لتحميل العدد بصيغته الرقمية pdf اليكم الرابط أذناه:
الأستاذة
وئام بنعيسي
باحثة بسلك الدكتوراه - جامعة
محمد الخامس الرباط كلية
العلوم القانونية–السويسي
قراءة في الفصل 54 من
ظهير الالتزامات والعقود على ضوء العمل القضائي
Lecture au chapitre 54 du dahir de L.A. à la lumière du travail judiciaire
مقدمة:
تعتبر
العقود بمثابة حجر الزاوية في المعاملات المالية بين الأفراد في أي مجتمع، ويقينا
أنها لا تنعقد وتصبح سارية إلا بتوافر أركانها؛ التي أوردها المشرع المغربي في
الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود[1] .
ولا مراء في أن التراضي يحظى
بمكانة متميزة في عملية التعاقد، بوصفه أهم ركن فيها، ويقصد بالتراضي؛ تعبير شخص
عن إرادته في إحداث أثر قانوني معين في العلاقة بينه وبين شخص أخر وأن تلتقي هذه
الإرادة مع إرادة مطابقة لها أي متجهة إلى إحداث نفس الأثر وصادرة ممن وجهت إليه
الإرادة الأولى، بحيث يتحقق التوافق بين الإرادتين[2].
ويقينا؛ أن أساس العقد هو الإرادة
المشتركة لطرفيه، وأن هذه الإرادة تلعب الدور الرئيسي في تحديد آثار العقد، فلها
السلطان الأكبر في تكوين العقد، ثم يأتي القانون بعد ذلك ليعمل على تحقيق الغاية
التي قصدتها الإرادة شريطة أن تكون هذه الإرادة غير مخالفة للنظام العام وحسن
الآداب[3].
ولئن كان وجود الرضى أمر لازم
لتكوين العقد؛ إذ يوجد بوجوده وينعدم بانعدامه[4]، فإن
سلامة الرضى هي الأخرى واجبة؛ حيث لا يقوم هذا الركن إلا بخلو إرادة المتعاقدين من
العيوب التي قد تشوبها. ويقصد بعيب الرضى؛ اختلال في رضى العاقد ناشئ عن بعض
العوامل التي صاحبت العقد أثناء انعقاده خلت بسلامة اختياره، إذ لولا تأثيرها في
نفسه لما أقدم على إبرام العقد[5].
فالمشرع المغربي حدد عيوب الرضى في
الغلط، والتدليس، والإكراه، والغبن، وحالة المرض والحالات الأخرى المشابهة[6]،
ورتب عليها كجزاء؛ إبطال العقد المبرم تحت تأثير إحداها.
ولعله بالرجوع إلى مقتضى الفصل 54
من ظهير الالتزامات والعقود نجده ينص على أن: "أسباب الإبطال المبنية على
حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة".
وحيث إن صياغة الفصل 54 جاءت عامة
دون شرح أو تفصيل لهاتين الحالتين؛ حالة المرض، وحالة مشابهة للمرض في باقي فصول
ظهير الالتزامات والعقود، باستثناء تكرار المشرع لمصطلح "المرض" في فصول
أخرى، وهي: الفصل 433[7]،
والفصل 345[8]،
والفصل 479[9].
فحسبنا التمسك بإحدى أهم مميزات القانون المغربي؛ ألا وهي ازدواجية مصادره بين
القانون الوضعي من جهة، والنهل من ينابيع الفقه الإسلامي من جهة أخرى، والتي يقينا
ما يكون واجبا على القضاء مراعاة هذه الازدواجية، كما في الحالة التي تتعلق
النازلة المعروضة على أنظاره؛ بتصرفات المريض مرض الموت أو بالحالات المشابهة له.
ونظرا لكون المشرع ترك أمر تحديد
عيب المرض للقضاء في إطار السلطة التقديرية الممنوحة لقضاة الموضوع لترجيح كفة على
حساب أخرى بحسب الحالات، علما أن التأكد من مدى تحقق حالة المرض أو الحالات الأخرى
المشابهة طبقا للفصل 54 من ظ.ل.ع يتطلب التريث والتروي. ولما كان مرض الموت واقعة
مادية، فيقينا أنه يمكن إثباته بكافة الوسائل؛ وهو ما سنحاول التطرق إليها –حالة
المرض وكذا الحالات المشابهة-، معززين ذلك ببعض الأحكام والقرارات التي نلاحظ
بشأنها أنه كان يتم استبعاد الشهادة الطبية متى تضمن الاستشهاد العدلي عبارة
"بأتمه"، قبل أن يلطف المجلس الأعلى - محكمة النقض حاليا من رأيه في
الأخير .
ورغبة في إجلاء الغموض عن الفصل 54
من ظ.ل.ع، وعدم الاكتفاء فقط بمعناه الظاهر، فإننا سنتطرق لهذا الموضوع من منطلق
الإشكالية حول؛ نطاق الفصل 54 الذي يقصده المشرع؟ ومدى سلطة قضاة الموضوع في تقرير
الإبطال؟ فضلا عن مدى مراقبة محكمة النقض لهذه السلطة أمام غياب مفهوم دقيق للمرض
والحالات المشابهة ؟
ولعله عند بحثنا لهذا الموضوع
سنحاول تقديم المفيد؛ دون إطناب ممل، أو اختصار لا يفي بالغرض.
ومن أجل الإحاطة بموضوع قراءة في
الفصل 54 من ظ.ل.ع على ضوء العمل القضائي؛ ارتأينا تقسميه إلى: المطلب الأول: نطاق
الفصل 54 من ظهير الالتزامات والعقود. المطلب الثاني: نطاق سلطة القاضي التقديرية
وحدودها.
المطلب الأول: نطاق الفصل 54 من
ظهير الالتزامات والعقود
تتميز عبارة حالة المرض الحالات
الأخرى المشابهة الواردة في الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود بعموميتها
وغموضها، مما يخلق صعوبة بالنسبة للقضاء من زاوية تطبيق هذا الفصل، لذا ارتأينا
تحديد مفهوم المرض المشار إليه في الفصل 54 من ق ل ع (الفقرة الأولى)، وكذا
المقصود بالحالات الأخرى المشابهة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم
المرض
ورد لفظ المرض في الفصل 54 من
القانون المغربي عاما ومطلقا، ولم يقيده المشرع بأي وصف، سوى أنه ترك للقاضي سلطة
تقديرية في تحديده من جهة، وفي الحكم بالإبطال بسببه من جهة أخرى.
غير أن سلطة القاضي اتجاه حالة
المرض ليست مطلقة بل مقيدة بالعلة من إقرار إبطال العقد في هذه الحالة، وكذا بما
يتضمنه القانون من مقتضيات خاصة ببعض الأمراض. إذ أن حكم المرض ليس واحد في كل
الحالات التي تعرض لها المشرع؛ فهو قد يكون سببا للحجر (كما في الجنون وفقدان
العقل والعته) وقد يكون سببا من أسباب تقييد التصرف (مرض الموت)، وقد يكون عيبا من
عيوب الإرادة (المرض المنصوص عليه في الفصل 54) وهذا الأخير هو المقصود[10].
وعليه سنحاول الوقوف عند الأمراض
العقلية (أولا)، وكذا الأمراض العضوية (ثانيا)، ثم تحديد مرض الموت (ثالثا).
أولا: الأمراض العقلية: إن الأمراض
العقلية من منظور الطب النفسي عديدة، ولعلنا سنقف عند أهمها (الجنون، السفه،
العته) لمعرفة مدى إمكانية تفسيرها على أنها تدخل ضمن الأسباب المثارة في الفصل 54
من قانون الالتزامات والعقود.
