الدكتور عبد الأحد البرينصي
حاصل على
شهادة الدكتوراه في الفقه والاقتصاد الإسلامي
أستاذ بسلك الثانوي
التأهيلي.
الصكوك الاستثمارية ودورها في تمويل
المشاريع التنموية بالمغرب
صكوك بيوع الآجال نموذجا
Investment sukuk and their role in
financing development projects in Morocco
Procurement bonds as a model
ملخص :
تنبع أهمية
الدراسة من خلال تعرضها للصكوك الاستثمارية في بيوع الآجال؛ لما لهذه الأخيرة من
تنوع وتطور وانتشار متسارع، هذه الدراسة تهدف بشكل أساسي إلى الوقوف على الصكوك
الاستثمارية من حيث مفهومها وأنواعها، مروراً بدورها التنموي، وصولا إلى أبرز
تطبيقاتها في صكوك بيوع الآجال، كما تظهر مشكلة الدراسة في الآتي: كيف يمكن للصكوك
الاستثمارية أن تكون أداة مهمة لتمويل المشاريع التنموية بالمغرب؟ ومن أجل الوصول
إلى الأهداف والجواب على الإشكالية تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي في المقاربات
النظرية والمنهج التحليلي في التطبيقات الخاصة بصكوك بيوع الآجال، أما عن أهم
النتائج التي توصلت إليها الدراسة فهي: اعتبار الصكوك من الأدوات الاستثمارية
المتفقة مع أحكام الشريعة، والتي تتمتع بمرونة عالية حيث يسهل استخدامها في جميع
الجوانب الاقتصادية: التجارية والصناعية والزراعية.
الكلمات
المفتاحية: الصكوك الاستثمارية، التنمية الاقتصادية، السلم، الاستصناع، المرابحة.
Summary
The importance of the study stems from its exposure
to investment sukuk in term sale, Because of the latter's diversity,
development and rapid spread, this study aims mainly to identify investment
instruments in terms of their concept and types, passing through their
developmental role, Reaching to its most prominent applications in term-sale
instruments, as the study problem appears in the following: How can investment
instruments be an important tool for financing development projects in Morocco?
In order to reach the objectives and answer the problem, the
descriptive-analytical approach was adopted in the theoretical approaches and
the analytical approach in the applications of term-selling sukuks. It is easy
to use in all economic aspects: commercial, industrial and agricultural.
Keywords: investment instruments, economic
development, forward sale, istisna'a,cost-plus financing.
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله
وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد اقتضت حكمة الله أن يوجد إلى جانب كل محرَّم بديلا
يحقق الغرض بعيدا عن الأضرار الناجمة عن المحرَّم.
فتحريم الربا مقرون بتحليل البيع، والسندات باعتبارها وسيلة
أساسية للاستثمار في النظام الرأسمالي والمبنية على القروض الربوية، في حين قدم
الإسلام بدائل مناسبة قائمة على قاعدة: الغنم بالغرم، ومن هذه البدائل الصكوك
الاستثمارية بمختلف أنواعها.
1 ـ أهمية البحث
تكمن أهمية البحث في أهمية الموضوع الذي يناقشه، حيث تعتبر
الصكوك الاستثمارية من أهم الأدوات الحديثة التي قد تساهم في تطوير وتنمية البلد
من خلال جعل الاقتصاد يعمل ضمن مجال الاقتصاد الحقيقي.
كما تظهر أهمية البحث من خلال تركيزه على الصكوك الاستثمارية
ـ مثل صكوك بيوع الآجال ـ المناسبة لتمويل المشاريع التي تسهم في تحقيق التنمية،
بالإضافة إلى الإسهامات المتوقعة في الجانبين النظري والتطبيقي.
2 ـ إشكالية البحث
انطلاقا مما سبق يقدم هذا البحث الذي يهدف إلى
دراسة الدور الذي يمكن أن تقوم به الصكوك الاستثمارية في توفير تمويل لازم
للمشاريع الحكومية، ومن ثم تحقيق التنمية الاقتصادية داخل البلد، وذلك من خلال
الإجابة على الإشكالية الآتية: إلى أي مدى يمكن استخدام الصكوك الاستثمارية كمقترح
لتوفير تمويل لازم للمشاريع التنموية بالمغرب.
ويتفرع على هذا مجموعة من التساؤلات الفرعية هي:
ـ ما حقيقة صكوك الاستثمار؟ ـ وما أهميتها التنموية؟ ـ وما
دور صكوك بيوع الآجال على تمويل المشاريع؟
3 ـ أهداف البحث
ـ التعرف على ماهية الصكوك
الاستثمارية ونشأتها وخصائصها وأهم أنواعها.
ـ بيان أهمية الدور التنموي
للصكوك الاستثمارية.
ـ بيان دور صكوك بيوع الآجال في
تمويل المشاريع التنموية.
4 ـ منهجية البحث
لقد اتبعت في إعداد هذا البحث المنهج الوصفي
التحليلي عند التطرق إلى مختلف المقاربات النظرية المتعلقة بالصكوك الاستثمارية،
وكذا دورها التنموي، بالإضافة إلى المنهج التحليلي من خلال تحليل دور الصكوك
الاستثمارية الخاصة ببيوع الآجال في تمويل عدد من المشاريع الضخمة.
5 ـ خطة البحث
يتكون البحث من مقدمة وثلاثة محاور وخاتمة، حيث تناول المحور
الأول مفهوم الصكوك الاستثمارية من حيث تعريفها وخصائصها وأهميتها، وأنواعها،
وأشار المحور الثاني إلى أهمية الدور التنموي للصكوك الاستثمارية، في حين تحدث
المحور الثالث عن دور صكوك بيوع الآجال في تمويل عدد من المشاريع الضخمة، وينتهي
البحث بخاتمة حوت أهم ما تم التوصل إليه من نتائج وتوصيات.
أولا ـ مفهوم الصكوك
الاستثمارية وأنواعها
لقيت الصكوك الاستثمارية قبولا معتبرا لدى معظم الدول التي
تعتمد المعاملات الإسلامية؛ لما فيها من الابتعاد عن التعامل بالربا، وقد أثبت
الواقع الاقتصادي خطورة التعامل بالربا على اعتبار أنها السبب الرئيس في الأزمات
الاقتصادية العالمية، ونظرا لأهمية الصكوك الاستثمارية سيتم التطرق إلى الآتي.
1 ـ مفهوم الصكوك الاستثمارية
لقد اهتم الاقتصاديون بموضوع الصكوك، فضبطوا تعاريفها،
وأبرزوا خصائصها، وكشفوا عن نشأتها، وهذا ما سيتم الإشارة إليه في:
أ ـ تعريف الصكوك الاستثمارية
ونشأتها
ـ تعريف الصكوك لغة
الصكوك جمع صك، والصك كلمة فارسية معربة، "فالصاد
والكاف أصل يدل على تلاقي شيئين بقوة وشدة؛ حتى كأن أحدهما يضرب الآخر"[1].
