الأستاذ محمد عبد الهادي النابت
باحث بسلك
الدكتوراه - كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي
جامعة محمد الخامس
الرباط
علاقة الرقابة القضائية
بمبدأ المشروعية
– دراسة مقارنة-
The relationship of
judicial oversight to the principal of legality a comparative study
مقدمة:
يُعتبر مبدأ المشروعية من أهم المبادئ الراسخة في
إجراءات التقاضي، والقرارات الإدارية تعتبر من
أهم الوسائل التي تستخدمها السلطة الإدارية في التعبير عن إرادتها بهدف تحقيق
المصلحة العامة، إلا أنه يتعين عليها عند إصدارها للقرار الإداري أن تلتزم بمبدأ
المشروعية، وإلا تعرضت قراراتها للطعن فيها أمام القضاء الإداري إما بالإلغاء أو
التعديل أو المطالبة بالتعويض أو كلاهما معًا.
إِنَّ رقابة القضاء الإداري لأعمال الإدارة ليست مقتصرة
بالرقابة القضائية على القرارات الإدارية دون غيرها؛ فهي تشمل أيضًا أعمال الإدارة
سواءٌ أكانت قرارات إدارية أو عقود إدارية وحتى الأعمال المادية، والرقابة القضائية
تُعَدُّ رقابة مشروعية، ولا يجوز أَن تتجاوزها إلى الملاءمة.
ومن هنا تظهر أهمية الرقابة القضائية على أعمال الإدارة،
بل تُعَدُّ من أكثر الطرق وانجعها واكثرها ضمانًا وفاعلية؛ حيث يرفعها ذو مصلحة
أمام القضاء، ويكون القضاء هو الفاصل في حال تعدي الإدارة على حقوق الأفراد
وحرياتهم.
وانطلاقًا من ذلك تقتضي الضرورة وجود ضمانات قوية وحقيقية ترسم للإدارة طريقها
للترشيد والتقويم، وهو ما يتأتى من خلال تلك الرقابة القضائية التي تحد من السلطة
التقديرية ودون تقييد الإدارة في ممارسة مهامها؛ لذا فإنَّ دراسة طبيعة علاقة
الرقابة القضائية بمبدأ المشروعية تستدعي تقسيم
هذه البحث إلى مبحثين: المبحث الأول: ماهية مبدأ
المشروعية. المبحث الثاني: مصادر مبدأ
المشروعية.
المبحث الأول: ماهية مبدأ المشروعية
بما أنَّ
الإدارة هي الجهة المخولة في الدولة بإصدار القرارات الإدارية، وبالتالي ینبغي أن
تكون هذه القرارات في إطار أحكام ومبادئ المشروعية، لذا؛ نتناول في هذا المبحث
ماهية مبدأ المشروعية من خلال فقرتين، الأولى: مفهوم مبدأ المشروعية، أما الثانية:
شروط تحقيق مبدأ المشروعية.
الفقرة الأولى: مفهوم مبدأ المشروعية
يُقصد بمبدأ
المشروعية ضرورة احترام القواعد القانونية القائمة في الدولة، أي أن تكون جميع
تصرفات السلطة العامة في الدولة متفقة وأحكام القانون بمدلوله العام([1])، وهنالك من يرى بأنَّ
مبدأ المشروعية هو سيادة حكم القانون أو مبدأ الخضوع للقانون، أي يعني بذلك خضوع
كل الحكام والمحكومين للقانون([2])، ويختلف مبدأ المشروعية
عن مبدأ خضوع الدولة للقانون الذي يعني خضوع كل الحكام والمحكومين للقانون بحيث
يلزم خضوع السلطة العامة بكل هيئاتها الحاكمة للقواعد القانونية السارية كما تسمى
الدولة القانونية([3])، ويذكر الفقيه الفرنسي
"فيدل" أن الشرعية تنصرف إلى القانون بمعناه الواسع، فهي ليست مقصورة
على مطابقة التصرف للقانون بمدلوله الضيق، بل تمتد إلى الخضوع لكل قاعدة قانونية
ملزمة أيًا كان مصدرها، ويقول الفقيه "لوبادير" أن الشرعية هي مجموعة
القوانين الدستورية والعادية، والمعاهدات، ومبادئ القانون العام، وهنالك من يرى
بأنه الخضوع التام للقانون سواءٌ من جانب الأفراد أو من جانب الدولة، یُعبر عنه
خضوع الحكام والمحكومون للقانون وسیادة هذا الأخیر وعلو أحكامه، وقواعده فوق كل
إرادة سواءٌ كانت إرادة الحاكم أو المحكوم، والقانون الإداري هو خضوع الإدارة
والأفراد للقانون([4]).
ويُعتبر من المبادئ القانونية العامة الواجب تطبیقها في
الدولة الحدیثة، ذلك لسمو القانون أصبح مبدأ للمشروعیة مبدأ أساسي لدولة القانون
الحدیثة بغض النظر عن الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتبناها
الدولة([5]).
وعرف الدكتور سليمان الطماوي مبدأ المشروعية هو مبدأ
سيادة القانون أو مبـدأ الدولـة القانونية بما يعنيه من خضوع الدولة بكافة سلطاتها
للقانون، أي أن تتوافق كل التصرفات التي تصدر من سلطات الدولة التشريعية
والتنفيذية والقضائية مع أحكام القانون([6]).
ومبدأ المشروعية مدخلاً هامًا وضروريًا لدراسة الرقابة
على أعمال الإدارة، تلك الرقابة التي تستهدف مشروعية أعمال الإدارة والتحقق من عدم
مخالفتها للقانون، وأساس الرقابة على أعمال الإدارة هو خضوع هذه الأعمال كما هو
الشأن بالنسبة لتصرفات الأفراد وجميع الهيئات الحكومية للقانون، وهو ما يعبر عنه
بمبدأ المشروعية أو مبدأ سيادة القانون([7]).
ومبدأ المشروعية هو فرع من مبدأ أعلى هو مبدأ سيادة
القانون، ذلك أن الدولة التي نحياها الآن تلتزم به، فأنه يتعين لذلك أن تكون
هيئاتها العامة وقراراتها النهائية ملتزمة بحكم القانون([8]).
والضمانة الأساسية التي تحمي الأفراد من تعسف الإدارة وتغولها
تتمركز في خضوعها للقانون بما تأتيه من أعمال وتصرفات وما تتمتع به من امتيازات،
وهذه الضمانة تتحقق بفعل مبدأ هام وهو مبدأ المشروعية([9])،
ويكاد الفقه يجمع أنَّ مبدأ المشروعية يعني "سيادة حكم القانون" وهو في
الحقيقة تعريف مناسب تمامًا لمبدأ المشروعية([10]).