فالجنون؛
هو اضطراب يلحق العقل فيعدم عند صاحبه الإدراك والتمييز، ويعدم بالتالي أهليته[11]،
ولقد سار المشرع المغربي على نهج الفقه الإسلامي حيث قسم الجنون إلى نوعين: جنون مطبق؛ وهو الذي يستغرق لدى صاحبه جميع
أوقاته، فهو جنون ملازم ومستمر لا يفارق صاحبه، وجنون
متقطع؛ وهو الذي يصيب الشخص تارة، فلا يعقل معه صاحبه شيئا ويزول تارة أخرى،
فيعود صاحبه إلى حالته الطبيعية، بمعنى أنه تمر على المجنون أوقات يكون فيها حاضر
العقل، وتعتريه نوبات يزول عقله فيها[12]، وفي
الحالة الأولى –حضور العقل- يكون المجنون عديم الأهلية مطلقا وتصرفاته باطلة، أما
في الحالة الثانية –زوال العقل- فيكون عديم الأهلية في حالة إطباق جنونه عليه،
وتعود إليه أهليته في حالة وعيه فتصبح وقتئذ تصرفاته نافذة[13]
.
وفي إطار حالة فقدان العقل بكيفية
متقطعة نذكر قرار أشار إليه الأستاذ أحمد أدريوش[14]؛ صادر
عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 4947 بتاريخ 1983؛ حيث قضت بعد التصدي،
وبالاستناد منها على الفصل 54 من ق.ل.ع "بإبطال عقد البيع المبرم بين شخص
مريض –من جهة- وبين مشتريين منه؛ بشأن الدار موضوع العقد المؤرخ في 1976، بعلة
الوثائق المدلى بها تفيد أن السيد/البائع دخل عدة مرات قسم الأمراض النفسية منذ
1967، وأنه عولج لمدة شهرين بمصلحة الأمراض العقلية، وأن نتيجة الخبرة تؤكد أنه
مصاب بأمراض عصبية ونفسية منذ 1967 لحد الآن، وأن عقليته ناقصة وغير
منعدمة.."علما من المحكمة أن البائع لم يكن محجرا عليه وقت البيع .
والسفه؛
عرفته المادة 215 من مدونة الأسرة بكونه: "المبذر الذي يصرف ماله فيما لا
فائدة فيه وفيا يعده العقلاء عبثا بشكل يضر به أو بأسرته"؛ وهو بهذا التصور
ينطوي على عيب يلحق الإنسان في تدبيره، لا عيبا يلحق العقل، فالسفيه رجل كامل
العقل لكنه سيء التدبير، لأنه أنفق ماله في أوجه يراها العاقل لا تتفق مع ما يجب
أن تكون عليه[15]
.
أما العته؛
عرفته المادة 216 من مدونة الأسرة بأنه: "الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع
معها التحكم في تفكيره وتصرفاته"؛ وعليه فإن الإعاقة المصاب بها المعتوه تؤثر
على تمييزه وإدراكه لكن ليس بدرجة الجنون، ومن أجل ذلك اعتبر المشرع المعتوه
كالسفيه ناقص الأهلية لا فاقدها كما هو الحال بالنسبة للمجنون[16].
وحول إمكانية انطباق الفصل 54 من
ظ.ل.ع على المصاب بمرض عقلي، فالبين أن القضاء ذهب إلى كون الفصل 54 لا يشمل هذه
الحالات؛ إذ يتم استبعاد حالات انعدام الأهلية ونقصانها من نطاق الفصل 54 من
ق.ل.ع، لكون هاته الحالات –أي انعدام الأهلية ونقصانها- منظمة في مدونة الأسرة،
والقول أن تفسير حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة على أنها تعني الأمراض
العقلية التي تعدم الإرادة أو تنقصها سيكون مجرد تكرار من شأنه أن يكون مشوشا في
التطبيق لأنها تجعل الإبطال خاضعا لسلطة القاضي التقديرية، بينما الإبطال في حالة
انعدام الأهلية ونقصانها مقرر بقوة القانون ولا مجال فيه للسلطة التقديرية[17]
.
ولقد سبق لمحكمة الاستئناف
بالجديدة أن فسرت في قرار لها عدد 710 صادر بتاريخ 2004 بأن المرض المنصوص عليه في
الفصل 54 من ق.ل.ع يشمل المرض العقلي، وجاء في قراراها القاضي بتأييد الحكم الصادر
عن المحكمة الابتدائية بسيدي بنور في الملف المدني عدد 211/03 بتاريخ 2004[18]؛
والقاضي بإبطال البيع الذي ثبت لها أن البائعة كانت مصابة بمرض عقلي؛ -أن
الاستئناف المرفوع من الورثة ينصب على عدم أتمية[19]
مورثتهم أثناء إبرام عقد البيع، وأنهم أدلوا إثباتا لذلك باللفيف العدلي المضمن
تحت عدد 575 مستفسر يشهد شهوده بأن البائعة كانت قبل وفاتها بسنتين تعاني من مرض
عقلي فقدت معه الإدراك والتمييز.
ومحكمة الاستئناف بالجديدة
في قرارها؛ اعتبرت أن إرادة البائعة/المورثة كانت مشوبة بعيب من عيوب الرضى
المنصوص عليه في الفصل 54 من ق.ل.ع مما يشكل سببا من أسباب الإبطال، والذي يرجع
تقديره لقضاة الموضوع. ولم تعتبر مرض الهالكة/البائعة مفقدا لأهليتها في الالتزام
والإلزام كما أسس المطلوبين دعواهم عليها. وإنما كيفته على أساس الفصل 54 .
إلا أن الغرفة المدنية/القسم
الثاني في المجلس الأعلى - محكمة النقض حاليا؛ في قرارها عدد 3547 الصادر
بتاريخ 2006[20]؛
قضت بنقض القرار - وإحالة الملف من جديد إلى محكمة الاستئناف بالرباط- معتبرة –أي
محكمة النقض؛ أن المطلوبون/الورثة أسسوا الدعوى على أن مورثتهم/البائعة كانت وقت
إبرام العقد مصابة بمرض عقلي أفقدها الإدراك والتمييز والذي ظلت تعاني منه إلى أن
توفيت مستدلين بلفيف عدلي وشهادة طبية؛ مما يعني حسبهم أن سبب الإبطال هو أن
البائعة كانت وقت البيع فاقدة لأهلية الالتزام والإلزام. وعلى نقيض ذلك تمسك
الطاعن/المشتري بحجة قاطعة متمثلة في رسم البيع الذي شهد فيه العدلان على البائعة
الهالكة بالأتمية وتمام الإدراك.
وبذلك؛ اعتبرت محكمة النقض أن
محكمة الاستئناف بالجديدة؛ حين بتت في القضية على أساس مرض الهالكة البائعة العقلي
يكون سببا للإبطال المبني على حالة المرض المنصوص عليها في الفصل 54 من ق.ل.ع ،
ولم تبت فيها في الإطار الذي أسسه المطلوبين/الورثة وهو المرض العقلي المؤدي إلى
فقدان الأهلية، فإنها تكون بذلك قد غيرت من تلقاء نفسها سبب الدعوى وخرقت الفصل 3
من ق.م.م وعرض قرارها للنقض .
والحاصل من القرار المذكور؛
أن المرض العقلي يجعل المصاب به فاقدا لأهلية الالتزام والإلزام. وأن هذا المرض
ليس هو الذي يقصده المشرع في الفصل 54 من ق.ل.ع .
وهو صحيح؛ لأن المشرع اعتبر
المجنون وفاقد العقل عديمي الأهلية (الفقرة الأولى من المادة 217 من م.أس)، كما
اعتبر التصرفات الصادرة عنهما باطلة ولا تنتج أي أثر (المادة 224 من م.أس)، لكنه
اعتبر الشخص المصاب بفقدان العقل بكيفية متقطعة، كامل الأهلية خلال الفترات التي يؤوب
إليه عقله فيها (الفقرة الثانية من المادة 217 من م.أس).
وفضلا عن ذلك اعتبر المعتوه ناقص
الأهلية (المادة 213 من م.أس) واعتبر تصرفاته إما نافعة له نفعا محضا –وهي نافذة-،
أو ضارة –وهي باطلة- ، أما إذا كانت دائرة بينهما يتوقف نفاذها على إجازة النائب
الشرعي حسب مصلحته الراجحة[21]
.
وعليه؛ فإن هذه المقتضيات تطبق على
التصرفات التي يبرمها هؤلاء المرضى (المجنون، وفاقد العقل، والمعتوه) بعد تاريخ
حصولهم على هذا المرض وفق مسطرة الحكم الصادر بالتحجير عليهم. أما قبل هذا التاريخ
(تاريخ الحجر عليهم) فإن الفصل 54 يشكل مصدرا احتياطيا لهذه الحالات[22]
.