والصك عبارة عن الكتاب "الذي يكتب في المعاملات
والأقارير، وجمعه صكوك وأصُكُّ وصِكاك، مثل بحر وبحور وأبحر وبحار، وصَكَّ الرجل
للمشتري صكّا من باب قتل إذا كتب الصَّكّ، ويقال هو معرب"[2].
كما يطلق الصك على "ما يكتب فيه من الورق ونحوه من
حقوق، لكنه يستعمل مجازاً في الحقوق أو الديون الثابتة فيه، وبهذا يتضمن التصرف في
الصك كورقة، التصرف فيما يحتويه من حق أو دين"[3].
ـ تعريف الصكوك في المصادر
القديمة
لقد كان الفقه الإسلامي سبّاقا إلى تعريف الصكوك باعتبارها
وسيلة لإثبات حق، حيث عرف الإمام النووي الصك بكونه عبارة عن "ورقة تخرج من
ولي الأمر بالرزق لمستحقه بأن يكتب فيها للإنسان كذا وكذا من طعام أو غيره فيبيع
ذلك لإنسان قبل أن يقبضه، وفي جواز البيع قبل القبض قضية خلافية"[4].
ـ تعريف صكوك الاستثمار اصطلاحا
لقد استعملت معظم المراجع الاقتصادية التقليدية مصطلح الصك
مرادفا للسند، غير أن الباحثين في الاقتصاد الإسلامي يعطون للصك معنى مختلفا حيث
أخرجوه من دائرة الاقتراض بالفائدة الربوية إلى دائرة الاستثمار، هذا ما جعلهم
يعرفون الصكوك الاستثمارية على النحو الآتي:
ـ تعريف هيأة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية
بأنها "وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو
خدمات، أو في ملكية موجودات مشروع معين، أو نشاط استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل
قيمة الصكوك، وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله"[5].
ـ تعريف مجمع الفقه الإسلامي الدولي بأنها: "أداة
استثمارية تقوم على تجزئة رأس المال إلى حصص متساوية؛ وذلك بإصدار صكوك مالية برأس
المال على أساس وحدات متساوية القيمة، ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون
حصصا شائعة في رأس المال وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه"[6].
ـ كما عرفها البعض بكونها وثيقة "مكتوبة بشكل رسمي، أو
عرفي تتضمن حقا ماليا لشخص على آخر، فهي كلمة تشمل بإطلاقها الأوراق المالية،
كالأسهم، والتجارة كالشيكات، والعقدية كسندات النقل، وغيرها من كل ما يثبت حقا
ماليا، ويكون قابلا للتداول والتحويل للغير، والإضافة هي التي تحدد المراد"[7].
من خلال ما سبق من التعريفات يظهر الفرق بين الصكوك القديمة
والحديثة، فالصكوك المتحدث عنها في كتب الفقه القديمة كانت تصدر لإثبات حق، وقد
يطرأ عليها بيع أو شراء، بينما الصكوك الإسلامية الحديثة تصدر لأغراض استثمارية.
ب ـ نشأة الصكوك الإسلامية
إن فكرة التصكيك نشأت أولا في ساحة العالم الاقتصادي في
الولايات المتحدة الأمريكية "عام 1970م عند ما قامت الهيأة الوطنية الحكومية
للرهن العقاري بإصدار صكوك تستمد على القروض المضمونة بالرهن العقاري"[8].
أما فيما يخص نشأة الصكوك الإسلامية فترجع
بالأساس إلى عام: 1983م، بعد بدأ عمليات أول بنك إسلامي بماليزيا والذي هو (بنك
إسلامي ماليزيا) هذا البنك الذي امتنع عن تملك السندات الحكومية؛ لمخالفتها لأحكام
الشريعة الإسلامية؛ مما جعل البنك المركزي الماليزي يصدر شهادات استثمار خالية من
الربا.
ثم تبع ذلك عدة محاولات "كانت أبرزها تلك الدراسة التي
أعطت الصورة الأولية للصكوك الاستثمارية الإسلامية، والتي قدمها الدكتور سامي حمود
في بحثه ـ سندات المقارضة ـ الذي قدمه ضمن مشروع إنشاء البنك الإسلامي بالأردن
عام: 1987م، وكان المقصود منها تقديم بديل إسلامي لسندات القروض المبنية على أساس
الفائدة الربوية.
وقد تطورت الفكرة حينما عرضت على وزارة الأوقاف في الأردن
للاستفادة منها في إعمار أراضي الأوقاف، وحينما عرضت على مجمع الفقه الإسلامي في
دورته الرابعة في جدة سنة: 1988م، الذي خرج بتصور متكامل، وبضوابط شرعية، أصدر
بموجبها القرار رقم: 30 (5/4) بشأن سندات المقارضة، وسندات الاستثمار من فتح الباب
أمام الشركات، والمؤسسات المالية الإسلامية لإصدار صكوك مبنية على هذه الصيغ
الحديثة"[9].
من هنا بدأت فكرة إصدار صكوك إسلامية استثمارية تتبلور في
بعض الدول الإسلامية؛ مما أدى إلى تطور هذا النوع من الصكوك خاصة في السنوات
الأخيرة إنْ على مستوى الكم أو النوع، هذا ما دفع ويدفع العديد من الباحثين بتقديم
دراسات في هذا الباب.
ج ـ خصائص الصكوك الاستثمارية
وأهميتها
تتميز الصكوك الاستثمارية عن غيرها من الأدوات المالية التقليدية
بخصائص تمنحها أهمية كبيرة منها.
ـ خصائص الصكوك الاستثمارية
بناء على ما تقدم من المفهوم الاصطلاحي للصكوك الاستثمارية
يمكن رصد مجموعة من الخصائص أهمها.
ـ خلو الصكوك الاستثمارية من
الربا؛ لأنها من الأدوات المالية المنضبطة بضوابط الشرع؛ ولما فيها من التنمية
الحقيقية، التي تساهم في قيام المال بوظيفته المنوطة به؛ وهذا سيساهم في الحد من
التضخم، وارتفاع الأسعار الذي يسببه الربا.
ـ الصكوك تمثل ملكية حصص شائعة
في المشروع؛ الذي أُصدرت الصكوك لتمويله أو إنشائه، ويترتب عليها جميع الحقوق
والتصرفات المقررة شرعا للمالك من ذلك: البيع والإرث والرهن والهبة وغيرها، وأنها
تمثل دينا في ذمة مصدرها لحاملها؛ لأن حِل العائد يقوم على شرطين هما:
الأول ـ ألا تكون قيمة الورقة
مضمونة على المستثمر.
الثاني ـ أن يكون هذا العائد
حصة محددة من الربح أثناء التعاقد.