وتكمن أهمية مبدأ المشروعية في اطمئنان الفرد على وضعه
القانوني، وتمنع تحكم وتعسف الإدارة وتحقيقًا لاستقرار الأوضاع والمراكز
القانونية، والمصلحة العامة والخاصة، ويشير فقهاء القانون العام على أهمية مبدأ
المشروعية على أساس الأخذ بها يبين الحدود الفاصلة بين حقوق الحكام والمحكومين،
وذلك يعني أن التزام السلطات العامة في أعمالها وتصرفاتها بمبدأ المشروعية كانت
تلك التصرفات صحيحه ويجب الالتزام بها، أما إذا لم تلتزم في ممارستها بتلك الأعمال
والتصرفات بمبدأ المشروعية، فإنَّ ما تصدره من أعمال وتصرفات يكون باطلاً ويجب
إلغاءه، وهذا هو جوهر ومضمون مبدأ المشروعية([11]).
وهنالك من يرى أنَّ هنالك اختلاف بين الشرعية
والمشروعية، فالمقصود بمبدأ المشروعية خضوع الإدارة للقانون، إلا أن جمهور الفقهاء
لم يتفقوا على تحديد المعنى الدقيق لمصطلح الخضوع للقانون، فبدايةً يستخدم بعض
الفقهاء تعبيرين المشروعية والشـرعية كمترادفين، إلا أنَّ استخدام التعبيرين
كمترادفين ليس واضحًا، فمبـدأ الشـرعية يشـير إلـى خضوع الإدارة للقانون، بينما
يشير مبدأ المشروعية إلى معنى أوسع من ذلك يشمل فوق مبـدأ الشرعية أي مبادئ
القانون الطبيعي، بينمـا أشار البعض إلى أنَّ لمبدأ المشروعية معنيان احدهما واسع
يعني خضوع الدولة بكافة سـلطاتها للقانون، والآخر يشير إلى خضوع الإدارة فقط
للقانون([12]).
فالشرعية مشتقة من الشرع بصیغة فعلیة ومعناه موافقة
الشرع، كما أنه مصطلح أوسع وأعم من مصطلح المشروعیة باعتباره مرتبط بالعقیدة
والفلسفة التي یتخذها المجتمع والتي تحكم نظامه القانوني المستمد من الشرائع
السماویة والقانون الطبيعي وإعلانات حقوق الإنسان([13]).
ويقصد بالمدلول الاصطلاحي للشرعية السلطة أو الحكومة
التي تستمد وجودها من القواعد المحددة في الدستور أو في النظام القانوني، فإذا
وجدت سلطة أو حكومة دون أن تعتمد على السند الدستوري أو القانوني فإنها تسمى سلطة
أو حكومة فعلیة أو واقعیة([14])، أما المشروعية تُعبر
عن السلطة أو الحكومة التي تتمتع بصفة المشروعیة من جهة تلك السلطة التي تتفق
تصرفاتها ونشاطاتها مع مقتضيات تحقیق العدالة والصالح العام، ومن جهة أخرى السلطة
التي تستمد قوتها من الشعب، ومن ثم إن سلطة الحاكم المطلق أو المستمد غیر مشروعة
وإن استندت إلى نص الدستور القائم أي حتى ولو كانت سلطة قانونیة وعلى العكس تكون
سلطة الحكومة مشروعة ولو قامت على أنقاض حكومة قانونیة كانت تستند إلى أحكام
القانون([15]).
ويرى الباحث بأنَّ مبدأ المشروعية خضوع جميع سلطات
الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية، حكامًا ومحكومين للقانون سواءٌ كان هذا
القانون مكتوب أو غير مكتوب، ويهمنا في ذلك خضوع السلطة التنفيذية للقانون كل
القانون.
الفقرة الثانية شروط تحقيق مبدأ المشروعية:
إن مبدأ
المشروعية من المبادئ الضرورية والهامة في الدولة القانونية، لذا؛ كان لابُد من
شروط أساسية تضمن تحقيقه، ولا يجوز إنقاص أي شرط من شروطها، لأنه إذا لم تتوافر
هذه الشروط فلا يمكن تحقيق مبدأ المشروعية، وهي من الضمانات الأساسية لحمايته؛ حيث
تتمثل تلك الشروط بالآتي:
أولاً: مبدأ الفصل بين السلطات: أي توزيع الاختصاصات في
الدولة على هيئات مختلفة، بمعنى أن لا تتركز السلطات في جهه واحده، وأن مبدأ الفصل
بين السلطات يعني سلطة توقف السلطة بمعنى أن تعدد السلطات كفيل بإحداث نوع من
الرقابة على كل سلطة حتى لا تنفرد بالقرار بما يؤدي في النهاية إلى احترام مبدأ
المشروعية([16])؛ حيث يُعتبر هذا المبدأ
حجر الزاوية في كل نظام ديموقراطي، وشرطًا أساسيًا لمبدأ المشروعية، والإدارة بدون
أي مراقبة من الممكن أن ترتكب أخطاءً جسيمة، وقد عبر عن ذلك "لورد
أكنون" أحد كبار الساسه والمفكرين البريطانيين بقوله: (أن السلطة مفسدة،
والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة)([17])،
وبالتالي فإنَّ توزيع الاختصاصات داخل الدولة على عدة سلطات يساعد بإحداث نوع من
الرقابة من سلطة على الأخرى، بحيث لا تنفرد كل سلطة عن الأخرى دون رقيب أو حسيب،
وهذا ما أكده الدستور الدائم لدولة قطر(2004) في الباب الرابع بعنوان "تنظيم
السلطات" الفصل الأول: أحكام عامــــة، حيث جاء في الماد (60) من الدستور
"يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها على الوجه المبين في هذا
الدستور"، أي السلطات الثلاثة في الدولة التشريعية، التنفيذية، والقضائية([18]).
ثانيًا: تحديد اختصاصات الإدارة: تباشر السلطة الإدارية
في الدول نشاطات واسعة ومتنوعة بقصد تحقيق المصلحة العامة، فهي تتولى إنشاء
المرافق العامة بقصد إشباع حاجات الأفراد المختلفة، وهي تكفل المحافظة على النظام
العام بعناصره الأربعة: (الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة، الأداب
العامة)، وإذا قامت الإدارة بإصدار قرار خارج نطاق اختصاصها اعتبر عملها غير
مشروع، كذلك في ابتعادها عن الهدف وهو تحقيق المصلحة العامة، ويعود تحديد صلاحيات
السلطة الإدارية أي التنفيذية دون سواها لأن حدود السلطة التشريعية واضحة يتكفل
الدستور ببيان القواعد العامة لممارسة العمل التشريعي، كما أنَّ صلاحيات السلطة
القضائية واضحة، حيث تتولى الفصل في المنازعات والخصومات بمقتضى القوانين المعمول
بها في الدولة([19]).
