لتحميل العدد بصيغته الرقمية pdf غليكم الرابط أذناه:
الأستاذة فاطمة الزهراء الباز
باحثة
بسلك الدكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
جامعة
القاضي عياض مراكش.
مفهوم
الرأسمال في الشركة ذات المسؤولية
المحدودة
La notion de capital dans une société à responsabilité limitée
مقدمة:
مما لا شك فيه أن الشركات التجارية تعد الإطار الأكثر ملائمة للقيام
بالمشاريع في ظل الاقتصاديات الحديثة ومن بين أهم الشركات التجارية نجد الشركة ذات
المسؤولية المحدودة[1]، فهي
الشكل الأساسي الذي تتخذه المقاولات الصغرى والمتوسطة وفعالية هذا النوع من
الشركات التجارية ونجاحه ينبني بالأساس على تأسيسها وفق ما جاءت بها المقتضيات
القانونية بتوفر الأركان العامة والخاصة لقيام الشركات التجارية.
وتتجسد أساسا هذه الأركان الخاصة في كل من
تعدد الشركاء - لكن لهذه القاعدة استثناء والأمر يتعلق هنا بالشركة ذات المسؤولية
المحدودة بشريك وحيد- ونية المشاركة وتوزيع الأرباح وتقديم الحصص[2]،
وهذا الركن الأخير المتعلق بتقديم الحصص يشكل أحد العناصر الأساسية لتمويل المشروع
من الناحية الاقتصادية أما من الناحية القانونية فإن الحصص تشكل رأسمال الشركة
وعصب ذمتها المالية والضمان
العام للدائنين .
وتحديد مفهوم رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة يتخذ عدة أبعاد قانونية واقتصادية، الأمر الذي يفرض ضرورة
التمييز بينه وبين مفهوم الذمة المالية للشركة فهذه الأخيرة تحتوي على سائر حقوق
والتزامات الشركة ومشاريعها أما مفهوم الرأسمال فهو المبلغ الناشئ عن الحصص
العينية والنقدية التي يقدمها الشركاء المساهمين.
وفيما يخص المفهوم الاقتصادي للرأسمال[3]
فيتحدد بكونه عبارة عن مجموعة من الأموال المادية أو المعنوية كالآلات والمنشآت
والعقارات...، ويجري تقسيم الرأسمال من الناحية الاقتصادية إلى رأسمال ثابت
ورأسمال متداول، ويقصد بعبارة الرأسمال الثابت أن الشركة قد احتفظت بأموالها في
شكل أصول أما الرأسمال المتداول فهو جزء من الرأسمال المكتتب به تقوم الشركة
باستعماله مؤقتا على نحو متداول في تسيير الشركة.
أما بالنسبة لتحديد المفهوم
القانوني للرأسمال، فبالرجوع إلى القوانين المنظمة للشركات نجد أن المشرع المغربي
شأنه شأن المشرع الفرنسي لم يعمد إلى تحديد مفهوم للرأسمال القانوني للشركة تاركا
الأمر للفقه[4]
والقضاء إلا أن التعريف الذي حدده هذين الأخيرين لم يكن موحدا، بل تنوعت واختلفت
الآراء باختلاف الزوايا بحيث تم حصره أحيانا في الحصص بمفهومها القانوني الضيق وتم
تمديده أحيانا أخرى ليشمل عدة قيم اقتصادية تتجاوز ما هو قانوني[5].
وهكذا فقد تم تعريف الرأسمال بكونه مجموعة من
الحصص المقدمة من طرف الشركاء سواء عند تأسيس الشركة أو خلال حياتها فهو أساس
تمويل أنشطة الشركة وهذا الرأسمال له علاقة مرتبطة بمفهوم المراقبة داخل الشركة باعتبار
أن كل من الأغلبية والأقلية لهما علاقة بالحصص التي قدمتها كل فئة وعدد الأصوات
التي تتوفر عليها[6].
وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن رأسمال الشركات التجارية[7]
يعتبر الضامن لتعامل الدائنين و الأغيار مع الشركة ونظرا لأهميته نجد أن المشرع نص
على إلزامية إدراجه في النظام الأساسي للشركة وذلك تحت طائلة بطلان الشركة[8]،
ويمكن من خلال ما سبق طرح إشكال جوهري يتمثل في ماهية وبنية رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة واليات تكوينه؟.
للإجابة على التساؤل أعلاه سوف
نقسم الموضوع إلى مبحثين، نخصص (المبحث الثاني) لتحديد آليات تغيير رأسمال الشركة
ذات المسؤولية المحدودة، لكن قبل ذلك سوف نتطرق في (المبحث الأول) إلى بنية هذا الرأسمال
الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
المبحث الأول: بنية رأسمال الشركة
ذات المسؤولية المحدودة
يقصد ببنية رأسمال شركة ذات
المسؤولية المحدودة الحصص المكونة للرأسمال فرأسمال الشركات التجارية ينبني أساسا
على تقديم الحصص المكونة له من طرف الشركاء، ويكتسي تقديم الحصة في الشركة أهمية
بالغة من الناحية الاقتصادية حيث تبرز الحصة كعنصر أساسي في تمويل المقاولة[9]
ومن الناحية القانونية لضمان صحة تأسيس الشركة.
ومن أجل التطرق لبينة رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة فلابد من تحديد الحصص المكونة لرأسمال الشركة ذات المسؤولية
المحدودة (المطلب الأول)، على أن نتطرق بعد ذلك لآليات تكوين رأسمال الشركات
التجارية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الحصص المكونة لرأسمال
الشركة ذات المسؤولية المحدودة
تعتبر الحصص اللبنة الأساسية لتشكيل رأسمال الشركات التجارية فعملية تقديم الحصة من طرف الشريك دليل على نيته الحقيقية
والفعلية للمشاركة في الشركة وبذلك ترتبط صفة الشريك بتقديم حصة معينة في الشركة
كما تنتفي هذه الصفة بانتفاء التقديم.
ولقد حدد المشرع بموجب مقتضيات ظهير
الالتزامات والعقود مختلف أنواع الحصص التي يمكن تقديمها في رأسمال الشركة[10]،
بحيث يمكن أن تكون نقودا أو أشياء أخرى منقولة أو عقارية أو حقوق معنوية كما يسوغ
أيضا أن تكون عمل أحد الشركاء أو حتى عملهم جميعا الأمر هنا يختلف من شركة الى
أخرى حسب خصوصية كل شركة على حدى.
وفي هذا الإطار سوف نتطرق للحصص المكونة
لرأسمال الشركة ذات الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مخصصين (الفقرة الأولى) للحديث
عن الحصة النقدية والصناعية، ونتطرق بعدها للحصة العينية وذلك من خلال (الفقرة
الثانية).
