروني
نظرا لخطورة التي تكتسيها جرائم
الاعتداء على المواقع ا إلكترونية فإن معظم الدول التي لها قوانين تعنى بالجرائم
المعلوماتية قد لجأت إلى تجريم هذه الأفعال لما تنطوي عليه من تهديد عل أمن وسلامة
المعطيات المعالجة آليا[23].
وتختلف وسائل ارتكاب هذه
الجرائم حيث يمكن الدخول إلى هذه المواقع بعدة أساليب وأحيانا لا يقتصر الأمر على
الدخول لهذه المواقع بدون سبب معقول، بل العمل على تدمير وإتلاف المعلومات المخزنة
فيها، أو ما يسمى بتدمير نظام المعلومات مما يترتب عنه خسائر فادحة خصوصا فيما
يتعلق باختراق المواقع التجارية والحساسة[24].
لذلك نجد أن المشرع المغربي خول
من خلال مجموعة من القوانين كقانون المتعلق بالأمن السيبراني رقم [25]05.20 أو قانون [26]07.06 حيث نجد أن الفصل
607/03 من القانون الجنائي ينص على أن كل من دخل إلى مجموعة أو بعض نظم المعالجة
الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال يعاقب بالحبس من شهر إلى 3 أشهر وغرامة من 2000
إلى 10.000 درهم.
يتبين أن المشرع أخذ بالمفهوم
الموسع لمحل الدخول غير القانوني فإن أي وسيلة إلكترونية تقوم بجمع وترتيب وتخزين
وحفظ المعلومات يؤدي الدخول إليها جزئيا أو كليا إلى قيام جريمة الدخول غير
المشروع إن كان هذا الدخول احتياليا وعن قصد وليس خطأ وهذا لا يعطي تبرير لمن دخل
بالخطأ في التغيير أو تدمير المعطيات.
وبالرجوع إلى الفقرة الأخيرة من
نفس الفصل نجده ينص على نفس العقوبة في حالة الدخول بالخطأ لنظم المعالجة آليا
والبقاء فيه وتضاعف العقوبة في حالة الحذف أو التغيير للمعطيات المدرجة.
مع تمديد العقوبة حسب الفصل
607/04 حيث يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين وغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم
في حالة كان نظام المعالجة آليا يخص نظام أمن الدولة الداخلي او الخارجي او يمس
بأسرار تهم الاقتصاد الوطني.
إلا أن الملاحظ أنه رغم كل هذه
القوانين إلا أن المجال الإلكتروني بصفة عامة والمواقع التجارية بالخصوص تظل مطمعا
للقرصنة الإلكترونية.
ففي تقرير أمريكي رسمي صادر عن
مكتب التحقيقات الفدرالي فإن جرائم الانترنيت وخصوصا المواقع التجارية قد ارتفعت
بنسبة الهجمات عليها بنسبة% 70 خلال سنة 2020 بالمقارنة
مع سنة 2019 وان مجموعة من الشركات التجارية تعرضت لأضرار مادية كثيرة بسبب هذه
الهجمات لذلك لا بد من تحرير الحماية القانونية والزجرية بحماية تقنية تواكب تطور
الأساليب الجديدة للاحتيال الالكتروني المتسارع.
المطلب الثاني: وسائل الأداء
الالكترونية ودورها في حماية التشريعات الالكترونية
تقوم المعاملات المالية في
التجارة الالكترونية على تبادل السلع والخدمات عبر الشبكة الرقمية، لكي تتم هذه
العملية لا بد من الدفع والسد عبر وسائل جديدة حلت محل النقد التقليدي ومساهمة في
اختصار الوقت وتقليل التكلفة وتحقيق مزايا أخرى[27]،
إلا أن هذه المزايا يوازيها عيوب ومخاطر
محدقة بها سنحاول من خلال هذا المطلب الوقوف عليها.
وسنبين من هذه الوسائل ما هي
الأكثر تداولا البطائق الإلكترونية والمستقبلية (النقود الرقمية).