بهذا يكون الدين مضمونا في ذمة المدين بصرف النظر عن نتيجة
المشروع الممول.
ـ الصكوك تمثل وثائق متساوية
القيمة؛ لأنها تصدر "باسم مالكها أو لحاملها، بفئات متساوية القيمة لإثبات حق
مالكها فيما تثبته من حقوق والتزامات مالية"[10]؛
ولأنها تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو نشاط استثماري خاص؛
بغية تيسير شراء وتداول هذه الصكوك.
ـ الصكوك تقوم على مبدأ
المشاركة في الغنم والغرم؛ حيث تمنح الصكوك الاستثمارية حاملها حصة من الربح حسب
ملكيته أو ما نصت عليه نشرة الإصدار، وليس نسبة محددة مسبقا من قيمتها الاسمية،
كما يلتزم في الآن نفسه بتحمل مخاطر الاستثمار كاملة في حال تعرض المشروع للخسارة
بسبب لا يد للمضارب فيه؛ لأن حملة الصكوك يملكون المشروع ملكية مشتركة، وهلاك
المال وخسارته على مالكه، وفقا لقاعدة: ـ الغنم بالغرم ـ أو ـ الخراج بالضمان ـ
ـ الصكوك تصدر وفقا لضوابط
شرعية، عندما تخصص حصيلة الصكوك للاستثمار في مشروع أو نشاط فإنه يخضع لضوابط
شرعية عامة وخاصة، أما الضوابط العامة فهي: لا يجوز أن توظف "هذه الصكوك في
محرّم سواء أكان محرم لعينه من خلال التعامل في أنشطة محرمة؛ كالخمور والخنزير
ونحوها أو محرم لكسبه من خلال التعامل بالربا وبيع النجش والغش والتدليس والخديعة
والقمار ونحو ذلك.
وأما الضوابط الخاصة؛ فإن الصكوك الإسلامية تصدر على أساس
عقود شرعية وفقا لصيغ التمويل الإسلامية من مشاركة ومضاربة ومرابحة وغيرها، بضوابط
تنظم إصدارها وتداولها"[11].
ـ أهمية الصكوك الاستثمارية للصكوك الاستثمارية أهمية كبيرة يمكن تلخيصها في النقط الآتية:
ـ تساهم الصكوك الاستثمارية في
حل مشكلة فائض السيولة لدى الحكومات، أو البنوك المركزية؛ وذلك من خلال شراء
الصكوك وفق ضوابط معينة؛ والتي تؤدي إلى خفض معدلات التضخم، وفي حالة عجزها كذلك،
تسيل بعض الصكوك وفق معايير معينة؛ ومن ثم خفض نسبة الانكماش.
ـ تعد الصكوك وسيلة من وسائل
الحصول على سيولة نقدية كبيرة وتوظيفها في نشاطات استثمارية مختلفة ترجع بالنفع
على الجهات المصدرة لها، على المجتمع عامة، ومن أهم مزايا الصكوك أنها تغني
الحكومات عن الاقتراض بالربا من البنوك الأجنبية.
ـ تعتبر الصكوك من أهم صيغ
تمويل المشاريع الضخمة التي لا تستطيع القيام بها جهة واحدة، كما أنها توفر موارد
مالية من أجل تمويل الاستثمارات طويلة الأجل.
ـ تساهم الصكوك في تمويل
مشروعات "البنية الأساسية، والمرافق الحكومية، وتوفير التمويل اللازم للشركات،
والمؤسسات المالية؛ بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية"[12].
ـ تعتبر الصكوك وسيلة فعالة في
تنشيط الاقتصاد؛ وذلك من خلال الاستفادة من رؤوس الأموال التي لا يريد أصحابها
الدخول في المشاريع التي تمول عن طريق الربا.
ـ تقدم الصكوك عوائد أعلى
"مقارنة بباقي الاستثمارات المالية الأخرى، كالأوراق المالية الحكومية،
والسندات ذات الآجال القصيرة، بالإضافة إلى المخاطر المحدقة بها"[13].
2 ـ أنواع الصكوك الاستثمارية
تتنوع الصكوك الاستثمارية إلى أنواع عديدة باعتبارات مختلفة،
فباعتبار مدتها تتنوع إلى: صكوك مؤقتة بفترة زمنية محددة، وصكوك متناقصة أو منتهية
بالتمليك، وصكوك الإجارة المنتهية بالتمليك.
ثم باعتبار استثمار حصيلتها تتنوع إلى: صكوك استثمار مخصص
لتمويل مشروع معين، وصكوك استثمار مخصص لتمويل نشاط خاص، وصكوك استثمار غير مخصص
بمشروع معين ولا نشاط خاص.
أما باعتبار أساسها الفقهي تتنوع إلى: صكوك مضاربة ومشاركة
وإجارة ومرابحة ووكالة بالاستثمار وسلم واستصناع ومزارعة ومساقاة ومغارسة.
ثم إن هذه الورقة البحثية ستقتصر على جزء واحد من النوع
الأخير والمتعلق ببيوع الآجال.
ثانيا ـ الدور التنموي للصكوك
الاستثمارية
يعد الاستثمار في البلدان النامية أحد الدعائم الأساسية
للنمو الاقتصادي؛ لما ينجم عنه من زيادة طاقة البلد الإنتاجية، ومن ثم زيادة النمو
الاقتصادي الناجم عن زيادة القيمة المضافة والإنتاج وغيرهما، والصكوك الاستثمارية
يمكن أن تقوم بهذا الدور الذي سيبين فيما يأتي.
1 ـ مفهوم التنمية الاقتصادية
وأهميتها في الإسلام
أ ـ تعريف التنمية
التنمية لغة مصدر نمَّى الشيء أو الحديثَ تنمية: أنماه وأصله
من نما الشيء نماء ونموا زاد وكثر، يقال: نما الزرع ونما المال؛ أي كثر[14].
واصطلاحا عرفها علماء الاقتصاد بأنها "الزيادة السريعة
في مستوى الإنتاج الاقتصادي والدخل القومي والأسري وغير ذلك، في حين يرى علماء علم
الاجتماع على أن التنمية هي تغيير اجتماعي مقصود ومخطط يستهدف تغيير السلوكيات
والثقافات؛ حتى تكون إيجابية ومنفتحة ومرنة ومنتجة"[15].
ب ـ تعريف التنمية الاقتصادية
إن التنمية في ظل الفكر الاقتصادي الإسلامي عرفت بتعاريف
منها "عملية تفاعل بين الدولة والقطاع الخاص تستهدف إجراء تغييرات في البنيان
الاقتصادي الاجتماعي على نحو يؤدي إلى تصحيح الهياكل الاقتصادية، ويضمن عدالة
توزيع الدخول والثروات بين أفراد المجتمع وفق عقيدة الاستخلاف"[16]. وبالنظر إلى التعريف
يلاحظ أنه ركز على أمرين أساسين هما: الأول الكفاءة الاقتصادية، والثاني تحقيق
عدالة توزيع الثروات.