وبما أن صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية واضحة،
يبقى الاشكال في السلطة التنفيذية على اعتبار أن هذه السلطة تمس حقوق الأفراد
وحرياتهم، فإنَّه من الضروري تحديد اختصاصات وصلاحيات السلطة التنفيذية بكافة
جوانبها لتحقيق مبدأ المشروعية، ولتحقيق ذلك لابد أن تكون كافة أعمالها في حدود
الدستور والقوانين، وإلا تعرضت تصرفاتها لعدم المشروعية، وبالتالي إلغاء القرارات
الصادرة عنها لعدم مشروعيتها ومخالفتها للقانون.
ثالثًا: الرقابة القضائية على أعمال الإدارة: تمارس هذه
الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية من خلال مراقبة أعمال الإدارة، وعلى السلطة
التشريعية تطبيق مبدأ المشروعية القضائية الصادر دستوريًا، وعلى السلطة القضائية
مراجعة أحكام القضاء من خلال الطعن بالأحكام الصادرة، لذا؛ تعتبر السلطة القضائية
هي الحامية الحقيقية للحقوق والحريات، بمعنى أن كافة أعمال السلطة التنفيذية
المتصلة بوظيفتها الإدارية تدخل في اختصاص القضاء بالرقابة عليها، أما أعمالها
المتصلة بوظيفتها الحكومية وهي الأعمال المتصلة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطات
العامة الأخرى في الدولة أو بعلاقاتها الدولية فإنها تخرج عن نطاق اختصاص القضاء
بالرقابة على مشروعية أعمال الإدارة وفقًا لقواعد الاختصاص القضائي في الدولة([20]).
لذا؛ يُعَدُّ هذا الشرط الضمانة الأساسية لاحترام مبدأ
المشروعية وسيادة القانون، وعليه؛ تعتبر الرقابة القضائية الفعالة هي المعيار
الأساسي في تطبيق أحكام مبدأ المشروعية، لذلك من الضروري وضع قيود وضوابط دستورية
وقانونية على نشاط الإدارة، إذا لم تخضع السلطات لرقابة القضاء وبالتحديد السلطة
التنفيذية؛ حيث لا يمكن أن يتحقق مبدأ المشروعية وسيادة القانون ما لم تخضع في
ممارسة أعمالها للقضاء([21]).
المبحث الثاني: مصادر مبدأ المشروعية
تستند
المشروعیة على التزام الإدارة في إصدار قراراتها على الاحترام والالتزام بأحكام
القانون، على اعتبار أنَّ القواعد القانونية ملزمة أيًا كان مصدرها سواءٌ كانت
قواعد مكتوبة أم غير مكتوبة، والتي نتناولها من خلال فقرتين، الأولى: المصادر
المكتوبة، أما الفقرة الثانية: المصادر غير المكتوبة.
الفقرة الأولى: المصادر المكتوبة
يقصد بالمصادر المكتوبة جميع قواعد القانون
المكتوب بصرف النظر عـن قيمتهـا القانونيـة، فالقواعد القانونية المكتوبة هي تلك
القواعد التي وضعتها أو سنتها السلطة المختصة بالتشريع وصـاغتها بوثيقة مكتوبة،
ولكن هذه القواعد القانونية المكتوبة لا تتمتع بذات القيمـة القانونيـة، بـل أن
قيمتها متفاوتة ومختلفة([22])، ويأتي في قمة المصادر
المكتوبة القواعد الدستورية إذ تُعَدُّ أعلى القواعد المكتوبة ثم يليها في المرتبة
قواعـد القـانون العـادي بالمعنى المتعارف عليه أي التشريعات التي يصدرها
البرلمان، ثم يليها الأنظمة (اللوائح) التي تصدرها السلطة التنفيذية([23]). لذا سنتناول المصادر
المكتوبة بإيجاز وبالترتيب من قمة الهرم إلى أسفله:
أولاً: الدستور: يُعتبر الدستور القانون الأساسي في
الدولة الـذي يسمو ويعلو فوق كافة التشريعات الأخرى نظرًا لصدوره من السلطة
التأسيسية الأصلية، ويقصد بالقواعد الدستورية مجموعة القواعد القانونية التي تبين
وتوضح نظام الحكـم فـي الدولـة وتحدد الحقوق والحريات العامة للأفراد وتقرر الأسـس
والأهـداف السياسـية والاقتصـادية والاجتماعية للدولة([24]).
ونظرًا لتمتع الدستور بالسمو والعلو الذي لا يعلو عليه
أي قانون في الدولة، ينبغي أن تلتزم سلطات الدولة جميعها التقيد بأحكامه، وإلا
اعتبرت تصرفات غير مشروعة، والإدارة بصفتها ممثلة للسلطة التنفيذية تلتزم بقواعد
الدستور ولا يجوز لها مخالفتها في أعمالها، وأي مخالفة يعرض قراراتها للإلغاء أو
التعديل أو التعويض([25])، فالدستور أول مصدر من
مصادر مبدأ المشروعية، كما أنهُ أسمى القواعد القانونية في ترتيب النصوص التشريعية
في الدولة لأنه ينشئ وينظم السـلطات العامـة جميعها، ويحدد دائرة اختصاص كل منها،
ويبين كيفية ممارسة هذه الاختصاصات، فجميـع السلطات ملزمة باحترام هذه القواعد
وممارسة وظائفها في الحدود المرسومة على الوجه المبين في الدستور([26])، فإذا أصدرت الإدارة
قرارًا في أمر جعله الدسـتور مـن اختصـاص السـلطة التشريعية أو القضائية كان
القرار الإداري منعدمًا، وإذا خالف القرار الإداري أي مبـدأ مـن المبادئ المنصوص
عليها في الدستور كان القرار الإداري باطلاً([27]).
وتضمن الدستور القطري الدائم لسنة (2004) على العديد من
النصوص الدستورية التي تخص مبدأ المشروعية نذكر منها ما جاء في الباب الثاني تحت
عنوان "المقومات الأساسية للمجتمع" في المـادة (18) "يقوم المجتمع
القطري على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق"،
والمادة (19) "تصون الدولة دعامات المجتمع، وتكفل الأمن والاستقرار، وتكافؤ
الفرص للمواطنين"، وفي الباب الثالث منه تحت عنوان "الحقوق والواجبات
العامة"، المـادة (34) "المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات
العامة"، والمادة (35) "الناس متساوون أمام القانون، لا تمييز بينهم في
ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين"، والمـادة (36) "الحرية
الشخصية مكفولة، ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو
تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون ... ولا يعرض أي إنسان
للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويعتبر التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون([28]).
لقد كفل الدستور القطري مبدأ المشروعية في مجمل نصوصه
القانونية، وعناية فائقة بكفالة الحقوق والحريات المدنية والسياسية ... وكفالة حق
التقاضي ومبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ المشروعية ... وإلتزام الإدارة بالعمل في
دائرة حدود النظام القانوني المقرر في الدولة؛ حيث لا تتيح للأفراد أن يقتضوا
حقوقهم من بعضهم البعض بأيديهم بالقوة، بل دعت من يلجأ حقًا عند آخر أن يلجأ إلى
الدولة لتمكينه من حقه أو لحمايته، ويُعَدُّ حق التقاضي من الحقوق الأساسية
للإنسان، كذلك فهو حق دستوري أصيل، لا يجوز لأي سلطة من السلطات مصادرته، أو منع
أي شخص من اللجوء إلى القضاء للدفاع عن حقوقه([29]).