الفقرة الأولى: الحصة النقدية
والصناعية
تتمثل هذه الحصة في تقديم مبلغ من النقود
بشكل مباشر إلى الشركة، ويتم إيداعه إلزاميا في حساب بنكي مجمد يفتح باسم الشركة
في طور التأسيس شركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة [11]،
أو اختياريا في باقي أنواع الشركات الأخرى أو يتم تسليمه للمؤسسين مباشرة في
الحالات التي لا يتم فيها إيداع هذه المبالغ بالحساب البنكي المجمد[12].
إلى جانب الحصة النقدية نجد الحصة
الصناعية والتي يمكن أن تقدم في الشركة ذات المسؤولية المحدودة استثناءا فهي إما
أن تكون على شكل عمل أو تصرف أو سمعة[13]، أي
أن يتعلق الأمر بوضعيات ترتبط بالاعتبار الشخصي بحيث أنه يتعهد الشريك بأن يضع رهن
إشارة وتصرف الشركة معارفه التقنية، أو خدماته، أو عمله أو سمعته التجارية[14].
ويمكن تعريف الحصة الصناعية بأنها العمل الفني أو الإداري المؤهل مثل عمل
المهندس والمدير وليس مجرد العمل التبعي المأجور[15].
وبالاطلاع على المقتضيات المنظمة
لتقديم الحصص نجد أن المادة 51 من القانون 5.96 المتعلق بباقي الشركات تقديم الحصص
الصناعية في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وذلك مع استثناء وحيد يتعلق بالحالة
التي يكون فيها غرض الشركة هو استغلال أصل تجاري أو مقاولة حرفية، حيث يمكن
تقديمها كحصة للشركة أو إنشائها من طرفها انطلاقا من عناصر مادية أو معنوية قدمت
لها بصفة عينية، جاز لمقدمها أن يقدم حصته الصناعية حينما يكون نشاطه الرئيسي
مرتبطا بتحقيق غرض الشركة.
ونشير في هذا الصدد إلى أن توجه التشريع المغربي ليس
سوى تقليد للتشريع الفرنسي وهو توجه أيده جانب من الفقه المغربي[16]،
لأن الشركة ذات المسؤولية المحدودة أصبحت تتأسس من طرف شريك وحيد قد يقدم أصله
التجاري أو مقاولته حصة في شركته إلى جانب نشاطه أو عمله، في حين انتقده جانب أخر
من هذا الفقه [17]،
لأن الحصة الصناعية لا تتقدم فعلا إلا خلال ممارسة ذلك النشاط الشيء الذي لا يتم
إلا عند اشتغال الشركة أي خلال حياتها وهذا يتعارض مع ضرورة وجود رأسمال قائم
بالإضافة إلى كونها لا تمثل نسبة من رأس المال القابل للتقييم والذي يعتبر الضمان
الوحيد المقرر للدائنين في الشركة ذات المسؤولية المحدودة[18].
الفقرة الثانية: الحصة العينية
تتشكل الحصة العينية من كل الأموال غير النقود وكذا الحقوق المقررة على هذه
الأموال وبالتالي يتسع مجالها ويتنوع بحسب تطور مفهوم هذه الأخيرة بشكل يجعل وضع
لائحة حصرية بمشتملاتها أمرا صعبا ويمكن تقديم الحصة العينة إما على سبيل الانتفاع
أو على سبيل التمليك.
بالنسبة للحصص المقدمة على سبيل
التمليك فإن تقديم حصة عينية للشركة على سبيل التمليك ليس بمثابة بيع تماما إلا
أنه يشبه البيع من حيث إجراءات الشهر وضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية فإذا
كانت الحصة ملكية عقار مثلا فلا تنتقل الملكية إلا بعد التسجيل.
أما إذا ما تم تقديم الحصة على
سبيل الانتفاع فقط فإن أحكام الإيجار هي التي تطبق هنا فيحتفظ الشريك مقدم الحصة
بملكيتها ولا يحق للشركة أن تتصرف فيها وإذا هلكت الحصة فإنها تهلك على الشريك
وعليه تقديم حصة أخرى.
المطلب الثاني: آليات تكوين رأسمال
الشركة ذات المسؤولية المحدودة
بمجرد رغبة شخص ما سواء كان طبيعيا
أو اعتباريا في أن يصبح شريكا بشركة معينة فإنه يكون ملزما باحترام العديد من الالتزامات
الضرورية لاكتسابه هذه الصفة[19]،
ثم بعض الالتزامات الأخرى المفروضة عليه بعد صيرورته شريكا فيها.
وتتنوع هذه الالتزامات باختلاف نوع الشركة
المرغوب في تأسيسها أو الانضمام إليها فالتزامات الشريك الوحيد في شركة ذات
المسؤولية المحدودة ليست من نفس التزامات الشريك في شركة متعددة الشركاء، ومن بين
أهم الالتزامات ذات الطابع المالي التي تقع على عاتق الشريك في الشركة ذات
المسؤولية المحدودة نجد الاكتتاب في رأسمال الشركة[20]، وهذا
الالتزام يتعلق بتقديم الحصص إثر دخول الشريك في الشركة وهذا ما سوف نخصص له
(الفقرة الأولى)، بالإضافة إلى الالتزام السابق نجد أيضا من بين الالتزامات ذات الطابع المالي والتي يلتزم بها الشريك قبل
قيام الشخصية المعنوية للشركة الالتزام بتحرير الحصة المتعهد بتقديمها وهذا ما سوف
نخصص له(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الاكتتاب في
الرأسمال
يقصد بالاكتتاب ذلك التصرف
القانوني الذي يلتزم بمقتضاه شخص معيين وهو المكتتب بتقديم حصة في رأسمال شركة
معينة تكون مساوية للأسهم أو الأنصبة التي يرغب في الحصول عليها ويعكس رغبته في أن
يصبح شريكا في هذه الشركة ويترجم هذا التصرف من خلال توقيع المكتتب على النظام
الأساسي للشركة[21].
ونصت المادة 51 من القانون 5.96
المتعلق بباقي الشركات على ضرورة أن يكتتب في الرأسمال بالكامل، بحيث لا يجوز طرح
جزء من رأس المال للاكتتاب دون الباقي أو الاكتفاء بالمبالغ المكتتب فيها فحسب أو
إصدار أنصبة أو أسهم بأقل من قيمتها الاسمية ذلك أن الاكتتاب الكلي هو الممر
الرئيسي الذي يتم عن طريقه تمكين الشركة من الأموال اللازمة لتحقيق غرضها، ويعد
شرطا سابقا على تحرير رأس المال وضروريا لقيامه وحصوله.
