الأستاذة نور الهدى فرتول
باحثة في القانون الخاص ـ المملكة
المغربية
المصادرة[1] الجمركية في القانون المغربي
دراسة قانونية
مقارنة بين القانون الجنائي ومدونة الجمارك
Customs
confiscation in Moroccan law is a comparative legal study
مقدمة:
تتمثل العقوبات المتعلقة بالذمة المالية في القانون الجمركي في: الغرامة
والمصادرة. والغرامة كعقوبة جنحية قد يحكم بها كعقوبة أصلية وحدها طبقا للفصل 261
من القانون الجنائي، وقد يحكم بها إلى جانب عقوبة الحبس طبقا لمقتضيات الفصول
209,262,263,270,282، من القانون الجنائي المغربي وهذا هو الوضع الغالب.
و تعد المصادرة بدورها عقوبة
متعلقة بالذمة المالية، وقد عرفها المشرع في الفصل 42 من القانون الجنائي بأنها
"تمليك الدولة جزءا من أملاك المحكوم عليه , و المصادرة في هذه الحالة عقوبة
تكميلية لا يحكم بها إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون , مع وجوب أن ينص
عليها الحكم صراحة" .
وبالرجوع إلى الفصل 208 من
مدونة الجمارك فإن العقوبات المتعلقة بالذمة المالية، بقوله: " العقوبات
والتدابير الاحتياطية الحقيقية المطبقة فيما يخص الجنح والمخالفات الجمركية هي:
"ـ مصادرة البضائع المرتكب الغش بشأنها
والبضائع المستعملة لإخفاء الغش ووسائل النقل.
ـ الغرامة الجبائية. "
و تبعا لذلك، تعد الغرامة
الجمركية في القانون الجمركي عقوبة أصلية تمس الذمة المالية للمحكوم عليه ,
وبالتالي يمكن أن يحكم بها و حدها , أو تضاف إلى عقوبة الحبس , وهي بهذا تكون
شأنها شأن الغرامة في القانون الجنائي , لكن هذا الأمر يختلف بالنسبة للمصادرة
بحيث تعد في القانون الجنائي إما عقوبة تكميلية أو تدبير احتياطي , لكن في إطار
القانون الجمركي فإنها تعتبر عقوبة أصلية عندما يؤمر بها وجوبا و يحكم بها وحدها ,
وبالتالي تكون قد خرجت في ذلك عن القواعد العامة في القانون الجنائي .
تأسيسا على ما سبق، فقد تجنبت
أغلب التشريعات وضع تعريف للمصادرة، إلا أن بعضها تناول ذلك بشكل صريح ضمن نصوص
القانون الجنائي.
فقد نص المشرع المغربي في
مجموعة القانون الجنائي على أن المصادرة هي تمليك الدولة جزءا من أملاك المحكوم
عليه أو بعض أملاك معينة.[2]
وعرفها قانون العقوبات الجزائري
بأنها هي الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة[3], بينما اكتفى المشرع
المصري في المادة 30 من قانون العقوبات بالتنصيص على أنه: " يجوز للقاضي إذا حكم
بعقوبة جناية أو جنحة أن يحكم بمصادرة الأشياء التي استعملت أو التي من شأنها أن
تستعمل فيها وهذا كله بدون إخلال بحقوق الغير حسن النية. وإذا كانت الأشياء
المذكورة من التي يعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع
جريمة في ذاته وجب الحكم بالمصادرة في جميع الأحوال ولو لم تكن تلك الأشياء ملكا للمتهم،
واكتفى المشرع الفرنسي بعرض المصادرة ضمن العقوبات التكميلية دون وضع أي تعريف لها[4].
وعلى مستوى الاتفاقيات الدولية
فقد نصت الفقرة (و) من اتفاقية الأمم المتحدة للإتجار غير المشروع في المخدرات
والمؤثرات العقلية على أنه: "يقصد بتعبير المصادرة، الذي يشمل التجريد عند الاقتضاء،
الحرمان من الأموال بأمر من محكمة أو سلطة مختصة أخرى."[5]
ونصت الفقرة الثامنة من الاتفاقية
العربية لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية على أن "
المصادرة هي الحرمان الدائم من الأموال بأمر من محكمة أو سلطة مختصة أخرى."[6]
وبالرجوع إلى بعض القوانين
الخاصة كمدونة الجمارك والضرائب الغير مباشرة[7],
نجدها تنص على المصادرة كوسيلة لزجر الأفعال الجمركية المرتكبة من قبل أشخاص
اعتبرهم القانون الجمركي مخالفين لأحكامه, والغاية منها هو الحفاظ على النظام
العام الاقتصادي المتمثل في تغذية خرينة الدولة بالموارد المالية, بغض النظر عن
حماية حقوق وحريات الأغيار حسني النية, وهو ما سنقف عليه في الكثير من المناسبات.
وفي هذا الإطار، يأتي هذا الموضوع
مستعرضا للأحكام العامة للمصادرة الجمركية، حيث سيتم الاقتصار على معالجة الماهية
القانونية للمصادرة سواء من حيث الطبيعة أو الشروط الأساسية لاعتبار المصادرة عقوبة،
وكذا محلها (المبحث الأول).
وفي الأخير يعالج (المبحث
الثاني) آثار المصادرة سواء تعلق الأمر بالتنفيذ أو المآل.
المبحث الأول: الأحكام العامة
للمصادرة الجمركية
تعتبر المصادرة من أهم الجزاءات
والوسائل التي تلجأ إليها الإدارة الجمركية، نظرا لدورها الفعال في هذا المجال عن
مجال قانون العقوبات العام، ولذا فقد حبذا مؤتمر روما المنعقد عام 1953 الأخذ بها
على نطاق واسع في مكافحة الجرائم الاقتصادية.
فالبحث في محل المصادرة ونوع
الأشياء التي يمكن أن تنصب عليها باعتبارها عقوبة (المطلب الثاني)، يقتضي بداية
التطرق إلى ماهية المصادرة الجمركية وتحديد طبيعتها وشروطها القانونية (المطلب
الأول).
المطلب الأول: ماهية المصادرة
الجمركية
لقد أثارت الطبيعة القانونية للمصادرة في القانون الجمركي نقاشا
كبيرا , سواء على مستوى الفقه أو القضاء , نظرا لغموض النصوص القانونية الجمركية
المنظمة لها , فتارة تعتبرها عقوبة, وتارة أخرى تدبير احتياطي (الفقرة الأولى) ,
وذلك عندما تتوفر شروط خاصة بذلك (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى: الطبيعة
القانونية للمصادرة الجمركية[8]
ينص الفصل 14 من القانون
الجنائي على أن العقوبات إما أصلية أو إضافية، فتكون أصلية عندما يسوغ الحكم بها وحدها،
ودون أن تضاف إلى عقوبة أخرى وتكون إضافية عندما لا يسوغ الحكم بها وحدها أو عندما
تكون ناتجة عن العقوبة الأصلية.
وينص الفصل 36 من نفس القانون
على أن العقوبات الإضافية هي:
" ......
5 ـ المصادرة الجزئية للأشياء المملوكة للمحكوم عليه , بصرف النظر عن المصادرة
المقررة كتدبير وقائي في الفصل 89,"
وتبعا لذلك، فالمصادرة هي عقوبة
مالية، هدفها تمليك الدولة أشياء لها صلة بالجريمة رغما عن صاحبها وبدون عوض , وقد
نصت المادة 42 من نفس القانون على أن "المصادرة هي تمليك الدولة جزءا من
أموال المحكوم عليه أو بعض أملاك له معينة".
وبالرجوع إلى الفصل 36 أعلاه ,
تعد المصادرة عقوبة إضافية تتفرع إلى نوعين: المصادرة الجزئية ويقصد بها مصادرة
نسبة معينة من أملاك المحكوم عليه كالثلث أو النصف مثلا , والحكم بها اختياريا
للمحكمة.
أما المصادرة العينية , وهي
تتعلق بالأشياء التي لها علاقة ودور في ارتكاب الجريمة, وتشمل الأدوات والأشياء
التي استعملت أو كانت تستعمل في ارتكاب الجريمة أو التي تحصلت منها وكذلك المنح
وغيرها من الكوافئ التي كوفئ بها مرتكب الجريمة أو كانت معدة لمكافأته[9].
وإذا كان من حق المحكمة أن تقضي
بالمصادرة في حالة الحكم بالمؤاخذة عن فعل يعد جناية طبقا للمادة 43 من القانون
الجنائي , فإن هذا الحق مقيد في حالة الحكم بالمؤاخذة عن فعل يعد جنحة أو مخالفة
بوجود نص صريح طبقا للمادة 44 من ق.ج.
ويبدو أن أهم النصوص الخاصة
التي تناولت المصادرة كعقوبة أصلية وأوجبت الحكم بها نجد مدونة الجمارك بمقتضى
فصول عديدة.
فبقراءة متأنية للفصل 208 من
نفس المدونة نجدها تنص على: " أن العقوبات والتدابير الاحتياطية الحقيقية
هي:.....
مصادرة البضائع المرتكب الغش
بشأنها والبضائع المستعملة لإخفاء الغش ووسائل النقل."
انطلاقا من النص أعلاه , فإن
المصادرة هي عقوبة أصلية لأن المشرع الجمركي عددها ضمن عقوبتي الحبس والغرامة
واللذان بدورهما يعتبران عقوبتين أصليتين , لكن بالتأمل مليّا في الفصل 208 نجده
ينص على العقوبات والتدابير الاحتياطية الحقيقية , وبالتالي ينصرف الذهن إلى كون
الحبس والغرامة هما عقوبة , اما المصادرة فهي تدبير احتياطي عيني , لهذا سمى الفصل
بالعقوبات والتدابير الاحتياطية , تماشيا مع ما هو متعارف عليه في القانون
الجنائي, حيث سبقت الإشارة أعلاه إلى أن
المصادرة إما عقوبة إضافية أو تدبير احتياطي.
وبما أن الفصل 208 من مدونة
الجمارك نص على التدابير الاحتياطية , فإن المصادرة الجمركية هي تدبير احتياطي.
وبرجوعنا كذلك للفصل 210 من نفس
المدونة , نجده يميز في المصادرة بين البضائع المحضورة والبضائع الغير محظورة .
فمصادرة البضائع المحظورة تكتسي صبغة تدابير عينية , ومصادرة البضائع غير المحظورة
تغلب عليها صبغة تعويض مدني.
وعليه , فالفصل 210 ينفي عن
المصادرة صفتها كعقوبة لأنه في الحالة الأولى يعتبرها تدبير احتياطي وهو ينسجم مع
الفصل 62 من القانون الجنائي[10], وفي الحالة الثانية
يعتبرها تعويض مدني , وفي كلتا الحالتين لا يمكن اعتبارها عقوبة بمفهومها الحقيقي
, إلا أن لفظتي "تكتسي" و "تغلب" الواردتين في هذا الفصل تفيدان أن المصادرة هي
في جوهرها عقوبة , وإنما أراد المشرع أن يغلب فيها أحيانا صفة التدبير الاحتياطي
وأحيانا صفة التعويض المدني كما هو الحال في الغرامة الجمركية التي تكتسي طابعا
مزدوجا.
وهذا ما أكدته محكمة النقض
الفرنسية بقولها "أن جميع أنواع المصادرات هي عقوبة تتعلق بجسم الجنحة كتعويض
عن ضرر أصاب الخزينة باستقلال عن أية عقوبة تلحق بالفاعل."[11]
غير أن هذه الصفة العقابية ليست
هي الغالبة على المصادرات الجمركية , فصفتها التعويضية هي الأهم , وحتى طابعها
العقابي ليست له صفة شخصية , كباقي الجرائم الأخرى , فهي لا تعدو كونها تعويضا
مدنيا ذا طابع عيني مرتبط بجسم الجنحة[12].
وتطبيقا لما سبق ذكره , فإنه في
إطار القانون الجمركي وخاصة الفصل 211 منه , نجد المصادرة المثبت الغش بشأنها يؤمر
بها وجوبا أيا كان حائزها لو كانت هذه البضاعة ملكا لشخص أجنبي عن الغش أو لشخص
مجهول وحتى ولو لم يصدر حكم بشأنها , كذلك الفصل 212 يجب أن يحكم بالمصادرة وجوبا
لوسائل النقل المستخدمة في ارتكاب جنحة او مخالفة جمركية.
فالقاضي هنا لا يمكنه أن يعفي
هؤلاء الأشخاص من المصادرة المنصوص عليها في الفصلين أعلاه , لأنهما يتضمنان صيغة
الوجوب , وبالتالي فإن المصادرة هنا تكون عقوبة أصلية وليست إضافية بغض النظر عن
العقوبتين الأصليتين اللتين قد يحكم بهما القاضي ـ الحبس والغرامة.
على أساس ما سبق , فإن المصادرة
الجمركية لها طابع خاص , خرجت فيه عن المألوف في القواعد العامة , بمعنى المشرع
الجمركي اعتبرها أصلية. كل ما في الأمر هو عدم تنصيصه عليها بصفة مباشرة , فقط وضع
معيارين أساسيين في الفصول أعلاه , والتي من خلالهم يمكن استخلاص صفتها الأصلية.
فالمعيار الأول: يتمثل في كونها
تنصب على بضاعة غير محظورة وبالتالي تكون أصلية، وغير ذلك فهي تدبير احتياطي.
والمعيار الثاني : يتمثل في الحكم بها وجوبا وبمفهوم المخالفة لو كانت إضافية لنص
المشرع الجمركي على الحكم بها جوازيا وليس وجوبيا.