ثانيًا: القوانين العادية: تأتي القوانین العادیة في
المرتبة الثانية من المصادر المكتوبة لمبدأ المشروعیة؛ حیث تأتي بعد الدستور
مباشرة، وهي تتمثل في القواعد القانونیة الصادرة عن السلطة التشریعیة أي البرلمان
أو مجلس الشورى([30])، وهو مجموعة من القواعد
العامة المجردة، والقواعد ذات الطابع العمومي، أو هي القواعد التي تضعها أو تصدرها
السلطة التشريعية، وصدورها طبقًا للقواعد والإجراءات والاشكال التي بينها الدستور
والقانون([31]).
وتُعَدُّ التشريعات من أهم القوانين العادية، وتأتي في
المرتبة الثانية بعد الدستور، لذا؛ يجب أن تلتزم السلطة التنفيذية باحترام احكامها
في كافة تصرفاتها واعمالها، وهي ذات قيمة أعلى من قيمة السلطة التنفيذية أي
الإدارة([32])، لذا؛ يتعين على السلطة
التنفيذية عند مباشر أعمالها الالتزام بالأحكام القانونية، وإلا كانت جميع
التصرفات التي تصدرها مخالفة للقانون، مما يترتب عليها الإلغاء والمطالبة بالتعويض([33]).
ويشير الحلو أنَّ سبب رجوع السلطة التنفيذية لأحكام
التشريع يعود لأمرين:
الأول: الوظيفة التشريعية بطبيعتها تتمثل في وضع قواعد
عامة تتولى الإدارة بحكم وظيفتها التنفيذية من خلال ما تصدره من قرارات تنظيمية أو
قرارات فردية، ولا يُعتبر التنفيذ أو التزام الإدارة بالقوانين انتقاص من مبدأ
الفصل بين السلطات، إذ أن تنفيذها يتعلق بطبيعة اختصاص كل من السلطتين التنفيذية
والتشريعية.
الثاني: القانون يصدر عن ممثلي الشعب أيًا كانت التسمية
(مجلس شورى، مجلس أمة، مجلس شيوخ)، وبالتالي فإنَّ إرادة الشعب هي التي يجب أن
تسود في حكم هذا الشعب، من هنا يجب على السلطة التنفيذية احترامة وعدم مخالفته
فيما يقع منها من أعمال([34]).
وهذا ما جاء في الباب الرابع من الدستور القطري الدائم
لسنة (2004) تحت العنوان "تنظيم السلطات" حيث نصت المـادة (61)
"السلطة التشريعية يتولاها مجلس الشورى على الوجه المبين في هذا
الدستور"، كذلك جاء في الفصل الثالث "السلطة التشريعية" حيث نصت
المـادة (76) "يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع، ويقر الموازنة العامة للدولة،
كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية، وذلك على الوجه المبين في هذا
الدستور"، ونصت المادة (77) يتألف مجلس الشورى من خمسة وأربعين عضوًا، يتم
انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين الأمير الأعضاء
الخمسة عشر الآخرين من الوزراء أو غيرهم، وتنتهي عضوية المعينين في مجلس الشورى
باستقالتهم أو إعفائهم([35])، لقد نص الدستور القطري
على حماية الكثير من القوانين العادية التي تهم المواطن وكل مقيم على أرض دولة قطر
وترتبط بمبدأ المشروعية، وتحقق الحقوق لهم.
فالعملية التشريعية تقوم على أساس وضع وسن القواعد
القانونية التي تـنظم العلاقة بين الأفراد والإدارة والعلاقـات المستقبلية
وتطويرها، وتعمل على بيان المبادئ والأسس والأحكام العامة والخاصة وترك الأمور
التفصـيلية للقواعـد القانونية الأدنى مرتبة، فالمشرع الدستوري يحيل أمر وضع وسن
تنظيم الأمور التفصيلية للمشرع العـادي "قوانين عادية" والمقصود بالأحكام
الدستورية هو الإحالة إلى المشرع العـادي "المجلـس التشريعي" لبيان
الحدود والآليات والقيود والكيفية التي يتم من خلالها تنظيم وممارسة الحريات
الفردية والعامـة([36]).
لذا؛ يُعَدُّ مبدأ المشروعية الأساس القانوني الذي يلزم
الإدارة بالخضوع للقـوانين باعتبارهـا السـلطة المختصة بتنفيذها والتي ألزمها
الدستور بوضع القوانين موضع التنفيذ بغير تعديل أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذها، هذا
مع الأخذ بعين الاعتبار أن خضوع الإدارة للقانون لا يعني خضـوعها عضويًا للسلطة
التشريعية، إذا أنَّ هذا الخضوع يقتصر على الجانب الوظيفي فحسب، بمعنـى خضوع وظيفة
التنفيذ لوظيفة التشريع، دون أن يؤدي ذلك إلى خضوع موظفي الإدارة خضوعًا رئاسيًا
لأعضاء البرلمان، إذ ينطوي مبدأ الفصل بـين السـلطات علـى ضـرورة الاستقلال العضوي
لكل سلطة([37]).
ثالثًا: اللوائح (الأنظمة): تتضمن اللوائح قواعد عامة ومجردة تصدرها السلطات الإدارية المختصة لتنظيم
مرافقها، لكي تطبق على عدد غير معين وغير محدد من الأشخاص، ولا يمكن معرفة من سوف
يطبق عليهم القرار بصورة مسبقة، ذلك أن العمل أو التصرف التنظيمي صدر لكي يطبق على
كل من يوجد في مركزًا قانونيًا معينًا اتجاه الإدارة العامة سواءٌ أكان حاليًا أو
مستقبلاً، وغالبًا ما يطلق عليها المراسيم التنظيمية([38])،
والقرارات التنظيمية إذا كانت تتميز ببعض خصائص التشريع فإنها تصدر عن الإدارة
وتتخذ مظاهر خارجية مختلفة، فقد تصدر في شكل لائحة أو في شكل قرار وزاري،
والقرارات التنظيمية، واللوائح مختلفة عن القانون من حيث المصدر والأهمية ورقابة
القضاء، فالقانون يصدر عن البرلمان، أما القرارات التنظيمية فإنَّ السلطة
التنفيذية باعتباره سلطة إدارية هي التي تصدرها، ويترتب عما سبق أن القانون في
مرتبة أعلى وأسمى من الأنظمة، والقانون من حيث الرقابة القضائية مختلف عن اللوائح
على اعتبارها أعمالاً إدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري([39])، وحسب أغلب الفقهاء
توجد أربعة أنواع من اللوائح الإدارية ونوجز في ما يلي الحديث عن كل منها:
1.
