قاضي التنفيذ في ضوء مشروع قانون المسطرة المدنية - الأستاذ عدنان المرابط- العدد 42 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني
لتحميل العدد بصيغته الرقمية pdf اليكم الرابط أذناه:
الأستاذ
عدنان المرابط
باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية
والاقتصادية
والاجتماعية فاس
قاضي التنفيذ في ضوء
مشروع قانون المسطرة المدنية: من التكليف الى اَلْمَأْسَسَة
Le juge de l'exécution à la lumière du projet de loi de procédure civile
مقدمة:
جاء في رسالة القضاء لعمر
ابن الخطاب الموجهة لأبي موسى الأشعري: " ...فافهم إذا أدلي اليك وأنفذ إذا تبين لك، فانه لا ينفع تكلم بحق
لا نفاذ له ..."[1]
و عرضت على رئيس الوزراء البريطاني سابقا "ونستون تشرشل" اثناء الحرب
العالمية الثانية قضية تتعلق بحكم قضى بمنع تحليق الطائرات الحربية اثناء عقد
الجلسات لأنها تحدث ازعاجا , فكان جوابه ان الاحكام واجب نفادها و انه اوهن
بالنسبة له ان يكتب التاريخ ان بريطانيا هزمت في الحرب على ان يكتب أنها امتنعت عن
تنفيذ حكم قضائي.[2]
إن ما اشير إليه أعلاه، رغم اختلاف العصر والمرجع والأشخاص،
يفهم منه شيء واحد وهو قاسم مشترك بين الصورتين ألا وهو أهمية تنفيذ الأحكام
القضائية.
إن تنفيذ الأحكام القضائية يعتبر حلقة الاتصال بين القاعدة
والواقع والوسيلة الأساسية التي بموجبها يمكن تغيير الواقع وجعله يتماشى وما تتطلب
القاعدة[3]،
على اعتبار أن القواعد التي تتضمنها الأحكام القضائية ما هي إلا انعكاس للحقيقة
ولهذا اعتبرت الأحكام القضائية: عنوان الحقيقة.
ولئن كان تنفيذ الأحكام القضائية يكتسي كل تلك الأهمية، فان
التشريع الاجرائي المدني المغربي - على غرار أغلب التشريعات المقارنة- أوكل مهام
الاشراف والمراقبة والتتبع لعملية التنفيذ لجهاز القضاء. و بالرجوع الى المقتضيات
القانونية الجاري بها العمل حين كتابة هذه الأسطر و المؤطرة لهذه المهام سوف لن
نجد الا فصلين اثنين متفرقين , أولهما الفصل 429 من قانون المسطرة المدنية[4]
الذي ينص على أنه : " يكلف قاض
بمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية
العمومية. وثانيهما الفصل 2 من القانون المحدث للمحاكم التجارية الذي ينص على أنه:
" يعين رئيس المحكمة التجارية
باقتراح من الجمعية العمومية قاضيا مكلفا بمتابعة إجراءات التنفيذ.
واذا كان قاضي التنفيذ في التشريع الوطني لا يعتبر إلا مكلفا
بمتابعة إجراءات التنفيذ, فانه يعتبر مؤسسة مستقلة قائمة الذات[5]
في التشريعات المقارنة كالنظام الاجرائي المدني الفرنسي الذي اعتبر قاضي التنفيذ juge d'exécutionمؤسسة قائمة الذات بموجب
القانون رقم 72.626 بتاريخ 5 يوليوز 1972 ولم يتم تفعيلها حقيقة الا سنة 1991
بموجب قانون رقم 91.650 بتاريخ 9 يوليوز1991 [6] .
لقد انتبه المشرع المغربي للنقص او شبه الفراغ التشريعي
الذي يطال هذه المؤسسة المهمة و حاول في مشروع قانون المسطرة المدنية الانتقال به
من مجرد تكليف بمهام الى مؤسسة قائمة بذاتها و تناولها بالتنظيم في
الباب الثالث المتعلق بالقواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام و خصص لها
فرعين اثنين : أولهما اختصاصات قاضي التنفيذ وثانهما
للمسطرة أمام قاضي التنفيذ, و تناول الاثنين في 18 فصل بدءا من المادة 451-2
ووصولا الى المادة 451-19.[7]
وعليه، فإننا سنتناول الموضوع من زاويتين، من جهة: تعيين
قاضي التنفيذ واختصاصاته) المبحث الأول (ومن جهة أخرى: المسطرة أمام قاضي التنفيذ) المبحث الثاني).
المبحث الأول: تعيين قاضي التنفيذ واختصاصاته
لكي يقوم بممارسة مهامه - في إطار التكليف- أو اختصاصاته
(المطلب الثاني) - في إطار المؤسسة- لا بد بادئ ذي بدء أن يتم تعيينه (المطلب
الأول) وفق مسطرة وإجراءات محددة.
المطلب الأول: تعيين قاضي
التنفيذ
إن قاضي التنفيذ هو قاض يتم تعيينه من بين قضاة المحكمة
المصنفة كأول درجة والمختصة مكانيا لمباشرة إجراءات التنفيذ بحيث تجري عملية
التنفيذ تحت مراقبته وإشرافه وبمساعدة واحد أو أكثر من مأموري التنفيذ.
إذا كانت النصوص الجاري بها العمل ( ق.م.م 1974) اعتبرته
مكلفا بمهام التنفيذ فان مشروع قانون المسطرة المدنية انتقل به الى مؤسسة قائمة
الذات.