ج ـ اهتمام الإسلام بالتنمية
الاقتصادية
إن اهتمام الإسلام بالتنمية الاقتصادية يظهر في جعلها فريضة
شرعية وضرورة واقعية؛ بحيث لا يمكن للأمة الإسلامية أن تكون قوية وعزيزة إلا إذا
استقلت عن الآخر في جميع أمورها الاقتصادية والسياسية وغيرهما.
إضافة إلى ما سبق نجد الإسلام يعالج المشكلة الاقتصادية على
أنها جزء من مشكلة أكبر والمتمثلة في "مشكلة التنمية الإنسانية. فإن أول
وظيفة من وظائف الإسلام هي توجيه التنمية الإنسانية في المسالك الصحيحة، وفي
الاتجاه الصحيح. إنه يهتم بكل مظاهر التنمية الاقتصادية، ولكن دائما في إطار
التنمية الإنسانية الشاملة، لا في شكل بعيد عن هذا الأفق"[17].
2 ـ الصكوك الاستثمارية
والتنمية الاقتصادية
إن الصكوك الاستثمارية بأشكالها المختلفة لها دور فعال في
نمو الاقتصاد، وأثر بارز في التنمية الاقتصادية؛ وذلك لما تتمتع به من وساطة مالية
يحتاجها المجتمع لتفاوت أفراده في "المعرفة والمهارة والثروة، فهناك الغني
لكنه لا يعرف كيف ينمي ثروته، وهناك الذي يملك المهارة والخبرة التجارية لكنه لا
يملك المال، فإذا كان الطرفان بعيدين عن بعضهما البعض تنشأ الحاجة لطرف ثالث يتولى
دور الوساطة للتقريب بينهما وإشباع حاجة كليهما في مقابل ربح متفق عليه، ولعل صكوك
الاستثمار الإسلامية قادرة على القيام بذلك الدور"[18].
بالإضافة إلى ما سبق تتميز أيضا الصكوك الاستثمارية بصفات تمكنها
من الصعود في سلم التنمية الحقيقة؛ لأنها "مرتبطة باستثمارات حقيقية، وهذه
الاستثمارات تعد بديلا ناجحا يثبت أن الاستثمار الناتج من الفائدة غير حقيقي، وأنه
يزيد المرابي غنى والمقترض إيذاءا وفقرا، إذ من المعلوم للجميع أن التنمية
الاقتصادية تتطلب وجود استثمار حقيقي يخدم العملية الإنتاجية في محاولة النهوض
بالإمكانات الاقتصادية داخل الدولة ـ ومن ذلك الدولة المغربية ـ
إضافة إلى ذلك تتمتع الصكوك الإسلامية ـ أو بالأحرى الأساليب
الاستثمارية محل التصكيك ـ بصفة اعتماد الأولويات الإنمائية، بحسب ما تقتضيه
منظومة العقلانية الاقتصادية وبالشكل الذي يحقق أكثر مقاصد شرعية ممكنة"[19].
وعلى هذا الأساس يمكن الإشارة على نحو من الإجمال لأهمية
الصكوك الاستثمارية في تمويل المشاريع التنموية الضخمة، كالطرق والموانئ والمطارات
ومحطات تحلية المياه وغيرها، ومن مميزات الصكوك الاستثمارية.
أ ـ تعد الصكوك الاستثمارية
عاملا أساسيا في تمويل مشاريع البنى التحتية التي تحتاجها الدول النامية، خاصة
الكبيرة منها التي تحتاج في إقامتها إلى سيولة نقدية كبيرة، بهذا تلبي الصكوك
الاستثمارية حاجيات الدولة وتجعلها تنمو بسرعة.
ب ـ تعتبر الصكوك الاستثمارية
من الوسائل الفعالة في توفير موارد مالية وتوظيفها في مشاريع تنموية حقيقية؛ ذلك
أن الصكوك الاستثمارية تستطيع أن تحقق الغرضين معا وهما: تعبئة الموارد، وضمان
توجيهها إلى مجالات استثمارية حقيقية.
ج ـ تميز الصكوك الاستثمارية
بقدرتها "على تجميع وتعبئة المدخرات من مختلف الفئات؛ وذلك لتنوع آجالها ما
بين قصير ومتوسط وطويل، وتنوع فئاتها من حيث قيمتها المالية، وتنوع أغراضها، وكذا
تنوعها من حيث طريقة الحصول على العائد، ومن حيث سيولتها المستمدة من إمكانية
تداولها في السوق الثانوية من عدمه"[20].
ثالثا ـ تطبيقات صكوك الاستثمار
في بيوع الآجال
تمثل الصكوك الإسلامية بديلا شرعيا عن الاقتراض بالربا، أو
إصدار سندات تقليدية، حيث يمكن لحكومة مَّا ـ ومن ذلك الحكومة المغربية ـ أن تصدر
عدة أنواع من الصكوك الاستثمارية؛ لتمويل مشاريعها، وخاصة الضخمة منها والتي تتطلب
سيولة نقدية عالية، وبما أن الموضوع ذو شجون سيُكتفى بالتعرض لصكوك بيوع الآجال[21] فقط، من خلال النقط
الآتية.
1 ـ تطبيق في صكوك بيع السلم
كان عقد السلم[22]
فيما مضى مركزا بالأساس على القطاع الزراعي؛ لهذا اهتم به الفقهاء قديما فكتبوا
فيه الشيء الكثير في مجال الزراعة، أما في وقتنا الحالي أرى أنه من الضروري توسيع
دائرة السلم ليشمل صكوك السلم في جميع القطاعات التجارية والزراعية والصناعية.
أ ـ تعريف صكوك السلم
عُرفت صكوك السلم بتعريفات كثيرة كلها متقاربة سيُقتصر على
اثنين منها:
ـ تعريف هيأة المحاسبة
والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بكونها عبارة عن "وثائق متساوية
القيمة، يتم إصدارها لتحصيل رأس مال السلم، وتصبح سلعة السلم مملوكة لحملة
الصكوك"[23].
ـ تعريف زكريا عيسى شنطاوي
بأنها "وثائق متساوية القيمة تطرح بجمع مبلغ لتسليمه إلى مورد لشراء سلعة منه
تسلم بعد مدة، ويكون حق حامل الصك مؤجلا إلى حين استلام السلعة وبيعها، وهذا النوع
من الصكوك لا يجوز تداوله؛ لأنه لا يجوز بيع السلعة قبل القبض؛ ولأنها تمثل دينا،
والديون لا يجوز تداولها"[24].