اللوائح التنفيذية: وهي التي تصدرها الإدارة تنفيذًا للقوانين، فالمشرع
يكتفي بوضع الإطار العام لممارسة الحقوق والحريات الأساسية، أما تفاصيل وظروف
إدخال القوانين للسلطة التنفيذية حيز تنفيذ عن طريق اللوائح، وهذا ما جاء في الفصل الرابع "السلطة
التنفيذية" من دستور قطر الدائم المـادة (121) "يناط بمجلس الوزراء،
بوصفه الهيئة التنفيذية العليا، إدارة جميع الشؤون الداخلية والخارجية التي يختص
بها وفقًا لهذا الدستور وأحكام القانون"([40]).
2.
اللوائح المستقلة (الضبط الإداري): وهي التي تنفرد السلطة التنفيذية
(الإدارة) بإصدارها دون الاستناد إلى قانون سابق ودون مشاركة السلطة التشريعية،
وغالبًا ما يتم وضعها بخصوص تنظيم المرافق العمومية أو بشأن المحافظة على النظام
العام بعناصره الثلاثة، الأمن العام، السكينة العامة، المصلحة العامة([41])، وقد ظهـر الضـبط
الإداري بصورة إدارة تؤدي خدمات بانتظام للأفراد عند قيام الدولة الأوروبية
الحديثة في نهاية القرن الخـامس عشـر، وبظهور السلطة البوليسية في القرنين السادس
والسابع عشر أصبح للدولـة دور يتمثـل فـي الرعاية وتحقيق الخير المشترك للأفراد.
وساد مفهوم
الدولة القائم على أساس ديمقراطي ليبيرالي؛ حيث بقيـت الجهة الأساسية للضبط
الإداري قائمة ومرتكزة على المحافظة على النظام العـام بعناصـره الثلاثـة، الأمن
العام، الصحة العامة والسكينة العامة، وهو ما خلق نوع من الجدل القائم علـى
الموازنـة بـين حريات الأفراد في ظل التوجه الديمقراطي الليبرالي وأداء الدولة
لمهامها في المحافظة على النظام العام([42]).
ويُعتبر
الضبط الإداري من أولى واجبات الدولة وأهمها فهو ضرورة لازمة لاستقرار النظام
العام وصيانة الحياة الاجتماعية والمحافظة عليها، وإيجاد توازن بين نشاط الأفراد،
والمحافظة على النظام العام، وإذا كان الفرد يسعى إلى تحقيق جميع مصالحه الخاصة
بمختلف الوسائل، فإنَّ ذلك قد يترتب عليه الفوضى والتعدي على مصالح الأفراد بصورة
مباشرة، لذلك يجب فرض النّظام بوسيلة واحدة ألا وهي الضبط الإداري، فبدونه تعم
الفوضى وينهار النظام الاجتماعي، لذا؛ فإنَّ هذه الوظيفة تعتبر بحق عصب السلطة
العامة وجوهرها ومقدمة على سائر وظائف الدولة الأخرى، لذلك لم يكن غريبًا أن تكون
هذه الوظيفة من أقدم الوظائف التي اضطلعت بها الدولة منذ فجر التاريخ وحتى الآن.
فالضبط الإداري ضرورة اجتماعية لا غنى عنها للمحافظة على
النظام العام بجميع عناصره في المجتمع، لأن الضبط الإداري يعد غاية في ذاته، بحيث
تمارس الإدارة سلطتها هنا متى وجدت أن تدخّلها ضروري، فهي مطالبة بالتّدخل لأن
حماية المجتمع في نظامه العام من واجبات الإدارة.
والضبط الإداري وظيفة قائمة في كل الدول على اختلاف
طبيعة نظامها السياسي وتركيبة أفرادها فكل دولة تسعى بصورة أو بأخرى إلى المحافظة
على نظامها العام لتحقيق الاستقرار والأمن فيها، فالضبط الإداري من أهم وظائف
الدولة وأخطرها، لتعلقه أحيانًا باستخدام القوة وفرض القيود على الحريات الفردية
بهدف حماية النظام العام في المجتمع، ويرى البعض أنَّ إجراءات الضبط
الإداري التي تقوم بها أجهزة الأمن تنطوي على مساس بحريات الأفراد بما يقتضى
التحقق من الحالة الواقعية المبررة لاتخاذها، وأجهزة الأمن هي التي تقدر الخطورة
الناشئة عن الحالة الواقعية التي تجيز لها التدخل لمواجهتها بالإجراء الضبطي
المناسب([43])، وهو مجموعة الأوامر والنواهي والتوجيهات الصادرة عن الدولة، ويهدف إلى
تقييد حقوق وحريات الأفراد، وبالتالي يكون مفهوم الضبط الإداري حسب المفهوم الواسع
شاملاً لجميع أشكال النشاط الإداري، وللضبط الإداري نوعان: الأول: الضبط الإداري
العام، ويكمن هدفه في المحافظة على النظام العام للدولة، وهو مجموعة السلطات
الممنوحة للإدارة في سبيل الحفاظ على النظام العام، وجميع عناصره من صحة عامة،
وأمن عام، وسكينة عامة، وآداب عامة، وأيضًا مجموعة الهيئات المكلفة بالحفاظ على
النظام داخل المجتمع بكافة عناصره([44])،
والثاني: الضبط الإداري الخاص، ويكون هذا النوع وفقًا لقوانين خاصة تنظم بعض أنواع
الأنشطة المختلفة، ويعهد بمباشرته إلى سلطة إدارية خاصة بغية تحقيق أهداف محددة،
أو هيئة معينة تكلف بالحفاظ على أحد عناصر النظام العام كأن يستهدف الضبط الإداري
حماية الآثار العامة كثروة قومية، أو حماية الحدائق العامة، أو البيئة كأن يصدر
أوامر وقوانين كقانون البيئة بحيث تمارس السلطات الضبطية الإدارية سلطة الضبط
الإداري بصورة محددة وتتبع إجراءات معينة يحددها القانون، أو النظام الخاص، وتجدر
الإشارة إلى أن الضبط الإداري العام يتنوع في بعض البلدان مثل فرنسا إلى نوعين،
النوع الأول: وهو إداري قومي هذا النوع يشمل نطاق اختصاص إقليم الدولة كله،
ويمارسه رئيس الوزراء، والمختصون من رجال السلطة المركزية، والنوع الثاني: هو ضبط
إداري محلي، هذا الضبط ينحصر اختصاصه في جزء معين، ومحدد من إقليم الدولة
كالمحافظة، أو المدينة، ويمارسه المحافظ، أو العمدة، أما بشأن الضبط الإداري الخاص
فتمارسه هيئات ومؤسسات خاصة يتم إنشاؤها، وتحديد الاختصاصات الموكلة إليها بموجب
قوانين محددة، وقد أنصرف هذا المعنى في فرنسا خلال القرن الثامن عشر، إلى تحقيق
أهداف الجماعة السياسية([45]).