فهذين المعيارين هما شرطين
أساسيين لاعتبار المصادرة في القانون الجمركي عقوبة أصلية واللذان هما موضوع
الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: شروط المصادرة
الجمركية
هناك شرطين أساسين لاعتبار
المصادرة الجمركية عقوبة أصلية وهما كالتالي:
·
أن يتعلق الأمر ببضاعة غير محضورة:
تعني كلمة بضاعة لغويا كل شيء
متداول بين الناس ويمكن بيعه أو شراؤه , بمعنى يمكن تقييمها نقدا , غير أن هذا
المفهوم لا ينطبق على مجموعة من الأشياء خرجت عن الإطار التجاري لاستعمالها من طرف
شخص معين في أغراضه الفردية كأجزاء بذلة أو قلم .... , وهذا ما تبنته مدونة
الجمارك , لكن رغم هذا الاستثناء فمن الملاحظ أن لفظة بضاعة تنطبق حتى على الأشياء
التي لا تحتوي على رقم استدلالي في المصنف الجمركي , إذ يمكن إخضاعها لنفس تعرفة
بضاعة مشابهة بمقتضى قرار صادر عن المدير العام.
كما أن الأشياء التي ليس لها
مقابل نقدي في السوق , ولا يمكن تداولها تجاريا تعتبر رغم ذلك بضاعة في منظور
القانون الجمركي حيث سبق للمحاكم أن اعتبرت أن العملة الأجنبية بضاعة رغم أنها
مزورة وبالتالي لا ثمن لها[13] .
غير أن القوانين الجمركية في
تطبيقها تفرق بين البضائع المحظورة والتي تكون فيها المصادرة تدبير احتياطي[14] , وبين البضائع الغير
محظورة والتي تكون فيها المصادرة عقوبة أصلية .
فما المقصود بالحظر في إطار هذه
المدونة ؟
إن الإجابة على هذا التساؤل ,
يقتضي منا بالضرورة استحضار الفصل 484 من قانون الالتزامات والعقود والذي ينص على
: " يبطل بين المسلمين بيع الأشياء المعتبرة من النجاسات وفقا لشريعتهم مع
استثناء الأشياء التي تجيز هذه الشريعة الإتجار فيها , كالأسمدة الحيوانية
المستخدمة في أغراض الفلاحة ".
انطلاقا من النص أعلاه , يتبين
أن جميع الأشياء أو البضائع الغير مشروعة لا يجوز التعامل بها لأنها باطلة , إلا أن هذا البطلان المقرر في الفصل
أعلاه , لا يمكن تطبيقه في الميدان الجمركي الذي يحدد معنى آخر للحظر .
وهكذا تنص المادة 23 منه :
" 1 ـ لتطبيق هذه المدونة تعتبر محظورة جميع البضائع التي يكون استيرادها أو
تصديرها :
أ ـ ممنوعا بأي من الوجوه.
ب ـ أو خاضعا لقيود أو لضوابط
الجودة أو التكيف أو لإجراءات خاصة.
2 ـ بيد أن العاملين الآتيين
يرفعان الحظر ويسمحان بإنجاز عملية الاستيراد والتصدير:
أ ـ الإدلاء بسند قانوني كالرخصة أو الإذن أو الشهادة التي تأذن
بالاستيراد أو التصدير والمطبقة على البضاعة المصرح بها ,
ب ـ مراعاة الضوابط التي تفرض قيودا على الاستيراد أو التصدير
بشأن الجودة أو التكييف أو التي تتعلق بالقيام بالإجراءات الخاصة المذكورة "
.
فالحظر حسب الفصل المذكور , إما المنع الكلي للتصدير أو
للاستيراد أو تقييد هاتين العمليتين بشروط خاصة وذلك في إطار البرنامج العام
للتصدير أو الاستيراد , بل أكثر من هذا قد تكتفي الإدارة حسب النصوص المنظمة
لاعتبار الحظر موجودا عند قيام الحائز بأعمال غير مسموح بها في القانون الجمركي
بغض النظر عن نوعية البضاعة , كتحريك بضاعة ما داخل المنطقة البحرية أو البرية
خلافا للنصوص القانونية المتعلقة بهذا الباب , أو عدم القيام بالتصريح المنصوص
عليه في الفصل 65 مدونة الجمارك[15] سواء كان ذلك عند
التصدير أو الاستيراد ولن يؤخذ في هذه الحالة صنف البضاعة بعين الاعتبار إلا عند
تحديد العقوبة .[16]
على أساس ما سبق , فإن البضاعة المحظورة هي التي يكون استيرادها
او تصديرها ممنوع كيفما كانت هذه العملية , أو أنها خاضعة للحظر الكمي أو لقواعد
الجودة أو لشكليات خاصة[17]. لكن ماذا عن البضائع
الغير المحظورة ؟
برجوعنا إلى الفصل 170 من نفس المدونة نجده ينص على: " 1 ـ
إن الماشية والمنتجات المفروضة عليها المكوس الداخلية عند الاستهلاك والمنتجات
المحظورة بأية صفة من الصفات. أو التي يكون دخولها أو خروجها خاضعا لقيود باستثناء
المنتجات الصناعية الخاضعة للمراقبة المعيارية المحدثة بالظهير الشريف رقم
157/70/1 بتاريخ 26 جمادى الأولى لسنة 1390 الموافق ل 30 يونيو 1970. وكذا جميع
البضائع الأخرى المعينة بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المكلف بالمالية بعد
استشارة الوزير المكلف بالداخلية لا يسمح بحركتها في المنطقة البرية لدائرة
الجمارك إلا بموجب رخص مرور تسلمها الإدارة أو السلطات المحلية في الأماكن الواقعة
داخل الدائرة وغير الممثلة فيها الجمارك .
2 ـ يجب الإدلاء برخص المرور
المذكور كلما طلبها أعوان الإدارة أو غيرهم من أعوان القوة العمومية المؤهلين
لتحرير المحاضر ".
فالحظر إذن داخل المنطقة الجمركية لا علاقة له بنوعية البضاعة ,
ولا بمشروعية دخولها أو خروجها من التراب الخاضع , بل بتحريكها خرقا لنص الفصل
المشار إليه أعلاه.
فعلى سبيل المثال قصد التمييز بين نوعي الحظر حالة دخول باخرة
إلى التراب الوطني , فبمجرد دخول الباخرة إلى المنطقة البحرية يتعين عليها إن كانت
تحمل البضائع المعينة بمرسوم وزاري أن لا تقل حمولتها على مائة طن ( الفصل 167 من
مدونة الجمارك)[18] , فإذا كانت حمولتها تقل
عن ما هو مسموح به أعلاه وقيدت البضائع المحمولة بشروط , وقع الحجز على البضاعة
ووسيلة النقل .
وعليه , فإن الحظر يتجلى في المنطقتين البحرية والبرية عند
الوصول , وفي تصرفات الحائز وعدم امتثاله للمقتضيات الجمركية بغض النظر عن نوعية
البضاعة , فهذه الأخيرة هي التي تحدد نوعية المخالفة وما يترتب عنها من عقوبات
وذلك خارج المنطقة الجمركية كما هو الشأن بالنسبة للمواد المخدرة سواء ذات الأصل
النباتي أو الصيدلاني.
ومع وجود الحظر المنصوص عليه في
الفصل 23 من مدونة الجمارك , فإن إمكانية استيراد البضائع الغير المحظورة بصفة
قطعية يمكن الترخيص به , إذا أدلى المستورد بالسندات القانونية, التي تخول له
الإذن فيما ذكر من البضائع المصرح بها مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات التي
تفرضها عملية الاستيراد أو التصدير .
وعموما فإن الحظر الذي تقوم به الدولة يرجع لاعتبارات نذكر من
بينها:
ـ حماية المنتوج الوطني من
سياسة الإغراق التي قد تقدم عليها الدول لتنافس منتوجنا المحلي من خلال الأسعار
المتدنية.
ـ الحفاظ على التوازن الاقتصادي
بمنع استيراد بعض البضائع المماثلة للبضائع الوطنية .
ـ تفضيل الاستيراد من الدول
التي تربطنا بها اتفاقية ثنائية على غيرها من الدول الأخرى .
·
أن تكون المصادرة وجوبيا :
المصادرة عندما تكون وجوبية
في إطار القواعد العامة , فهي لا تهدف إلى إيلام من تنزل به عن طريق حرمانه
ملكية مال له , و إنما تهدف شأن سائر التدابير الاحترازية إلى توقي خطورة إجرامية
بانتزاع مال ممن يحتمل أن يستعمله في ارتكاب الجريمة , وإذا كانت هذه المصادرة
تعني انتقال ملكية مال إلى الدولة , فليس هدفها هو إثراء الدولة , ولكن هدفها هو
سحب شيء خطر من التداول.
فالدولة لا تعنيها ملكية هذا المال أو حيازتها له ولكن يعنيها
ألا يكون في حيازة غيرها , ولخطورة ذلك على أمن المجتمع , وعادة ما تتلف الدولة
هذا الشيء عندما يؤول إليها بناء على المصادرة , وهذا شيء طبيعي لأن دور القانون
الجنائي هو الحفاظ على سلامة و أمن المجتمع .
لكن في إطار مدونة الجمارك [19],
فإن شرط الوجوبية يرتبط بحماية النظام العام الاقتصادي بالدرجة الأولى , والمتمثل
في تغذية خرينة الدولة بالموارد المالية , فعندما تؤول إليها الأشياء والبضائع
فإنها عادة ما تقوم ببيعها عندما تكون لازالت صالحة بخلاف ما هو عليه في القواعد
العامة التي تقوم بإتلاف تلك الأشياء. لذلك ألزم المشرع الجمركي أن يؤمر بالحكم بالمصادرة وجوبا .
المطلب الثاني: محل المصادرة
تطبق المصادرة كعقوبة عن ارتكاب
الجنح والمخالفات الجمركية وذلك على البضائع المرتكب الغش بشأنها (الفقرة الأولى)
والبضائع أو الأشياء المستعملة لإخفاء الغش (الفقرة الثانية) , ووسائل النقل المستعملة
أو التي كانت ستستعمل أو المعدة لارتكاب الجنح أو المخالفات الجمركية (الفقرة
الثالثة).
وتتم عملية تطبيق هذه المصادرة بعد حجزها من قبل
أعوان الإدارة , و إذا لم يتم ذلك الحجز يمكن اعتبار أنها نتجت من ذلك , ويبقى
للإدارة حق المطالبة بأداء مبلغ يعادل قيمة البضائع ووسائل كما يمكن للإدارة
بالرغم من حجزها عدم مصادرتها و الإكتفاء بتقديم طلب للمحكمة المختصة بإصدار حكم
بأداء مبلغ يعادل قيمة البضائع ووسائل النقل المذكور وهو ما يعرف بالغرامة البديلة
عن المصادرة (الفقرة الرابعة).
الفقرة الأولى: مصادرة البضائع
المرتكب الغش بشأنها
تقع المصادرة الجمركية أساسا
على البضائع محل الغش , وهذه الحالة هي المحددة في الفصل 211 من مدونة الجمارك
والضرائب الغير مباشرة الذي ينص على ما يأتي " تقع مصادرة البضائع المثبت
الغش بشأنها أيا كان حائزها ويؤمر بها وجوبا لو كانت هذه البضاعة ملكا لشخص أجنبي
عن الغش , أو لشخص مجهول , وحتى ولو لم يصدر أي حكم بشأنها".[20]
والمقصود بالبضائع هو مفهومها
الواسع الذي يشمل جميع أنواع البضائع حتى ولو لم تكن محل تجارة مشروعة مثلا:
المخدرات.[21]
وتبعا لذلك , تطبق مصادرة
البضائع المثبت الغش بشأنها بمناسبة ارتكاب جنح من الطبقة الأولى والثانية , أو
ارتكاب مخالفات جمركية من الطبقة الأولى , حيث تعتبر البضائع جسم الجريمة الجمركية
من الطبقة كاستيراد بضاعة محظورة أو بضائع غير
محظورة بدون سند أو رخصة أو بتصريح غير صحيح من حيث القيمة أو الوزن , أو
حيازة المخدرات أو مواد مخدرة أو بضائع مهربة تجتاز الحدود دون مراقبة جمركية.
وفي هذا الإطار , تطبق المصادرة
الجمركية على تلك البضائع والأشياء دون غيرها من البضائع التي لم تكن محل مخالفة
جمركية , فإذا لم يصرح مثلا أحد المسافرين بكميات من الأشياء كانت بحوزتهم تصادر
هذه الأخيرة وحدها دون غيرها من البضائع التي يكون المسافر قد صرح بها ما لم تكن
هذه الأشياء قد استعملت لإخفاء الغش أو التهريب[22].