ب ـ خطوات إصدار صكوك السلم
إن هيكلة إصدار صكوك السلم تتم عبر المراحل الآتية:
ـ يقوم المصدر بإنشاء شركة ذات
الغرض الخاص وبعدما يمتلكها يقبل الطرف الأول بيع السلعة محل التمويل سلما للثاني،
ويقبل الثاني الشراء من الأول بثمن حال وتسليم السلعة آجلا في زمن محدد.
ـ قيام الشركة بتحديد كمية ونوعية السلعة محل
التمويل، وذلك من خلال إصدار صكوك سلم ذات أجل ثابت وقيم متساوية وعائد
للمستثمرين.
ـ اكتتاب المستثمرين في الصكوك
ودفعهم ثمن السلعة عاجلا للشركة.
ـ قيام الشركة بتسديد المبلغ
المحصل عليه من المستثمرين ـ حملة الصكوك ـ إلى المصدر مقابل تسليم السلعة في
المستقبل.
ـ عند وصول الآجال المحددة يقوم
المصدر بتسليم السلعة المشتراة سلما للشركة ويدفع ثمنها ويحسب هذا المبلغ على أساس
معدل فائدة ثابت أو متغير.
ـ قيام الشركة المذكورة بإعادة
دفع مبلغ ثمن سلعة السلم المتحصل عليه عند الأجل من قبل المصدر للمستثمرين.
ـ بحلول الأجل تسترجع الشركة
المذكورة صكوك السلم من عند المستثمرين، بهذا تنتهي عملية التصكيك[25].
ج ـ حكم تداول صكوك السلم
إن صكوك السلم تمثل المسلم فيه بعدما يوقع العقد، ومن ثم
يكون حكم تداول صكوك السلم، كحكم بيع المسلم فيه قبل قبضه، وحكم بيع المسلم فيه
قبل قبضه اختلف فيه الفقهاء على قولين.
الأول ـ يرى منع بيع المسلم فيه
قبل قبضه، وعلى هذا لا يجور تصكيك السلم من أجل التداول؛ لما فيه من بيع الدين
المحرم، وإنما يجوز تصكيك السلم للاكتتاب فقط، أو قبض المسلم فيه.
الثاني ـ يرى جواز بيع المسلم
فيه قبل قبضه، وعلى هذا لا مانع من صياغة الصكوك من خلال عقد السلم من أجل التداول
وفق الشروط التي وضعوها.
د ـ مجالات تطبيق صكوك السلم
يمكن للحكومات ـ ومنها الحكومة المغربية ـ أن تستفيد من صكوك
السلم في تمويل عدة مجالات من ذلك مجال التجارة في صكوك الفوسفاط، والتجارة في هذا
النوع من الصكوك يمكن أن تتم عبر المراحل الآتية:
ـ المرحلة الأولى ـ تقوم
الحكومة من خلال جهاز تختاره مثلا (بنك المغرب) إصدار صكوك ذات قيمة مالية معينة
من الفوسفاط الذي يكون موصوفا في الذمة.
ـ المرحلة الثانية ـ تقوم الجهة
التي وكل إليها إصدار الصكوك (بنك المغرب) ببيعها إلى الشركات المحلية أو الدولية
أو الأفراد بثمن معجل.
ـ المرحلة الثالثة ـ أن الصك
يتضمن توكيلا من صاحبه للمكتب الشريف للفوسفاط باستلام المسلم فيه والمتمثل في
الفوسفاط، ثم بيعه بالسعر الجاري، بعد ذلك تدفع القيمة لصاحب الصك خلال مدة زمنية
يتم الاتفاق عليها.
ـ المرحلة الرابعة ـ إن مواعيد
صكوك السلم تتنوع إلى: طويلة الأجل ـ ومتوسطة ـ وقصيرة؛ حتى تلبي كل حاجات
المتعاملين.
2 ـ تطبيق في صكوك الاستصناع
يمكن استخدام صكوك الاستصناع[26] في
صناعات متطورة ومهمة في حياتنا المعاصرة، مثل استصناع الطائرات والسيارات والسفن
ومختلف الآلات التي تصنع في المصانع الكبرى، بالإضافة إلى تمويل البنية التحتية من
بناء مستشفيات ومطارات وموانئ ومدارس وإنشاء جسور وأنفاق ومحطات تحلية المياه
وتمديد شبكات وخطوط الماء والكهرباء وغيرها من الأمثلة.
أ ـ تعريف صكوك الاستصناع
عرفت صكوك الاستصناع بتعاريف أغلبها تحمل نفس المعنى منها.
ـ تعريف هيأة المحاسبة
والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بأنها "وثائق متساوية القيمة تصدر
لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تصنيع سلعة، ويصبح المصنوع مملوكا لحامل
الصكوك"[27].
ـ تعريف كمال توفيق "وثائق
متساوية القيمة تصدر لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها
في تصنيع سلعة، ويصبح المصنوع
مملوكا لحاملي الصكوك"[28].
ب ـ خطوات عملية في إصدار صكوك
الاستصناع
هناك خطوات عملية لإصدار صكوك الاستصناع تتمثل في الآتي:
ـ إبرام عقد الاستصناع يكون بين
الجهة المصدرة (أي المشتري) والمقاول (أي الصانع) على شيء موصوف.
ـ تقوم الجهة المصدرة ببيع
المصنوع إلى الشركة صاحبة الغرض الخاص.
ـ عملية تصكيك قيمة العقد تكون
من أجل الحصول على السيولة النقدية؛ لتمويل المشروع.
ـ الاكتتاب في الصكوك، حيث يمثل
حملة الصكوك المشترون للعين المراد صنعها، وحصيلة الاكتتاب هي تكلفة المصنوع.
ـ تسليم حصيلة الاكتتاب في
الصكوك للجهة المصدرة باعتبارها البائع للمصنوع.
ـ تقييم المال للمقاول.
ـ استيفاء المصنوع من المقاول.
ـ بيع المصنوع وتقديم الربح إن
وجد لحملة الصكوك[29].
ج ـ حكم تداول صكوك الاستصناع
يجوز تداول صكوك الاستصناع وكذا استردادها "إذا تحول
الثمن إلى أعيان مملوكة لحملة الصكوك في مدة الاستصناع، أما إذا دفعت حصيلة الصكوك
ثمنا في استصناع مواز أو تم تسليم العين المصنعة إلى المستصنع (المشتري) فإن تداول
هذه الصكوك يخضع لأحكام التصرفات في الديون، حيث يتم إصدار صكوك الاستصناع لتمويل
المشاريع التي ستنفذ مستقبلا"[30].
د ـ مجالات تطبيق صكوك السلم
يمكن للحكومة المغربية أن تقوم بتمويل مجالات كثيرة ومختلفة
على أساس صكوك الاستصناع، من هذه المجالات ـ والذي المغرب في حاجة إليها ـ ما
يتعلق بالصيد البحري، فمثلا.