وإلى جانب الشرط السالف الذكر هناك
شرط أخر وهو المتعلق بألا يكون الاكتتاب وهميا[22]، وألا
يكون قابلا للرجوع فيه أو موقوفا على شرط والإخلال
بهذه الشروط رتب عنه المشرع جزاءات منها ما هو مدني ومنها ما هو جنائي وهذا ما
يكرس اتجاه المشرع إلى تكريس مفهوم النظام العام في الشركات التجارية[23].
الفقرة الثانية: تحرير الرأسمال
إن تحرير الرأسمال يعد من بين
الآليات المحورية في تكوين رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة وأحد أهم
الالتزامات ذات الطابع المالي التي تقع على عائق الشريك قبل قيام الشخصية المعنوية
للشركة.
وعملية تحرير الرأسمال تشكل
التجسيد الفعلي لدخول الشريك في الشركة وتنفيذ تعهده بتقديمها رهن تصرف الشركة
سواء تعلق الأمر بحصة نقدية أو عينية، لأنه بمجرد توقيع المكتتب على النظام
الأساسي للشركة يصبح ملتزما بتحرير الحصة التي التزم بتقديمها وذلك تحت طائلة
إثارة مسؤوليته عن الامتناع أو التقصير أو التماطل فيه[24].
والمشرع نظم إجراءات تحرير الحصص
في كل من شركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة وذلك اعتبارا لأهمية
الرأسمال في هذا النوع من الشركات ذات المسؤولية المحدودة للشركاء فيها عن ديون
الشركة[25]،
في مقابل ذلك لم يقم بتنظيم هذه العملية بباقي الشركات التي تتميز بالمسؤولية
المطلقة والتضامنية للشركاء فيها عن ديون الشركة بحيث يبقى للرأسمال دور أقل أهمية
من دوره داخل الشركات ذات الطابع المالي وهذا ما يعطي نوع من الخصوصية للرأسمال في
الشركات ذات الطابع المالي.
وعملية تحرير الرأسمال تختلف حسب
ما إذا تعلق الأمر بتقديم حصة نقدية أو عينية أو صناعية فلكل حصة خصوصياتها،
فالنسبة لتحرير الحصة النقدية فيتم بالأداء الفعلي للمبلغ المقدم كحصة في الشركة
سواء تعلق الأمر بالأداء النقدي أو عن طريق شيك بنكي أو بتحويل وبكل عملية مماثلة،
ويجب أن تدفع نسبة الربع على الأقل من مجموع مبالغ الأنصبة الممثلة للحصة النقدية،
ويدفع الباقي وكما نص على ذلك المشرع في دفعة واحدة أو عدة دفعات حسب قرار يتخذه
المسير داخل أجل لا يتجاوز خمس سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري غير
أن رأس مال الشركة يجب أن يدفع مجموع مبلغه قبل أي اكتتاب في أنصبة جديدة تدفع
مبالغها نقدا وذلك تحت طائلة بطلان العملية.
أما بخصوص تحرير الحصة العينية
فيتم ذلك عن طريق النقل الفعلي لملكيتها من الذمة المالية للشريك إلى الذمة
المالية للشركة.
المبحث الثاني:
تعديل رأسمال الشركة ذات المسؤولية
المحدودة
إن عملية تعديل رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة[26]
تتضمن مسألتين إما الزيادة في الرأسمال أو تخفيضه وهذا وفق الأحكام المنظمة لتغيير
الرأسمال والتي جاء بها المشرع في الشق المتعلق بتغيير رأس المال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة من القانون رقم5.96 المتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة
وباقي الشركات، ومنه فإن تعديل رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة قد يكون عن
طريق الزيادة( المطلب الأول) في حالة رغبة الشركة في توسيع نشاطها، أو رغبتها في
إدخال شركاء جدد إلى الشركة، أو يتم التعديل عن طريق التخفيض منه( المطلب الثاني)
إذا ما كانت الشركة في حاجة إلى ذلك.
المطلب الأول: الزيادة في رأسمال شركة ذات المسؤولية المحدودة
تشكل الزيادة في رأسمال شركة ذات
المسؤولية المحدودة إحدى أهم التعديلات التي ترد على الشركة أثناء حياتها وذلك من
أجل توسيع نشاطها أو إدخال شركاء جدد، وقد أوكل المشرع للجمعية الغير العادية
الاختصاص في تعديل الرأسمال وقد نظم المشرع أحكام الزيادة في رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة سواء في إطاره الموضوعي أو الإجرائي أو إطاره الزجري، فتطرق
إلى أسباب هذه الزيادة ( الفقرة الأولى) وحدد الشروط الموضوعية والشكلية اللازمة
لصحة هذا الزيادة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أسباب الزيادة في رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة
إن عملية الزيادة في رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة ما هي إلا تصرف قانوني يتم بموجبه تعديل عقد الشركة بزيادة
رأسمالها أثناء حياة الشركة وذلك وفقا للأساليب والإجراءات التي يحددها القانون[27]،
وهذه الزيادة يكمن الهدف منها تقوية القدرة المالية للشركة لكي تساير الأوضاع التي
تعمل تحت ظلها وتتنوع الأسباب التي تدفع إلى الزيادة في الرأس مال وسوف نذكر بعضها.
ومن بين الأسباب التي تدفع إلى الزيادة في
رأس المال إذا ما كانت الشركة تمر بمرحلة صعبة خصوصا في حالة التسوية القضائية
وتحتاج في هذه الفترة إلى أموال جديدة تساعدها على استمرارية نشاطها أولا أو تسديد
ديونها ثانيا، ومن أجل أن تتخلص الشركة من الديون التي تتحملها، فإنها تلجأ إلى
زيادة رأسمالها لغرض القيام بسداد الديون أيضا حيث تقوم بتحويلها إلى حصص،
وبالتالي يزيد رأسمال الشركة بقدر الديون التي تم تحويلها[28].
وهنا نتساءل الى جانب بعض الفقه
حول إمكانية الزيادة في الرأسمال لفائدة الأجراء وذلك في ظل ظهور نظرية الشريك
الأجير؟.
يمكن أن تتم الزيادة في الرأسمال لفائدة الأجراء
بحيث أن الأجير وكما هو معلوم يعتبر غيرا عن الشركة والقانون الذي ينظم العلاقة
بينه وبين الشركة هو مدونة الشغل لكن في الآونة الأخيرة أصبح الأجير يكتسح أيضا قانون
الشركات وبقوة إذ أصبح العديد من فقهاء قانون الشركات يتطرقون للأجير في قانون
الشركات ووضعيته بشكل متزايد، وهذا
راجع إلى ظهور نظرية الأجير الشريك والتي تدمج الأجير في حياة الشركة وتخرجه من
دائرة الدائنين نسبيا وإدخاله في دائرة الشركاء وهذا كله من أجل تطوير الشركة.