وهكذا , تقع المصادرة بغض النظر
عن إباحة القانون تداولها أو حيازتها , سواء ضبطت داخل الدائرة الجمركية أو خارجها
تحت يد الغير ولو كان مالكها حسن النية كتهريب بضائع بمعرفة السارق حيث المصادرة
في هذا الصدد وجوبية و لا يمكن لمالكها سوى الرجوع بقيمتها على السارق , لأن
المصادرة تفترض حجز أو ضبط البضائع التي لها طابع عيني لا شخصي , كما تقع المصادرة
أيا كان حائزها سواء شخصا طبيعيا أو معنويا , وبغض النظر عن مالكها و إن كان شخصا
أجنبيا عن الغش أو كانت لشخص مجهول , حيث تأمر الإدارة بمصادرتها بعد حجزها ولو لم
يصدر أي حكم بشأنها[23], وهذا في الواقع تغليب
مصلحة الخزينة على الأغيار حسن النية.[24]
الفقرة الثانية: مصادرة الأشياء
المستعملة لإخفاء الغش
في هذه الحالة , تقع المصادرة على البضائع التي استعملت لإخفاء
الغش , ويتعلق الأمر " بالبضائع والأشياء المستعملة مباشرة في إخفاء
الغش" ,[25] وهذه الحالة هي التي نص
عليها الفصل 211 مكرر من مدونة الجمارك[26],
وقد جاء هذا الفصل بمقتضى تعديل سنة 2000 لسد الفراغ الذي كان قائما بشأنها , حيث
كانت المصادرة تقع فقط على البضائع المثبت الغش بشأنها ووسائل النقل التي استخدمت
أو كانت معدة لاستخدامها في ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية , والهدف من نص المشرع
على هذه المصادرة يكمن في إرادته أن يساوي في هذا المجال بين البضائع المرتكب الغش
بشأنها والبضائع المستعملة لإخفاء الغش.[27]
وهكذا , يقصد بالأشياء المستعملة لإخفاء الغش أو التهريب تلك
الأشياء من أدوات أو بضائع أو الآلات والتي يكون استعمالها ضروريا لتنفيذ الجريمة
لستر وإخفاء بضائع مرتكب الغش بشأنها أو مهربة , سواء تعلق الأمر ببضائع محظورة أو
غير محظورة بمناسبة مناولتها أو استيرادها أو تقديمها للتصدير بغض النظر عن
مالكها.[28]
وقد تكون متصلة بها دون غيرها من البضائع المستقلة عن ارتكاب
الغش على أن تكون هذه البضائع أو الأشياء غير محظورة أو متحصلة عن غش بل مشروعة
ومصرح بها بشكل قانوني ومؤدى عنها الحقوق الجمركية أو ضمانا كوجود لفائف من الحرير
مصرح باستيرادها بشكل قانوني وتخفي بداخلها بضائع مهربة سواء كانت من نفس النوع أو
الطبيعة كحالة ضبط لفائف من الحرير الممتاز وسط لفائف من الحرير العادي الذي تم
التصريح به , أو كانت بها أشياء مختلفة كسبائك من الذهب أو قطع غيار أو كانت مواد
محظورة كالمخدرات[29], وبالتالي يشترط أن
يستخدم أو تستعمل هذه البضائع في عملية إخفاء الغش أو التهريب الجمركي سواء كانت
متصلة بشكل مباشر أو تساهم بشكل أو بآخر في ذلك الإخفاء[30] كاستعمال الزرابي لإخفاء
مواد محظورة أو مهربة أثناء مرورها بالمكتب أو المركز الجمركي.
وعموما , إذا كانت المصادرة باعتبارها أمرا , بمعنى أنها
إلزامية , نظرا لاستعمال المشرع عبارة تقع المصادرة وبالتالي ينقل ملكية بعض
الأشياء أو الأموال إلى الدولة , فإن ذلك غالبا ما يرتبط بقيام أعوان الإدارة بحجز
الأشياء أو البضائع ووسائل النقل المرتكب الغش بشأنها قبل تقديم طلب إلى القضاء
المختص لاستصدار حكم بمصادرتها , ولا يجوز لهؤلاء الأعوان بمناسبة تطبيق هذا الحق
تعطيل المصالح التجارية للأفراد بختم محلاتهم ومنع مواصلة نشاطهم التجاري العادي ,
لأنه في الواقع تطاول إدارة الجمارك على
حقوق الأفراد في ممارستهم لأنشطتهم , وبالتالي فإنه ينبغي إعادة النظر في هذا الحق
المخول لإدارة الجمارك والذي يرمي بالأساس إلى تغذية مواردها المالية بالدرجة
الأولى على حساب حقوق الأفراد[31].
الفقرة الثالثة: مصادرة وسائل
النقل
تطرق الفصل 212 من مدونة الجمارك لهذه الحالة بقوله: "
يحكم وجوبا بمصادرة وسائل النقل التي استخدمت أو كانت معدة لاستخدامها في ارتكاب
جنحة أو مخالفة جمركية إذا كان يملكها:
ـ من شاركوا في الغش أو في
محاولة الغش,
ـ شخص أجنبي عن الجنحة أو
المخالفة وكانت وسيلة النقل قد هيئت خصيصا لارتكاب الغش أو كانت مرتكب الغش هو
المكلف بسياقتها " .
فما المقصود في هذا الصدد بوسائل النقل؟
إن مفهوم وسائل النقل , مفهوم
عام يشمل "جميع الوسائل التي يمكن استخدامها لنقل البضائع أو الشيء المهرب من
مكان إلى آخر[32]" , وبعبارة أخرى
"كل ما يستعمل في نقل البضائع من مكان إلى آخر , سواء كان طائرة أو سيارة أو
دراجة أو حيوان أو حقيبة...." .[33]
وهكذا , فإن النص أعلاه لا
يشترط أن تكون وسيلة النقل قد استعملت بالفعل في نقل البضائع المهربة , بل يكفي أن
تكون قد أعدت لهذا الاستعمال , فوسيلة النقل منذ شحنها إلى غاية إفراغها تكون
معرضة للمصادرة , بل إن وسيلة النقل قد تتم مصادرتها ولو لم تقم بأي دور إيجابي في
تحقيق المخالفة , وحتى لو لم يكن أي اتصال مباشر لها بالبضائع المهربة , فالسيارة
مثلا التي تنقل كاشفي الطريق للمهربين أو تنقل المهربين أنفسهم يجوز الحكم
بمصادرتها وهذا الحكم مطابق لنص الفصل أعلاه الذي يقضي بمصادرة وسائل النقل إذا
كان يمتلكها من شاركوا في التهريب أو في محاولته[34].
وعليه , فقد جعل المشرع المغربي[35] من هذه الحالة كسابقاتها
مصادرة وجوبية يتعين الحكم بها , إلا أنه أورد استثناءا شأنها شأن الحالة الثانية
ويتعلق الأمر بإثبات مالك وسيلة النقل بأن المكلف بالسياقة الذي قام بهذا العمل
بدون إذن قد تصرف خارج إطار الوظائف الموكولة إليه.[36] , وذلك بكل وسائل
الإثبات الممكنة كمقتضيات عقد العمل أو عقد الوكالة الذي يربطه بمستخدمه أو بأي
مستند آخر يثبت تحديد المهام الموكولة إليه أو اعتراف هذا الأخير أو شهادة الشهود
.... وتظل هذه الوسائل خاضعة لسلطة القاضي التقديرية عند حدوث أو قيام نزاع بين
هذا الشخص الأجنبي مالك وسيلة النقل والإدارة.[37]
والمشرع المغربي عندما نص على وجوب
المصادرة حتى ولو كانت وسيلة النقل ملكا لشخص أجنبي عن المخالفة , فإنه ربط ها
بتوافر أحد الشرطين:[38]
ـ أن تكون وسيلة النقل قد هيئت
خصيصا لارتكاب الغش.
ـ أن يكون مرتكب التهريب هو
المكلف بسياقة الناقلة.
وهنا نطرح التساؤل التالي: ما
الأمر في حالة مصادرة وسيلة النقل في ملكية شخص أجنبي عن المخالفة أو الجنحة
الجمركية ولو لم تكن هذه الوسيلة مهيأة لارتكاب الغش , كما أن المكلف بالسياقة لم
يكن المرتكب ؟ في هذا الصدد يؤكد الأستاذ القدومي إلى أنه عندما يتم ضبط أحد المسافرين
على متن وسيلة نقل عمومية [39]حاملا بضائع مهربة محملة
على متنها , فهل يمكن مصادرتها ؟ إذا كان الجواب ينصب حول إمكانية المصادرة فما
الأمر بالنسبة لعربات القطار؟ وإذا كان الجواب بالنفي فهل يمكن اعتبار ذلك تشجيعا
على ارتكاب أعمال الغش والتهريب لوسائل النقل العمومية؟ أو اعتبار تلك الوسائل
مشاركة في تلك الأعمال؟[40]
إنه أمام صعوبة مصادرة وسائل
النقل خاصة العمومية فإن مؤسسات وشركات النقل تظل مسؤولة عن تدبير وتسيير
ممتلكاتها . ويدخل في هذا الإطار قيامها بإجراءات المراقبة والتفتيش وعدم التساهل
في مثل هذه الإجراءات . وعمليا غالبا ما يتم الاكتفاء بمصادرة البضائع جسم الجريمة
, وفرض غرامة مالية معينة على المؤسسات أو الشخص المالك لوسيلة النقل , ولرفع كل
لبس في هذا الصدد تدخل مشرع تعديل المدونة لسنة 2000 من خلال السماح بمنح رفع اليد
عن وسيلة النقل المحجوزة من طرف الإدارة والتي لم تكن مهيأة لارتكاب الغش لفائدة
مالكها حسن النية دون أداء كفالة أو وديعة معينة على أن يثبت أنه أبرم عقدا للنقل
مع مرتكب أو مرتكبي الجنح أو المخالفات الجمركية وفقا للقوانين والأنظمة المعمول
بها وبحسب أعراف المهنة[41] (الفصل 229 مكرر من
مدونة الجمارك).[42]
وعموما , تعتبر المصادرة
إلزامية لوسائل النقل المستعملة أو التي كانت معدة لاستخدمها في ارتكاب الجنح
والمخالفات الجمركية , وهو ما أكده القضاء المغربي في الكثير من المناسبات خاصة
أثناء حملة التطهير , حيث تتم مصادرتها بناء على أمر صادر عن قاضي المحكمة الإبتدائية
المختصة بعد توصله بملتمس من الإدارة بذلك , كما تتعرض للمصادرة العربات وغيرها من
وسائل النقل المتجولة بداخل دائرة الجمارك والتي لم يمتثل سائقوها للإنذارات
الموجهة إليهم من طرف أعوان الإدارة , ويجوز الطعن في الحكم بالمصادرة أمام محاكم
الإستئناف [43], إلا أن الحكم ببراءة
الظنين من جريمة التهريب قد لا يحول دون تقرير مصادرة البضائع المحجوزة لفائدة
الجمارك.
الفقرة الرابعة: الغرامة
البديلة للمصادرة[44]
إن المصادرة قد تكون فعلية أو عينية , عندما يحجز الشيء موضوع
المخالفة الجمركية , وتنقل ملكيته إلى الدولة بموجب حكم اكتسب قوة الشيء المقضي
به , غير أنه قد يحدث أن تثبت المخالفة
الجمركية دون أن تكون هناك بضائع محجوزة إما لإفلاتها من الحجز , وإما لإفلاتها
قبل ذلك أو التصرف فيها قبل المخالفة , ومع ذلك ترى إدارة الجمارك أنه من مصلحتها
أن لا تطالب بمصادرتها انسجاما مع مصالح الخزينة , وهي ما يطلق عليها بالغرامة
البديلة أو كما يسميها الفقه بالمصادرة الوهمية.
وهكذا , ينص الفصل 213 من مدونة
الجمارك المغربية على : " إن لم يمكن حجز البضائع ووسائل النقل القابلة
للمصادرة , أو إذا تم حجزها , فإن المحكمة تصدر بطلب من الإدارة بدلا من المصادرة
, الحكم بأداء مبلغ يعادل قيمة البضائع ووسائل النقل المذكورة ويحدد وفقا للكميات
المبينة في الفصل 219 بعده".
انطلاقا من النص أعلاه , يتبين
بأن المشرع المغربي يخول للإدارة حق الخيار بين المصادرة الوهمية , والمصادرة
العينية , وحق الخيار حق مطلق لا يشترط فيه أن لا تتمكن الإدارة من حجز البضاعة ,
وهذا الخيار خاضع للسلطة التقديرية للإدارة , ومتى اختارت بين أحد الإجراءين كان
هذا الخيار ملزما ومقيدا للمحكمة.[45]
وهو في موقفه هذا يساير ما ذهب
إليه المشرع الفرنسي , الذي أقر إمكانية اللجوء إلى الغرامة البديلة للمصادرة [46].
وعليه , فإنه بالرغم من
الإيجابيات المتعدد للغرامة البديلة للمصادرة , إلا أن تطبيقاتها العملية تثير
العديد من الإشكاليات , خاصة فيما يتعلق بكيفية تقدير قيمة البضائع التي لم تتمكن
من حجزها , حيث في جميع الأحوال تبقى خاضعة لتقدير المحكمة , وقد وضع المشرع
المغربي على عاتق الإدارة عبء إثبات القيمة بكل الوسائل القانونية , وذلك بمقتضى
الفصل 219 من مدونة الجمارك والضرائب غير مباشرة , بالإضافة إلى أنه أجاز اللجوء
إلى هذه الغرامة حتى في حالة ضبط هذه البضائع , وفي هذه الحالة فإن القيمة تكون هي
قيمة هذه البضائع في السوق الداخلية بحالة جيدة.
وتجدر الإشارة إلى أن الغرامة
التي يحكم بها القضاء بدلا عن المصادرة لا تعتبر غرامة جمركية, و إنما تأخذ طبيعة
المصادرة وتخضع للمقتضيات التي تنظمها , وبالتالي لا يجوز تطبيق أحكام الغرامة
عليها , فهي بمعنى آخر مصادرة في صورة مختلفة , إذ أن المصادرة في صورتها العادية
تنصرف إلى أشياء معينة , أما في حالة بديلها وهو الغرامة فتنصرف إلى قيمة تلك
الأشياء .[47]
المبحث الثاني: إجراءات
المصادرة
إن إجراءات المصادرة الجمركية تنقسم إلى مرحلتين أساسيتين:
مرحلة سابقة تتمثل في تنفيذ المصادرة الجمركية بالطرق المنصوص عليها قانونا (المطلب
الأول) , ومرحلة لاحقة تتمثل في مآل المصادرة الجمركية عندما يحكم بها وتؤول إلى ملكية إدارة الجمارك
والضرائب الغير المباشرة التي وحدها تملك حق التصرف فيها .( المطلب الثاني) .