ـ إذا أرادت الحكومة المغربية
امتلاك أسطول بحري للصيد في أعالي البحار إلا أنها لا تمتلك السيولة النقدية
الكافية لاقتنائه، آنئذ تقوم الحكومة بطرح صكوك بقيمة المبلغ الذي يكفيها لشراء
السفن.
ـ ثم بعد ما يجمع مدير الإصدار
قيمة الإصدار كاملا من المكتتبين ينتقل إلى إبرام عقد استصناع مع شركة مصنعة،
والتي يتم الاتفاق معها على المواصفات الدقيقة لهذه السفن؛ حتى تنتفي الجهالة
المفضية إلى النزاع والخلاف.
ـ وعندما يتم الانتهاء من صناعة
السفن المذكورة تسلم للحكومة، وعندئذ يصبح ملكا لحملة الصكوك التي تستحق الربح إذا
ربحت، وتحتمل الخسارة إن حدثت، بناء على قاعدة: الغنم بالغرم.
3 ـ تطبيق في صكوك بيع المرابحة
يمكن إصدار صكوك المرابحة[31]
بهدف تمويل عقد بيع بضاعة مرابحة، مثل المعدات والأجهزة وغيرها، وسيتم تناول
الموضوع من خلال النقط الآتية.
أ ـ تعريف صكوك المرابحة
عرفت صكوك المرابحة بتعريفات لها نفس الدلالة منها.
ـ تعريف هيأة المحاسبة
والمراجعة بوثائق "متساوية القيمة، يصدرها البائع لسلعة أو بضاعة المرابحة،
والمكتتبون فيها هم المشترون لبضاعة المرابحة؛ لتحصيل ثمن البضاعة، وتصبح بضاعة
المرابحة مملوكة لحملة الصكوك ويستحقون ثمن بيعها"[32].
ـ كما يمكن تعريفها بأنها عبارة
عن وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها من أجل شراء سلعة المرابحة، حيث تصبح السلعة
في ملكية حملة الصكوك.
ب ـ خطوات عملية في إصدار صكوك
المرابحة
هناك خطوات عملية لإصدار صكوك المرابحة والتي تجمل في الآتي:
ـ إنشاء الحكومة شركة ذات الغرض
الخاص والتي تحول إليها ملكية عقد المرابحة؛ من أجل الحصول على الأموال لتمويل
مشروع المرابحة.
ـ العمل على إصدار صكوك بقيمة
عقد المرابحة الذي تحولت ملكيته من الجهة المصدرة إلى الشركة ذات الغرض الخاص.
ـ العمل على توجيه حصيلة
الاكتتاب؛ بحيث تكون قيمة الصكوك المكتتب بها أقل من القيمة الاسمية، وحملة الصكوك
هم المشترون لبضاعة المرابحة.
ـ ثمن شراء البضاعة هي حصيلة الاكتتاب.
ـ قيام الشركة بتوظيف الأموال
في شراء البضاعة؛ بهذا يحصل التصرف فيها ببيعها للواعد بالشراء وتحصيل ثمن البيع.
ـ عند تمام العملية ترجع قيمة
الصكوك مع الربح[33].
ج ـ حكم تداول صكوك المرابحة
إن حكم تداول صكوك المرابحة إن كان بعد شراء بضاعة المرابحة
وقبل بيعها للمشتري فجائز، أما بعد تسليم البضاعة للمشتري فلا يجوز؛ لأنها في هذه
المرحلة تمثل دينا في الذمة.
د ـ مجالات تطبيق صكوك المرابحة
يمكن للحكومة المغربية من خلال صكوك المرابحة القيام بالعديد
من الأنشطة، كتمويل تجارة الواردات والصادرات، وتوفير احتياجات بعض القطاعات
الإنتاجية كقطاع التجارة الداخلية أو الخارجية، وسأسوق هنا مثالا للتوضيح أكثر.
مثل أن تحتاج الحكومة المغربية إلى شراء عدد من الأجهزة
الطبية بمختلف أنواعها من أجل تزويد بعض المستشفيات العمومية، غير أن الحكومة لا
تقدر على شراء كل الأجهزة اللازمة من ميزانيتها السنوية ـ خاصة عندما يكون الأمر
مفاجئا كما هو الحال في زمن كوفيد 19 ـ مما يجعلها توجه طلبا لبنك من البنوك
التشاركية بشراء هذه الأجهزة، كما يمكن أن يتم الإصدار عن طريق شركة ذات غرض خاص،
مع وعد حكومي بشراء هذه الأجهزة من حملة الصكوك بعد ما يتملكونها.
آنئذ يقوم البنك التشاركي، أو الشركة ذات الغرض الخاص،
بإصدار صكوك للاكتتاب بصفته مديرا لهذه العملية مقابل أجر معين، ثم إن حصيلة
الاكتتاب هي تكلفة شراء البضاعة.
وعندما يتم قفل باب الاكتتاب يقوم البنك التشاركي بشراء
الأجهزة الطبية عن طريق أسلوب المرابحة ويقبضها قبضا ناقلا للملكية، ومن ثم تصبح
السلعة مملوكة لأصحاب الصكوك، بعد ذلك يقوم البنك التشاركي ببيعها مرابحة بالتقسيط
على الحكومة المغربية، والربح الذي يحصل عليه البنك التشاركي هو الفرق بين ثمن
شراء بضاعة المرابحة نقدا وبيعها بالآجال.
خاتمة:
بهذا يصل
البحث إلى نهايته بعد إثبات النتائج والمقترحات الآتية:
أولا ـ أهم
نتائج البحث
ـ الصكوك
الاستثمارية عبارة عن وثائق متساوية القيمة، وهي تمثل حصصا شائعة، سواء تعلق الأمر
بملكية الأعيان، أو المنافع، أو الخدمات، أو ملكية موجودات نشاط استثماري خاص، أو
موجودات مشروع معين.
ـ تعتبر
الصكوك الاستثمارية من الأدوات التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وقد جاءت
بديلا عن الأوراق المالية التقليدية المبنية على الربا.
ـ تتنوع
الصكوك الاستثمارية تنوعا واسعا فتشمل: صكوك السلم والاستصناع والمرابحة وغيرها من
الأنواع.
ـ تتمتع
الصكوك الاستثمارية بمرونة عالية يسهل استخدامها في جميع الجوانب الاقتصادية:
التجارية والصناعية والزراعية وغيرها.
ـ تنوع وتعدد
إصدار الصكوك الاستثمارية من شأنه أن يوفر حلولا متنوعة للحكومات الراغبة في
الاستفادة من عملية التصكيك.
ثانيا ـ أهم مقترحات البحث
ـ ضرورة
تشجيع الحكومات للقطاعات الاقتصادية: الخاصة منها أو العامة على إصدار الصكوك،
وذلك من خلال سياسة تحفيزية للشركات المصدرة للصكوك، وتوفير غطاء قانوني متطور.