وقد نص المشرع الفرنسي صراحة على
إمكانية تخصيص أسهم لفائدة الأجراء في الفصول المتعلقة بتعديل رأس مال شركة
المساهمة[29]،
وخصص كذلك لهذه العملية عدة نصوص تنظمها[30] عكس
المشرع المغربي.
الفقرة الثانية: شروط وطرق زيادة
رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة
باعتبار زيادة رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة يؤثر على مركزها المالي فإن ذلك لا يتم إلا بتوفر مجموعة من
الشروط (أولا)، ووفق الطرق المحددة من طرف المشرع(ثانيا).
أولا: شروط زيادة رأسمال الشركة
ذات المسؤولية المحدودة
للزيادة في رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة لابد من توفر مجموعة من الشروط منها ما هو شكلي ومنها ما هو
موضوعي ووجود هذه الشروط ضروري حتى تقوم الزيادة صحيحة ومنتجة لأثارها فمن بين أهم
الشروط أنه يجب سداد الرأسمال بالكامل قبل الشروع في عملية الزيادة.
ومن بين الشروط الشكلية ضرورة صدور
قرار من الجمعية العامة غير العادية، فالقاعدة العامة تقتضي أن زيادة رأسمال
الشركة يكون بناءا على قرار من الجمعية العامة غير العادية، حيث تختص هذه الجمعية
بتعديل النظام الأساسي للشركة فهذا النظام الأساسي يشكل قانون المتعاقدين، وطبقا
للقواعد العامة لا يجوز تعديله إلا بموافقة الشركاء ونشير في هذا الصدد إلى أن حق
الجمعية العامة في تعديل النظام الأساسي يتعلق بالنظام العام فلا يجوز حرمانها منه
بنص القانون الأساسي أو تقييده بقيد ما[31].
إن الجمعية العامة غير العادية لا
تفصل في قرار الزيادة إلا إذا توفر النصاب الذي تطلبه المشرع حسب الفقرة الثانية من المادة 75 من القانون
رقم96.5، وعليه فإن قرار رفع الرأسمال بإدماج الأرباح أو الاحتياطي يتخذ من طرف
الشركاء الممثلين لنصف الأنصبة على الأقل، وهذا النصاب المحدد من طرف المشرع متعلق بالنظام العام ويتجلى ذلك من خلال تنصيص
المشرع على إبطال القرارات المتخذة خرقا لهذه الأحكام .
وفي الأخير نشير إلى أن تغيير رأس
المال يرتب تعديلا للنظام الأساسي للشركة ومنه يتعين أن يخضع هذا التغيير لإجراءات
الشهر المنصوص عليها بقوانين الشركات والنصوص المنظمة للسجل التجاري[32]،
ويتم الشهر من طرف الممثلين القانونيين للشركة أو من طرف كل وكيل مفوض منهم تحت
مسؤوليتهم ويتعين أن يتم داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ القرار المتخذ من
طرف الجمعية العامة غير العادية للشركاء وذلك تحت طائلة بطلان القرار المتخذ وهذا
الأجل متعلق بالنظام العام .
ثانيا: طرق الزيادة في رأسمال
الشركة ذات المسؤولية المحدودة
إن الشركة ذات المسؤولية المحدودة
كغيرها من الشركات التجارية قد تعمد إلى تكييف قدراتها المالية مع ما تعيشه من
أوضاع جديدة وهي أوضاع تجعل الشركة أمام خيار رفع رأسمالها، وهكذا تكون الشركة في
وضعية تدفعها إلى الزيادة في رأس مالها إما بفعل توسع نشاط الشركة أو بفعل سداد
ديون الشركة وذلك بثلاثة طرق، تقديم حصص نقدية أو عينية جديدة(1) أو بإجراء مقاصة
مع ديون الشركة المحددة المقدار والمستحقة(2) وأخيرا عن طريق إدماج الاحتياطي أو
أرباح أو علاوات إصدار رأس المال(3).
1-
تقديم
حصص نقدية أو عينية جديدة
إن الزيادة في رأس المال عن طريق
تقديم حصص نقدية نظمها المشرع بطريقة تفصيلية مقارنة مع باقي الطرق الأخرى للزيادة
في الرأس مال، حيث أنه تطرق لشرط هذه الزيادة وحق أفضلية الاكتتاب فيها وكيفية
تحقق الزيادة وهي تخضع لنفس الإجراءات والشكليات المتعلقة بتأسيس الرأسمال وعملية
تقديم الحصص العينية خلال حياة الشركة تكون أسهل وأبسط نوعا ما من المقارنة مع
مرحلة تأسيس الشركة.
2-
إجراء
مقاصة مع ديون الشركة المحددة المقدار والمستحقة
من بين أهم الطرق التي خولها
المشرع للشركاء من أجل الزيادة في رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة إجراء
مقاصة مع ديون الشركة المحددة المقدار والمستحقة بحيث أنه في هذا الصدد يمكن أن
يصبح الدائنين للشركة شركاء، وقد اقتبس القانون 24-10 من المادة 183 من القانون
95-17 وأشار لها أيضا بموجب الفقرة الأولى من المادة 77 من القانون المتعلق بالشركة ذات المسؤولية
المحدودة وباقي الشركات.
بموجب هذه الطريقة تنقضي
الالتزامات بين الدائن على الشركة المحدد والمستحق ودين الشركة على نفس الدائن
بمناسبة إجراء عملية الزيادة في رأس المال، ومنه يمكن القول أنه لا يجوز إجراء
مقاصة[33]
سوى على الديون المحددة المقدار والمستحقة على الشريك[34]،
وهذه الزيادة في الرأس المال تقتضي تعديل النظام الأساسي للشركة وبالتالي يرجع أمر
الفصل فيها من اختصاص الجمعية العامة غير العادية، وبمفهوم المخالفة فإن الديون
التي يكون مقدارها غير محدد وغير المستحقة على الشركة فإنها لا تخضع لعملية المقاصة
وبالتالي لا يستفيد أصحابها من امتياز الحصول على أنصبة تعادل إلى حد ما مبلغ
ديونهم[35].
وفي إطار حديثنا عن الديون
المستحقة في ذمة الشركة نطرح سؤالا نورده على الشكل الاتي هل يحق دمج الحساب
الجاري للشركاء في رأسمال الشركة؟.
3- إدماج الاحتياطي أو أرباح أو علاوات
إصدار رأسمال
قبل التطرق للزيادة في رأس مال الشركة عن طريق ضم الاحتياطي لا بد من تحديد
المقصود بالاحتياط[36]
فهو ذلك الجزء من الأرباح التي تلتزم الشركة قانونا باقتطاعه من أرباحها بصفة
منتظمة حتى تتمكن من مواجهة مختلف الخسائر أو النفقات الاستثنائية التي تعترضها
ويلعب هذا الاحتياط دورا مهما في تقوية المركز المالي للشركة[37].