ثانيا: المرض العضوي
المرض العضوي؛ هو المرض الذي يصيب
جسم الإنسان[23]،
وهو المرض الذي لا يموت منه المتصرف، ويحق لهذا الأخير أن يستند إلى الفصل 54
ليطالب بإبطال التصرف الذي صدر منه خلال مرضه الذي أثر على إرادته فسلبه الحرية
والاختيار وبالتالي جاءت إرادته معيبة مما جعله يقبل بالتصرف الذي أبرمه ولو أنه
لن يرتضيه في الأحوال العادية[24]
.
وفي هذا الصدد أكد قرار المجلس
الأعلى - محكمة النقض حاليا في عدد 1902 صادر بتاريخ 07/06/2006: "حقا، إنه
بمقتضى الفصل 54 من ق.ل.ع، فإنه لا يشترط
لإبطال عقد البيع، أن يكون البائع فاقدا الوعي والإدراك، وإنما مناط هذا
الإبطال، أن تكون إرادته معيبة بسبب المرض، وأن يكون المتعاقد الأخر، استغل وضعيته
وحالته المرضية، وحصل منه على قبول لإبرام بيع ما كان ليقبله لو كان سليما
معافى"[25]
.
وقد صرحت محكمة الاستئناف بالرباط –الغرفة
العقارية في قرارها رقم 38 بتاريخ 18/5/2004؛ "بأن العمل القضائي استقر على
اعتبار المرض المنصوص عليه في الفصل 54 من ق.ل.ع سندا مشروعا لإبطال التصرفات، وأن
المقصود به هو –المرض العضوي المؤثر الذي تفتقد أو تتقلص معه القدرات اللازمة
والكافية لاستيعاب حقيقة التصرف وتقدير قيمة ما تعاقد بشأنه"[26]
.
ولعله استنادا إلى ما هو مثار أمام
المحاكم؛ من الممكن تصور ذلك في كثير من الأمراض، لعل أهمها:
-
مرض
القلب الذي يعرض المصاب به للإغماء ولاضطرابات في جهازه الدموي مصحوبة بفقدان
الذاكرة من آن لأخر؛
-
إصابة
الكبد بمرض خطير يؤدي إلى ضعف في الجسم وفي قواه العقلية، واضطرابات في الدماغ
مصحوبة بفقدان الذاكرة؛
-
الشلل
النصفي لمدة طويلة وما يترتب عنه من فقد للقدرة على الحركة والإدراك والتمييز
والنطق مليا؛
-
مرض
الباركنسون المصحوب بتأثير على الإدراك؛
-
العجز
الجسماني الشديد الناتج عن الشيخوخة وما يترتب عنها من تأثير على عقل الشيخ
وإرادته؛
-
مرض
التهاب الكبد الفيروسي من نوع "س" مع ما يكون للأدوية من تأثير على
الإرادة والإدراك والتمييز؛
-
مرض
السرطان؛ ...إلخ .
فمثل هذه الأمراض، إذا لم تنته
بالموت خلال المدة المعقولة التي استقر عليها القضاء، يمكن أن تشكل سببا يستند
عليه المريض أو ورثته للمطالبة بإبطال التصرف الذي أبرمه تحت تأثير هذه الحالة.
أما إذا انتهى بالموت فيمكنهم إذاك
الاستناد إلى المقتضيات المؤطرة لتصرفات المريض مرض الموت سواء تلك التي نص عليها
التشريع أو تلك طبقها القضاء؛ ما يتعلق بالفصلين 344 و 345 حالة الإبراء للوارث أو
لغير الوارث[27]
.
ولعل هناك من الباحثين[28]؛
من أدرج مرض كوفيد19 المستجد، بخانة الأمراض المعتبرة في حكم مرض الموت، ليتم
حسبه؛ تقرير نفس الحكم على العقد المعيب به؛ ألا وهو الإبطال. وهو مما لاشك فيه؛
أنه يبقى مجرد رأي، قد يكون محل اعتبار في القادم من الأيام إذا ما عرضت نازلة على
القضاء في هذا الصدد.
ثالثا: مرض الموت
بخصوص قانون الالتزامات والعقود
المغربي فإنه لم يبين ما المقصود بمرض الموت، كما أنه لم يحدد الحالات التي تلحق
به أو تأخذ حكمه، بل اكتفى بذكر حكم الإبراء والبيع فيه[29]؛
إذ أنه عرف نظرية الموت بتبيان حكم البيع الواقع في مرض الموت في الفصل 479[30]
من ق.ل.ع، مع الإحالة على مقتضيات الفصلين 344[31]، 345[32]
من نفس القانون، كما عرفها أيضا من خلال
الفصل 1248[33]،
فضلا عن الفصل 54 المذكور، غير أن المشرع لم يوضح ما المقصود بالمرض هنا ولم يتعرض
لحالات المرض[34].
وبهذا ترك المشرع المغربي أمر
تعريف مرض الموت إلى الفقه والقضاء، رجوعا إلى قواعد الفقه الإسلامي وخاصة المالكي
منه، ويجب أن نشير هنا إلى غياب مؤسسة مرض الموت في التشريعات الغربية، باستثناء
ما تضمنه الفصل 909 من القانون المدني الفرنسي والذي يقتضي ببطلان تصرفات المريض
الذي أشرف على الموت، بطلانا نسبيا إذا تمت لمصلحة من عالجه من الأطباء والصيادلة
أو لمن أرشده من رجال الدين[35]
.
ولعل القضاء استنادا إلى ما هو
مستقر عليه في المذهب، عرف مرض الموت، ثم حدد أهم الشروط التي يتحقق معها على
النحو التالي[36]
:
-
الشرط
الأول: أن يكون المرض مخوفا؛
-
الشرط
الثاني: أن يغلب فيه الموت، وأن ينتهي بالموت[37]؛
وفي إطار هاذين الشرطين هناك قرار
للمجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا عدد 6742 صادر بتاريخ 29 أكتوبر 1997 جاء فيه:
"من الثابت، فقها وقضاء، أن أهم شروط لاعتبار المرض مرض موت هو أن يكون هذا
المرض مخوفا، أي أن يكون من الأمراض الخطيرة التي لا يرجى منها أي شفاء من الناحية
الطبية، وتؤدي بصاحبها غالبا إلى الوفاة"؛ ويتعلق الأمر في هذه النازلة بمرض –تشمع
الكبد والنزيف الهضمي- حيث وصفه المجلس الأعلى –سابقا- بأنه مرض مخوف وقاتل ويعتبر مرض موت[38].
وهو نفس التوجه الذي أكدته محكمة
الاستئناف بمراكش، في قرارها عدد 122 الصادر بتاريخ 04/2/1997، الذي جاء فيه:
"...فمرض الموت كما عرفه فقهاء الشريعة الإسلامية هو المرض الذي يغلب فيه خوف
الموت ويعجز معه المريض عن رؤية مصالحه ويغلب فيه الهلاك ويتصل إلى الموت فعلا،
وبعد أن يبدأ بسيطا حتى تصبح حالة المريض سيئة يخشى عليه فيها الموت"[39]
.
-
الشرط
الثالث: أن يقعد صاحبه عن قضاء مصالحه؛
وفي هذا الصدد صدر قرار حديث عن المجلس الأعلى - محكمة النقض حاليا عدد 3483
المؤرخ في 15/10/2008، "المرض المخوف هو الذي يقعد المريض عن قضاء مصالحه
ويلزمه الفراش بسببه إلى أن يموت"[40].