ـ ضرورة
إنشاء مؤسسة بحثية تعمل على تمويلها مختلف الجهات الحكومية والخاصة كذلك؛ من أجل
مواكبة التطورات الاقتصادية الجديدة.
ـ ضرورة
انخراط البنوك التشاركية المغربية في إصدار صكوك استثمارية، ونشر الوعي الاقتصادي
الإسلامي في التعامل بالصكوك الإسلامية.
لائحة المصادر والمراجع
ـ ابن رجب الحنبلي، القواعد،
مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، الطبعة الثانية، سنة: 1999م.
ـ أبو زكريا يحيى النووي، شرح
النووي على صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، الطبعة الثانية.
ـ أحمد بن فارس، مقاييس اللغة،
تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، سنة:
1414هـ/1994م.
ـ أحمد بن محمد المقري الفيومي،
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، المكتبة العلمية، بيروت لبنان.
ـ أشرف محمد دوابه، الصكوك
الإسلامية بين النظرية والتطبيق، دار السلام، الطبعة الأولى، سنة: 1430هـ/2009م.
ـ الدكتور سامي حسن حمود، تطوير
الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، مطبعة الشرق عمان، الطبعة الثانية،
سنة: 1402هـ/1982م.
ـ زكريا سلامة وعيسى شنطاوي،
الآثار الاقتصادية لأسواق الأوراق المالية من منظور إسلامي، دار النفائس، عمان
الأردن، سنة: 2009م.
ـ سناء نزار، دور آلية التوريق
المصرفي والتصكيك الإسلامي في سوق رأس المال، دراسة حالة سوق رأس المال الماليزي
خلال فترة: 2001 ـ 2015م، رسالة دكتوراه، جامعة محمد خيضر بسكرة، سنة: 2015م.
ـ عبد الستار أبو غدة، البيع
المؤجل، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة، الطبعة الثانية، سنة: 2003م.
ـ عبد اللطيف بدري، التوريق
كأداة من أدوات تطوير البورصة المصرية، بحث مقدم في مؤتمر أسواق الأوراق المالية
والبورصات، آفاق وتحديات، المنعقد في دبي، سنة: 2007م.
ـ عدنان محمد ربابعه،
استراتيجيات التنمية الاقتصادية من منظور إسلامي، رسالة دكتوراه، جامعة اليرموك،
سنة: 2007م.
ـ علي محيي
الدين القره داغي، استراتيجية التنمية الشامية والسياسات الاقتصادية في ظل الربيع
العربي، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى، سنة: 1433هـ/2012م.
ـ فتني مايا، التجربة الماليزية
في إصدار الصكوك الإسلامية، ملتقى دولي حول منتجات وتطبيقات الابتكار والهندسة
المالية، جامعة سطيف، سنة: 2014م.
ـ كمال توفيق
حطاب، الصكوك الاستثمارية الإسلامية والتحديات المعاصرة، بحث مقدم إلى مؤتمر
المصارف الإسلامية بين الواقع ومأمول، دار الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي،
سنة: 2009م.
ـ مجد الدين الفيروزآبادي،
القاموس المحيط، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، الطبعة الثانية، سنة:
1420هـ/2000م.
ـ مجلة مجمع الفقه الإسلامي
الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، الدورة الرابعة، العدد الرابع،
سنة: 1408هـ/988م.
ـ محمد أحمد الزرقا، أحكام صكوك
الاستثمار في شركات توظيف الأموال طبقا للقانون الذي يحمل رقم: (146) سنة: 1988م،
دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية، مطبعة السعادة، القاهرة مصر، الطبعة الأولى.
ـ محمد سعيد الرملاوي، الأزمة
الاقتصادية المالية إنذار للرأسمالية ودعوة للشريعة الإسلامية، دار الفكر الجامعي،
مصر، سنة: 2011م.
ـ محمد غزال، دور الصكوك الإسلامية
في تفعيل سوق الأوراق المالية دراسة تطبيقية على سوق الأوراق المالية الماليزية،
رسالة ماجستير، جامعة فرحات عباس، الجزائر، سنة: 2012/2013م.
ـ مدحت أبو النصر، وياسمين مدحت
محمد، التنمية المستدامة: مفهومها أبعادها مؤشراتها، الناشر المجموعة العربية للتدريب
والنشر، الطبعة الأولى، سنة: 2017م.
ـ معبد الجارحي، وعبد العظيم
أبو زيد، سوق الصكوك الإسلامية وكيفية الارتقاء بها، بحث مقدم إلى ندوة الصكوك
الإسلامية، جامعة الملك عبد العزيز، جدة (24 ـ 26) ماي، سنة: 2010م.
ـ معطى الله خير الدين، ورفيق
شرياق، الصكوك الإسلامية كأداة لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية، بحث مقدم
للملتقى الدولي حول مقومات تحقيق التنمية المستدامة في الاقتصاد الإسلامي، جامعة
قالمة، سنة: 2012م.
ـ هناء محمد الحنيطي، دور
الصكوك الإسلامية في التنمية الاقتصادية، مجلة دراسات العلوم الإدارية، المجلد:
42، العدد: 2، سنة: 2015م.
ـ هيأة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، البحرين، سنة: 2007م، معيار رقم:
17.
ـ وليد خالد الشايجي، وعبد الله
الحجي، صكوك الاستثمار الشرعية، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الرابع عشر، للمؤسسات
المالية الإسلامية، معالم وآفاق المستقبل، كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات
العربية المتحدة، (15 ـ 17) ماي سنة: 2005م.
[1]
ـ أحمد بن فارس، مقاييس
اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، سنة:
1414هـ/1994م، مادة: صكك.
[2]
ـ أحمد بن محمد المقري
الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، المكتبة العلمية، بيروت
لبنان، مادة: صكك.
[3]
ـ ابن رجب الحنبلي،
القواعد، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، الطبعة الثانية، سنة: 1999م، 1/92.
[4]
ـ أبو زكريا يحيى النووي،
شرح النووي على صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، الطبعة الثانية،
1/171.
[5]
ـ هيأة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، البحرين، سنة: 2007م، معيار رقم:
17، ص: 288.
[6]
ـ مجلة مجمع الفقه
الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، الدورة الرابعة، العدد
الرابع، سنة: 1408هـ/988م، 3/2159.
[7]
ـ محمد أحمد الزرقا، أحكام
صكوك الاستثمار في شركات توظيف الأموال طبقا للقانون الذي يحمل رقم: (146) سنة:
1988م، دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية، مطبعة السعادة، القاهرة مصر، الطبعة
الأولى، ص: 50.