إن الزيادة في رأس مال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة عن طريق إدماج احتياطي أو أرباح أو علاوات إصدار في رأس المال
تعد شكلا من أشكال الرسملة التي تمس الاحتياطي ومن الناحية المالية تعد شكلا من
أشكال تعديل كتلة الأموال الذاتية فهي تقنية يترتب عن إحداثها تغيير في البنية على
اعتبار أن جزء من الاحتياطات أو كلها تزيد في رأسمال الشركة[38].
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت
عملية الزيادة في رأسمال الشركة بمثابة تعديل للأنظمة الأساسية وتتطلب أغلبية
الشركاء الممثلة على الأقل لثلاثة أرباع رأسمال الشركة، فإن قرار رفع رأس المال أو
الاحتياطي وحسب الفقرة الأخيرة من المادة 75 يتخذ فقط بمجرد أغلبية الممثلين لنصف
الأنصبة على الأقل على غرار شركة المساهمة[39].
وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار
صادر عنها سمة 2014، حيت جاء في قاعدة هذا القرار أنه: "عملا بمقتضيات
الفقرتين الثانية والثالثة للمادة 75 من القانون 5.96 فإنه لتعديل النظام الأساسي
للشركة في أي بيان من بياناته ومنها طبعا رأسمالها، يتعين توفر موافقة ثلاثة أرباع
رأسمال الشركة وهناك استثناء يشترط فيه موافقة فقط الشركاء الممثلين لنصف الأنصبة
ويتعلق الأمر هنا بالرفع من رأسمال الشركة الذي يتم بإدماج الأرباح
والاحتياطي..."[40].
المطلب الثاني: تخفيض رأسمال
الشركة ذات المسؤولية المحدودة
إن عملية تخفيض رأسمال الشركات
التجارية بصفة عامة والشركة ذات المسؤولية المحدودة مقارنة مع عمليات الزيادة في
رأس المال الشركة تكون قليلة الوقوع، فلا يتم اللجوء إليها إلا لتسوية وضعيات
قانونية مستعصية أو لتسوية الخسائر التي عرفتها الشركة بحيث أن الشركات غالبا ما
تشكو من عدم كفاية الأموال الموظفة وليس من الفائض فيها.
بالرغم من ذلك فليس هناك ما يمنع
الشركة من اللجوء إلى تقنية تخفيض رأسمالها متى كان يتجاوز احتياجاتها، وذلك لتجنب
أداء أرباح عن أموال غير موظفة أو لتسوية الخسائر التي حلت بالشركة، المشرع قيد
هذا التخفيض بشرط أن لا يمس هذا التخفيض بمبدأ المساواة بين الشركاء[41]،
وبناءا على ما سبق سوف نتطرق من خلال هذا المطلب إلى أسباب وشروط تخفيض رأسمال
شركة ذات مسؤولية محدودة وذلك في (الفقرة الأولى)، على أن نتطرق في الشق الثاني
لمحدودية تخفيض رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أسباب وشروط تخفيض
الرأس المال
كما سبق وأن أشرنا فإنه قد تلجأ
الشركة إلى تخفيض رأسمالها إذا تبين لها أنه يفوق حاجات استثمارها فيكون من الأفضل
تخفيض جزء من رأسمالها وإرجاعها للشركاء بدلا من تجميده نظرا لعدم قدرتها على
تشغيله، وقد تخفض رأسمالها أيضا لجبر خسارة حلت بالشركة، هذه من أهم أسباب تخفيض
رأس مال الشركات التجارية عملية تخفيض رأس المال لا يكفي لقيامها توفر الأسباب
وإنما لابد من احترام مجموعة من الشروط ومنه سوف نخصص هذه الفقرة للتفصيل في شروط
تخفيض رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة(ثانيا)، وقبل ذلك سوف ندرج أهم أسباب
تخفيض الرأسمال(أولا).
أولا: أسباب تخفيض رأس المال
إن تخفيض رأسمال الشركة ذات
المسؤولية المحدودة قد يتم تخفيضه لجبر خسارة حلت بالشركة(1)، أو لكون أن رأسمال
الشركة يفوق حاجاتها(2).
1_تخفيض رأس المال لجبر خسارة حلت
بالشركة
يمكن أن تتكبد الشركة ذات
المسؤولية المحدودة خسائر وتصبح أصولها في هذه الحالة غير متعادلة من رأسمالها أي
زيادة الخصوم على الأصول وهذا ما ينتج عنه انعدام التوازن في ميزانيتها المالية
مما يستدعي البحث عن سبل إعادة التوازن الشيء الذي لن يتم إلا عن طريق تخفيض
الرأسمال إلى المقدار المتناسب مع الرأسمال الحقيقي للشركة ذلك أن التخفيض المعلل
بالخسارة ويهدف إلى تحقيق التوازن المالي للشركة وتحسينه.
2_زيادة الرأسمال عن حاجة الشركة
قد لا يكون سبب تخفيض الرأسمال هو
الخسارة التي منيت بها الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وإنما الزيادة في الرأسمال
وهذا ما يدعو الشركة إلى تخفيضه كونه يزيد عن حاجاتها ويكون ذلك إما بسبب إخفاق
تقدير المؤسسين لرأسمال الشركة أو لقلة الطلب على المنتوج أو إذا كانت المنافسة
قوية، حينئذ يكون من مصلحة الشركة تخفيض رأسمالها بالقدر الزائد لترد القيمة
الفائضة ولا تبقى سوى القيمة التي تراها كافية لممارسة نشاطها، وعليه تتفادى
الشركة دفع الأرباح عن الأموال غير المستثمرة فعلا علاوة على تفادي مخاطر تغيير
العملة.
3_اكتفاء الشركة بالمبالغ المدفوعة
من رأس المال
قد يكون من بين أسباب تخفيض رأسمال
الشركة ذات المسؤولية المحدودة اكتفاء الشركة في المراحل الأولى بعد تأسيسها
بالمبالغ المدفوعة من رأس المال وكونها لا تحتاج إلى الدفعات الباقية أي أن الشركة
تخفض رأس المال في حدود المبالغ المدفوعة وتكتفي بالأموال التي قد تم دفعها فعلا.
ثانيا: شروط تخفيض رأس المال
الشركة ذات المسؤولية المحدودة
إن عملية تخفيض الرأسمال تخضع
لإجراءات أكثر تعقيدا من الإجراءات التي تتخذها خلال الزيادة في الرأس مال، ذلك
لأن الزيادة تؤدي إلى زيادة الضمان العام للدائنين وهي عكس التخفيض الذي يضعف ضمان
الدائنين ولهذا خول لهم المشرع الحق في ممارسة التعرض، وتتطلب لتخفيض الرأسمال
مجموعة من الشروط من قبيل صدور قرار الزيادة عن الجمعية العامة غير العادية وعدم
المساس بمبدأ المساواة بين الدائنين(2)، تم توجيه مشروع التخفيض لمراقب
الحسابات(3).