المطلب الأول: تنفيذ المصادرة
إن تنفيذ المصادرة الجمركية
يتطلب اتخاذ إجراءات سابقة نص عليها القانون الجمركي , فأولى هذه الإجراءات هو حجز
البضائع ووسائل النقل التي تم ضبطها اثر ارتكاب جنحة أو مخالفة جمركية ( الفقرة
الثانية) , غير أن هذا الحجز حتى يكون صحيحا من الناحية القانونية وينتج آثاره ,
فإن المشرع الجمركي عهد به إلى أشخاص مؤهلون للقيام بذلك (الفقرة الأولى) .
الفقرة الأولى: الأشخاص
المؤهلون للقيام بإجراءات الحجز
تتميز المنازعات الجمركية
مقارنة مع باقي المنازعات الجنائية بقوة الإثبات خصوصا على مستوى المحاضر , حيث
تلعب دورا بارزا في إثبات الجريمة الجمركية فهي تشكل أساس المتابعات.
فما المقصود بالمحضر؟ ومن هم
الأشخاص المؤهلون للقيام بتحريره؟
إن الإجابة على هذا التساؤل ,
يقتضي منا الرجوع إلى القواعد العامة خاصة المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية
حيث تنص : " المحضر في مفهوم المادة السابقة هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها
ضابط الشرطة أثناء ممارسة مهامه و يضمنها ما عاينه أو ما تلقاه من تصريحات أو ما
قام به من عمليات ترجع لاختصاصه" .
انطلاقا من المادة أعلاه , فإن
المحضر هو ورقة رسمية يحررها موظف مختص وفق شكليات قانونية لا يطعن فيه إلا حسب ما
يقرره القانون , لكن ماذا عن المحاضر الجمركية؟
الملاحظ , أن المشرع الجمركي لم
يعرف المحضر وإنما اكتفى بتعداد الأشخاص المؤهلون للقيام بانجازه وبالتالي
وانسجاما مع المادة 24 أعلاه , فإن المحاضر الجمركية هي تلك الأوراق التي يحررها
أعوان الجمارك وكذا الموظفون المؤهلون لذلك لإثبات ما يقف عليه من جرائم جمركية
وظروفها و أدلتها ومرتكبيها.
وبرجوعنا إلى المادة 233 من
مدونة الجمارك المغربية[48] نجدها تنص على الأشخاص
المؤهلون للقيام بتحرير المحضر بقولها:
" يقوم بإثبات الأفعال المخالفة للقوانين
والأنظمة الجمركية :
ـ أعوان الإدارة الذين أدوا
اليمين طبقا للشروط المحددة في الفصل 33 (2) من هذه المدونة.
ـ ضباط الشرطة القضائية.
ـ وكذا كل الأعوان محرروا
المحاضر التابعون للقوة العمومية" .
و هكذا , يقوم الأعوان في إطار
مزاولتهم لمهامهم بإثبات الجنح والمخالفات للتشريعات والأنظمة الجمركية والتشريعات
والأنظمة الاخرى التي تتكفل الإدارة بتطبيقها , و قد أعطى لهم القانون صلاحيات
وسلطات واسعة يتعين عليهم ممارستها ضمن
الحدود التي يقتضيها القانون [49], فلهم الحق في المطالبة
بالوثائق ومعاينة البضائع ووسائل النقل وحجزها وتفتيش المنازل وإلقاء القبض على
الأضناء والاستماع إليهم وإبقائهم رهن إشارتهم , فهذا الحق المخول للأعوان يجب أن
يمارس في إطار الشروط المنصوص عليها قانونا و خلاف ذلك سيؤدي إلى الاعتداء على حق
الملكية و الحرية الشخصية و حرمة المسكن المكفولين بالحماية دوليا[50] ووطنيا[51] , ويجب على العون
الجمركي أن يكون حاملا لوكالة العمل يضمن بها نص اليمين الذي يكون قد سبق وأداه
لكي يستطيع مزاولة مهامه كما عليه أن يبرز هذه الوكالة بمجرد ما يطلب منه ذلك .
وما ينبغي تسجيله في هذا الصدد
, هو مدى إعطاء نفس القيمة للمحضر المنجز من طرف هؤلاء الموظفين نظرا لاختلاف
مهامهم , مما ينتج عنه تباين تحريرهم للمحاضر , خصوصا و أن المحضر لابد وأن يتوفر
على مجموعة من البيانات المشار إليها في المادة 240 من نفس المدونة [52]؟
بالإطلاع على الفصل 242 من
مدونة الجمارك نجده ينص على: "إن المحاضر المحررة بشأن الجنحة أو المخالفة
لأحكام هذه المدونة من طرف عونين للإدارة أو أكثر يعتمد عليها في الإثباتات
المادية المضمنة في المحاضر إلى أن يطعن في صحتها. ويعتمد عليها في صحة وصدق
الإقرارات والتصريحات المتلقاة إلى أن يثبت ما يخالفها. أما المحاضر المنجزة من طرف عون واحد للإدارة
فيعتمد عليها إلى أن يثبت ما يخالفها وكذا الشأن بالنسبة للمحاضر المحررة من طرف
الأعوان محرري المحاضر التابعين لإدارات أخرى ما لم تكن هناك نصوصا خاصة ".
انطلاقا من هذا النص يتبين أن
المحاضر الجمركية يميز فيها بين ذات الحجية المطلقة وذات الحجية النسبية.
بالنسبة للمحاضر ذات الحجية
المطلقة : تتمتع المحاضر الجمركية
بحجية كاملة إلا أن يطعن فيها بالزور عند توفر شرطين أساسين وهما أن يتعلق المحضر
بإثباتات مادية جمركية[53] ، وأن يحرر من طرف عونين
للإدارة أو أكثر.
وتبعا لذلك , يجب أن يتم تحرير المحضر من طرف
عونين للإدارة أو أكثر وبالتالي تحريره من عون واحد أو أعوان متعددين تابعين
لإدارات أخرى لا تكون له نفس القوة في الحجية.
فالفصل 242 في فقرته الأولى من القانون الجمركي المغربي يقابله الفصل 235 من القانون الفرنسي[54]
الذي يعطي نفس القيمة للمحاضر المنجزة من أعوان إدارة أخرى , بعكس المشرع المغربي
الذي اقتصر على أعوان الإدارة فقط. وبالتالي نسجل نقطة ايجابية في هذا النص الذي
يعتبر متقدما ويترك الطعن بإثبات العكس في غير تحرير المحاضر من طرف أعوان
الإدارة.
ومن الأمثلة على هذا النوع من
المحاضر نجد الفصل 65 و66 من قانون 10 أكتوبر 1917 بشأن مخالفات المياه والغابات والفصل 28 من ظهير 11 أبريل 1922 المتعلق بالصيد في المياه الداخلية.
ونظرا للقوة المطلقة للمحاضر
الجمركية المنجزة من طرف عونين للإدارة فهي قد تكون ضد العدالة القانونية نظرا
لعدم اشتغال هؤلاء الأعوان تحت إمرة النيابة العامة مما قد يتعسف في استعمال هذا
الحق. كما أنه في هذه الحالة ليس للقاضي أن يحكم باعتقاده الصميم ، فهو فقط عليه أن يأخذ بما جاء في
المحضر إذا كان صحيحا في الشكل[55] ، في حين يرى
فقه آخر أن الحجية لا تعطل السلطة التقديرية للمحكمة.[56]
المحاضر ذات الحجية النسبية
التي يعتمد عليها إلى أن يثبت ما يخالفها: ورد هذا النوع من المحاضر كذلك في الفقرة الثانية من الفصل 242 من القانون الجمركي وهي المحاضر المحررة من طرف عون واحد للإدارة،
ويعتمد عليها إلى أن يثبت ما يخالفها. وكذا المحاضر المحررة من طرف الأعوان محرري
المحاضر التابعين لإدارات أخرى ما لم تكن هناك نصوص خاصة. وهذه الفقرة تنطبق و
الفقرة الثانية من المادة 237 من القانون الفرنسي[57]
. كما تنطبق الفقرة الثانية من الفصل 242 من القانون الجمركي مع المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية من حيث الحجية .[58]
والجدير بالذكر أن قانون
الجمارك لم يوضح الكيفية التي بها يجب إثبات العكس، وفي غياب نص صريح يبين كيفية
إثبات العكس يمكننا الاحتكام للقواعد العامة.
فهكذا مثلا إذا تعلق الأمر
باعتراف المتهم في محضر جمركي بارتكابه مخالفة جمركية ثم تراجع عن اعترافه المسجل
في المحضر وقدم إثباتا لبراءته دليلا كتابيا كأن يقدم مثلا جواز سفره بأنه في
تاريخ الوقائع كان مسافرا إلى الخارج أو يقدم شهود يؤكدون ذلك ففي هذه الحالة يجوز
الحكم ببراءته.
وفي هذا الصدد ورد قرار محكمة
الاستئناف بالبيضاء جاء فيه: "حيث إن الضنين صرح خلال البحث التمهيدي بأنه
أدلى بفاتورات لكن هذه مجرد أقوال يعوز الدليل. وحيث إن محاضر إدارة الجمارك
والضرائب غير المباشرة تقوم حجة على ما ورد فيها إلى حين ثبوت خلافها وهو أمر لم
يحصل" [59].
هذا، وكما هو معلوم فالمحاضر
التي تحررها الشرطة القضائية غالبا ما يستعمل فيها الابتزاز لكسب اعترافات الضنين،
لذلك فإعطائه الحق لتراجع عن أقواله واعترافاته والإدلاء بما يثبت ذلك من شأنه أن
يعزر العدالة القانونية المنشودة , وبالتالي حماية حقوق وحرية الأفراد.[60]
الفقرة الثانية: التنفيذ عن
طريق الحجز[61]
يعد إجراء الحجز الجمركي بمثابة الطريقة الأنجع التي عرفتها
إدارة الجمارك منذ فترة طويلة رغم ظهور إجراء البحث التمهيدي كآلية من آليات الكشف
عن الجرائم الجمركية إلا أن ذلك لم ينقص من قيمته , وبقي مجاله واسعا جدا وقواعده
دقيقة [62].
ويقصد بالحجز مسك الدليل المادي للجريمة الذي يعد بمثابة التلبس
بالجريمة في القواعد العامة.[63]
فطالما أن الجرائم الجمركية في مجملها جرائم متلبس بها , فإن
إجراء الحجز الجمركي يعد الطريق العادي لمعاينتها .[64]
ويقوم هذا الأسلوب ( إجراء الحجز) على وضع اليد على جسم الجنحة
الذي يكون العنصر المادي والمباشر للمخالفة الجمركية , وقد منح المشرع الجمركي من
خلال الفصل 235 من مدونة الجمارك لأعوان الجمارك الحق في أن يحجزوا في كل مكان
جميع الأشياء القابلة للمصادرة , وكذا جميع الوثائق المتعلقة بهذه الأشياء,
وتسهيلا لهذه المهمة يجوز لهم أيضا معاينة البضائع ووسائل النقل وتفتيش الأشخاص من
أجل البحث عن الغش وضبط المخالفين [65]. وهو نفس التوجه الذي
تبناه المشرع الجمركي الفرنسي.[66]
وقد أعطى أيضا المشرع الجمركي المغربي لأعوان إدارة الجمارك
الذي لا تقل درجتهم عن مفتش إقليمي والآمرون بالصرف , إمكانية الاحتفاظ رهن
إشارتهم وطبقا لشروط قانون المسطرة الجنائية بشخص أو بعدة أشخاص يرتابون في
ارتكابهم جنحة أو مشاركتهم فيها وذلك تحت الحراسة النظرية .[67]
والملاحظ في هذا الصدد , هو أن المشرع الفرنسي في المادة
الجمركية , خول أيضا لأعوان الجمارك حق الاحتفاظ بالأشخاص لإجراءات البحث[68] وحدد مدة الحراسة في 24
ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة بإذن مكتوب ومعلل لوكيل الجمهورية في حالة الضرورة ,
على عكس مشرعنا الذي أحال على القواعد العامة , فبعد اكتشاف البضائع التي تكون
موضوع مخالفة جمركية , يعطي لإدارة الجمارك الحق في حجزها , ووقف المخالفين في حالة
التلبس , ويجب عليهم إثبات ما قاموا به في محضر يشكل الإطار القانوني الذي يعكس كل
العمليات التي يباشرونها , ويعد محضر الحجز الوسيلة المثلى لإثبات الجرائم
الجمركية , ولهذا نص الفصل 240 من مدونة الجمارك على أن : " الأفعال المثبتة
و أعمال الحجز المنجزة يجب أن تثبت في محاضر ما أمكن . "
ويجب أن يشتمل محضر الحجز على مجموعة من البيانات نص عليها
الفصل 240 من نفس المدونة , وهذه البيانات منها ما هو عام يشترك فيها محضر الحجز
مع باقي المحاضر الأخرى , ومنها ما هو خاص بمحضر الحجز فقط , هذه البيانات هي من
النظام العام و إغفالها يؤدي إلى بطلان المحضر .
المطلب الثاني: مآل المصادرة
عندما يتم مصادرة جسم الجريمة
فإن إدارة الجمارك تصبح مالكة لتلك الأشياء , وبالتالي فإن مآل هذه الأخيرة يكون
إما التصرف فيها تصرفا قانونيا ببيعها إن كانت تصلح لذلك (الفقرة الأولى), أو تقوم
بإتلافها إن كانت لا تصلح للتصرف فيها قانونا (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: انتقال البضائع
إلى ملكية الإدارة
يترتب عن المصادرة أثر هام جدا يتمثل في انتقال ملكية الأشياء
المصادرة بصفة قطعية ونهائية إلى الدولة مما يمكنها من التصرف فيها عن طريق إدارة
الجمارك , وبذلك تزول جميع حقوق الغير على هذه الأشياء بما في ذلك الرهن .