-
الشرط
رابع: لعل
الملاحظ على اجتهاد القضاء المغربي في الموضوع إضافته لشرط؛ أن تكون إرادة
المريض معيبة بسبب هذه المرض، أي أن تكون غير حرة في إرادته؛ وفي هذا الصدد
نستحضر قرار صادر عن المجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا عدد 112/90 بتاريخ 1999 جاء
فيه: "لا يشترط لإبطال العقد الصادر من المريض مرض الموت أن يكون الشخص فاقد
الوعي بل يكفي أن تكون إرادته معيبة بسبب المرض، وقد شاهد عدلا الصدقة بمنزل
المريض، المرض الذي قطع الأطباء بعدم رجاء البرء منه مما يجعل المتصدق غير حر في
إراداته ويستوجب إبطال التصرف الصادر منه، والذي مات بعده بأشهر يسيرة"[41]
. على أنه بتعبير أحد القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا؛ أن
تكون حرية المريض محدودة في إطار جد ضيق إلى درجة أنه لو كان له التصرف الطبيعي في
ظروف عادية لما أعطى رضاه على فحوى العقد وشروطه؛ وهو القرار عدد 6013 الصادر
بتاريخ 21/11/1995 جاء فيه: "حقا حيث إن حالة المريض المؤدية إلى إبطال
الالتزام هي التي تكون فيها حرية المريض محدودة في إطار جد ضيق إلى درجة أنه لو
كان له التصرف الطبيعي في ظروف عادية لما أعطى رضاه على فحوى العقد وشروطه،
.."[42]
.
الفقرة الثانية: مفهوم
الحالات المشابهة للمرض
ذكر المشرع في الفصل 54 من ق.ل.ع،
إلى جانب حالة المرض، عبارة الحالات الأخرى المشابهة[43]
دون أن يوضح المقصود بهذه الحالات.
ولعله من المستقر عليه قضاء عندنا؛
هو أن الفقه الإسلامي يعتبر مصدرا احتياطيا بالنسبة للقواعد المتعلقة بالالتزامات
والعقود؛ حيث ذهب المجلس الأعلى - محكمة النقض حاليا في قرار عدد 2746 صادر بتاريخ
1986، إلى أنه: "حسب القواعد العامة فإن ما لم يرد به نص في هذا القانون يرجع
فيه إلى الفقه الإسلامي" .
وبالنظر إلى هذا المصدر، فعموم تعبير
"الحالات المشابهة للمرض"؛ يشمل ما ذكره منها فقهاء الشريعة الإسلامية،
كما يشمل غيرها من الحالات التي تتأثر فيها قدرة الشخص على الإدراك والتمييز؛
كوجوده في حالة اضطر معها إلى التعاقد على نحو ما كان ليرتضيه لو كان في غيرها.
وهذا مدلول متسع يشمل جميع الحالات التي تكون فيها حرية أحد المتعاقدين محدودة، لا
تتمتع بسلطانها المطلق، بحيث لو لم تكن ظروف التعاقد غير عادية لما أقدم المتعاقد
على التعاقد.
وعليه سنقف عند حالة السكر (أولا)،
ثم حالات العاهات الطبيعية (ثانيا)، لتحديد ما إذا كان نطاق الفصل 54 يتسع ليشملهما،
معززين ذلك بالعمل القضائي المغربي.
أولا: استبعاد حالة السكر من
الحالات المشابهة للمرض
نصت المادة 217 من مدونة الأسرة
على أنه: "الفقدان الإرادي للعقل لا يعفي من المسؤولية". وفقدان العقل
لأحد الأسباب قد يكون ناتج عن تناول الخمر أو تعاطي المخدرات، من شأنه التأثير على
الإدراك والتمييز وبالتالي التأثير على الإرادة.
وبهذا الصنيع؛ يلاحظ كيف تناولت
هذه المادة فقدان العقل لأحد الأسباب دون تحديد هذه الأسباب اعتبرت الفقدان
الإداري للعقل لا يعفي من المسؤولية[44].
ولما ألحقت المادة كل من فقد عقله
بسبب إرادي؛ بفئتي عديمي الأهلية[45]؛
فإنها بهذا المقتضى الصريح استبعدت حالة السكر من الحالات المشابهة للمرض الذي
يعيب الإرادة. ويترتب عن ذلك كله اعتبار تصرفات السكران بإرادته واختيار منه باطلة
ولا تنتج أي أثر (المادة 224 من م.أس) ؛ سواء كانت من قبيل المعاوضات أو التبرعات،
لأن السكران الطافح فاقد التمييز .
والمشرع المغربي حصر أثر السكر
وتناول المخدرات على بطلان التصرف[46]،
أما الجرائم فيبقى مقترفها متحملا للمسؤولية عن الأضرار الناشئة عن الغير[47].
وإذا كان السكر تاما، اعتبر من أسباب تخلف الرضى
لأنه يعدم الرضى ويجعل العقد باطلا[48]،
وهو التوجه الذي تبناه المشرع حين تناول فقدان العقل لأحد الأسباب ضمن المقتضيات
المنظمة لعديم الأهلية. وعليه؛ فإنه لا يمكن أن نعتبره من أسباب الإبطال الواردة
في الفصل 54 من ق.ل.ع .
ثانيا: العاهات الطبيعية
ينبغي التمييز بين ذوي العاهات
الطبيعية المزدوجة (1)، وبين المصاب بعاهة واحدة وخاصة المتعاقد الأعمى الذي أفرد
له القضاء حماية خاصة (2) .
1.
العاهات
الطبيعية المزدوجة
العاهة؛ هي مانع طبيعي يترتب على
وجودها عدم استطاعة الشخص مباشرة التصرفات القانونية بنفسه، أو يكون في استطاعته
مباشرتها لكن يخشى عليه من انفراده بالتصرف[49] .
وبتعبير الأستاذ أحمد أدريوش[50]؛
المقصود بالعاهات الطبيعية، المشمولة بمفهوم "الحالات المشابهة للمرض"؛
تلك العاهات التي تجعل الشخص الموجود فيها غير قادر على التعبير عن إرادته ولا فهم
التعبير إليه من المتعاقد معه. ويستنتج هذا التحديد صراحة من المصادر المادية للفصل
54 نفسه.
ولئن كان القانون المغربي يتضمن
تنظيما لحق المتخلف عقليا في "الوصي المؤهل" بالتعبير الأممي[51]،
فإن عمومية الفصل 54 وفي إطار السلطة التقديرية التي يخولها ذات الفصل بخصوص
الحالات الأخرى المشابهة للمرض؛ ممكن أن تشمل العاهات الطبيعية.
وعليه؛ يمكننا أن نقول بأن تصرفات
هؤلاء المرضى –ذوي العاهات المزدوجة - إذا تمت بمعزل عن المساعد القضائي فإن
مصيرها هو الإبطال[52]
.
ولعل ما يؤكد فرضية اتساع هذه
الحماية لتشمل العاهات كحالات أخرى مشابهة؛ أنه وبالاعتماد على المصدر التاريخي
لقانون الالتزامات والعقود، فإن الفصل 54 يستمد جذوره من الفصل 64 من المشروع
التمهيدي الذي أعده سانتيانا للمجلة المدنية والتجارية التونسية، والذي نص على أن:
"أسباب الرجوع المبنية على حالة المرض أو على الاضطرابات العرضية للقدرات
الذهنية أو على العاهات الطبيعية متروكة لتقدير القضاة"[53].
فضلا عن نص المشرع المغربي في
الفصل 97 من قانون الالتزامات والعقود على عدم تحمل الصم البكم أو غيرهم من ذوي
العاهات نتائج الأضرار التي تترتب عن فعلهم أو أخطائهم متى ثبت غياب التمييز لديهم
لتقدير نتائج أعمالهم؛ وذلك بقوله: "الصم البكم وغيرهم من العاهات يسألون عن
الأضرار الناتجة من أفعالهم أو أخطائهم إذا كان لهم من التمييز الدرجة اللازمة
لتقدير نتائج أعمالهم" .
وعلى ضوء هذا الفصل يمكن استنتاج
فكرة مؤداها؛ أن الفصل 54 لئن كان يتسع ليشمل العاهات كحالات مشابهة للمرض كونها
تؤدي إلى انعدام أو غياب الإدراك أو التمييز في تقدير نتائج الفعل المادي (بالنسبة
للجرائم وأشباه الجرائم) أو التصرف القانوني (العقد أو الإرادة المنفردة) الذي
يقدم على القيام به المصاب بالعاهة؛ فإن الأصح أن لا يقتصر العمل القضائي عند
تطبيق العاهات الطبيعية كإحدى حالات المرض المشابهة حسب الفصل 54، إلا على المتعاقد
المعاق الفاقد لحاستين أو أكثر من حواس البصر والنطق والسمع[54]
. إلا أن الأكيد أن لقاضي الموضوع السلطة التقديرية الواسعة في ذلك في ضوء الوقائع
والمستندات؛ بصريح نص الفصل 54: "أسباب الإبطال المبنية على المرض والحالات
الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة" .