الفقرة الأولى: البطائق
الإلكترونية
يمكن تعريف البطاقة البنكية من
الناحية القانونية وسيلة أداء من وسائل الدفع الإلكتروني تقوم مقام النقود وهي
ورقة تتضمن أمرا أو التزاما بالوفاء غير قابل الرجوع فيه من طرف الزبون صاحب
البطاقة إلى المؤسسة المصدرة لها قصد القيام بتحويل مبلغ معين من حسابه إلى حساب
التاجر المنخرط في نظام البطاقة البنكي، أو أنها بعبارة أخرى تعهد بمقتضاه يقوم
مصدر البطاقة بفتح اعتماد معين لمصلحة شخص آخر.
وعلى العموم، فإن بطاقة
الائتمان هي أحد أنواع بطاقات الدفع الإلكتروني فهي بطاقة خاصة يصدرها البنك
لعميله تسمح لهذا الأخير بشراء البضائع أو الحصول على خدمات بين مختلف منافذ
البيع، كبديل للنقود مقابل أن يقوم التاجر بتحمل القيمة من البنك المصدر للبطاقة،
ويطلق عليه على هذه العملية اسم نظام الدفع الإلكتروني[28].
ويمكن تقسيم هذه البطائق إلى
عدة أنواع:
-
بطاقة الحاسب الآلي: وهي بطاقة تخول لصاحبها سحب مبالغ مالية محددة مقدارا
عن طريق شبابيك أوتوماتيكية.
-
بطاقة الوفاء: وهي أيضا بطاقة أداء تخول صاحبها الوفاء بثمن مبلغ الخدمات
وتحويل ثمنها إلى حساب التاجر.
-
بطاقة الضمان: تستخدم لضمان الوفاء بالشيك في حدود المبلغ المتفق عليه
فالزبون صاحب الشيك هو نفسه صاحب البطاقة ولكي يعطي الشيك ضمانة المؤونة يقوم
بكتابة البيانات المتعلقة بالبطاقة على ظهر الشيك.
-
بطاقة الائتمان: وهي بمثابة قروض استهلاك.
ومع تطور هذه الوسائل حاول
المشرع المغربي أن يعطي لها حماية قانونية وحمايتها من السرقة والتزوير والتزييف.
حيث نجد الفصل 360 من القانون
الجنائي ينص على أن كل من زور لو زيف أو غير يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات
وغرامة من 200 إلى 1500 درهم، فإذا كان الفصل أعلاه، يتكلم عن التزوير بصفة عامة،
فإن المشرع ومن خلال الفصل 607.7 من نفس القانون خصص عقوبة ثقيلة تخص من يزور أو
يستعمل الوسائل الالكترونية المزورة حيث يعاقب من سنة حبسا إلى 5 سنوات وبغرامة من
10.000 إلى 100.000 درهم.
من هنا يتبين لنا أن المشرع حول
إعطاء حماية قوية لوسائل الأداء الالكترونية، إذ أن العقوبة المنصوص عليها في إطار
الفصل 607.7 اشد من العقوبة المنصوص عليها في إطار 360 من القانون الجنائي. إلا أن
هذه الوسيلة ورغم انتشارها الواسع إلا أنها لم تعد وحيدة وبدأت نظم معاملة جديدة
تحت مسمى النقود الرقمية.
الفقرة الثانية: العملة الرقمية
أوجدت الرقمنة بصفة عامة والتجارة الالكترونية
بصفة خاصة وسائل جديدة ومتنوعة للأداء، فإذا كان كل شيء مرقمن أو في طريق الرقمنة
وأصبح العالم منعدما إلى ما هو مادي ملموس وافتراض غير ملموس، ومع اتساع نطاق
التجارة الالكترونية كان لا بد من وسائل جديدة للأداء في هذا العالم الافتراضي مما
ساعد في ظهور العملة الرقمية أو النقود الرقمية.
ويمكن تعريفها بأنها قيمة مخزنة
بطريقة إلكترونية على وسيلة إلكترونية ومقبولة للدفع كوسيلة معتمدة لدى الغير[29].
