رابط تحميل المجلة التي تتضمن المقال بصيغتها الرقمية PDF الرابط أذناه:
https://www.allbahit.com/2022/08/46-2022-24.html
الأستاذ محمد شكاك
باحث بسلك الدكتوراه -كلية العلوم القانونية جامعة
الحسن الأول بسطات
دور اللجنة الوطنية
لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي
The role of the National Committee for monitoring the
protection of personal data
الملخص:
أحدثت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع
الشخصي بالمغرب بمقتضى القانون 08-09
الصادر في 18 فبراير 2009 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات
ذات الطابع الشخصي و ذلك من أجل السهر على
احترام تطبيق مقتضيات القانون 08-09، هذا الأخير الذي يهدف إلى تمكين الجهاز
التشريعي المغربي من وسيلة قانونية خاصة من أجل ضمان حماية ناجعة للمعطيات
الشخصية، كما يسعى أيضا إلى حماية الأشخاص من الإفراط في استعمال المعطيات بشكل
يمس بحياتهم الخاصة.
و الهدف الثاني
وراء إحداث اللجنة الوطنية، هو حماية الحياة الخاصة للأفراد وحرياتهم الشخصية إزاء
الاستعمال المفرط و اللامسؤول لمعطياتهم الشخصية، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي
الكبير الذي يعرفه استعمال هذه المعطيات.
كما تعتبر أداة فعالة في إطار السياسة الشمولية التي
ينهجها المغرب، والهادفة إلى تطوير استعمال تكنلوجيات الإعلام والاتصال والنهوض
بالاقتصاد الرقمي من خلال استراتيجة " المغرب الرقمي 2013"، لاسيما في
مجال ترحيل الخدمات، على اعتبار أن كسب ثقة الشركاء الدوليين يقتضي التوفر على
جهاز يسهر على حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
واعتبارا للدور المحوري الذي أنيط باللجنة الوطنية فقد
مكنها المشرع من مجموعة من السلط (أولا) و تجسيدا لهذه السلط على أرض الواقع ندلل
على ذلك من خلال تفاعل اللجنة الوطنية مع الشكايات المقدمة لها(ثانيا )و نضرب
أمثلة من واقع تدخلها(ثالثا).
أولا: السلط
حسب المادة 30 من القانون 08-09 فقد خص المشرع اللجنة
الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بمجموعة من السلط و ذلك بغية تمكينها
من مراقبة ومطابقة المعالجات المتعلقة بالمعطيات الشخصية لمقتضيات القانون 08ـ09،
ونصوصه التطبيقية.
هكذا تتوفر اللجنة الوطنية على :
-
سلط التحري والبحث التي تمكن أعوانها المفوضين لهذا
الغرض بصفة قانونية من قبل الرئيس، بالولوج إلى المعطيات الخاضعة للمعالجة
والمطالبة بالولوج المباشر للمحال التي تتم فيها المعالجة وتجميع جميع المعلومات
والوثائق الضرورية للقيام بمهام المراقبة والمطالبة بها، وفق التفويض الذي
يمارسونه.
-
سلطة الأمر بتزويدها بالوثائق، أيا كانت طبيعتها
وكيفما كانت دعاماتها، التي تمكنها من دراسة وقائع الشكايات المحالة عليها، وذلك
داخل الآجال ووفق الكيفيات أو العقوبات المحتملة التي تحددها.
-
سلطة الأمر بالتغييرات اللازمة من أجل حفظ نزيه
للمعطيات المحتواة في الملف، أو إجرائها أو العمل على إجرائها.
-
سلطة الأمر بإغلاق معطيات أو مسحها أو إتلافها وكذا
منع معالجة معطيات ذات طابع شخصي بصفة مؤقتة أو دائمة بما في ذلك المعطيات
المتضمنة في شبكات مفتوحة لإرسال المعطيات انطلاقا من خادمات تقع داخل التراب
الوطني[1].
ثانيا: تفاعل اللجنة الوطنية مع الشكايات و أمثلة من
واقع تدخها
إحصائيات صادرة عن اللجنة الوطنية لمراقبة حماية
المعطيات ذات الطابع الشخصي ( سنة 2015).
ما
يلاحظ من خلال الشكل أعلاه، أن معدل الشكايات ظل ضعيفا إن لم نقل منعدما حتى سنة
2012، ليعرف بعد ذلك تطورا ملحوظا خلال سنتي 2014 و 2015 و إن كانت هده الأرقام لا تعبر عن واقع
الخروقات التي تطال معالجة المعطيات الشخصية، مع العلم أن اللجنة بدأت عملها في
2010 و يعزى هدا الإقبال الضعيف على مواجهة الخروقات التي تطال المعطيات الشخصية للأفراد
إلى ضعف ثقافة أهمية المعطيات الشخصية و ما قد تشكله من تهديد للحياة الخاصة للأفراد
في حالة الاستعمال الغير المشروع، زد على ذلك جهل عدد كبير من الناس بوجود مؤسسة
تسهر على حماية معطياتهم الشخصية و المتمثلة في اللجنة الوطنية.
إحصائيات صادرة عن اللجنة الوطنية لمراقبة حماية
المعطيات ذات الطابع الشخصي ( سنة 2014)
نلاحظ
من خلال المبيان التالي أن نسبة الشكايات المتعلقة بالرسائل القصيرة مثلت نصف
مجموع الشكايات المتوصل بها، لتأتي بعدها الشكايات المتعلقة بالرسائل الاقتحاميةspam بنسبة (17%)، أما فيما يخص
الشكايات المتعلقة بالمراقبة بالفيديو و البيانات على الانترنيت وباقي المواضيع الأخرى
فان نسبها تبقى متقاربة (ما بين 9و13%)، و يعزى هذا التفاوت في النسب إلى الاستعمال المكثف للرسائل
القصيرة من قبل شركات وهمية وقراصنة ومؤسسات ترويجية في غياب تام لأنظمة
مخصصة لرصد وتتبع الرسائل النصية القصيرة
المزعجة، و الخلط المتعمد بين التسويق
المباشر واحترام حقوق الأشخاص.