2.
المتعاقد
الأعمى
قضى المجلس الأعلى في إحدى قرارته
إلى اعتبار تعاقد الأعمى يسري عليه حكم المتعاقد الأمي المنصوص على أحكامه في
الفصل 427؛ معللا بأن مناط الحماية القانونية المتضمنة في الفصل المذكور هو جهل
الشخص الأمي لمضمون الورقة التي التزم بها وما دام الأعمى في وضعية تمنعه من معرفة
فحوى الوثيقة، فالأمر يجعله في حكم الأمي. حيث ذهبت الغرفة المدنية –القسم الثاني -
بالمجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا في قرار عدد 1908 صادر بتاريخ 2006[55]
إلى أن: "الأعمى يوجد في وضعية تمتعه من معرفة مضمون الوثيقة التي وقع عليها
مما يجعله في حكم الأمي المعني بالفصل 427 ق.ل.ع، من منطلق أن مناط الحماية
القانونية المنصوص عليها بالفصل 427 ق.ل.ع هو جهل الشخص الأمي لمضمون الورقة"
.
وبهذا التأويل وسع القضاء من نطاق
الفصل 427 ليشمل كل من وجد في حالة يستحيل عليه معها أن يعرف مضمون الوثيقة التي
يلتزم بها؛ ليس فقط بسبب عدم معرفته اللغة التي حرر بها العقد، ولو كان مثقفا بلغة
أخرى ويحسن القراءة والكتابة بها كما سبق للمجلس الأعلى أن قضى به في قرار سابق،
ولكن أيضا بسبب حالة العمى التي يوجد عليها والتي تمنعه من معرفة مضمون التزامه[56]
.
ولعل حماية الأعمى أو الأمي أو
المرضى وذوي العاهات بالنظر للوضعية التي يكونون عليها؛ هي التي سعى إليها المجلس
الأعلى - محكمة النقض حاليا إلى إقرارها لمصلحة الأعمى بالاعتماد على الفصل 427 من ظ.ل.ع[57]،
تقديرا منه لحالة الإعاقة التي يوجد فيها والتي تمنعه من معرفة مضمون الوثيقة التي
يلتزم بها، أي يجهل ما له وما عليه فيها.
وحيث إن قانون الالتزامات والعقود
ترك صياغة الفصل 54 على عموميتها؛ فإن ذلك إشارة منه على تمسكه أساس بحماية مصالح
العاقد الذي تعاقد تحت وطأة المرض أو ما شابهه من وضعيات أفسدت إرادته، وبالتالي
يمكن للقاضي وفق سلطته التقديرية تقرير الإبطال بناء على الحالات الأخرى المشابهة
والاستجابة لطلب إبطال العقد، بناء على حالة تعاقد الأعمى، وتكييفها على أنها حالة
مشابهة للمرض.
وعليه يمكن القول إن موجبات
العدالة والمنطق تقتضي تخويل القاضي صلاحية الاستجابة لدعوى إبطال العقد بسبب العمي،
حيث يمكن اعتباره من الحالات المشابهة لحالات المرض المنصوص عليها في الفصل 54 من
ق.ل.ع إعمالا للقاعدة الفقهية التي تقول بأن "إعمال النص خير من إهماله"[58]
.
المطلب الثاني: السلطة التقديرية
للقاضي بين تحديد المرض والحالات المشابهة له وبين الحكم بالإبطال
ينص الفصل 54 من ظ.ل.ع على أن:
"أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة
لتقدير القضاة"؛ ويتضح من صياغة هذا الفصل أن المشرع منح للقاضي سلطة تقديرية
مزدوجة تشمل تحديد المرض والحالات المشابهة له من جهة، والحكم بالإبطال بسبب هذه
الحالة أو تلك من جهة أخرى، علما أن هذه السلطة مقيدة بالعلة من إقرار إبطال العقد
في هذه الحالة.
الفقرة الأولى: ضوابط ممارسة
السلطة التقديرية في تحديد المرض والحالات المشابهة له
لا مراء في أن الفصل 54 من ق.ل.ع
منح لقضاة الموضوع سلطة تقديرية في تحديد مفهوم المرض والحالات الأخرى المشابهة
له، فبعد أن كان مشروعه يحدد هذه الحالات، اكتفت لجنة الصياغة النهائية بصياغة
عامة حتى يتمكن القاضي من ملاءمة النص مع خصوصيات كل حالة تعرض عليه[59].
ولعل ممارسة هذه السلطة التقديرية
المنصوص عليها في الفصل 54، لا تقتصر على الحالات المذكورة فيه؛ بل يمكن أن يعتمد
الفصل المذكور كسند تشريعي لتدخل القاضي من أجل تحديد مفهوم المرض في كل الحالات
التي وردت فيها أحكام خاصة بشأنه سواء في ظهير الالتزامات والعقود أو في غيره من
القوانين.
والسلطة التقديرية الممنوحة في
إطار الفصل 54 من ظ.ل.ع هي سلطة مطلقة، فالمشرع ترك للقاضي سلطات مطلقة لقول أو
رفض أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة أمام عدم
تحديد المشرع للمقصود بهذه الحالات[60]
.
وهذه السلطة نابعة من كون تقدير
درجة المرض ومدى تأثيره في الإرادة، وتحديد الحالات الأخرى المشابهة له، كلها
مسائل واقع أو قانون[61]
.
ويقينا؛ أن للقاضي أن يستعين في
ممارسة هذه السلطة بجميع وسائل الإثبات الممكنة من أجل الإقناع، كما يمكنه بترجيح
شهادة الأطباء بالمرض أو بما هو في حكمه على شهادة العدلين أو الموثق بأن المتعاقد
كان "بأتمية" –أي الإدراك والتمييز- .
ولعل أكثر ما يثبت به المرض، سواء
كان مرض الموت أو غيره، هو الشهادة الطبية. لكن في الوقت الذي يحتج فيه الورثة
بشهادة الأطباء التي تثبت أن مورثهم كان في حالة مرض الموت، غالبا ما يحتج
المستفيدون من التصرف، ورثة كانوا أم أجانب؛ برسم البيع الذي يشهد فيه الموثق أو
العدلان بأن المتصرف كان في حالة تامة وصحة جيدة[62]. فهل
يلزم القاضي بالأخذ بما في الورقة الرسمية وترك الشهادة الطبية، أم يرجح هذه
الأخيرة على الأولى؟ أم له أن يمارس سلطته التقديرية ؟
صحيح أن المشرع أضفى على الورقة
الرسمية حجية قاطعة بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير أيضا على ما تثبته من الوقائع
والاتفاقات؛ حيث نص في الفصل 419 من ظ.ل.ع على ما يلي: "الورقة الرسمية حجة
قاطعة حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها
بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور" . وجاء في الفصل 420 منه:
"الورقة الرسمية حجة في الاتفاقات والشروط الواقعة بين المتعاقدين وفي
الأسباب المذكورة فيها وفي غير ذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشر بجوهر العقد،
وهي أيضا حجة في الأمور التي يثبت الموظف العمومي وقوعها إذا ذكر كيفية وصوله
لمعرفتها. وكل ما عدا ذلك من البيانات لا يكون له أثر" .
إلا أن ما ينبغي التأكيد عليه هو
أن تقويم وتقدير ومناقشة الحجج المدلى بها والترجيح بينهما؛ هو مما تستقل به
المحكمة في إطار سلطتها التقديرية التي يخولها لها الفصل 54 بصياغته الصريحة،
والكل مع مراعاة القواعد العامة المستقرة عليها فقها وقضاء؛ كقاعدة موجب الصحة
مقدم على موجب المرض، وقاعدة بينة الصحة مرجحة على بينة المرض، وقاعدة
الأصل هو الصحة، والأصل في الإنسان هو كمال الأهلية..؛ وعلى من يدعي خلاف ذلك
الأصل أن يثبته؛ أي يثبت حدوث مرض أو وقوع عارض من عوارض الأهلية[63]
.
ويقينا؛ أنه قبل هذا وذاك،
فالمحكمة ملزمة بالتحقق من توافر شروط المرض (المستقر عليها قضاء) المدعى به .