هذه النقود يمكن اعتبارها أنها
عبارة عن قيمة مفترضة ناتجة عن تسجيل القيمة الحقيقية للنقود الحقيقية لدى مؤسسة
مالية (بنك مركزي)، وتستخدم في الأداء المالي للمقابل بعد تسجيلها وتخزينها عبر
الوسائط الإلكترونية في حيازة الدافع.
إلا أن هذا التعريف يمكن ان يشمل تعريف النقود
الرقمية الرسمية أي التي هي مرتبطة ذبقيمة معينة، أي أنها تستمد قونها من شيء
ملموس ثابت وله قيمة.
فمنذ الدولار الأمريكي الذي
يستمد قوته بارتباطه مع قيمة الذهب[30]. إذن فالعملة عالميا
تكون معطاة بقيمتها ذهبا لإعطائها الموثوقية.
غلا أن العملة الرقمية في
مفهمومها الحالي وخصوصا (البتكوين) باعتباره العملة الرقمية الأكثر شهرة وتداولا
في المصنفات الرقمية إذ يعتبر هو الذهب لارقمي رغم أنه لا يرتبط بقيمة ملموسة.
إذ تم طرحه كآلية مالية جديدة
غير معروف مصدره والغاية من ورائه رغم ان اهدافه بدات بالظهور.
ويرى الكثير أن العملة الرقمية
في مستقبل الاقتصاد الرقمي العالمي الجديد وان الاقتصاد الحالي معرض ففي أي لحظة
للانهيار بسبب أزمة كورونا وبسبب الديون قابلة للانفجار في أي لحظة.
لذلك فالعالم بحاجة إلى عملة
آمنة لا ترتبط بما هو مادي وأن الاقتصاد الرقمي لا يمكن أن يبنى على المركزية وهو
ما تحققه العملات الرقمية التي تدار عبر شبكة عالمية اللا مركزية تسمى سلسلة الكتل
(البلوك تشين).
وهي عبارة عن قاعدة من البيانات
موزعة تمتاز بقدرات على الاحتفاظ بسجلات عامة تسمى الكتلة تحتوي على الطابع الزمني
والروابط بالكتلة السابقة بحيث يمكنها المحافظة على البيانات المخزنة منها
وبالتالي تسلسل كل هذه الكتل مع بعضها وهي تنمو باستمرار ولا يمكن الرجوع إلى تعديلها.
ويرى الكثيرون أن العملة
الرقمية هي ثورة اقتصادية وان قيمتها هي ثقة المجتمع بها وان الدولار ا أمريكي
الذي أعطته قيمته هو الثقة العالمية وليس بمقدوره من مخزون الذهب ويذهبون إلى أبعد
من ذلك على أن الذهب أيضا الذي أعطاه قيمته هو الإنسان وان قيمته هو ندرته.
وبما أن العالم المرقمن
الافتراضي فإنه لا بد من آن نسلم أن البيتكوين هي ذهب العملات الرقمية وأن قيمته
تنبعث من مدى تداوله.
هذا ما جعل بعض الدول تدق ناقوس
الخطر وعلى رأسها أمريكا التي ترى أن العملات الإلكترونية تشكل تهديدا على
اقتصادها حيث تذكر بتجريم التعامل بها، أو بما أنها شر لا بد منه فيجب ربطها
بالدولار وأن يكون البنك المركزي هو المحدد لقيمتها وأن تصبح هناك عملة رقمية
رسمية كما فعلت الصين و روسيا.
.إلا انه رغم أن البيتكوين ليس
عملة رقمية رسمية إلا أن بعض الدول بدأت تستعمله ويرون فيه مخلفا لارتباط بالدولار
وهناك من بدا بالاستثمار فيه حيث نجد بتاريخ 2021/03/27 أن صندوق التقاعد
النيوزيلندي استثمر 5 بالمائة من أصوله في عملة البيتكوين.
وشركة TESLA للسيارات الكهربائية بدورها
استثمرت أزيد من 1.5 مليون دولار في عملة البيتكوين.