2_عدم المساس بمبدأ المساواة بين
الدائنين
القاعدة تقتضي بأن الرأس مال هو
الحد الأدنى من الضمان المقرر لدائني الشركة ومن تم لا يجوز للشركة أن تخفضه دون
مراعاة حقوق دائنيها، وهنا ميز المشرع بين صنفين من الدائنين في المادة 79 من
القانون رقم 5.96 المتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة الصنف الأول وهم
الدائنين الذين نشأت ديونهم قبل التخفيض، والصنف الثاني يتمثل في الدائنين الذين
نشأت ديونهم بعد التخفيض.
فبالنسبة للدائنين الذين نشأت ديونهم قبل التخفيض هم الدائنين الذين يفترض
فيهم أنهم تعاملوا مع الشركة بمراعاة رأس مالها الموجود في ذلك الحين فإذا تم
تخفيضه فسيؤدي ذلك إلى الانتقاص من الضمان المقرر لهم مما يشكل أضرارا بحقوقهم
لذلك أعطاهم المشرع رغبة منه في توفير الحماية لهم الحق في الاعتراض على قرار
التخفيض.
أما بالنسبة للصنف الثاني من
الدائنين وهم الذين نشأت ديونهم بعد
التخفيض اللاحق لهم في التعرض على قرار التخفيض لأنهم لم يعتمدوا عند تعاملهم مع
الشركة على رأسمالها الأصلي بل عليه بعد تخفيضه، وبالتالي يكون هذا الأخير هو الحد
الأدنى من الضمان المقرر لهم.
وأخيرا فحسب المادة 79 من القانون
المتعلق بباقي الشركات يجب أن يخفض رأس المال من جمعية الشركاء التي تبت وفق
الشروط المنصوص عليها في النظام الأساسي.
3-توجيه مشروع التخفيض لمراقب
الحسابات
يوجه مشروع تخفيض رأس المال إلى
مراقبي الحسابات إن وجدوا داخل أجل خمسة وأربعين يوما على الأقل قبل تاريخ انعقاد
الجمعية العامة المدعوة للنظر في هذا المشروع ويطلع المراقبون الجمعية العامة على
تقييمهم بشأن أسباب وشروط التخفيض.
وإذا صادقت الجمعية العامة على
مشروع تخفيض رأس المال غير المعلل بحصول خسائر جاز للدائنين الذين ترتب دينهم قبل
تاريخ إيداع محضر المداولة بكتابة الضبط، أن يتعرضوا على التخفيض داخل أجل ثلاثين
يوم من تاريخ الإيداع ويبلغ التعرض إلى الشركة بإجراء غير قضائي ويرفع للمحكمة[42].
ويرفض رئيس المحكمة بصفته قاضي
المستعجلات التعرض أو يأمر بتسديد الديون أو بتكوين ضمانات إذا عرضتها الشركة
واعتبرت كافية ولا يمكن أن يشرع في عمليات تخفيض رأس المال خلال سريان أجل التعرض.
الفقرة الثانية: حدود تخفيض رأس
مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة
تختلف عملية الزيادة في الرأس
المال عن التخفيض فيما يخص حق تعرض
الدائنين حيث أن المشرع أجاز للدائنين الذين ترتبت ديونهم قبل تاريخ إيداع محضر
المداولة، أن يتعرضوا على التخفيض داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإيداع، ويبلغ
التعرض إلى الشركة بإجراء غير قضائي ويرفع للمحكمة[43].
وبعد رفع الأمر إلى رئيس المحكمة
بصفته قاضي المستعجلات قد يرفض التعرض الذي قدمه الدائنين أو يأمر بتسديد الديون
أو بتكوين ضمانات إذا عرضتها الشركة واعتبرت كافية ولا يمكن أن يشرع في عمليات
تخفيض رأس المال خلال سريان أجل التعرض.
وبناءا على ما سبق وختما لهذه
الدراسة يمكننا القول على أن رأسمال الشركات التجارية وخصوصا الشركات ذات الطابع
المالي، يشكل أهم عنصر لتكوين هذه الشركات بكونه يشكل الضمان الوحيد والفعلي
لدائنين هذا النوع من الشركات التجارية وكذا دوره الفعال المتمثل في أنه يسمح
للقائمين بالإدارة بإصدار القرارات المتعلقة بإجراءات التعديل سواء بزيادة رأس
المال أو بتخفيضه وهذا ما دفع المشرع إلى وضع نظام قانوني صارم يتم تطبيقه على
الشركة سواء أثناء تأسيسها أو تعديلها بالزيادة أو التخفيض والذي يتم في مرحلة سير
الشركة، وفي حالة مخالفة هذه النصوص التي حددها المشرع لتشكل الرأسمال وكذا أحكام تعديله
فإنه تترتب الآثار القانونية الناتجة عن ذلك الإجراء لا من حيث بطلان الإجراءات
ولا من حيث الجزاءات الجنائية المتعلقة بحماية رأسمال الشركات التجارية.
ونخلص في الأخير إلا أن طبيعة الرأسمال في
الشركات ذات المسؤولية المحدودة تمزج بين ما هو اقتصادي وبين ما هو قانوني، أي أن
مفهوم الرأسمال في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يتخذ مفهومين محوريين مفهوم
قانوني ويتجسد في اعتبار الرأسمال أحد أهم مكونات الشركة ومفهوم اقتصادي يتجلى في
اعتبار الرأسمال هو الضمان الوحيد لدائني الشركة.
ü لائحة المراجع:
_علال فالي، الشركات التجارية الجزء الأول
المقتضيات العامة، مطبعة المعارف الجديدة2016.
_علال فالي، مفهوم رأس المال في شركة
المساهمة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، السنة الجامعية
2006-2007.
_فؤاد معلال، شرح القانون التجاري
الجديد الجزء الثاني الشركات التجارية، دار الأفاق المغربية، الطبعة الخامسة 2016.
_ مصطفى بونجة - نهال اللواح، منازعات الشركاء في
الشركات التجارية من خلال العمل القضائي الجزء الأول، الطبعة الأولى مطبعة
ليتوغراف، طنجة سنة 2018.
_ أحمد شركي السباعي الوسيط في الشركات
والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الخامس، في شركات المساهمة البسيطة وشركة
التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة، الطبعة الأولى مطبعة المعارف
الجديدة، دار نشر المعارف الجديدة، دار نشر المعرفة، الرباط، 2005.
_عزالدين بن ستي، الشركات في
القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2014.
_محمد الإدريسي العلمي المشيشي،
خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد، مجلة المحاكم المغربية،6يناير فبراير
200 العدد 80.