الفقرة الثانية: تقييد
محكمة النقض السلطة التقديرية للقاضي
لعله؛ من خلال تمحيص القرارات
الصادرة عن المجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا بخصوص الفصل 54؛ اتضحت القيود
التي أضافها المجلس (سابقا) لتقييد السلطة التقديرية لقضاة الموضوع في إبطال العقد
المشوب بعيب المرض باشتراطه للأتي:
الشرط الأول:
الغبن؛ في العقد المشوب بعيب المرض، أي عدم التعادل بين التزامات المريض والتزامات
من تعاقد معه.
واعتبر المجلس الأعلى- محكمة النقض
حاليا؛ عنصر الغبن الاستغلالي شرطا من شروط تطبيق الفصل 54 من ق.ل.ع إلى جانب عنصر
المرض، من خلال قراره الشهير، عدد 1625 الصادر بتاريخ 13 يونيو 1988: "..،
حيث إن الفصل 54 من ق.ل.ع يمنح للمحكمة حق إبطال العقود المبرمة في حالة المرض والحالات المشابهة وأن المشرع لم
يقيد ذلك الحق بل ترك للمحكمة سلطة تقدير ما إذا كانت حالة المرض التي يوجد عليها
المتعاقد في فترة إبرام العقد هي التي جعلته يقوم بإبرام العقد أم لا، في حين أن
تطبيق الفصل 54 المعتمد عليه والذي يعالج حالة الغبن الاستغلالي باعتباره سببا من
أسباب الإبطال كعيب من عيوب الرضا يتطلب توافر عنصرين: عنصر مادي وهو عدم تعادل
التزامات الطرفين مثل الثمن والمثمن، وعنصر نفسي وهو –في هذه النازلة- حالة المرض
التي نتج عنها عدم التعادل وأن المحكمة وإن أبرزت حالة المرض، فإنها لم تبرز
العنصر المادي أي غبن البائع، كنتيجة لاستغلال حالته المرضية"[64]
.
الشرط الثاني:
حق المتعاقد نفسه فقط التمسك بالفصل 54 دون أن ينتقل إلى ورثته؛ وفي هذا نستحضر
قرار لمحكمة النقض عدد 310 صادر بتاريخ 17/1/2012، جاء فيه: "إن أسباب
الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى، كما نظمها الفصل 54 من ق.ل.ع ...
هي أسباب لا يتمسك بها إلا من كان يعانيها فعليا، مما يمتنع على الخلف العام
التمسك بها لإبطال التصرف الذي أنجزه مورثهم"[65] .
ولعل القرار المذكور؛ يفسر الفصل
54 بأنه يتضمن عيبا من عيوب الإرادة، وهو عيب المرض والحالات المشابهة له؛ غير أنه
يعتبره شخصيا وخاصا بالمتعاقد دون خلفه؛ أي أنه جعل من الدفع بالمرض دفعا شخصيا لا
يقبل إلا ممن كان يعانيه فعليا[66].
وقد سبق للمجلس الأعلى- محكمة
النقض حاليا، أن تبنى نفس الاتجاه؛ فهناك قرار صادر عن الغرفة المدنية- القسم
الثاني عدد 3224 بتاريخ 10/8/2010 أكد فيه: "أن حالة المرض كسبب لإبطال
التصرف؛ هي حالة شخصية تعيب إرادة الشخص الطرف في التعاقد، فلا يمكن الاستدلال
عليها إلا ممن كان يعانيها فعليا، وأن الخلف العام، وإن كانت تنتقل إليهم حقوق
والتزامات مورثهم، فإن هذه الخصوصية تمنعهم من التمسك والمطالبة بإبطال الورقة
(العقد) مادام أنه يستحيل عليهم أن يثبتوا مدى تأثير تلك الحالة المرضية في إنجاز
التصرف بحيث أنه لولا تلك الحالة المرضية ما كان التصرف يتم إنجازه"[67]
.
ويقينا؛ أن الشرط الثاني/ أو القيد
الثاني، الذي أوجبته قرارات محكمة النقض وكرسته، فيه نوع من المخالفة الصريحة
لمقتضى الفصل 313 الذي ينص على أنه: "تنتقل دعوى الإبطال إلى الورثة فيما بقي
لموروثهم من مدتها. مع مراعاة الأحكام المتعلقة بانقطاع التقادم أو بوقفه" .
الفقرة الثالثة: نطاق سلطة
القاضي في تحديد مصير العقد
يقينا أن العلة من إقرار الإبطال استنادا
إلى الفصل 54 من ظ.ل.ع، وكذا في غيرها من عيوب الإرادة؛ هي أن المتعاقد لا يتمتع بالحرية
والاختيار نظرا لعدم تمتعه بكامل إرادته بسبب عيب من العيوب المنصوص عليها؛ وبتعبير
الغرفة العقارية بمحكمة الاستئناف بالرباط في قرار لها رقم 12 بتاريخ 2004: "فإن
مجرد المرض لا يبرر في حد ذاته عملا بمقتضيات الفصل 54 المذكور، وإنما يتعين أن يكون
له تأثير على إدراك وتمييز المريض إلى حد يجعله عاجزا عن تقدير أهمية التصرف موضوع
الإبطال" .
وهو نفس ما عبرت عنه في قرار آخر لها
عدد 3273 بتاريخ 2004 جاء فيه: "لا يشترط لإبطال البيع بسبب حالة المرض المنصوص
عليها في الفصل 54 من ق.ل.ع أن يكون الشخص فاقد الوعي، بل يكفي أن تكون إرادته معيبة
بسبب المرض، وأن المحكمة بناء على السلطة التقديرية المخولة لها بالفصل المذكور ثبت
لها من فرق السن بين الزوجين، ومن شهادة الشهود أن الهالك كان مصابا بشلل نصفي منذ
مدة طويلة أصبح معه عاجزا عن النطق وعن مزاولة نشاطه التجاري، ومن السهل التأثير على
إرادة البائع فتصبح معيبة، وما يعزز ذلك وقوع الوفاة بعد أقل من سبعة أشهر عن تاريخ
البيع وعدم إدلاء المستأنف عليها بأي وثيقة تثبت وضعها لثمن البيع وارتباكها أثناء
البحث حول مدة بقائها بسطات لما صرحت بأنها أربعة أشهر ثم تراجعت لتقول أنها أربعة
أيام فقط".
ولا يخفى؛ أنه يمكن اتخاذ الفصل 54
أساسا لطلب إبطال بيع المريض مرض الموت، ولكن ليس على أساس أن التصرف صدر منه خلال
مرضه الذي يموت منه، وإنما على أساس أن المرض قد أثر على إدراكه وتمييزه وجعله لا يقدر
أهمية التصرف الذي أبرمه[68]،
أي أن الإبطال يكون كجزاء قانوني للتصرفات المبرمة تحت تأثير حالة المرض أو حالة
مشابهة له التي تؤثر لا محالة في الرضى أو تعيبه[69].
ولعل القضاء في إطار السلطة المخولة
له لا يعتد بالمرض إلا إذا أثر على المدارك العقلية للمريض[70]؛
جاء في قرار لمجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا عدد1385 بتاريخ 1983 : "..لكن حيث
إنه ليس هناك أي تلازم بين المرض الجسدي الذي تقيده الشهادة الطبية المحتج بها وبين
توافر المدارك العقلية الواجب توفرها في كل متعاقد، لذلك فإن المحكمة عندما اعتبرت
أن البائع كان بأتمية عند توقيعه على البيع تكون قد رفضت ضمنيا الدفع المستدل به في
الوسيلة، مما كانت معه هذه الأخيرة غير مركزة على أساس" .
في ختام هذه الدراسة؛ التي حاولنا
قدر الإمكان فيها استجلاء المقصود من الفصل 54 من ظهير الالتزامات والعقود، سواء
فيما يتعلق بالمرض، أو الحالة المشابهة للمرض، مستنيرين بأراء الفقه الإسلامي
وأحكام القضاء المغربي. ومنطلقين من فكرة مؤداها؛ أن مقتضيات الفصل 54 تندرج ضمن
عيوب الرضى، وأنها مقررة لصالح المتعاقد متى كانت إرادته معيبة بمرض أو ما شابهه
والراجع أمر تقديرها لمحكمة الموضوع .