لذلك نجد ان كل التشريعات الدولية
تسابق الزمن من أجل مواكبة التطور التكنولوجي الجديد وإحداث أرضية قانونية ملائمة
للتقنيات الحديثة يعتبر مخاطرها أكثر حجما وتعقيدا.
والسؤال الذي يمكننا طرحه هنا
أين المشرع لمغربي من العملات الرقمية، وما هي السبل القانوية للأفراد والمستثمرين
بصفة خاصة والاقتصاد الوطني بصفة عامة من خطر غامض كان سابقا والذي أصبح اليوم محل
تهافت المستثمرين؟.
خاتمة:
شهدت السنوات الأخيرة تطورا
كبيرا للتجارة الإلكترونية إذ أصبحت تمثل قضية بقاء لكل من يتطلع نحو اقتصاد يرتكز
على السرعة في الأداء وتخفيض التكاليف وربح الجهد
والوقت والحرية في الاختيار.
فإذا كانت التجارة الالكترونية
بدأت تفرز نتائجها واشق طريقها وتبوئها مكانة
ليست بالهينة في واقع التجارة العالمية واعتبارها مستقبل الاقتصاد العالمي.
فإننا بحاجة لإيجاد بيئة
تشريعية وتقنية قوية تواكب التطور المتسارع للآليات الرقمية العالمية وعدم
الانهيار بإحيائها بل الوقوف على سلبياتها ومخاطرها، ومن اجل تحقيق هذه الغاية لا
بد من تظافر جهود جميع القطاعات القانونية والاقتصادية والتقنية من اجل توفير
حماية لجميع الفاعلين والمتدخلين في هذا القطاع مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد
الوطني بصفة عامة وهذا لن يتحقق الا بالعمل على دفع مستوى الفرد في مجال المعلوميات وبناء مجتمع
قادر على استيعاب فكرة التجارة الالكترونية نفسها.
لائحة المراجع:
محمد فؤاد المطالعة، " الوجيز في العقود التجارية
الإلكترونية – دراسة مقارنة – دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الإصدار
الثاني، الطبعة الأولى، 1429 – 2008.
بشرى النية، " العقد المبرم بطريقة إلكترونية
" أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، السنة الجامعية: 2011 –
2012.
أحمد ادريوش، " تأملات حول قانون التبادل
الإلكتروني للمعطيات القانونية " منشورات سلسلة المعرفة القانونية، مطبعة
الأمنية، الرباط، سنة 2009.
إبراهيم الدسوقي أبو الليل،
" إبرام العقد الإلكتروني في ضوء أحكام القانون الإماراتي والمقارن، الدليل
الإلكتروني للقانون العربي " problaw info كتاب إلكتروني مأخوذ من الموقع الإلكتروني www.issu.com تاريخ الاطلاع يوم 30/03/2022
على الساعة 22h00 .
ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 ربيع الأول 1432
الموافق ل 18 فبراير 2011 بمثابة القانون رقم 08ـ31 القاضي بتدبير حماية المستهلك
، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5932 صادر في 7 أبريل 2011، ص: 1072.
مولاي حفيظ علوي قادري، " إشكالات التعاقد في
التجارة الإلكترونية " الشركة المغربية سوماديل للتوزيع والنشر، الطبعة
الأولى، 2013.
عبد الحميد أخريف، " عقود الاستهلاك – الدليل
القانوني للمستهلك - " مطبعة أميمة فاس، الطبعة الأولى، 2006.
نضال سليم إبراهيم، " أحكام عقود التجارة
الإلكترونية " الإصدار الثاني، دار الثقافة لنشر والتوزيع، عمان الأردن،
الطبعة الأولى، 2009.
جميلة العماري، " الوجيز في عقد البيع – دراسة على
ضوء قانون 53.05 لتبادل المعطيات القانونية بشكل إلكتروني – قانون 44.00 لبيع
العقار في طور الإنجاز " مطبعة سليكي إخوان، طنجة، الطبعة الأولى، دجنبر 2009.
ضياء أحمد نعمان، " المسؤولية المدنية الناتجة عن
الوفاء الإلكتروني بالبطائق البنكية " المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة
الأولى، 2010.