وهكذا , يكون لإدارة الجمارك أن
تتملك الأشياء المحجوزة , و هذا الأمر لا يتم من طرف الإدارة بإرادتها المنفردة
وإنما يلزم أن يصدر أمر أو حكم من القضاء.
فرغم أن الفصل 211 من مدونة الجمارك يوجب مصادرة
البضائع المثبت الغش بشأنها أيا كان الحائز , وحتى لو كان مالكها أجنبي عن الغش أو
أن هذه البضائع لشخص غير معروف أو مجهول وأن هذه المصادرة لا تستوجب صدور حكم في
جوهر القضية , لكن يكون لزاما على المحكمة
أن تصادر البضائع المثبت الغش بشأنها ووسائل النقل المزودة بمخابئ أو في وضعية غير
قانونية أو أن الإدارة تستصدر أمرا [69]من
المحكمة الابتدائية عبر ملتمس مصادرة الأشياء المحجوزة لدى الإدارة , ونفس الأمر يقع في حالة حجز أشياء على
مجهولين طبقا للفصل 259 من م ج ض غ م .
فكل البضائع ووسائل النقل التي
تمت مصادرتها تصير تبعا لذلك ملكا للإدارة ومن ثم يجري بيعها حسب ما نص عليه الفصل
214 مكرر وما بعده إلى 214 مكرر خمس مرات من م ت م ج ض غ م , ما لم تكن غير صالحة
للاستهلاك أو الاستخدام والتي يجب أن يتم إتلافها.
وقد نظم المشرع الجمركي بيع
المحجوزات التي تمت مصادرتها من خلال الفصل 214 مكرر خمس مرات[70] من م ت م ج ض غ الذي
يحيل على الفصل 214 المكرر أربع مرات[71] , فالبضائع التي صارت ملكا للإدارة إما نتيجة إبرام صلح بينها و بين المتهم أو صدور حكم
نهائي في جوهر القضية تباع وفق إجراءات معينة[72]
نصت عليها الفصول أعلاه من م ت م ج ض غ م ,فرغم أن البضائع قد تكون محظورة إلى أن
بعضها تصلح لتكون محلا للبيع , لأن بعض البضائع تحتاج
إلى ترخيص لذلك فالإدارة تقوم ببيعها للمؤسسات التي تتوفر على هذا الترخيص , لذلك
جاء في الفصل 214 مكرر ثلاث مرات بأن
" البيع بطريقة عرض الأثمان يمكن أن يكون مفتوحا يشارك فيه جميع
المتنافسين المحتملين أو أن تقصر الإدارة المشاركة على البعض منهم مراعاة لنشاطهم
المهني" لذا فإن البضاعة التي تكون على شكل أقراص مهدئة مثلا و الصالحة
للاستعمال سوف لن يتأتى للجميع المشاركة
في البيع وبالتالي تحصر الإدارة المشاركين المتوفرين على ترخيص من السلطات المحلية
كالمختبرات الطبية و شركات الأدوية , هذا ما يوحي به الفصل أعلاه لكن على المستوى
العملي فإن الإدارة تقوم بإتلافها مباشرة .
تجدر الإشارة إلى أن البضائع
المعروضة للبيع من طرف الإدارة يجب أن لا تباع بأقل من القيمة الجمركية للبضائع في
الحالة التي تقدم عليها للبيع تضاف إليها الرسوم والمكوس الواجب أداؤها .[73]
الفقرة الثانية: الإتلاف
بمقتضى الفصل 278 من مدونة
الجمارك , فإنه يمكن إتلاف السلع الفاسدة , المقلدة المزورة , السلع غير الصالحة
للاستهلاك و الاستعمال , المنتجات المضرة بالصحة العمومية والمنتجات المخلة بالقيم
والنظام العام[74] .
كما يمكن إتلاف البضائع
الموضوعة في الإيداع الجمركي إذا تعذر بيعها , كذلك بالنسبة للبضائع التي لا تباع
عقب عرضها للبيع بالمزاد العلني أو بالتراضي , أو تكون محل مراجعة أسعار .
وبالرجوع إلى قانون الزجر عن
الغش في البضائع[75] نجده ينص في فصله 27 على
ضرورة سلوك إجراءات خاصة عند تنفيذ الإتلاف ومنها أن يحتفظ المأمور القائم على
العملية بعينة من البضاعة وعلى هذا الأخير أن يشير في محضر إلى هذه العملية و
أسبابها وحضور السلطة المحلية , كما يجب عليه أن يوجه المحضر الذي أنجزه مرفقا بالعينة
المحتفظ بها إلى النيابة العامة [76].
على أساس ما سبق , فإن المشرع
الجمركي المغربي , لم يحدد طريقة أو كيفية إتلاف البضائع , غير أنه على مستوى
الواقع العملي فإن إدارة الجمارك هي التي تقوم لوحدها بإتلاف البضائع عن طريق
الحرق والغمس في وسائل معينة , والتمزيق , أما بعض البضائع كالمخدرات , المواد
الكيماوية , المواد البترولية , الألعاب النارية .... فطريقة الإتلاف هنا تختلق
باختلاف طبيعة البضاعة.
وفي جميع الأحوال , لابد من إتلاف
جميع البضائع الغير الصالحة للاستعمال , مع الحرص على اتخاذ وسائل الأمن والسلامة
التي تتطلبها العملية مخافة من تسرب العدوى أو المرض أو التسمم .
و أخيرا نجد المادة5/61 من
قانون المؤلف و الحقوق المجاورة [77] تنص على أنه : "يتم إتلاف السلع التي تم
توقيف تداولها الحر تطبيقا لأحكام المواد 1/61 إلى 4/61 من هذا القانون, و التي تم
الإقرار بأنها سلع مقلدة أو مقرصنة بموجب قرار قضائي سار نهائيا ما عدا في الحالات
استثنائية . و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرخص بتصديرها أو أن تكون موضوع
أنظمة أو مساطر جمركية أخرى , ما عدا في حالات استثنائية ".
و أخيرا تبقى الإشارة إلى الفصل
261 المكرر الذي ينص على أن : " بالرغم من الأحكام المخالفة تتقادم العقوبات
المالية الصادرة بشأن الجنح و المخالفات الجمركية بمضي خمس سنوات , ابتداء من يوم
صدور الحكم بشأنها الذي اكتسب قوة الشيء المقضي به " .
خــاتــمــة:
إن أول استنتاج يمكن تكوينه من
خلال دراسة موضوع المصادرة الجمركية في القانون الجمركي و الأنظمة والقوانين
المتعلقة بها , هو التميز والخصوصية المتجلين في تنافر هذه القوانين مع المبادئ
القانونية العامة المنصوص عليها في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية , ليس في
جميع العقوبات , فهناك من الإجراءات تخضع
للقواعد العامة كالحبس و الإكراه البدني , وهناك ما تحتفظ بالطابع الخاص كالغرامات
والمصادرة .
وهكذا , فإن قراءة النصوص
المتعلقة بالمصادرة الجمركية, لم تكون سوى محاولة للكشف عن مدى الفعالية التي
تطبعها في مواجهة المخالفة الجمركية التي تمس النسيج الاقتصادي الوطني . فمن خلال
هذه القراءة , تبين أن هذا النص يتميز بنوع من الاستقلال يجعله يشد عن المبادئ
العامة المقررة في إطار القانون الجنائي العام عندما يتعلق الأمر بالعقوبات
المالية كالمصادرة , وهو شيء جعلنا نقف على مجموعة من التساؤلات الموضوعية
والمسطرية تدور حول هذه الذاتية المتميزة للقانون الجنائي الجمركي .
غير أن هذه التساؤلات كانت
دائما تصطدم بالفلسفة التي أرادها المشرع الجمركي من هذه الخصوصية , فإذا كان
القانون الجنائي العام يهدف إلى حماية أعراض الناس و أموالهم وهي حماية خاصة بدون
شك , فإن القانون الجنائي الجمركي يهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني برمته حينما
يتدخل القضاء لزجر المخالفات الجمركية . والحديث بصفة عامة عن خضوع المخالفات
الجمركية لاختصاص القضاء الجنائي لا يعني أن هذا القضاء يمارس دورا فعالا سواء
أثناء مرحلة التحقيق أو الحكم , ومرد هذا إلى أن الكثير من المرات وقفنا فيها على
بعض القواعد الموضوعية للقانون الجمركي تتكامل بشكل منهجي من أجل الحد من السلطة
التقديرية للمحاكم , حينما تجد هذه الأخيرة نفسها بمنأى عن الاعتداد بالعنصر
المعنوي للجريمة مما يمتنع عليها إعفاء المتهمين من العقاب لنواياهم .
وهكذا يبدو أن القانون الجنائي
الجمركي إحدى أهم الواجهات التي يمتص من خلالها القانون الجنائي العام العديد من
المتغيرات والمؤثرات الاجتماعية والاقتصادية والتي لا يمكن لوثيرة التطور البطيئة
التي تخضع لها القواعد العامة للقانون الجنائي أن تستجيب لها بسرعة.
ومع ذلك , فإن هناك العديد من
المقتضيات القانونية المتعلقة بالموضوع لازالت في حاجة إلى التعديل لتتوافق
والمقتضيات القانونية العامة سواء المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية أو
القانون الجنائي , كالفصل 228 من مدونة الجمارك يثير الكثير من النقاش حول خضوعه
للقواعد العامة للقانون الجنائي التي تنص على عدم الحكم على القاصرين إلا
بالتدابير الاحتياطية المنصوص عليها في الفصل 561 من قانون المسطرة الجنائية ,
وبالنسبة للمجانين فالمحكمة تصرح بانعدام مسؤوليتهم و إعفاءهم من العقوبة , في حين
أن الفصل المذكور أعلاه من مدونة الجمارك ينص على : " يعاقب مرتكب فعل يشكل خرقا
للقوانين و الأنظمة الجمركية أو التواطئ عليه والشخص المنتفع به بالمصادرات
والغرامات المنصوص عليها في مدونة الجمارك . إذا كان في حالة جنون أو قاصرا يقل
عمره عن 16 سنة " .
وبخصوص تحريك الدعوى ضد
المخالفين للقانون الجمركي فإن إدارة الجمارك تتمتع بصلاحيات مطلقة في تقديم طلب
ذلك أو إبرام عقود المصالحة دون أي رقابة أو تدخل القضاء , بل إنها تستطيع التنازل
بعد رفع الدعوى وهو الأمر الذي يذهب البعض إلى القول بأنه أمر مشكوك في دستوريته
لأنه يخل بمبدأ المساواة أمام القانون , مما يتعين معه إعادة حق النيابة العامة وحدها
في رفع الدعوى العمومية , كما للإدارة الحق في التصالح مع المتابعين حتى عند
صيرورة الحكم نهائيا.
وهذا ما يؤدي إلى المس
باستقلالية السلطة القضائية وبهيبتها , في خرق سافر لما جاء به دستور فاتح يوليوز
2011 المتعلق باستقلالية السلطة القضائية , وأن الأحكام النهائية ملزمة للجميع ,
بما في ذلك إدارة الجمارك .
لائحة المراجع:
حسن البكري: الأحكام العامة
للمصادرة في جرائم المخدرات بين النص والتشريع والعمل القضائي، مطبعة الرشاد سطات،
الطبعة الأولى 1433ـ 2012.
أحمد فتحي سرور: الوسيط في
قانون العقوبات ـ القسم العام ـ دار النهضة العربية، القاهرة 1981, ج: 1.
أحسن بوسقيعة، " المنازعات
الجمركية في ضوء الفقه و اجتهاد القضاء", بدون طبعة دار الحكمة للنشر و
التوزيع ,الجزائر.
بهيجة فردوس: مسؤولية المعشر في
القانون المغربي و المقارن , أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق - شعبة القانون الخاص – جامعة الحسن الثاني –
عين الشق – كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية - الدار البيضاء – 2002/2003 .
محمد الشلي: "الجزاءات
المالية في المادة الجمركية "مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،
يناير –أبريل عدد مزدوج 78-79 سنة 2008 .
فؤاد أنوار "التخليص
الجمركي للبضائع في التشريع المغربي "أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص
,جامعة الحسن الثاني –عين الشق-كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و
الاجتماعية-الدار البيضاء-السنة الجامعية 2006/2007.
[1] المصادرة لغة هي إخراج شيء بالطلب، والإلحاح، والإصرار،
ويقال صادره على الشيء، طالبه به ملحفا أي ملحا، ومصرا.
للمزيد من الإيضاح راجع: مجمع اللغة العربية
بالقاهرة، المعجم الوسيط، مادة صدر، ج:2 ص: 503.
وتشتق كلمة المصادرة في اللغة الفرنسية confiscation من الأصل الروماني confis الذي يتكون من مقطعين con بمعنى بواسطة fiscus أي السلة التي كان يضع فيها
أباطرة روما ثرواتهم والتي أصبحت ترمز مع مرور الزمن إلى خزانة الدولة وتستعمل
كلمة confisquer في قاموس اللغة الفرنسية بمعنى:
أخذ شيء من الغير بأمر من السلطة.
للمزيد من الإيضاح راجع: حسن البكري: الأحكام
العامة للمصادرة في جرائم المخدرات بين النص والتشريع والعمل القضائي، مطبعة
الرشاد سطات، الطبعة الأولى 1433ـ 2012, ص: 15.
أما اصطلاحا فقد عرفها فقهاء القانون الوضعي
بأنها نزع ملكية المال جبرا على مالكه وإضافته إلى ملك الدولة بغير مقابل.
راجع أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون
العقوبات ـ القسم العام ـ دار النهضة العربية، القاهرة 1981, ج: 1:ص 767.
[2] الفصل 42 من القانون الجنائي المغربي.
[3] المادة 15 من قانون العقوبات الجزائري المعدل
رقم 66 لسنة 1966.