_زلماط فؤاد، طرق الزيادة في رأس
مال شركة المساهمة في القانون المغربي، مقال منشور، المجلة المغربية لدراسات
والاستشارات القانونية، العدد الأول، السنة الأولى2017.
_الهام الهراس، مكانة الشريك في الشركة ذات
المسؤولية المحدودة، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، ماي 2009، العدد
16.
_نغم حنا رؤوف ننيس، النظام القانوني للزيادة
في رأسمال شركة المساهمة دراسة مقارنة، الطبعة الأولى2002.
_نايف أحمد ضاحي الشمري، النظام
القانوني لزيادة وتخفيض رأس مال الشركات التجارية، منشورات حلبي الحقوقية، الطبعة
الأولى 2017.
[1]-من بين المستجدات الأساسية للقانون المغربي الجديد
للشركات أخده بالشركة ذات المسؤولية المحدودة من شريك وحيد، حيث أنه أجاز لأول مرة
للشخص الواحد أن يؤسس شركة لا يكون مسئولا عن ديونها إلا في حدود ما خصصه لها من
رأسمال، وهذا النوع من الشركات سبق وأن شق طريقه في العديد من التشريعات المقارنة
من مدة لا يستهان بها وقد أخذها المشرع المغربي عن التشريع الفرنسي.
[2]-الفصل 982 من ظهير الالتزامات
والعقود:" الأركان الموضوعية الخاصة بالشركات هي: تعدد الشركاء، تقديم الحصة،
توزيع الأرباح، نية المشاركة".
[3] - من وجهة النظر الاقتصادية يشير
رأس المال الى الثروة أو وسائل الإنتاج.
[4] - عبد الرحيم عبد العزيز جويحان،
النظام القانوني لتخفيض رأس مال شركات الأموال، الطبعة الاولى، دار الجامد للنشر
والتوزيع، عمان، 2007، الصفحة 20.
[5]- علال فالي، الشركات
التجارية الجزء الأول المقتضيات العامة، مطبعة المعارف الجديدة 2016، الصفحة 173.
[6]- علال فالي، مفهوم رأس المال في شركة المساهمة،
أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، السنة الجامعية
2006-2007، الصفحة 112.
[7]- إلى جانب مفهوم الرأسمال هناك مفهوم أخر قريب منه
يمكن أن يكون مصدرا للخلط وللبس، وهو مفهوم رؤوس الأموال الذاتية الذي اقتصر قانون
9.88 المحدد للقواعد المحاسبية الواجب أتباعها على التجار العمل بها، في قسمه
الأول الخاص بحسابات التمويل الدائم على التمييز بينه وبين رؤوس الأموال الذاتية
المماثلة.
[8]- المادة 50 من القانون رقم 5.96 المتعلق بباقي
الشركات التجارية.
[10]- الفصل 988 من ظهير
الالتزامات والعقود يسوغ أن تكون الحصة في رأس المال نقودا أو أشياء أخرى، منقولة
كانت أو عقارية أو حقوقا معنوية، كما يسوغ أيضا أن تكون عمل أحد الشركاء أو حتى
عملهم جميعا، ولا يسوغ بين المسلمين، أن تكون هذه الحصة مواد غذائية.
[11]-الفقرة الرابعة من المادة 51 من القانون
المتعلق بباقي الشركات: "تودع الأموال الناتجة عن دفع الأنصبة من لدن متلقيها
في حساب بنكي مجمد داخل أجل ثمانية أيام ابتداء من تلقي الأموال عندما يكون رأسمال
الشركة المحدد من طرف الشركاء يتجاوز مائة ألف درهم، يمكن القيام بإيداع الأموال
المنصوص عليه في الفقرة السابقة بطريقة الكترونية، ويقوم البنك المودعة لديه
النقود بإصدار شهادة في شكل محرر أو بطريقة الكترونية".
[12]- وفي كلتا الحالتين معا يتسلم مقدم هذا المبلغ ما يثبت
هذا التقديم وذلك بحسب كل الحالة، إما بشهادة يسلمها له البنك المفتوح لديه حساب
الشركة في طور التأسيس أو بوصل يسلمه له المؤسس أو المؤسسين يفيد ذلك الإيداع أو
التسليم.
[13]-أما العمل اليدوي غير
الفني فلا يعتبر حصة في الشركة بل يكون مقدمه مجرد عامل.
[14]-اعتبرت محكمة النقض
الفرنسية في قرار صادر عنها بتاريخ 1997/07/16 أنه يمكن تقديم مجرد التأثير
الحقيقي والمشروع الذي يكون لشخص معين في مجال التجارة كحصة صناعية في الشركة.
[15] - فؤاد معلال، شرح
القانون التجاري المغربي الجديد، الجزء الثاني الشركات التجارية، الصفحة 26.
[16]- أحمد شكري السباعي، الوسيط
في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الخامس، في شركات المساهمة
البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة، الطبعة الأولى
مطبعة المعارف الجديدة، دار نشر المعارف الجديدة، دار نشر المعرفة، الرباط، 2005، الصفحة:142.
[17]- محمد الإدريسي العلمي
المشيشي، خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد، مجلة المحاكم المغربية،6يناير
فبراير 200 العدد 80، الصفحة25.
[18]- الهام الهراس، مكانة
الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، المجلة المغربية لقانون الأعمال
والمقاولات، ماي 2009، العدد 16، الصفحة36.
[19]- سوف نقتصر في هذه
الدراسة على الالتزامات ذات الطابع المالي
نظرا لارتباطها الوثيق بمفهوم الرأسمال.
[20]- الفرق بين الاكتتاب
والتحرير في الشركات التجارية يكمن في أن الاكتتاب هو تعهد الشريك بتقديم المبلغ
النقدي موضوع الحصة إلى الشركة أما التحرير فيعني التنفيذ الفعلي للتعهد أي وضع
الحصة التي تعهد بتقديمها رهن تصرف الشركة.
[21]-ولقد انقسم الفقه في
تحديد الطبيعة القانونية للاكتتاب إلى عدة اتجاهات، اتجاه يرى بأنه عقد بين
المكتتب وبين المؤسسين يلتزم بمقتضاه هؤلاء بالاستمرار في إجراءات تأسيس الشركة،
وهناك اتجاه أخر يرى بأن الاكتتاب هو عقد كذلك إلا أنه يجمع بين المكتتب والشركة
في طور التأسيس ممثلة بالمؤسسين وهو عقد أولي يمهد لعقد نهائي وهو عقد تأسيس الشركة الذي لا ينعقد إلا
بعد أن يتم الاكتتاب بكامل رأس المال ويسدد ربعه على الأقل وينتهي تأسيس الشركة،
واتجاه فقهي أخر يرى بأن الاكتتاب هو تصرف بإرادة منفردة يتعهد بمقتضاه المكتتب
بالدخول في الشرك بقدر من الأنصبة أو الأسهم. للتفصيل أكثر حول هذه الاتجاهات
الفقهية أنظر:
-فؤاد معلال، مرجع سابق، الصفحة 192-193.