سكينة فعراس، " الحماية القانونية للمستهلك
المتعاقد في التجارة الإلكترونية " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص، جامعة عبد المالك السعدي،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بطنجة، السنة الجامعية: 2017 – 2018.
العربي جنان، " التعاقد الإلكتروني في القانون
المغربي * دراسة مقارنة – " المطبعة الوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى، 2010.
عبد الحيكم الزواق، " تنظيم التبادل الإلكتروني
للمعطيات القانونية عبر الانترنيت " سلسلة الشؤون القانونية والمنازعات،
مطبعة الكرامة، دار الأمان الرباط، الطبعة الأولى، 2016.
محمد سعيد أحمد إسماعيل، " أساليب الحماية
القانونية للمعطيات التجارية الإلكترونية " منشورات حلبي الحقوقية، دمشق،
الطبعة الأولى، 2009.
جابر محجوب علي، " قواعد أخلاقيات المهنة، مفهومها
أساس التزامها ونطاقه " مجلة الحقوق، عدد 2 ، يوليوز 1998.
هادي مسلم يونس البشكاني، " التنظيم القانوني
للتجارة الإلكترونية – دراسة مقارنة – " دار شنان للنشر والبرمجيات، مصر،
الطبعة الأولى 2009.
بلقاسم حاميدي، " إبرام العقد الإلكتروني "
أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر،
السنة الجامعية: 2015 – 2014.
عبد الرزاق رفيق، " جرائم النصب والاحتيال عبر
الانترنيت – دراسة مقارنة – " مكتبة الرشاد سطات، الطبعة الأولى، 2019.
[1] - القانون رقم 53.05
المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ
25 ذو القعدة 1428 (26 دجنبر 2007)، ص: 3789.
[2]
- محمد فؤاد المطالعة، " الوجيز في العقود التجارية الإلكترونية – دراسة
مقارنة – دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الإصدار الثاني، الطبعة
الأولى، 1429 - 2008، ص: 59.
[3]
- بشرى النية، " العقد المبرم بطريقة إلكترونية " أطروحة لنيل شهادة
الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، السنة الجامعية: 2011 – 2012، ص: 113.
[4]
- أحمد ادريوش، " تأملات حول قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية
" منشورات سلسلة المعرفة القانونية، مطبعة الأمنية، الرباط، سنة 2009، ص: 58.
[5] - إبراهيم الدسوقي أبو الليل، " إبرام العقد
الإلكتروني في ضوء أحكام القانون الإماراتي والمقارن، الدليل الإلكتروني للقانون
العربي " problaw info كتاب إلكتروني مأخوذ من الموقع الإلكتروني www.issu.com تاريخ الاطلاع يوم 30/03/2022 على الساعة 22h00
[6]
- تم تغيير وتتميم المادة 202 بمقتضى المادة
الأولى من القانون رقم 78.20 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.85 بتاريخ 25
من ربيع الآخر 1442 (11 ديسمبر 2020) ؛ الجريدة الرسمية عدد 6945 بتاريخ 6 جمادى
الأولى 1442 (21 ديسمبر 2020)، ص: 8465.
[7]
- ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 ربيع الأول 1432 الموافق ل 18 فبراير 2011
بمثابة القانون رقم 08ـ31 القاضي بتدبير حماية المستهلك ، منشور بالجريدة الرسمية
عدد 5932 صادر في 7 أبريل 2011، ص: 1072.
[8]
- مولاي حفيظ علوي قادري، " إشكالات التعاقد في التجارة الإلكترونية "
الشركة المغربية سوماديل للتوزيع والنشر، الطبعة الأولى، 2013، ص: 128.
[9]
- عبد الحميد أخريف، " عقود الاستهلاك – الدليل القانوني للمستهلك - "
مطبعة أميمة فاس، الطبعة الأولى، 2006، ص: 84.
[10]
- نضال سليم إبراهيم، " أحكام عقود التجارة الإلكترونية " الإصدار
الثاني، دار الثقافة لنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى، 2009، ص: 115.