وبناءً على هذا المفهوم كان
تحديد العميد (Horew)([46]) لوظيفة الضبط الإداري
بأنه: (تنظيم المدينة)، أي الدولة بسلطة تستهدف المحافظة على النظام العام، وذلك
بمنع الاضطرابات المحتملة ومحاولة قمعها والتخلص منها، وهي التي تقع بالقوة، أما
التهديد باستعمال القوة، أو استعمالها في بعض الأوقات.
3.
لوائح الضرورة: هي اللوائح التي تصدر لمواجهة ظروف طارئة ومفاجئة تقتضي
معالجة سريعة للحفاظ على كيان الدولة وسلامتها، مثال ذلك في حالة الحروب أو
الاضطرابات السياسية([47])، وقد يتم اللجوء إليها أيضًا في حالة تعذر البرلمان للقيام بمهامه ومسؤولياته([48])، ومن الأمثلة على حالة
الضرورة في الدستور القطري الدائم لسنة 2004 المـادة (71) "يصدر بإعلان الحرب الدفاعية أمر أميري، والحرب الهجومية
محرمة".
4.
اللوائح التفويضية: تصدر أثناء انعقاد البرلمان أو خارج إطار انعقاد
الدورات البرلمانية، وهي عبارة عن مراسيم قوانين تصدرها السلطة التنفيذية في مسائل
تشريعية محددة أصلاً من اختصاص المشرع، إلا أنَّ الإدارة تمارسها نيابة عن البرلمان
بمقتضى تفويض منه، والتفويض من اللازم أن يكون بقانون([49]).
الفقرة الثانية: المصادر غير المكتوبة
يقصد بالمصادر غير المكتوبة أي المصادر غير
المدونة، لكنها اكتسبت صفة الإلزام مع مرور الوقت، وأصبح مخالفتها تشكل المطالبة
بالتعويض، وتُعَدُّ من المصادر التكميلية للمصادر المكتوبة، وهي:
أولاً: العرف: تناول العديد من الباحثين والمؤرخين مفهوم
العرف من مختلف الزوايا، إلا أنهم أتفقوا على أنَّ العرف ما جرى علیه العمل من
جانب الإدارة على نحو معین، وبشكل مضطرد ومنتظم في ممارسة نشاط معين ومحدد، وتكرر
بصورة منتظمة لفترة زمنية، وقد اكتسب صفة الالزام، ويصبح قاعدة ملزمة على الإدارة([50])، ويُعَدُّ العرف المصدر
الأول للقانون في المجتمعات القدیمة إلى أن ظهر التشریع بصورته الحالية، ومع ذلك
ظل العرف مع ذلك بجانب القانون كمصدر تكميلي يكمل النقص ويوضح ما هو غامض([51]).
وقد تناولت المحكمة الإدارية العليا المصرية مفهوم العرف
بأنه "تعبير اصطلاحي على إطلاقه في الأوضاع التي درجت الجهات الإدارية على
إتباعها في مزاولة نشاط معين، وينشأ عن استمرار الإدارة التزامها لهذه الأوضاع
والسير على سننها في مباشرة هذا النشاط إذ تصبح بمثابة القاعدة الواجبة الإتباع ما
لم تُعدل بقاعدة أخرى مماثلة، والعرف يأتي في المرتبة الأولى من ضمن المصادر غير
المكتوبة، ويشترط فيه أن لا يُخالف قاعدة قانونية، إذ يُعتبر من المصادر الثانونية
والتكميلية للقانون([52])، وحتى يُعَدُّ العرف
مصدرًا يعمل به في القضاء الإداري لا بد من توافر عنصرين:
الأول: مادي: لابُد من اعتياد الإدارة على إتباع سلوك
معين بإطراد في موضوع معين، وقد يكون السلوك إيجابي يظهر في صورة القيام بعمل، أو
سلبي في صورة الامتناع عن القيام بعمل ما، على أن يكون هذا العمل أو الامتناع بشكل
ثابت ومستمر ويتكرر أكثر من مرة ولفترة زمنية معينة.
الثاني: معنوي: إلزامية القاعدة المتبعة وضرورة احترامها
وعدم مخالفتها من قبل الإدارة أو الأفراد، وأي مخالفة قانونية تتطلب الإلغاء
والتعويض عن مخالفتها([53]).
ثانيًا: المبادئ العامة للقانون: تُعَدُّ المبادئ العامة
من المصادر المهمة في القضاء الإداري، وذلك لعدم تقنين القانون الإداري في وقت من
الأوقات، مما دفع القضاء الإداري اللجوء إلى المبادئ العامة للقانون للفصل في
المنازعات الإدارية، ومما ترتب عليه إلغاء القرارات الإدارية المخالفة([54])، إذ تعتبر المبادئ
العامة للقانون مجموعة من القواعد القانونية غير المقننة، التي يستنبطها القضاء من
أحكام سابقة، ويعلنها في أحكامه، مما يترتب على الحكم اكتساب الدرجة الالزامية،
وتصبح مصدرًا من مصادر مبدأ المشروعية([55])،
ومن المبادئ القانونية العامة التي أخذ بها مجلس الدولة الفرنسي: مبدأ المساواة
أمام القانون مثل مساواة المنتفعين بخدمات المرافق العامة، والمساواة أمام
الضرائب، ومبدأ حرية العقيدة، ومبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية، أما مجموعة
المبادئ التي أخذ القضاء الإداري العربي بها: مبدأ عدم جواز الإثراء على حساب
الآخرين بلا سبب، كمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية، وضرورة توافر الضمانات التي
تكفل للمتهم حق الدفاع في المحاكمات التأديبية، وذلك دون حاجة إلى نص صريح عليها
في القانون واللوائح، ومبدأ كفالة حق الدفاع، ومبدأ حجية الأحكام ... وغيرها من
المبادئ([56]).
ولا يشترط في المبادئ العامة للقانون ورودها في نص
قانوني مكتوب، فقـد تكـون خارجـة عنـه يستخلصها القاضي من طبيعة النظام القانوني
وأهدافه المتنوعة، وبذلك تختلف المبادئ العامـة للقانون بهذا المعنى عن المبادئ
القانونية التشريعية التي تتضمنها التشـريعات المختلفـة مـن دستورية وقواعد فرعية
منصوص عليها في التشريعات، لأنها مكتوبـة وتسـتمد قوتهـا الإلزامية من المشرع([57]).
واختلف الفقه الفرنسي قبل صدور دستور الجمهورية الخامسة؛
حيث ذهب إلى أنَّ المبادئ العامة للقانون تتمتع بقوة قانونية تساوي التشريع
العادي، وذلك طالما أنَّ المشرع لم يخالفهـا بـنص صريح، وبعد صدور دستور (1958)
بدل الفقه الفرنسي موقفه وأخذ بالقول "أن المبادئ العامة للقـانون لهـا قـوة
تعلـو علـى التشريعات العادية بحيث أصبح لها قوة دستورية"([58]).