[22]-cour
d’Apple de rabat première chambre, arrêt N2116 du 30 janvier 1940,recueil des
arrêt de la cour d’Apple de rappel de rabat, Tomme X, années
1939-1940,imprimerie officielle Rabat 1941.
-تمت الإشارة إليه في علال فالي، الشركات
التجارية الجزء الأول المقتضيات العامة، مرجع سابق،الصفحة:296.
[23]-تنص المادة 113 من
القانون المتعلق بباقي الشركات على أنه: يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة
من 2000إلى 30000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، مسيرو الشركة ذات المسؤولية
المحدودة الذين يدلون، وعن قصد، بتصريح كاذب في عقد الشركة بخصوص توزيع أنصبة
الشركة ما بين الشركاء أو تحرير الأنصبة أو إيداع الأموال أو يغفلون عن عمد القيام
بذلك التصريح، تطبق أحكام الفقرة السابقة في حالة الزيادة في رأس المال .
[24]-في حالة وجود نزاع أو
خلاف بين الشركاء أو المؤسسيين وبين أحدهم أو بعضهم حول تحرير الحصص، فإنه يتعين
على الشريك إقامة الدليل على تنفيذ التزامه وذلك بمختلف وسائل الإثبات.
[25]-المواد 51 و52 و53 من
القانون المتعلق بباقي الشركات.
[26]- يرتب تعديل رأسمال
الشركة بالزيادة أو التخفيض، تعديلا للنظام الأساسي للشركة، ولذلك يتعين اتخاذ
قرار التعديل من الجهة التي تكفل لها قوانين الشركات صلاحية تعديل النظام الأساسي،
وبالنظر إلى أن تغيير رأس المال يرتب تعديلا للنظام الأساسي للشركة فإنه يتعين أن
يخضع هذا التغيير لإجراءات الشهر المنصوص عليها بقوانين الشركات والمنظمة للسجل
التجاري.
[27]-نغم حنا رؤوف ننيس،
النظام القانوني للزيادة في رأسمال شركة المساهمة دراسة مقارنة، الطبعة الأولى2002
الصفحة:43.
[28]-نايف أحمد ضاحي
الشمري، النظام القانوني لزيادة وتخفيض رأس مال الشركات التجارية، منشورات حلبي
الحقوقية، الطبعة الأولى 2017،الصفحة30.
[29] -Article 225-177 : L’assemblée
générale extraordinaire, sur le rapport du conseil administration ou du
directoire, selon le cas et sur le rapport spécial des commissqires aux
comptes, peut autoriser le conseil administration ou le directoire a consentir,
au bénéfice des membrés du personnel salarie de la sociétés ou de certains
denter eux, des options donnant droit a la souscription dations.
[30]-
code de commerce –Sectoin7: des modifications du capital social et de
l’actionnariat des salaries- Sous-section : souscription et de l’achat dations par les salaries.
Voir articles ;L225-177
L225-197 R225-137 R 225-145.
[31]-مصطفى كمال طه، المرجع
السابق،الصفحة122.
[32]-ولقد تم إحداث ما يسمى
بالسجل التجاري الالكتروني.
[33]-المقاصة هي طريقة من
طرق الوفاء بالالتزام، فإذا اجتمعت صفة الدائن والمدين في نفس الشخص أي أن يعتبر
الشخص دائن بماله على المدين وفي نفس الوقت، ولهذا يجوز أن تتم المقاصة على دين في
ذمة الشركة إلا أنه لا يجوز أن تتم المقاصة على دين في ذمة أحد الشركاء وتعتبر
المقاصة طريقة من طرق الوفاء بالزيادة.
[34]-عز الدين بنستي، مرجع
سابق، الصفحة 150.
[35]-عز الدين بن ستي، مرجع
سابق، ص 149.
[36]-ويقسم بعض الفقه
الاحتياط في الشركات إلى ثلاثة أقسام: الاحتياط القانوني، الاحتياط الاختياري،
الاحتياط النظامي، ويعتبر البعض أن هذا النوع من الاحتياط هو بمثابة احتياط قانوني
لا يجوز المساس به للتوسع أكثر أنظر:
-نغم
حنا رؤوف ننيس- مرجع سابق، الصفحة:97.
[37]- زلماط فؤاد، طرق
الزيادة في رأس مال شركة المساهمة في القانون المغربي، مقال منشور، المجلة
المغربية لدراسات والاستشارات القانونية، العدد الأول، السنة الأولى2017، الصفحة:135.
[38]- وفي هذا الصدد جاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة
التجارية بمراكش عدد 10769 بتاريخ 2009/11/10 من الملف رقم 2009/06/1172:وجاء في
قاعدة هذا الحكم الشركة ذات المسؤولية المحدودة –شركة ذات المسؤولية المحدودة
الزيادة في رأسمالها عن طريق المقاصة بين ديون الحساب الجاري للشركاء على الشركة_ "مادام
أنه لا القانون الأساسي يسمح للمدعي له بالزيادة في رأس المال عن طريق المقاصة بين
الحساب الجاري للشركاء على الشركة ولا القانون المطبق على الشركات ذات المسؤولية
المحدودة فإنه عملا بمقتضيات المادة 183 من القانون المتعلق بشركة المساهمة ،
والتي تمت الإحالة عليها بموجب القانون 5،99 المطبق على الشركة ذات المسؤولية
المحدودة فإنه طبقا للمادة 75 من القانون المذكور لا يسوغ تعديل القانون الأساسي
للشركة إذا كان من شأن ذلك الزيادة في أعباء أحد الشركاء".
-حكم منشور على الموقع الإلكتروني:
-WWW.MAHKAMATI.MA
[40]-قرار
صادر عن محكمة النقض عدد158/1، الصادر بتاريخ 2014/03/20 في الملف تجاري عدد
1608/3/1/2012.
-تمت الإشارة إليه في:
-مصطفى بونجة -نهال اللواح، منازعات الشركاء في الشركات التجارية من
خلال العمل القضائي الجزء الأول، الطبعة الأولى مطبعة ليتوغراف، طنجة سنة 2018،
الصفحة 197.
[41]- علال فالي، الشركات
التجارية مقتضيات عامة، الجزء الأول، مطبعة المعارف الجديدة 2019، الصفحة161.
[42]-المادة 79 من القانون
رقم 5.96 المتعلق بباقي الشركات.
[43]- حسب الفقرة الثالثة
من المادة 79 من القانون 5.96 المتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة.
0 تعليقات