[4] Article
131- 10 ( loi n° 98-468 du 17 juin 1998 art . 5 journal
officiel du 18 juin 1998)
"
lorsque la loi le prévoit , un crime ou un
délit peut être sanctionné d’une ou de plusieurs peines complémentaires
qui ,
frappant les personnes physiques, emportent
interdiction, déchéance, incapacité ou
retrait d’un droit, injonction de
soins ou obligation de faire, immobilisation
ou confiscation d’un objet, fermeture d’un établissement ou affichage de
la décision prononcée ou diffusion de celle-ci soit par la presse écrite, soit par tout
moyen de communication audiovisuelle".
[5] اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير
المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة في جلسته
العامة المنعقدة في فيينا, النمسا بتاريخ 19/12/1988. مصادق عليها بمقتضى الظهير
الشريف رقم 283.92.1 بتاريخ 15 من ذي القعدة 1422 ( 29 يناير 2002).
[6] الاتفاقية العربية لمكافحة الإتجار غير المشروع
في المخدرات والمؤثرات العقلية المبرمة بالقاهرة بتاريخ 15 محرم 1422 ( 9 أبريل
2001), المصادق عليها بمقتضى الظهير الشريف رقم 178. 96 . 1 بتاريخ 29 من ربيع
الأول 1422 ( يونيو 2001).
[7] نظمتها مدونة الجمارك ضمن القسم الثاني من الباب
الأول من الجزء التاسع المتعلق بالعقوبات والتدابير الاحتياطية الحقيقية وبالضبط
في الفصل 208 منها.
[8] لقد اختلف الفقه في مسألة تحديد الطبيعة
القانونية للغرامة الجمركية , ويمكن تحديد هذه اتجاهات في ثلاثة آراء:
ـ يذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى أن
المصادرة الجمركية هي عقوبة وليست تعويضا مدنيا شأنها في ذلك شأن الغرامة الجبائية
.
راجع: G .Klein : la répression de la fraude
fiscale : etude sur le particularisme du droit pénale des
impots ;thése Dactyl n° 398 .
وقد سار الفقه المصري في نفس الاتجاه , ذلك
أن " مصادرة المضبوطات أو الحكم بمقابلها و إن كان يضاف إلى خزينة الجهة
المختصة لا يمثل تعويضا لهذه الجهة , و إنما هو عقوبة تسري عليها كامل الأحكام
الخاصة بالعقوبات الجنائية , إذ المشرع قد نص في المادة على حق الجهة في المطالبة
بالتعويض وتقدره المحكمة حسب جسامة الجريمة والضرر الواقع على الخزينة العامة وفي
حدود الحد الأقصى , ومن ثم فلا مبرر للقول بأن المصادرة تعويض ثان لذات الضرر
لمجرد أن ثمنها أو مقابلها سيضاف لخزانة المصلحة, إذ يمكن القول بأنه سواء أضيف
لخزانة المحكمة أو لخزانة المصلحة فإنه يكون قد أضيف إلى خزينة الدولة.
راجع: أبو بكر الصديق محمد عامر، أحكام
التجريم في قانون الضريبة العامة على المبيعات، مكتبة الغريب القاهرة, بدون تاريخ,
ص 226.
ـ بينما ذهب اتجاه آخر إلى أن للمصادرة
الجمركية طابع تعويض مدني للخزينة العامة عما لحقها من أضرار, حيث ذهب بعض الفقه
الفرنسي إلى أن " المشرع الجمركي لم يكن يهدف من المصادرة العينية للبضائع
محل الجريمة إلى خلق جزاء, و إنما يرمي إلى تمكين إدارة الجمارك من وسيلة لجبر
الضرر الذي لحق بها جراء الجريمة.
راجع: Vitu Aandré: crimes et délits contre la chose
publique; R; Sci ; crim. 1972 ; p 387.
وقد سبق لمحكمة النقض أن ذهبت إلى أن
المصادرة الجمركية المحكوم بها في مواج التهريب الجمركي لا يعد بمثابة عقوبة
جنائية ولكنها من قبيل التعويضات المدنية للخزانة العامة.
نقض جنائي 08/12/1964 مجموعة أحكام النقض، س
15, ص 799, رقم 1568, نقض جنائي 16/03/1970 مجموعة أحكام النقض, س 21,ص 409, رقم
100.
ـ وهناك من يذهب إلى أن للمصادرة طابعا
مختلطا, إذ تجمع بين صفتي العقوبة والتعويض في آن واحد , وهذا الرأي يستند على
اعتبار أن المصادرة هي جزاء جبائي شأنها شأن الغرامة الجمركية, وبالتالي فإن لها
طابعا مختلطا يجمع بين التعويض والجزاء , وقد تبنى القضاء الجزائري هذا الرأي إذ
ذهب في بعض قراراته بأن " مصادرة البضائع محل الغش ومصادرة وسيلة النقل
المستعملة في نقلها ليستا عقوبتين جزائيتين و إنما هما عقوبتان جبائيتان لذا يجب
النطق بهما ضمن الدعوى الجبائية وليس ضمن الدعوى العمومية, و نفس الشيء بالنسبة
لقرار آخر , حيث اعتبر بأن " المصادرة الجمركية ليست عقوبة جزائية تنتمي إلى
الدعوى العمومية , وإنما هي جزاء جبائي ينتمي إلى الدعوى الجبائية.
راجع: أحسن بوسقيعة، " المنازعات
الجمركية في ضوء الفقه و اجتهاد القضاء", بدون طبعة دار الحكمة للنشر و
التوزيع ,الجزائر., ص 74.
وقد تبنى بعض الفقه الفرنسي نفس الموقف مع
التأكيد على طابع الزجر حيث اعتبر بأن المصادرة الجمركية هي بلا شك عقوبة لكنها
تتضمن في بعض جوانبها على طابع التعويض المدني يتم تبريره بالضرر الذي تسببه
الجريمة للمصالح والحقوق الجبائية التي تسهر إدارة الجمارك على حمايتها , وهذا
الطابع الزجري قد تم تكريسه وتدعيمه على حساب الطابع التعويضي بمقتضى التعديلات
التي عرفتها مدونة الجمارك الفرنسية والتي أعطت الحق للقاضي بتطبيق ظروف التخفيف
فيما يتعلق بالمصادرة.
راجع: Gonnard Jean – Marie; douane ; régime des
peines ; op ; cit ; n° 113.
[9] أحمد الخمليشي ـ شرح القسم العام من القانون الجنائي ـ دار نشر المعرفة , ص: 307/308.
[10] ينص الفصل 62 من القانون الجنائي على: "
التدابير الوقائية العينية هي:
1. مصادرة الأشياء التي لها علاقة بالجريمة أو
الأشياء الضارة أو الخطيرة أو المحظور امتلاكها.
2. اغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في
ارتكاب الجريمة."
[11] Cass-crim 29 juin 1938 ;s.1938. 1940.1.125
cité par p. bequet op cit. p.242.
[12] غير أن هذا الرأي يصطدم مع صراحة النص , والذي
يغلب على المصادرة طابع التعويض المدني, مما يفيد بأن طابع الزجر هو أقل تأثيرا
عليها من طابع التعويض.
للمزيد من الإيضاح راجع: الجيلالي القدومي
,"المنازعات الزجرية في القانون الجمركي المغربي "رسالة لنيل الدبلوم
العالي للمدرسة الوطنية للإدارة العمومية, الفوج 20 ,1989.ص 154.
[13] بهيجة فردوس: مسؤولية المعشر في القانون المغربي
و المقارن , أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق
- شعبة القانون الخاص – جامعة الحسن الثاني – عين الشق – كلية العلوم
القانونية والاجتماعية و الاقتصادية -
الدار البيضاء – 2002/2003 ص : 168 إلى
172 .
[14] المصادرة الجمركية عندما تتخذ صبغة التدبير الاحتياطي إنما تكون منصبة
والحالة هذه على بضائع محظورة .
[15] ينص الفصل 65 من مدونة الجمارك على: " 1 ـ
يجب أن يقدم بشأن جميع البضائع المستوردة أو المقدمة للتصدير تصريح مفصل يعين لها
نظاما جمركيا.
2 ـ إن الاعفاء من الرسوم والمكوس عند
الاستيراد أو التصدير لا يعني من الوجوب المنصوص عليه في هذا الفصل .
3 ـ تعفى من هذا التصريح :
ـ السفن التجارية والبحرية الحاملة لعلم
أجنبي أثناء قيامهما بمهام تجارية أو زيارات أو بتوقفات بالمغرب .
ـ السفن التجارية والحربية الحاملة للعلم
المغربي التي تم تقديم تصريح للاستهلاك بشأنها عند استيرادها لأول مرة , غير أن
هذه السفن يجب أن تكون موضوع تصريح بالتصدير في حالة تفويتها لعلم اجنبي .
[16] بهيجة فردوس : مسؤولية المعشر في القانون
المغربي والمقارن , مرجع سابق , ص : 168 إلى 172.
[17] وهكذا عندما لا يسمح بعملية الاستيراد أو
التصدير , إلا بناء على ترخيص أو شكليات معينة , ويتم القيام بهذه العمليات في
غياب تلك الشكليات و الإجراءات , فإن هذا التصرف يعتبر تصرفا محظورا في المفهوم
الجمركي . وكذلك تعتبر بضاعة محظورة إذا تم استيرادها أو تصديرها دون أن ترفق هذه
البضاعة بالرخصة او الشهادة المتطلبة في شأنها , أو إذا تم استيرادها تحت سند لا
يطابقها .
وغالبا ما يتم حظر البضائع عن طريق البرنامج
العام للاستيراد , حيث ينص هذا البرنامج السنوي على البضائع التي لا بمكن
استيرادها إلا بإذن خاص , وعلى تلك التي يمنع استيرادها بالمرة.
[18] ينص الفصل 167 من مدونة الجمارك على : " إن
البضائع المبينة في قائمة تحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المكلف بالمالية لا
يمكن أن توجد بالمنطقة البحرية بدائرة الجمارك إلا على ظهر بواخر تعين حمولتها
بالمرسوم المذكور".
[19] راجع الفصلين : 211 و 212 من مدونة الجمارك
والضرائب الغير مباشرة .
[20] محمد الشلي: "الجزاءات المالية في المادة
الجمركية "مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، يناير
–أبريل عدد مزدوج 78-79 سنة 2008 , ص : 101.
[21] وقد سلك المشرع المصري نفس المسلك فيما يتعلق
بضرورة مصادرة البضائع محل التهريب , أيا كان مالكها, حيث جعلها وجوبية في هذه
الحالة , وقد تعرض هذا التوجه لمجموعة من الانتقادات من جانب الفقه , على اعتبار
أن إطلاق المصادرة في هذه الحالة بغض النظر عن ملكية صاحبها لا يخلو من مجافاة
لروح العدالة في حالة اغتصاب أو سرقة تلك البضائع المهربة من صاحبها داخل الدائرة
الجمركية إتمام ضبطها في حيازة المغتصب لها حيث لا يملك صاحب البضاعة المضبوطة سوى
الرجوع بقيمتها على من أخذها وقد سلك المشرع المصري نفس المسلك فيما يتعلق بضرورة
مصادرة البضائع محل التهريب , أيا كان مالكها, حيث جعلها وجوبية في هذه الحالة ,
وقد تعرض هذا التوجه لمجموعة من الانتقادات من جانب الفقه , على اعتبار أن إطلاق
المصادرة في هذه الحالة بغض النظر عن ملكية صاحبها لا يخلو من مجافاة لروح العدالة
في حالة اغتصاب أو سرقة تلك البضائع المهربة من صاحبها داخل الدائرة الجمركية تمام
ضبطها في حيازة المغتصب لها حيث لا يملك صاحب البضاعة المضبوطة سوى الرجوع بقيمتها
على من اغتصبها.
للمزيد من الإيضاح راجع: عوض محمد, جرائم
المخدرات التهريب الجمركي والنقدي, طبعة 1996 بند 69.
[22] الجيلالي القدومي : المنازعات الزجرية, مرجع
سابق, ص: 155.
[23] إلا أنه إذا لم يتم حجزها فإن المشرع منح
للإدارة حق تقديم طلب إلى المحكمة المختصة بالأداء محل تلك المصادرة مبلغا يعادل
قيمة تلك البضائع التي تعذر حجزها, وذلك وفقا لما وقع إثباته بكل الطرق القانونية,
وهذا ما نص عليه الفصل 213 من م.ج, وتقابله المادة 435 من القانون الجمركي
الفرنسي.
والقيمة المعتمدة في هذا الصدد هي قيمة
البضائع في حالة جيدة بالسوق الداخلية في تاريخ ارتكاب الغش ولو لم تكن تلك
البضائع محل تجارة مشروعة , إلا أنه إذا تبين للمحكمة إنجاز وإبرام عروض أو
مقترحات أو اتفاقيات بشراء أو بيع البضائع بثمن يتجاوز سعر السوق الداخلية وقت
ارتكاب المخالفة أو الجنحة , فإن المحكمة تعتمد على الثمن لتحديد قيمة تلك الأشياء
والبضائع محل الغش التي تعذر حجزها,وهو ما نص عليه الفصل 219 من مدونة الجمارك
المغربية وأكده قضاء المجلس الأعلى سابقا في النزاع المتعلق بتحديد قيمة البضائع
المصادرة والذي اعتمدت فيه على تقرير الخبير الذي لم يحترم مقتضيات الفصل المذكور
, قرار عدد 174 بتاريخ 17/1/2001, كما أكدت ذلك محكمة النقض الفرنسية.
Cass.
crim :14
/01/1991 ;
bull ; crim ; n° 22 ; 1991 ; p 60.