[8]
ـ عبد اللطيف بدري،
التوريق كأداة من أدوات تطوير البورصة المصرية، بحث مقدم في مؤتمر أسواق الأوراق
المالية والبورصات، آفاق وتحديات المنعقد في دبي، سنة: 2007م، ص: 29.
[9]
ـ وليد خالد الشايجي، وعبد
الله الحجي، صكوك الاستثمار الشرعية، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الرابع عشر،
للمؤسسات المالية الإسلامية، معالم وآفاق المستقبل، كلية الشريعة والقانون، جامعة
الإمارات العربية المتحدة، (15 ـ 17) ماي سنة: 2005م، ص: 907 و 908، بتصرف.
[10]
ـ هيأة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات
المالية الإسلامية، مرجع سابق، ص: 291.
[11] ـ أشرف محمد دوابه، الصكوك الإسلامية بين
النظرية والتطبيق، دار السلام، الطبعة الأولى، سنة: 1430هـ/2009م، ص: 24.
[12] ـ المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
[13]
ـ معبد الجارحي، وعبد
العظيم أبو زيد، سوق الصكوك الإسلامية وكيفية الارتقاء بها، بحث مقدم إلى ندوة
الصكوك الإسلامية، جامعة الملك عبد العزيز، جدة (24 ـ 26) ماي، سنة: 2010م، ص: 9.
[14] ـ مجد الدين
الفيروزآبادي، القاموس المحيط، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، الطبعة
الثانية، سنة: 1420هـ/2000م، مادة: نما.
[15]
ـ مدحت أبو النصر، وياسمين
مدحت محمد، التنمية المستدامة: مفهومها أبعادها مؤشراتها، الناشر المجموعة العربية
للتدريب والنشر، الطبعة الأولى، سنة: 2017م، ص: 66.
[16]
ـ عدنان محمد ربابعه،
استراتيجيات التنمية الاقتصادية من منظور إسلامي، رسالة دكتوراه، جامعة اليرموك،
سنة: 2007م، ص: 27.
[17]
ـ هناء محمد الحنيطي، دور
الصكوك الإسلامية في التنمية الاقتصادية، مجلة دراسات العلوم الإدارية، المجلد:
42، العدد: 2، سنة: 2015م، ص: 558 و 559.
[18]
ـ معطى الله خير الدين،
ورفيق شرياق، الصكوك الإسلامية كأداة لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية، بحث مقدم
للملتقى الدولي حول مقومات تحقيق التنمية المستدامة في الاقتصاد الإسلامي، جامعة
قالمة، سنة: 2012م، ص: 252.
[19]
ـ المرجع نفسه، والصفحة
نفسها.
[20]
ـ المرجع السابق، ص: 253.
[21]
ـ البيع الآجل هو:
"البيع الذي يكون دفع الثمن فيه مؤجلا؛ أي أضيف دفع الثمن إلى أجل؛ أي إلى
مدة مستقبلية، فهو وصف للبيع صورة، لكنه للثمن معنىً، وهو ضد البيع الحال أو البيع
نقدا"
ـ عبد الستار أبو غدة، البيع المؤجل، المعهد الإسلامي
للبحوث والتدريب، جدة، الطبعة الثانية، سنة: 2003م، ص: 15.
[22]
ـ السلم هو: "بيع
معلوم في الذمة، محصور بالصفة بعين حاضرة، أو ما هو في حكمها إلى أجل معلوم"
ـ أبو عبد الله محمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن،
تحقيق عبد الله الحفاوي ومحمد حامد عثمان، دار الحديث، القاهرة مصر، سنة:
1423هـ/2002م، 3/324.
[23]
ـ هيأة
المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، البحرين
المنامة، المعيار (17) ص: 311.
[24]
ـ زكريا سلامة عيسى
شنطاوي، الآثار الاقتصادية لأسواق الأوراق المالية من منظور إسلامي، دار النفائس،
عمان الأردن، سنة: 2009م، ص: 214.
[25]
ـ محمد غزال، دور الصكوك
الإسلامية في تفعيل سوق الأوراق المالية دراسة تطبيقية على سوق الأوراق المالية
الماليزية، رسالة ماجستير، جامعة فرحات عباس، الجزائر، سنة: 2012/2013م، ص: 127،
بتصرف.
[26]
ـ عرف الاستصناع اصطلاحا عند من قالوا به بعدة تعريفات
أهمها: "عقد وارد على العمل والعين في الذمة"
ـ
علي محيي الدين القره داغي، استراتيجية التنمية الشامية والسياسات الاقتصادية في
ظل الربيع العربي، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى، سنة: 1433هـ/2012م،
2/610.
[27]
ـ هيأة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات المالية الإسلامية، مرجع سابق، ص: 311.
[28]
ـ كمال توفيق حطاب، الصكوك
الاستثمارية الإسلامية والتحديات المعاصرة، بحث مقدم إلى مؤتمر المصارف الإسلامية
بين الواقع والمأمول، دار الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، سنة: 2009م، ص:
12.
[29]
ـ محمد سعيد الرملاوي،
الأزمة الاقتصادية المالية إنذار للرأسمالية ودعوة للشريعة الإسلامية، دار الفكر
الجامعي، مصر، سنة: 2011م، ص: 198، بتصرف.
[30]
ـ فتني مايا، التجربة
الماليزية في إصدار الصكوك الإسلامية، ملتقى دولي حول منتجات وتطبيقات الابتكار
والهندسة المالية، جامعة سطيف، سنة: 2014م، ص: 12.
[31]
ـ هنا ينبغي التفرقة بين
المرابحة الفقهية المكونة من طرفين: البائع والمشتري حيث يتم البيع بينهما مباشرة
من غير حاجة إلى وعد أو مواعدة، ذلك أن البائع تاجر يشتري السلعة قبل وجود
المشترين، وبين المصرفية المعروفة بالمرابحة للآمر بالشراء التي هي عبارة عن
"تقدم العميل إلى المصرف طالبا منه شراء السلعة المطلوبة بالوصف الذي يحدده
العميل وعلى أساس الوعد منه بشراء تلك السلعة فعلا مرابحة بالنسبة التي يتفقان
عليها ويدفع الثمن مقسطا حسب إمكانياته"
ـ الدكتور سامي حسن حمود، تطوير الأعمال المصرفية بما
يتفق والشريعة الإسلامية، مطبعة الشرق عمان، الطبعة الثانية، سنة: 1402هـ/1982م،
ص: 432، بتصرف يسير.
[32]
ـ هيأة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات المالية الإسلامية، مرجع سابق، ص: 311.
[33]
ـ سناء نزار، دور آلية
التوريق المصرفي والتصكيك الإسلامي في سوق رأس المال، دراسة حالة سوق رأس المال الماليزي
خلال فترة: 2001 ـ 2015م، رسالة دكتوراه، جامعة محمد خيضر بسكرة، سنة: 2015م، ص:
96، بتصرف.
0 تعليقات