إحصائيات صادرة عن اللجنة الوطنية لمراقبة حماية
المعطيات ذات الطابع الشخصي ( سنة 2014).
من
خلال الاطلاع على المبيان أعلاه الخاص بالتقسيم الجغرافي للشكايات المتوصل بها
خلال سنة 2014، نلاحظ أن مدينة الدار
البيضاء حظيت بالنسبة الأكبر من مجموع الشكايات حيث بلغت (57%)، لتأتي بعدها مدينة الرباط بسبة (18%)، و لتتقاسم
فيما بعد باقي المدن ما مجموعه (25%) من مجموع الشكايات، و مرد هذا التفاوت الكبير في هده النسب راجع بالأساس
إلى التفاوت السكاني بين مختلف هده المدن بدرجة أولى و إلى وجود وعي لدى ساكنة
المدن الكبرى بحرمة الحياة الخاصة و خطورة استعمال المعطيات الشخصية بطرق غير
مشروعة، و إن كانت هده النتائج لا ترقى حتى إلى المستوى المعقول، على اعتبار أن (57%) من مجموع 162
شكاية متوصل بها سنة 2014 لا تتجاوز 93 شكاية بالنسبة لمدينة بحجم الدار البيضاء
يقدر عدد سكانها ب 5 مليون نسمة.
إحصائيات صادرة عن اللجنة الوطنية لمراقبة حماية
المعطيات ذات الطابع الشخصي ( سنة 2014)
في
قراءة أولية للمبيان أعلاه بخصوص التدابير المتخذة من طرف اللجنة الوطنية في حق
المخالفين موضوع الشكايات السابقة، نلاحظ أن هده التدابير لا تخرج عن تدبيرين
اثنين هما الإشعارات التنبيهية و المراقبة بعين المكان للمواقع الالكترونية، و
تبقى هده التدابير مجرد إجراءات ثانوية، إذا ما قراناها بالعقوبات المدرجة
في القانون وهدا راجع بالأساس إلى طبيعة الشكايات المقدمة من جهة، و من جهة
ثانية فاللجة الوطنية حتى تلك اللحظة
هي في مرحلة التحسيس و محاولة رفع الوعي
لدى المسؤولين و المواطنين على حد سواء بوجود إطار قانوني ينظم مجال المعطيات
الشخصية، يحمي الأفراد و يعاقب المخالفين.
ثالثا :حالات
من واقع تدخل اللجنة الوطنية
الحالة الأولى: لاحظت إحدى الطالبات الفرنسيات أن طلبها للحصول على
الوظائف الشاغرة ظلت دون جواب، لتكتشف بعد ذلك أن بعض
أرباب العمل يقومون بالتقصي عن طالبي العمل عبر شبكة الإنترنت، وعند إدخال اسمها
في محركات البحث أظهرت النتائج الأولى بعض المقالات التي نشرت في الصحف المغربية
التي تعبر عن بعض قناعاتها الأيديولوجية. و بالنظر إلى أن هذه المنشورات تضر
بمسيرتها المهنية، فقد تقدمت بشكوى إلى اللجنة الوطنية تطالب من خلالها سحب هده
المقالات لتتصل اللجنة الوطنية بعد ذلك بهده الصحف و التي استجابت لدعوة اللجنة و أزالت
جميع المقالات المتعلقة بهده الطالبة من مواقعها الالكترونية.
الحالة الثانية: نشرت إحدى الشركات الممتعددة الجنسيات متخصصة في
صناعة مستحضرات التجميل احد الفيديوهات الترويجية الذي يظهر بعض البائعين و هم بصدد عرض منتجاتها على
بعض العملاء. و قد اعترض أحد البائعين لاستخدام صورته لأغراض تجارية لدى اللجنة الوطنية على
أساس انه لم يتم الحصول على موافقته. وقد اتصلت اللجنة الوطنية بالمسؤولين من اجل إزالة الفيديو موضوع السؤال. هذا
وقد تمت إزالته فورا من أدوات الاتصال الخاصة بها على الانترنت، و تقديم اعتذار
إلى الشخص المعني.
الحالة الثالثة: تلقت اللجنة الوطنية شكوى من مواطن يقول فيها أنه
منع من سحب دفتر الشيكات بسبب خطأ احد البنوك التي أدرجت اسمه لدى البنك المركزي
ضمن قائمة الأشخاص مقدمي شيك بدون مؤونة. أثناء النظر في هذه الشكوى، تبين أن
المشتكي ليس زبونا لدى البنك المذكور و أن الخطأ ناتج عن تشابه الأسماء بين احد
زباء البنك و الشخص صاحب الشكاية. بالتعاون مع البنك المعني والبنك
المركزي، تمكنت اللجنة الوطنية من تصحيح هذا الخطأ وإنهاء الحادث.[2]
المراجع:
v
عرض بعنوان، معالجة
الشكايات، تجربة اللجنة الوطنية، مقدم من طرف السيد سعيد إهراي،
رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، سنة 2015.
v
إحصائيات صادرة عن اللجنة
الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (سنة 2014).
v
القانون 08-09 المتعلق حماية
المعطيات ذات الطابع الشخصي.
[1] - المادة 30 من قانون 09.08
[2] - عرض
بعنوان، معالجة الشكايات، تجربة اللجنة الوطنية، مقدم من طرف السيد سعيد إهراي،
رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي،سنة 2015،ص 19-21.
0 تعليقات