وقد ذهب جانب من
الفقه إلى أنَّ المبادئ القانونية العامة
تتمتع بمرتبة وسط بين القانون والأنظمة، بينما جانب آخر من الفقه ذهب أنَّ الأنظمة
تكون فـي درجة أدنى من المبادئ العامة للقانون لأنها مجرد قرارات إدارية علـى
الـرغم مـن القيمـة التشريعية التي اكتسبتها([59])،
لذا؛ يمكن القول أنَّ للمبادئ العامة قوة أقل مـن القـوانين العاديـة، وأعلى من
الأنظمة (اللوائح)، أما الراجح في القوة القانونية لها أنه ليس لهذه المبـادئ
القـوة لقانونية العامة نفسها، إذ تتفاوت في مدى قوتها تبعًا للمصدر الذي تستند
إليه، فـإذا اسـتنبط القاضي الإداري مبدأ قانوني من القواعد الدستورية كان لهذه
المبادئ قوة الدستور، وبالتالي يسمو هذا المبدأ على القوانين العادية، أما إذا
اسـتنبط القاضـي القاعـدة القانونية من مبادئ العدالة كان لهذه القاعدة قوة أقل
مـن قـوة القوانين العادية([60])، ونحن من جانبنا نؤيد
هذا الرأي لأنه يعطي للمبادئ القانون العامة حقها من حيث القوة.
الخاتمة:
اسهم القضاء
الإداري في إرساء مبدأ المشروعية من خلال رقابته على أعمال السلطة الإدارية بما
يكفل تحقيق التوازن بين السلطة الإدارية وممارستها لوظائفها، وتمتعها بالامتيازات
من جهة وبين الأفراد في المجتمع من جهة أخرى من خلال حماية حقوقهم الأساسية التي
كفلتها الدساتير والتشريعات الداخلية، وهي رقابة لا يقصد منها تقييد حركة الإدارة
وإعاقتها بل هدفها حماية الأفراد من تعسف الإدارة وشططها في استعمال سلطاتها،
فالقضاء الإداري وجد لتقييم أعمال الإدارة وتصرفاتها.
ولا يكفي لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم أن تتحقق سيادة القانون
عن طريق تنظيم سلطات الدولة، وتحديد العلاقات فيما بينهما، وإنما يتوجب أن تتوافر الضمانات
الأساسية بما يكفي لاحترام هذه السلطات والاختصاصات المناطة بها، ولتوقيع العقوبة
المناسبة في حالة مخالفة الإدارة للقانون وعدم احترامها لمبدأ المشروعية وتعويض
الأفراد عن التجاوزات التي تصدر من قبلها.
قائمة
المراجع
1.
أبو سهمدانة،
عبد الله ناصر، الخصومة الإدارية ومستقبل القضاء الإداري في فلسطين، ط1، دار
النهضة العربية، القاهرة، 2010.
2.
أحمد، رجب
محمود، القضاء الإداري ومبدأ المشروعية، ط1، دار النهضة العربيـة، القاهرة،
جمهورية مصر العربية، 2005.
3.
أرسلان، أنور
أحمد، وسیط القانون الإداري - مبدأ المشروعیة والرقابة القضائیة، الكتاب الاول،
دار النهضة العربیة، مصر، 1997.
4.
بسيوني، عبد الله
عبد الغني، القضاء الإداري اللبناني، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2000.
5.
بوضياف،
عمار، الوجيز في القانون الإداري، دار الريحانة، 1999.
6.
البنأ، عاطف، الضبط الإداري، ط1، جامعة القاهرة، القاهرة، جمهورية مصر
العربية، 1978.
7.
الجرف،
طعيمة، القانون الإداري –دراسة مقارنة، في تنظيم ونشاط الإدارة العامة، مكتبة الحديثة،
مصر، 1973.
8.
جمال الدين،
سامي، الرقابة القضائیة على أعمال الإدارة، منشأة المعارف، ط1، الاسكندریة، مصر، (د.ن).
9.
جورجي، شفیق
ساري، القضاء الإداري، ط5، دار النهضة العربیة، القاھرة، 2003.
10.
حافظ، محمود،
القضاء الإداري في الأردن، ط1، منشورات
الجامعة الأردنية، عمان، الأردن،1987.
11.
الحلو، ماجد
راغب، القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية،
1995.
12.
حمادة، محمد أنور، القرارات الإدارية ورقابة القضاء، دار الفكر الجامعي،
الإسكندرية، مصر، 2003.
13.
الزعارير،
أحمد إبراهيم، أثر نظرية أعمال السيادة على صلاحيات القضاء الإداري في الأردن،
مجلة الدراسات الأمنية، العدد (11)، الأردن، 2015.
14.
الزمان، يوسف
أحمد، السلطة القضائية في دولة قطر، ورقة عمل قدمت في لقاء يوم الأثنين 30/5/2011.
15.
سينهجي، أحمد، الوجيز في القانون الإداري المغربي والمقارن، ط2، د.ن، مكناس،
المغرب، 1998.
16.
الشاوي،
توفيق، فقه الإجراءات الجنائية، ط1، ج1، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1954.
17.
شطناوي، علي
خطار، موسوعة القضاء الاداري - الجزء الأول، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان،
الأردن، 2011.
18.
الشرقاوي،
سعاد، النظم السياسية في العالم المعاصر – تحديات وتحولات، دار النهضة العربية،
القاهرة، 2002.
19.
الشوبكي، عمر
محمد، القضاء الإداري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2007.
20.
شيحا،
إبراهيم عبدالعزيز، القانون الإداري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن،
1994.
21.
الصروخ،
مليكة، القانون الإداري – دراسة مقارنة، ط4، المطبعة الجديدة، الدار البيضاء،
المغرب، 1998.
22.
الطماوي،
سليمان، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة - دراسة مقارنة، ط1، دار الفكر
العربي، القاهرة.
23.
العاني، وسام صبار، القضاء الاداري، ط 1، مكتبة السنهوري، بغداد، العراق،
2013.
24.
العبادي،
محمد وليد، القضاء الإداري في الأنظمة المقارنة، ط1، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع،
عمان، الأردن، 2008.
25.
عبد الوهاب،
محمد رفعت، القضاء الإداري، الكتاب الأول، ط1، منشورات الحلبي الحقوقي، بيروت،
لبنان، 2005.
26.
العتوم،
منصور إبراهيم، القضاء الإداري، ط3، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2013.
27.
العتيبي،
محمد مفرح حمود، حكم التعویض عن أضرار أعمال السیادة في القضاء الإداري - دراسة
مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة نایف العربیة للعلوم الأمنیة، كلیة الدراسات العلیا،
الریاض، 2011.
28.
عدنان، عمرو،
إبطال القرارات الإداریة الضارة بالأفراد والموظفین، الهیئة الفلسطینیة المستقلة
لحقوق المواطن، د.ن، فلسطین، 2001.