على أنه يجب لفت الانتباه؛ إلا أن
هناك قلة في العمل القضائي المنشور الذي تناول الفصل 54، إلا أننا حاولنا الغوص في
الأحكام والقرارات القضائية المنشورة لتضيء لنا طريق هذه الدراسة أمام مختلف
الإشكاليات التي يطرحها الفصل 54 من ق.ل.ع .
ولعلنا رصدنا خلال بحثنا الموضوع
بعضا من النتائج، وهي:
Ø أن الفصل 54 من ق.ل.ع يعالج أحد عيوب الإرادة؛
Ø استبعاد العمل القضائي لحالات انعدام ونقصان الأهلية
ضمن أسباب الإبطال المثارة في الفصل 54 من ق.ل.ع لتنظيم أحكامها كفاية في مدونة
الاسرة؛
Ø استقرار العمل القضائي على اعتبار الفصل 54 من ق.ل.ع
أساسا لنظرية الغبن الاستغلالي، وجعله قيدا لمحاكم الموضوع عند تقريرها الإبطال
بناء على حالة المرض أو حالة مشابهة للمرض؛
Ø جعل القضاء التمسك بدعوى الإبطال على أساس الفصل 54
من حق المتعاقد فقط الذي يتضرع بالفصل المذكور، دون أن ينتقل الحق للورثة؛
Ø عدم استقرار العمل القضائي على موقف ثابت عند تعارض
أدلة إثبات حالة المرض، خصوصا عند التعارض بين شهادة العدول بالأتمية وشهادة
الأطباء بالحالة المرضية؛
وفي الأخير؛ نتقدم ببعض من
الاقتراحات حول حالة المرض والحالات المشابهة المنصوص عليها في 54 من ظ.ل.ع، وهي:
-
يجب
أن يتدخل المشرع لإجلاء الغموض الذي يكتنف الفصل 54، وتحديد أسباب الإبطال المبنية
على حالة المرض والحالات المشابهة للمرض، وربطها بالغبن الاستغلالي إن كان يريد
إطلاق هذا الوصف عليها، بدل أن يحمل القضاء الفصل 54 من ق.ل.ع فوق طاقته؛
-
يلزم
أن تسمو تقارير الطبيب المختص على عبارة الأتمية، مع التنصيص في التشريع المغربي
على الشهادة الطبية كوسيلة إثبات حالة المرض وتحديد شروطها وضوابطها.
لائحة المراجع:
أولا: الكتب
Ø
شرح
وزراة العدل: في "شرح قانون الالتزامات والعقود"، الكتاب الأول، الجزء
الأول، المطابع الفرنسية المغربية، الرباط، بدون تاريخ.
Ø
الأستاذ
أحمد أدريوش، "المرض كسبب لإبطال التصرف القانوني؛ بحث في أصل وأصالة الفصل
الرابع والخمسون من قانون الالتزامات والعقود"، منشورات سلسلة المعرفة
القانونية، طبعة جديدة 2016.
Ø
الأستاذة
سميرة أكميلي أضريف، "الأهلية القانونية"، دار القروين للطباعة والنشر،
الطبعة الأولى، 2005.
Ø
الأستاذ
زيد قدري الترجمان: "المصادر الإرادية للالتزام وفق ق ل ع"، مطبعة
الداودي دمشق، طبعة 2007.
Ø
الأستاذ
شكري أحمد السباعي، "نظرية بطلان العقود وإبطالها في القانون المدني المغربي
والفقه الإسلامي والقانون المقارن"، منشورات عكاظ، الرباط، 2011.
ثانيا: البحوث
Ø
الأستاذة
مليكة أويكر، "قراءة في الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود على ضوء العمل
القضائي"، بحث نهاية التدريب، (الفوج 36)، السنة القضائية 2009-2011.
Ø
الأستاذ
كتبي توفيق، "تصرفات المريض مرض الموت"، بحث نهاية التدريب، (الفوج 36)،
السنة القضائية 2009-2011 .
ثالثا: المقالات:
Ø
الأستاذ
عبد الرحيم بن سلامة: "عيوب الرضى في القانون المغربي"، مجلة الملحق
القضائي، العدد 31، يونيو 1996 .
[1] الفصل 2 من ظهير الالتزامات والعقود، ينص علي
أن: "الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة هي:
1-الأهلية للالتزام؛ 2-تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام؛
3- شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للالتزام؛ 4-سبب مشروع للالتزام."
[2] الأستاذ زيد قدري
الترجمان: "المصادر الإرادية للالتزام وفق ق ل
ع"، مطبعة الداودي دمشق، طبعة 2007، ص 53-54 .
[3] الأستاذ عبد الرحيم بن سلامة: "عيوب الرضى في القانون المغربي"، مجلة
الملحق القضائي، العدد 31، يونيو 1996، ص 38 .
[4] ينص الفصل 19 من ظ.ل.ع،
على أنه: "لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام
وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية،..." .
[5] الأستاذ زيد قدري
الترجمان، مرجع سابق، ص: 39
[6] نظم المشرع عيوب الرضى في الكتاب الأول/ القسم
الأول/ الفرع الثاني/ في ثالثا: عيوب الرضى، في الفصول من 39 إلى 56 من ظ.ل.ع .
[7] ينص الفصل 344، على: "الإبراء الحاصل من
المريض في مرض موته لأحد ورثته من كل أو بعض ما هو مستحق عليه لا يصح إلا إذا أقره
باقي الورثة" .
[8] ينص الفصل 345، على: "الإبراء الذي يمنحه
المريض في مرض الموت لغير وارث يصح في حدود ثلث ما بقي في تركته بعد سداد ديونه
ومصروفات جنازته" .
[9] ينص الفصل 479، على:
"البيع المعقود من المريض في مرض موته تطبق عليه أحكام الفصل 344، إذا أجري
لأحد ورثته بقصد محاباته، كما إذا بيع له شيء بثمن يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية،
أو اشترى منه شيء بثمن يجاوز قيمته. أما البيع المعقود من المريض لغير وارث فتطبق
عليه أحكام الفصل 345" .
[10] الأستاذ أحمد
أدريوش، "المرض كسبب لإبطال التصرف القانوني؛
بحث في أصل وأصالة الفصل الرابع والخمسون من قانون الالتزامات والعقود"،
منشورات سلسلة المعرفة القانونية، طبعة جديدة 2016، ص 66 .
[11] الأستاذة سميرة
أكميلي أضريف، "الأهلية القانونية"، دار
القروين للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2005، ص: 42
[12] الأستاذة سميرة
أكميلي أضريف، مرجع سابق، ص: 42
[13] الأستاذة مليكة
أويكر، "قراءة في الفصل 54 من قانون
الالتزامات والعقود على ضوء العمل القضائي"، بحث نهاية التدريب، (الفوج 36)،
السنة القضائية 2009-2011، ص: 9
[14] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 68 .
[15] الأستاذة سميرة أكميلي
أضريف، مرجع سابق، ص: 45
[16] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص: 16
[17] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص 9:
[18] قرار 710 صادر بتاريخ 08/11/2004، ملف رقم
4/502/2004. أشار أليه الأستاذ احمد أدريوش، مرجع سابق، ص: 66
[19] يقصد بالأتمية: الإدراك والتمييز .
[20] الغرفة المدنية، القسم الثاني، القرار عدد 3547
المؤرخ في 22/11/2006. أشار إليه الأستاذ أحمد أدريوش، مرجع سابق، ص: 67
[21] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص 67 و 68 .
[22] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص 68 .
[23] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص 18
[24] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص 73 .
[25] القرار عدد 1902 المؤرخ في
07/06/2006 في الملف المدني عدد 2598/2/2004. أشار إليه الأستاذ أحمد أدريوش، مرجع
سابق، ص:73-74.
[26] قرار محكمة الاستئناف بالرباط- الغرفة العقارية،
رقم 38 بتاريخ 18/5/2004 في الملف رقم 106/2023/13. أشار إليه الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 74 .