[11]
- جميلة العماري، " الوجيز في عقد البيع – دراسة على ضوء قانون 53.05 لتبادل
المعطيات القانونية بشكل إلكتروني – قانون 44.00 لبيع العقار في طور الإنجاز
" مطبعة سليكي إخوان، طنجة، الطبعة الأولى، دجنبر 2009، ص: 44.
[12]
- صدر هذا القانون عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي عام 2001 بشأن
التوقيعات الإلكترونية.
[13]
- ضياء أحمد نعمان، " المسؤولية المدنية الناتجة عن الوفاء الإلكتروني
بالبطائق البنكية " المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2010، ص:
76.
[14]
- سكينة فعراس، " الحماية القانونية للمستهلك المتعاقد في التجارة
الإلكترونية " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك
السعدي،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية:
2017 – 2018، ص: 60.
[15]
-
العربي جنان، " التعاقد الإلكتروني في القانون المغربي * دراسة مقارنة –
" المطبعة الوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى، 2010،
ص: 81.
[16]
- عبد الحيكم الزواق، " تنظيم التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية عبر
الانترنيت " سلسلة الشؤون القانونية والمنازعات، مطبعة الكرامة، دار الأمان
الرباط، الطبعة الأولى، 2016، ص: 255.
[17]
- محمد سعيد أحمد إسماعيل، " أساليب الحماية القانونية للمعطيات التجارية
الإلكترونية " منشورات حلبي الحقوقية، دمشق، الطبعة الأولى، 2009، ص: 274.
[18]
- انظر المرسوم التنظيمي رقم 2.08.518 صادر في جمادى الأولى 1430(21 مارس 2009)
لتطبيق قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.
[19]-
جابر محجوب علي، " قواعد أخلاقيات المهنة، مفهومها أساس التزامها ونطاقه
" مجلة الحقوق، عدد 2 ، يوليوز 1998، ص: 339.
[20]
- هادي مسلم يونس البشكاني، " التنظيم القانوني للتجارة الإلكترونية – دراسة
مقارنة – " دار شنان للنشر والبرمجيات، مصر، الطبعة الأولى 2009، ص: 304.
[21]
- بلقاسم حاميدي، " إبرام العقد الإلكتروني " أطروحة لنيل شهادة
الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر، السنة الجامعية: 2015
– 2014، ص: 71.
[22]
- محمد سعيد أحمد إسماعيل، " أساليب الحماية القانونية للمعطيات التجارية
الإلكترونية " مرجع سابق، ص: 393.
[23]
- عبد الرزاق رفيق، " جرائم النصب والاحتيال عبر الانترنيت – دراسة مقارنة –
" مكتبة الرشاد سطات، الطبعة الأولى، 2019، ص: 136.
[24]
- حنان الصرافي، " الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية في القانون المغربي
– دراسة مقارنة – " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد
المالك السعدي، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية: 2014 – 2015،
ص: 15.
[25] - قانون رقم 05.20 بتتميم مجموعة القانون الجنائي
فيما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، الجريدة الرسمية عدد
5171، الصادر في 28 ماي 2003، ص: 4284.
[26]
- قانون رقم 07.06 يتعلق بالأمن السيربراني الصادر في 4 ذي
الحجة 1441 الموافق ل 25 بوليوز 2020، الجريدة الرسمية عدد 6904.
[27]
- زهير شعوان، " الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية في القانون المغربي
" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية: 2017 – 2016،
ص: 13.
[28]
- إدريس النوازلي، " الحماية القانونية لعقود التجارة الإلكترونية على ضوء
التشريع المغربي والمقارن " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة
القاضي عياض، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية: 2009 – 2010،
ص: 20.
[29]
- حنان العرافي، " الحماية القانونية للتجارة الإلكترونية في القانون المغربي
" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية: 2014 – 2015،
ص: 164.
[30]
- انظر اتفاقية بريتون وودز بتاريخ1944/07/22 حيث تم ربط الذهب بعد الحرب العالمية
الثانية.
0 تعليقات