29.
القیسي، إعاد علي حمود، القضاء الإداري - وقضاء المظالم، ط1، دار وائل
للطباعة والنشر، عَمان، الأردن، 1999.
30.
ليلو، مازن
راضي، الوجيز في القانون الاداري، منشورات الاكاديمية العربية في الدانمارك، سنة
2008.
31.
كنعان، نواف،
القضاء الإداري، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2006.
32.
منصور، أحمد،
دراسة تأصيلية للتطور التاريخي للاختصاص بالمنازعات الإدارية في دولة قطر، المجلة
القانونية والقضائية الصادرة عن مركز الدراسات القانونية والقضائية بوزارة العدل
القطرية.
33.
نده، حنا
إبراهيم، القضاء الإداري، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، 1972.
34.
الوازني،
محمد، القضاء الإداري - قضاء الإلغاء - التعويض، ط1، مطبعة دار الجسور، المغرب،
2000.
35.
يحيى، محمد، المغرب الإداري، ط3، مطبعة ووارقة إسبارطيل، طنجة، المغرب،
2002.
([1]) الطماوي، سليمان، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة -
دراسة مقارنة، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، ص 11-12.
([3]) بسيوني، عبدالله عبد الغني، القضاء الإداري اللبناني، ط1،
منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2000، ص3.
([4]) العتيبي، محمد مفرح حمود، حكم التعویض عن أضرار أعمال السیادة في
القضاء الإداري - دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة نایف العربیة للعلوم
الأمنیة، كلیة الدراسات العلیا، الریاض، 2011، ص6.
([7]) الوازني، محمد، القضاء الإداري - قضاء الإلغاء - التعويض،
ط1، مطبعة دار الجسور، المغرب، 2000، ص213-227.
([8]) الجرف، طعيمة، القانون الإداري –دراسة مقارنة، في تنظيم ونشاط
الإدارة العامة، مكتبة الحديثة، مصر، 1973، ص3.
([10]) الطماوي، محمد سليمان، النظرية العامة للقرارات الإدارية،
ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1976، ص 14.
([12]) أحمد، رجب محمود، القضاء الإداري ومبدأ المشروعية، ط1،
دار النهضة العربيـة، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 2005، ص9.
([13]) عدنان، عمرو، إبطال القرارات الإداریة الضارة بالأفراد والموظفین،
الهیئة الفلسطینیة المستقلة لحقوق المواطن، د.ن، فلسطین، 2001، ص10.
([17]) الشرقاوي، سعاد، النظم السياسية في العالم المعاصر – تحديات
وتحولات، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص110.
([18]) الدستور الدائم لدولة قطر: المـادة (61)
السلطة التشريعية يتولاها مجلس الشورى على الوجه المبين في هذا الدستور، والمـادة
(62) السلطة التنفيذية يتولاها الأمير. ويعاونه في ذلك مجلس الوزراء على الوجه
المبين في هذا الدستور، والمـادة (63) السلطة القضائية تتولاها المحاكم على الوجه
المبين في هذا الدستور. وتصدر الأحكام باسم الأمير.
([20]) الزعارير، أحمد إبراهيم، أثر نظرية أعمال السيادة على صلاحيات
القضاء الإداري في الأردن، مجلة الدراسات الأمنية، العدد (11)، الأردن،
2015، ص16.
([21]) أبو سهمدانة، عبدالله ناصر، الخصومة الإدارية ومستقبل القضاء
الإداري في فلسطين، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010، ص37.
([22]) العبادي، محمد وليد، القضاء الإداري في الأنظمة المقارنة،
ط1، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2008، ص44.
([23]) شطناوي، علي خطار، موسوعة القضاء الاداري - الجزء الأول،
دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2011، ص36.
([25]) الحلو، ماجد راغب، القضاء الإداري، دار المطبوعات
الجامعية، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية، 1995، ص25.
([29]) الزمان، يوسف أحمد، السلطة القضائية في دولة قطر، ورقة عمل
قدمت في لقاء يوم الأثنين 30/5/2011 ص33-43.
([30]) أرسلان، أنور أحمد، وسیط القانون الإداري - مبدأ المشروعیة والرقابة
القضائیة، الكتاب الاول، دار النهضة العربیة، مصر، 1997، ص85.
([31]) شيحا، إبراهيم عبدالعزيز، القانون الإداري، دار الثقافة
للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1994، ص114.
([37]) جمال الدين، سامي، ، الرقابة القضائیة على أعمال الإدارة،
منشأة المعارف، ط1، الاسكندریة، مصر،( د.ن)، ص33.
([38]) الصروخ، مليكة، القانون الإداري – دراسة مقارنة، ط4،
المطبعة الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، 1998، ص393.
([40]) دستور دولة قطر الدائم لسنة 2004، المادة (121) منه: يتولى مجلس
الوزراء بوجه خاص، الاختصاصات التالية:
-
اقتراح مشروعات
القوانين والمراسيم، وتعرض مشروعات القوانين على مجلس الشورى لمناقشتها، وفي حالة
الموافقة عليها تُرفع للأمير، للتصديق عليها وإصدارها، وفقاً لأحكام هذا الدستور.
-
اعتماد اللوائح
والقرارات التي تعدها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، كل فيما يخصه، لتنفيذ
القوانين بما يطابق أحكامها.
-
الإشراف على
تنفيذ القوانين، والمراسيم، واللوائح، والقرارات.
-
اقتراح إنشاء
وتنظيم الأجهزة الحكومية، والهيئات والمؤسسات العامة وفقاً للقانون.
-
الرقابة العليا
على سير النظام الحكومي المالي والإداري.
-
رسم القواعد
العامة الكفيلة باستتباب الأمن الداخلي، والمحافظة على النظام في أرجاء الدولة
وفقاً للقانون.
([42]) سينهجي، أحمد، الوجيز في
القانون الإداري المغربي والمقارن، ط2، د.ن، مكناس، المغرب، 1998، ص231.
([43]) منصور، أحمد، دراسة تأصيلية للتطور التاريخي للاختصاص بالمنازعات
الإدارية في دولة قطر، المجلة القانونية والقضائية الصادرة عن مركز الدراسات
القانونية والقضائية بوزارة العدل القطرية، ص55، 59 وما بعدها.
([47]) حمادة، محمد أنور، القرارات
الإدارية ورقابة القضاء، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، 2003، ص41.
([50]) القیسي، إعاد علي حمود، القضاء
الاداري- وقضاء المظالم، ط1، دار وائل للطباعة والنشر، عَمان، الأردن، 1999،
ص39-40.
([52]) عدنان، عمرو، القضاء الاداري مبدأ المشروعية – دراسة مقارنة،
ط2، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ص36.
([53]) ليلو، مازن راضي، الوجيز في القانون الاداري، منشورات
الاكاديمية العربية في الدانمارك، سنة 2008، ص16.
0 تعليقات