للمزيد من الإيضاح راحع: فؤاد أنوار
"التخليص الجمركي للبضائع في التشريع المغربي "أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ,جامعة الحسن الثاني –عين الشق-كلية العلوم القانونية و الاقتصادية
و الاجتماعية-الدار البيضاء-السنة الجامعية 2006/2007.
,
ص 581.
[24] من الإشكاليات المهمة التي تطرح علاقة بالمصادرة
" الإخلال بحقوق الغير حسن النية" , وذلك عندما تتم مصادرة أدوات أو
وسائل النقل أو أشياء تكون على ملكية الأجنبي عن الجريمة, كما في حالة البواخر
المحملة بكمية من المخدرات أو سيارات الأجرة أو الحافلات. وأساس هذه الإشكالية أن
ظهير 1974, ومن منطلق النزعة التشددية في مادة المخدرات مع ما يقتضيه ذلك من ضرورة
التوسع في دائرة التجريم وحمل الجميع على قطع أية صلة بالمخدرات , أوجب مصادرة
وسائل النقل المستعملة في نقل المخدرات دون تمييز في ملكيتها بين مرتكب الجريمة و
الأجنبي عنها. ومن آثار هذا على مستوى العمل القضائي اختلاف المحاكم المغربية في
التعامل مع هذه الإشكالية, بحيث هناك من يرى بضرورة ربط المادة 11 من ظهير 21 مايو
1974 بالمادة 133 من القانون الجنائي التي تشترط العمد والذي لا يتحقق إلا بتوافر
عنصري الإرادة والعلم, وعلى هذا إذا استعمل الأجنبي وسيلة النقل على ملكه في
ارتكاب الجريمة دون علم, فلا محل للمصادرة. وعلى هذا الأساس قضت المحكمة
الإبتدائية بالدار البيضاء برفض طلب النيابة العامة مصادرة باخرة ضبطت محملة من
المخدرات بعد أن ثبت لها أن ربان الباخرة الذي هو الممثل القانوني للمالكين غير
متورط في العملية. هذا في الوقت الذي ذهب فيه المجلس في إحدى قراراته بأن قرار المحكمة
بمصادرة السيارة التي استعملها المتهم في نفل المخدرات صائبا لاعتمادها في ذلك على
مقتضيات الفصل 11 من ظهير 21ـ5ـ1974 التي تنص على حجز الوسائل المستعلمة للنقل دون
تمييز بين الغير حسن النية والغير سيء النية. وقرار المجلس الأعلى هذا يبقى مبررا
للعلة الواردة فيه وكذا لعلة أن النص الخاص مقدم على النص العام عند التعارض.
للمزيد من الإيضاح راجع : المعطي الجبوجي:
مكافحة المخدرات في التشريع المغربي بين النص والتطبيق, الطبعة الأولى أبريل 2010,
ص: 88.
[25] GONNARD JEAN-MARIE ; DOUANE ; Régime des peines ; op
.cit ; n° 83.
[26] ينص الفصل 211 من مدونة الجمارك والضرائب الغير
مباشرة على ما يأتي " تقع مصادرة البضائع التي استعملت لإخفاء البضائع المثبت
الغش بشأنها , ما عدا إذا ثبت أن هذه البضاعة ملك لشخص أجنبي عن الغش" .
[27] فؤاد أنوار، مرجع سابق, ص: 586.
[28] نبيل لوقبباوى: الجرائم الجمركية , دراسة مقارنة
, دار النهضة العربية , القاهرة , 1994 , ص : 297.
[29] الجيلالي القدومي: المنازعات الزجرية في القانون
الجمركي: مرجع سابق, ص: 159.
[30] وسواء كانت متحصلة من غش أو من الأشياء الممنوعة
أو المحظورة فإن حجزها ومصادرتها أمر طبيعي لمخالفتها أصلا للمقتضيات و الأنظمة
الجمركية مما تشكل معه ارتكاب جنحة أو مخالفة مستقلة , كأن تكون أشياء ممنوع
تداولها أو استيرادها تخفي مواد مخدرة , أو تشكل ارتكاب جنحة أو مخالفة واحدة كأن
تخفي بضائع يجهل المرتكب أنها محظورة في بضائع أخرى محظورة أيضا , وغالبا ما تثار
منازعات بين المرتكب و الإدارة في هذا الصدد حيث تقوم الإدارة بحجز بعض الأشياء
التي كانت بجوار البضائع المثبت ارتكاب الغش بشأنها بحجة أنها ضبطت كوسيلة لأخفاء
الغش, ونظرا للصعوبات والمشاكل التي كانت تثار أثناء القيام بمثل هذه المصادرات فإن
تعديل المدونة الجمركية لسنة 2000 جاء لتأكيد مصادرة مثل هذه البضائع المستعملة
لإخفاء الغش, مع استثناء من تلك المصادرة للبضائع التي ثبت أنها في ملكية شخص آخر
أجنبي عن الغش.
[31] وهو ما أشارت إليه الفقرة الثانية من الفصل 229
مكرر من مدونة الجمارك المغربية، والتي سمح بمقتضاها المشرع برفع اليد لمالك تلك
البضائع، غير أن ذلك يتوقف على أداء المصاريف المدفوعة من طرف الإدارة عند
الاقتضاء كتلك المترتبة عن حراسة وضغط البضائع المستعملة لإخفاء الغش، وكذا الفصل
211 مكرر من نفس المدونة.
وقد اعتبرت إدارية الرباط " اعتداءا ماديا
قيام إدارة الجمارك بإقفال محل تجاري وتعطيل العمل به عوض نقل البضائع المشكوك في
مصدرها إلى مخازن هذه الإدارة" . وبالتالي أمرت برفع الحراسة على مستودع
المدعي .
أمر استعجالي صادر عن إدارية الرباط تحت عدد
311 بتاريخ 25/6/2003 منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، يناير/
فبراير, 2005, عدد 60, ص: 247.
[32] حسب المفهوم الجمركي لوسائل النقل وحسب الباحثان
NAZARTO ET HOGUET اللذان يذهبان أن عبارة وسائل النقل تطبق على:
ـ المركبات أيا كانت طبيعتها، المستعملة
للنقل البري (عربات مجرورة، سيارات، سكك حديد، قطار كهربائي، مركبة الجليد، عربة
اليد, مدفوعة دراجات الخ ....), أو وسائل النقل البحري ( السفن, البواخر,
القوارب....), أو النقل الجوي كالطائرات.
ـ على الملحقات المعدة لانجاز نقل تكميلي
للنقل الرئيسي (زوارق الإنقاذ، مضلات، الطائرات، صناديق النقل المحمولة على
العربات الخ ...).
ـ على حيوانات الركوب أو الجر وعلى غيرها من
الدواب .
ـ على الأوعية المستعملة لاحتواء البضائع
أثناء النقل أي بالخصوص مختلف الأشياء التي يستعملها المسافرون لحمل أمتعتهم
(الحقائب , الصناديق الخلفية للسيارات ,
الأكياس , الجراب , الخ ....). ولفائف
التعبئة الخارجية الضرورية لنقل بعض البضائع (الصناديق , البراميل).
راجع: الجيلالي القدومي , المنازعات الزجرية ,
مرجع سابق, ص 156.
[33] Gonnard
jean-marie ; douane ; régime des peines ;op.cit ;
n°66.
[34] ويمكن اعتبار كشافي
الطريق شركاء في ارتكاب مخالفة لأنهم يسهلون ارتكاب الغش عملا بمقتضيات الفصل 221
في فقرته الأولى.
[35] وإذا كانت هذه هي الحالات التي حددها المشرع
المغربي بخصوص المصادرة الجمركية العينية, فإن ما تجب الإشارة إليه هو أن المشرع
المصري يختلف عما ذهب إليه المشرع المغربي , فقد ميز بين المصادرة الوجوبية
والمصادرة الجوازية : فهي تكون وجوبية حسب المادة 122/3 من قانون الجمارك المصري
حينما يتم ضبط البضائع موضوع الجريمة , وبالتالي يتعين على القاضي الحكم بمصادرتها
سواء كانت تلك البضائع مما يبيح القانون تداوله أو مما يحظره , مملوكة للجاني أو
آلت إلى ورثته في حالة وفاته , مملوكة للغير ولو كان حسن النية , ضبطت داخل
الدائرة الجمركية أو خارجها , وجعلها جوازية في مجموعة من الحالات الأخرى المنصوص
عليها في المادة 122/3 وتشمل وسائل النقل و الأدوات والمهمات والمواد والآلات و أي
وسيلة استعملت في تحقيق النتيجة الإجرامية وهي تهريب البضائع أو الشروع فيه ومن
ذلك "الروافع والحقائب وغيرها من وسائل إخفاء البضائع المهربة"
[36] محمد الشلي: "الجزاءات المالية في المادة
الجمركية " مرجع سابق. ص: 102.
[37] وقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى في هذا
الصدد تحت عدد 2289 بتاريخ 14/11/2001 في الملف عدد 9500/88 أن القرار المطعون فيه
من طرف إدارة الجمارك والقاضي بإرجاع وسيلة النقل لمالكيها قد بني على أساس قانوني
سليم لأن السائق لم يثبت في حقه ارتكاب الغش او مشاركته في ذلك , كما أن مالكها
بدوره لم يشارك في الغش المرتكب بواسطتها مما يظهر إعمال القاضي لسلطته التقديرية
في هذا الصدد, تقرير المجلس الأعلى لسنة 2001 , ص : 172.
[38] المشرع اعتبر فيما يخص الشرط الأول: أن مالك
وسيلة النقل يبقى مسؤولا عن حراستها , أي أنه يبقى ملتزما قانونا بمراقبة وسيلة
النقل واستعمالها فيما أعدت له , وفي هذا المجال فإن مالك هذه الوسيلة اعتبر أنه
قد شارك في تهيئ وسيلة النقل خصيصا لارتكاب المخالفة , وبالتالي يسري عليه ما يسري
على الفاعلين والشركاء من أحكام .
أما فيما يخص الشرط الثاني، فإن مالك وسيلة
النقل يبقى عملا بأحكام المادة 299 من م.ج, مسؤولا مدنيا عن فعل مستخدميه أي من
كلفهم بقيادة الناقلة.
وتبقى الإشارة إلى الحالة المنصوص عليها في
الفصل 302 من مدونة الجمارك والتي أجاز فيها المشرع بمصادرة وسائل النقل دون أن
تكون لها أية صلة بالبضاعة المهربة , بل لمجرد عدم امتثال سائقها للإنذارات
الموجهة إليه من طرف أعوان الجمارك عند تجواله بداخل المحيط الجمركي للموانئ أو
بداخل دائرة الجمرك.
[39] الجيلالي القدومي: المنازعات الجمركية , مرجع
سابق, ص: 157 وما يليها.
[40] حسب محكمة النقض الفرنسية
, فإن وسائل النقل تتم مصادرتها في اللحظة التي تستعمل بأية صفة كانت لنقل البضائع
المهربة أو المهربين وشركائهم , فقد قضت هذه المحكمة في قرارها بنقض قرار الحكم
الاستئنافي الذي رفضت النطق بمصادرة عربة القطار , والتي كان بها أحد المسافرين
مزودا ببضائع مهربة , بحجة أن المصادرة لا تمس إلا وسائل النقل الخصوصية أو المعدة
مؤقتا أو خصيصا لنقل التهريب .
Cass-crim ; 5 juillet 1950
doc ; cont 938 ; cit par nazarto et hoguet.
أورده الأستاذ الجيلالي القدومي: مرجع سابق ,
ص: 157.
[41] فؤاد أنوار: التخليص الجمركي، مرجع سابق , ص:
585.
[42] وهو ما أكده قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا
تحت عدد 1948/9 بتاريخ 10/07/2002, حيث أثبت مالك الشاحنة التي ضبطت في ارتكاب
التهريب أن سائقيها المستخدم لديه قد تصرف خارج إطار الوظائف الموكولة إليه.
كما أكد ذلك قرار صادر عن نفس المجلس تحت عدد
2728/8 المؤرخ في 12/10/2000 عندما اعتبر أنه لا يخضع لمصادرة الشاحنة المستعملة
من طرف المتهم والتي هي في ملك الغير سلمها للمتهم عن حسن نية للقيام بأعمال
مشروعة وفي وضعية سليمة من حيث أوراقها ومصدر ملكيتها.
قرار منشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى،
العدد المزدوج 57 و 58 , السنة 23 يوليوز 2001: ص 410.
[43] في هذا الصدد قضت استئنافية البيضاء بالغرفة
الجنحية في ملف عدد 1858/2/96 بتاريخ 9/02/1996 من بين ما قضت به بمناسبة الطعن في
الحكم بمصادرة إدارة الجمارك لبضائع معينة ووسائل النقل بإرجاع هذه الأخيرة إلى
مالكها.
ـ استئنافية تطوان، قرار تحت عدد 368/82
بتاريخ 1/2/1982 قضية عدد 1297/82.
مشار إليهما في حفيظي الشرقي: "حول
الطبيعة القانونية للمحاضر في القانون الجنائي الجمركي "أطروحة لنيل دكتوراه
الدولة في الحقوق ,جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و
الاجتماعية-أكدال-الرباط 1991., ص : 305.
[44] المصادرة العينية لا تحقق أي امتياز أو مصلحة
للخزينة العامة حينما تنصب على بضائع لا يتم تداولها بصورة كبيرة , لأن بيعها عن
طريق المزاج العلني لا يستقطب اهتماما يذكر , وتكون الوضعية أكثر انتقادا حينما
يتعلق الأمر بنوع معين من البضائع مثل الأشرطة و الأفلام والتي لا يسمح بتداولها
تجاريا إلا بناء على مساطر خاصة وبعد موافقة جهات معينة .