[27] الأستاذ أحمد
أدرويش، مرجع سابق، ص: 74
[28] الباحث محمد
الزياني، "إبطال العقد للمرض طبقا للفصل 54 من
قانون الالتزامات والعقود –فيروس كورونا المستجد نموذجا"، مجلة منازعات
الأعمال، العدد 54 يوليوز 2020 . ص: 5 .
[29] إلى جانب فصول قانون الالتزامات والعقود (344
و345 و 479)، فإن مرض الموت؛ ورد كذلك في مدونة الأسرة؛ بالضبط في المادة 303 منها
التي نصت على أنه: "إذا أجاز الورثة وصية لوارث أو بأكثر من الثلث، بعد موت
الموصي أو في مرضه المخوف المتصل بموته، أو استأذنهم فيه فأدنوه ألزم ذلك لمن كان
كامل الأهلية" .
[30] ينص الفصل 479:
"البيع المعقود من المريض في مرض موته تطبق عليه أحكام الفصل 344، إذا أجري
لأحد ورثته بقصد محاباته، كما إذا بيع له شيء بثمن يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية،
أو اشتري منه شيء بثمن يجاوز قيمته. أما البيع المعقود من المريض لغير وارث فتطبق
عليه أحكام الفصل 345" .
[31] ينص الفصل 344: "الإبراء الحاصل من المريض في مرض موته لأحد ورثتة من كل
أو بعض ما هو مستحق عليه لا يصح إلا إذا أقره باقي الورثة" .
[32] ينص الفصل 345: "الإبراء الذي يمنحه المريض في مرض موته لغير وارث يصح
في حدود ثلث ما يبقى في تركته بعد سداد ديونه ومصروفات الجنازة" .
[33] ينص الفصل 1248 في الفقرة الثانية منه، على أن:
"الديون الناشئة عن مصروفات مرض الموت أيا كانت، وسواء كانت قد أنفقت في منزل
المريض أو في مؤسسة علاجية عامة أو خاصة، وذلك خلال الستة أشهر السابقة على الوفاة
أو افتتاح التوزيع".
[34] الأستاذ كتبي توفيق، "تصرفات
المريض مرض الموت"، بحث نهاية التدريب، (الفوج 36)، السنة القضائية
2009-2011، ص: 5 .
[35] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص: 19 .
[36] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 69 .
[37] الأستاذة مليكة أويكر، مرجع سابق، ص: 21 .
[38] أشار إلى القرار، الأستاذ أحمد أدريوش، مرجع
سابق، ص: 69
[39] قرار عدد 122، صادر بتاريخ 4/02/1997، في الملف
العقاري عدد 2761، منشور بمجلة المحامي، العدد 34-35-1999، من ص: 104 إلى ص 106.
أشارت إليه الأستاذة مليكة أويكر، مرجع سابق ص: 20 .
[40] قرار عدد 3483 المؤرخ في 15/10/2008 الملف
المدني عدد 4495/2006. أشار إليه الأستاذ أحمد أدريوش، مرجع سابق، ص: 69 .
[41] قرار المجلس الأعلى تحت عدد 112/90 المؤرخ في
09/03/99 الملف الشرعي عدد 550/96. أشار إليه الأستاذ أحمد أدريوش، م.س، ص:69 .
[42] قرار المجلس الأعلى عدد 6013 بتاريخ 21 نونبر
1995، ملف مدني عدد 1614/89. أشار إليه الأستاذ أحمد أدريوش، مرجع سابق، ص:70 .
[43] على أن؛ شرح قانون الالتزامات والعقود الصادر عن
وزارة العدل لم يذكر هذه الحالات .
[44] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص: 29 .
[45] ألحقت المادة 217 فاقد العقل اختياريا وعن قصد
بالمخدرات أو المسكرات التي تذهب العقل، بفئتي عديمي الأهلية، ونقصد:
-
الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز؛
-
والمجنون وفاقد العقل . (حسب المادة 217 نفسها) .
[46] بطلان التصرفات القانونية؛ سواء كانت بعوض أو
بدون عوض: كالبيع والهبة .
[47] نص المشرع في
الفصل 93 على أن: "السكر، إذا كان اختياريا، لا يحول دون المسؤولية المدنية
في الالتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم. ولا مسؤولية مدنية إذا كان
السكر غير اختياري، وعلى المتابع إثبات هذه الواقعة" .
[48] الأستاذ شكري أحمد
السباعي، "نظرية بطلان العقود وإبطالها في
القانون المدني المغربي والفقه الإسلامي والقانون المقارن"، منشورات عكاظ،
الرباط، 2011، ص: 149 .
[49] الأستاذ نبيل
إبراهيم سعد، "المدخل لدراسة القانون، نظرية
الحق"، منشأة العارف الإسكندرية، 2001، ص: 180. أشارت إليه الأستاذة سميرة
أكميلي أضريف، مرجع سابق، ص: 23 .
[50] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 78.
[51] الأستاذ عبد
العزيز الحيلة، "وضعية المريض عقليا في القانون
المغربي"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس-
أكدال، سنة 2000. أشار إليه الأستاذ أحمد أدريوش، مرجع سابق، ص 79 .
[52] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص: 24 .
[53] الأستاذ محمد شيلح، "في مشاكل الفصل 54 من ق.ل.ع من حيث تحديد طبيعة
عيوب الإرادة المنصوص عليها فيه وشروط الإبطال المبني عليها من خلال التعليق على
القرار رقم 1625 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 13 يونيو 1988"، مجلة القانون
والاقتصاد، العدد السابع، السنة 1991، ص: 120 .
[54] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 79 .
[55] قرار عدد 1908 في الملف عدد 04/1/1806 الصادر
بتاريخ 7/6/2006 . أشار إليه الباحث عبد الحق الإدريسي، "هل ينزل
الأعمى منزلة الأمي؟ التعليق على القرار عدد 1908 في الملف عدد 04/1/1806 الصادر
عن المجلس الأعلى بتاريخ 7/6/2006" عرض في وحدة القانون المدني المعمق، تحت
إشراف الأستاذ أحمد أدريوش، كلية أكدال. تم الإطلاع عليه من خلال الموقع
الإلكتروني https://maraje3.com ، بتاريخ 31/08/2021 على الساعة 12:33 .
[56] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 80 .
[57] ينص الفصل
427 من ظ.ل.ع على الأتي: "المحررات المتضمنة لالتزامات أشخاص أميين لا تكون
لها قيمة إلا إذا تلقاها موثقون أو موظفون عموميون مأذون لهم بذلك" . ولعل
المشرع من خلال صياغة هذا النص يتضح أنه لم يعرف الأمي من جهة، واقتصر على بيان
حكم المحررات العرفية المتضمنة لالتزامات أشخاص أميين وليس التزامهم في ذاته من
جهة أخرى.
[58] الباحث عبد الحق
الإدريسي، مرجع سابق، ص: 15
[59] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص: 30.
[60] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص: 31 .
[61] فالقاعدة؛ أن مسألة استخلاص الوقائع من الأمور
الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون مراقبة من جانب محكمة النقض التي
تكتفي بالنظر في سلامة التعليل ومدى ملاءمته للقانون .
[62] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 84 .
[63] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 85 .
[64] قرار عدد 1625 بتاريخ 13/6/1988ن ملف مدني عدد
1682-86 منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 139 دجنبر 1988، ص: 101-105. أشارت
إليه الأستاذة مليكة أويكر، مرجع سابق، ص: 43 .
[65] قرار عدد 310 بتاريخ 17/1/2012 في الملف المدني
عدد 1423/1/2/2010، منشور بمجلة ملفات عقارية، العدد 2، ص: 49.
[66] الأستاذ أحمد أدرويش، مرجع سابق، ص: 90 .
[67] المجلس الأعلى –الغرفة المدنية، القسم الثاني-،
قرار عدد 3224 بتاريخ 10/08/2010، ملف مدني 701/1/2/2009. أشار إليه الأستاذ أحمد
أدرويش، مرجع سابق، ص: 91 .
[68] الأستاذ أحمد أدريوش، مرجع سابق، ص: 92-93 .
[69] الأستاذة مليكة
أويكر، مرجع سابق، ص: 34 .
[70] الأستاذ أحمد
أدريوش، مرجع سابق، ص: 94-95 .
0 تعليقات