ومن وجهة نظر مصلحة الزجر , فإن المصادرة
العينية حينما تقع على بضائع مملوكة لمرتكبي الجريمة فإنها لا تحقق أي ردع أو زجر
في الحالة التي يتمكنوا فيها من الحصول على هذه البضائع بثمن منخفض إذا رست عليهم
السمسرة , أما في الحالة التي لا ترجع فيها ملكية البضائع المحجوزة للمتهم ففي هذه
الحالة يقع الزجر في واقع الأمر على المالك حسن النية.
وهذه الانتقادات قد تتلاشى أو تتضاءل بسبب
اعتماد المشرع المغربي على نوع آخر من المصادرة , وهو المصادرة الوهمية , أو
الغرامة البديلة للمصادرة .
[45] Gonnard
jean -marie .douane ; régime des peines ; op ;cit ;
n° 102 ,
[46] بالرجوع إلى التشريع الجمركي المصري يلاحظ بأنه
يقيد اللجوء إى هذا الإجراء بضرورة عدم قيام إدارة الجمارك بحجز البضائع محل الغش
, حيث ورد في المادة 48/8 من مدونة الجمارك أنه إذا لم تضبط السلع موضوع التهريب
يحكم بما يعادل قيمتها .
وهكذا يتبين بأن المشرع المصري يشترط في
الغرامة البديلة عن المصادرة عدم تمكن الإدارة من حجز البضاعة محل الغش , فإذا تم
ضبطها يتعين اللجوء لزوما إلى المصادرة العينية
.
ونفس الشيء ذهب إليه القضاء الجزائري , حيث
اعتبر بأنه " متى تعذر حجز البضاعة وكانت المخالفة المرتكبة تعرض مرتكبيها
لمصادرتها تعين على جهات الحكم أن تصدر بناء على طلب إدارة الجمارك حكما بدفع مبلغ يعادل قيمة تلك البضاعة ليحل محل
المصادرة علاوة على الغرامة الجبائية المقررة
جزاء المخالفة " .
[47] ويترتب عن كون الغرامة البديلة للمصادرة لها نفس
طبيعة المصادرة , أنه لا يمكن أن يحكم القضاء بمصادرة البضائع وكذا الغرامة
البديلة للمصادرة بخصوص نفس الجريمة , إذ لا يجوز معاقبة شخص على فعل واحد مرتين
وبنفس العقوبة .
للمزيد من الإيضاح راجع : محمد الشلي:
الجزاءات المالية في المادة الجمركية, مرجع سابق , ص : 107.
[48] تشترط المادة 254/1 من القانون الجزائري لكي
تكون للمحاضر الجمركية قوة كاملة في الإثبات وبذلك تلزم القاضي, ان يكون محررها
عونين محلفين من الأعوان المشار إليهم في المادة 241 من القانون الجزائري.
وبالرجوع إلى هذه المادة , فإنه يمكن لأعوان
الجمارك وضباط الشرطة القضائية و أعوانها المنصوص عليهم في قانون الإجراءات
الجزائية , و أعوان مصلحة الضرائب و أعوان المصلحة الوطنية لحراس الشواطئ , وكذا
الأعوان المكلفين بالتحريات الإقتصادية والمنافسة والأسعار والجودة وقمع الغش ان
يقوموا بمعاينة المخالفات الجمركية وضبطها.
وكانت المادة 254/1 قبل تعديلها بموجب قانون
1988 تتحدث عن الموظفين التابعين لإدارة عمومية , وقد أوضحت المحكمة العليا أن
المقصود بهم هم الأعوان المشار إليهم في المادة 241/1 وهم أعوان الجمارك والأعوان
المعنيين بأحكام المادة 14 ق.إ.ج .
ومما جاء في إحدى قرارتها أن "حراس
الحدود التابعين للجيش الوطني الشعبي لا يدخلون ضمن الأعوان المشار إليهم في
المادة 254/1 , ومن ثم فإن معايناتهم لا تكون لها قوة المعاينات المادية المنصوص
ذات المادة" .
والغاية من إشتراط عونين محلفين هو توفير
الثقة والمصداقية في المحاضر التي يحرورنها , فإذا تم تحرير المحضر المتضمن
للمعاينات المادية عون واحد بدل اثنين أو أكثر , تعتبر في هذه الحالة صحيحة ما لم
يثبت عكس محتواها , وفي مجال مراقبة السجلات لا يمكن إثبات العكي إلا بواسطة وثائق
يكون تاريخها الأكيد سابقا لتاريخ النحقيق الذي قام به الأعوان المحرورن , أما
في المجالات الأخرى فيخضع إثبات العكس للقواعد العامة أي للكتابة وشهادة الشهود.
وبناءا على ذلك قررت المحكمة العليا "
أنه طالما قد ثبتت في قضية الحال أن المخالفة الجمركية تم إثباتها بموجب محضر حجز
جمركي محرر من قبل خمسة أعوان من إدارة الجمارك غير مطعون في صحته , فإن قضاة
المجلس الذين أسسوا قرارهم بإدانة المتهم بجنحة التهريب المنسوبة إليه إستنادا إلى
المحضر المذكور آنفا دون سواها من وسائل الإثبات الأخرى لم يخالفوا القانون لا
سيما أحكام المادة 212 ق.إ.ج التي لا تجد مجالا لتطبيقها في القضية الراهنة بالنظر
إلأى القوة الثبوتية لمحضر الحجز الجمركي" .
للمزيد من الإيضاح راجع : أحسن بوسقيعة :
المنازعات الجمركية مدعم بالاجتهاد القضائي, مرجع سابق, ص : 49 و 192,
[49] محمد بوخريسا – م س – ص 23.
[51] الفصل 23 من دستور 2011 على "
[52] تنص المادة 240 من مدونة الجمارك المغربية
على:" إن الأفعال المثبتة و أعمال الحجز المنجزة يجب أ، تبين في محاضر متى
أمكن .
ويجب أن تنص هذه المحاضر على:
ـ تاريخ ومكان تحريرها واختتامها،
ـ أسماء وصفات ومساكن الأعوان محرري المحاضر،
ـ تاريخ وساعة ومكان الحجز أو الإثبات،
ـ التصريحات التي قد يدلي بها مرتكب أو
مرتكبو الفعل الذي يكون خرقا للقوانين والأنظمة الجمركية.
ويجب أن توقع هذه المحاضر من طرف محرريها ومن
طرف مرتكبي الفعل إذا كانوا حاضرين. وفي هذه الحالة استحالة توقيع مرتكبي الأفعال
أو رفضهم هذا التوقيع ينص على ذلك في الوثائق المذكورة.
وتسلم نسخة من المحاضر إلى مرتكبي الأفعال
الحاضرين.
ويجب علاوة على ذلك أن ينص في محاضر الحجز
على:
ـ أسباب الحجز,
ـ وصف الأشياء المحجوزة مع بيان نوعها
وجودتها وكميتها,
ـ التدابير المتخذة لضمان إيداعها أو حراستها
أو حفظها،
ـ هوية الحارس المعين عند الاقتضاء مع
موافقته وتوقيعه,
ـ
السماح عند الاقتضاء باستلام البضائع غير المحظورة أو وسائل النقل مقابل
كفالة أو وديعة " .
[53] ففيما يخص المعاينات المادية عرفتها المحكمة
العليا الجزائرية في قرار صدر في 12/05/1997 بأنها : " تلك الناتجة عن
الملاحظات المباشرة التي يسجلها أعوان الجمارك اعتمادا على حواسهم والتي لا تتطلب
مهارة خاصة" .
قرار أورده: أحسن بوسقيعه, المنازعات
الجمركية. ص : 195,196,197.
[54] - Art 235 - Les procès verbaux de douane rédigés par deux
agents des douanes ou autre administration font foi jusqu’à inscription de faux
des constations matérielles qu’à latent…. »
[55] حميد الوالي : المنازعات الجمركية بين القواعد الجزائية العامة و مدونة
الجمارك ، المجلة الالكترونية للذوات محاكم فاس عدد خاص عن مدونة الجمارك العدد
الثالث، يناير 2006، ص 77.
[56] الحبيب بيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدة، الجزء الأول ، الطبعة
الأولى، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط، 2004 ، ص 301.
[57] Les procès verbaux de
douane rédigés par un seul agent font jusqu’à preuve contraire… »
[58] تنص المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية على:
" المحاضر
والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات
يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات" .
[59] قرار رقم 2854
/ 00
بتاريخ 02/05/2000
في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء غير منشور.
[60] عبد اللطيف بوعلام: المنازعات الزجرية في القانون الجمركي رسالة لنيل دبلوم
الماستر في قانون الأعمال و المقاولات , بجامعة محمد الخامس , بكلية الحقوق ـ
السويسي ـ 2007/2008 ص : 36 .
[61] لابد من التفرقة بين المصادرة والحجز الجمركي:
فالمصادرة لا تكون إلا بحكم قضائي ينقل
الملكية إلى الدولة بصفة نهائية وبالتالي يخول لها حق التصرف , أما الحجز الجمركي
فهو إجراء إداري احترازي , تقوم به إدارة الجمارك من أجل ضمان الاحتفاظ إلى حين
صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه , وبالتالي فهو لا ينقل الملكية و لا يخول
لإدارة الجمارك التصرف في البضائع المحجوزة.
[62] Jean ben ternau ; le droit douanière E D Economica paris. 1988. P
543.
[63] عبد المجيد حرمي : "
القواعد الإجرائية في المنازعات الجمركية " رسالة لنيل دبلوم الماستر في
قانون الأعمال والمقاولات ـ جامعة محمد الخامس , كلية العلوم القانونية و
الاقتصادية و الاجتماعية ـ السويسي ـ الرباط , شتنبر 2012 , ص : 19 .
[64] أحسن بوسقيعة :
" المنازعات الجمركية مدعمة بالإجتهاد القضائي " مرجع سابق , ص :
143 .
[65] الفصول من 38 إلى 45 مكرر من مدونة الجمارك
والضرائب الغير المباشرة.
[66] Il résulte
la disposition combinée des articles 43 et 60. c . d. f ; que les agents
des douanes peuvent procéder à la visite des marchandises des moyens de
transport à celle des personnes. sur l’ensemble du térritoire /
cass . crim 23 mars 1992. Bull crim. N° 124 P : 327.
[67] الفصل 238 من مدونة الجمارك والضرائب الغير
مباشرة.
[68] Les agents des douanes ne peuvent procéder à l’arrestation et au
placement en retenue douanier d’une personne qu’en cas de flagrant délit
douanier puni d’une peine d’emprisonnement et lorsque cette mesure et justifiée
par les nécessites de l’enquête douanière
[69] وهذا الأمر يتم استصداره من طرف رئيس
المحكمة الابتدائية.أنظر الفصل 295 من م ج ض غ م.
[70] ينص الفصل 214 مكرر خمس مرات من م ت م ج ض
غ م على أنه «1-تباع وفقا لأحكام الفصل 214 المكرر وما
يليه إلى الفصل 214 المكرر أربع مرات البضائع المحجوزة التي صارت ملكا للإدارة على
إثر تركها بناء على بناء على صلح أو حكم قضائي».
[71] تعرضت المدونة لمسألة بيع الأشياء المصادرة في
الفصول 260 و266 و278.
[72] يجري البيع بإحدى الطريقتين إما بالمزاد
العلني أو بطريقة عرض الأثمان أو بالممارسة حسب ما تفتضيه طبيعة البضائع، ويمكن
للإدارة أن تهبها للمستشفيات والملاجئ وغيرها من المؤسسات الخيرية وفق شروط معينة
نص عليها الفصل 214 مكرر من م ت م ج ض غ م.
[73] الفصل 214 مكرر أربه مرات من م ت م ج ض غ م
.
[74] راحع الفصل 115 من مدونة الجمارك والضرائب الغير
مباشرة .
[75] ظهير شريف رقم 1.83.108 الصادر في 9 رمضان
1405 الموافق ل5 أكتوبر 1984 بتنفيذ القانون رقم 13.83 المتعلق بالزجر عن الغش في
البضائع – ج ر عدد 3777 بتاريخ 1985\3\20.
[76] بالنسبة للقانون الجمركي الجزائري فإن قرار
الإتلاف يتخذ من طرف المدير الجهوي باقتراح من رئيس مفتشية الجمارك مبني على أساس
التقرير الذي يقدمه إليه قابض الجمارك الذي يطلب أو يقترح فيه إتلاف البضائع ,
ويبين من خلاله أسباب هذا الاقتراح , ترسل نسخة منه إلى المديرية العامة للجمارك .
وتنفذ عملية الإتلاف من طرف اللجنة المكونة
من الأعضاء الآتي ذكرهم :
قابض الجمارك المودع لديه , عضوا .
الوكيل المفوض عن القابض كمقرر .
ممثل عن رئيس مفتشية أقسام الجمارك المختص
إقليميا عضوا .
حضور أعوان الحماية المدنية .
ويجب أن تعاين البضاعة موضوع الإتلاف في محضر
بنجز بطريقة دقيقة وخاصة , لأنه يمثل عرض حال كامل وشامل للعمليات المختلفة التي
أجريت لإتلاف البضائع , وكل معلومة كاذبة , تعرض الأعوان المكلفين للمتابعة بسبب
الكتابات العمومية الخاطئة كما نصت على ذلك المواد من 214 إلى 218 .
للمزيد من الإيضاح راجع : بورحلة كنزة , بيع
البضائع بالمزاد العلني , مذكرة التخرج من المدرسة الوطنية للإدارة , السنة
الدراسية 2008/2009 , ص : 34 وما يليها .
[77] القانون رقم 34.05 الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.05.192 بتاريخ 15 محرم 1427 (14 فبراير 2006 ),ج,ر عدد 5397 بتاريخ
21 محرم 1427 (20 فبراير2006 ).
0 تعليقات