-
تعيين قاضي التنفيذ في
القانون الجاري به العمل
ينص الفصل 429 من ق.م.م على أنه: " يكلف قاض بمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة
الابتدائية باقتراح من الجمعية العمومية "
وتنص المادة 2 من القانون المحدث للمحاكم التجارية على أنه: " يعين رئيس المحكمة التجارية
باقتراح من الجمعية العمومية قاضيا مكلفا بمتابعة إجراءات التنفيذ "
بالرجوع الى المقتضيات السالفة الذكر يمكن القول بأن تعيين
قاضي التنفيذ يجري بمناسبة عقد الجمعية العمومية للمحكمة والتي تكون في شهر ديسمبر
من كل سنة، حيث يتم اقتراح قاض من بين القضاة العاملين بالمحكمة للقيام بمهام قاضي
مكلف بالتنفيذ غير أن سلطة اتخاد قرار التعيين ترجع بالأساس لرئيس المحكمة
الابتدائية او لرئيس المحكمة التجارية كل حسب اختصاصه وفي موضعه.
والملاحظ أن المشرع لم يحدد المدة التي بموجبها يمتلك قاضي
التنفيذ صلاحية البدء في ممارسة مهامه وبمرورها تنتهي تلك الصلاحية كما هو الشأن
بالنسبة لقاضي التحقيق وقاضي الاحداث في المادة الجنائية.
-
تعيين قاضي التنفيذ في
مشروع قانون المسطرة المدنية
تنص المادة 451-2 من مشروع قانون المسطرة المدنية على أنه: " يعين قاضي التنفيذ من بني
قضاة محكمة أول درجة للقيام بمهام قاضي التنفيذ وفق لقانون التنظيم القضائي.
ويساعده عدد كاف من
الموظفين والمكلفين بالتنفيذ."
الملاحظ من خلال استقراء هذا النص أن المشرع استعمل عبارات
عامة ومجردة اذ كان من الأولى الاستفاضة أكثر في مسألة تعيين قاضي التنفيذ وذلك
سدا للشوائب والنواقص التي تعتري النص الحالي حيث لم يحدد هذا النص لا الجهة التي
ستشرف على التعيين ولا المناسبة التي سيعين بها والمدة التي سيقوم بممارسة
اختصاصاته فيها، وبالتالي كان من الأجدر الاحتفاظ بمقتضيات الفصل 429 من ق.م.م
الحالي مع إضافة بعض النقاط المهمة كالمدة في مشروع ق.م.م.
المطلب الثاني: اختصاصات قاضي
التنفيذ
يعرف الاختصاص على أنه صلاحية المؤسسة للقيام بالمهام
المنوطة بها قانونا، وبالتالي فان اختصاص قاضي التنفيذ يمكن أن يعرف على أساس أنه
ولاية وصلاحية قاضي التنفيذ للقيام بالمهام الموكلة اليه بموجب القانون للإشراف
على التنفيذ وحسن سيره.
ينقسم اختصاص قاضي التنفيذ الى قسمين: مكاني ونوعي.
-
بالنسبة للاختصاص المكاني:
ينص الفصل 429 من قانون المسطرة المدنية على أنه: " تنفيذ الاحكام الصادرة من
محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني بناء على طلب من المستفيد من الحكم أو من
ينوب عنه.
يتم التنفيذ بواسطة
كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو إذا اقتضى الحال وفقا لمقتضيات الفصل 439 من
هذا القانون."
ان هذا الفصل خلف جدالا واسعا بين الفقهاء المتخصصين على
مستوى تفسيره ونطاق تطبيقه خاصة عندما يتعلق الأمر بالصعوبات التي تثار أثناء
التنفيذ وبالتحديد عندما تكون المحكمة المصدرة للحكم الواجب التنفيذ ليست هي محكمة
التنفيذ.
والملاحظ أن المشرع الاجرائي في مشروع قانون المسطرة
المدنية قد حسم الجدل في هاته النقطة عندما نص في المادة 451-4 على انه: " يكون الاختصاص المكاني لقاضي التنفيذ بالمحكمة المصدرة
للحكم، أو اليت يوجد بها المنفذ ضده، أو التي توجد بها أمواله."
ان قراءة هاته المادة يدفع للقول بأن المشرع اعتمد نظرية
الاختصاص الثلاثي[8]; أي أن الاختصاص المكاني لقاضي التنفيذ يكون اما بالمحكمة المصدرة
للحكم، أو التي يوجد بها المنفذ ضده، أو اليت توجد بها أمواله.
-
بالنسبة للاختصاص النوعي:
تنص المادة 451-3 من مشروع قانون المسطرة المدنية على أنه: " يختص قاضي التنفيذ، دون غريه،
بإصدار الأوامر المتعلقة بالتنفيذ، كما يتولى الإشراف ومراقبة اجراءات التنفيذ.
يختص كذلك بالبت في صعوبات التنفيذ الوقتية، وفي منح الأجل الإسترحامي
الذي لا يعطى الا لظروف خاصة علو أن لا يتعدى شهرين."
الملاحظ من هذا المقتضى أن قاضي التنفيذ يحمل قبعتين اثنين:
قبعة قاضي الموضوع و قبعة قاضي وقتي , حيث يرتدي قبعة قاضي الموضوع عند البت في
صعوبات التنفيذ الوقتية، وفي منح الأجل الإسترحامي في حين انه يرتدي قبعة قاضي
وقتي عند إصدار الأوامر المتعلقة بالتنفيذ والإشراف ومراقبة اجراءات التنفيذ.
المبحث الثاني: المسطرة أمام
قاضي التنفيذ
تناول المشرع المسطرة المتبعة أمام قاضي التنفيذ في مشروع
قانون المسطرة المدنية بدءا من المادة 451-8 ووصولا الى المادة 451-19.
وباستقراء كل هذه المواد ارتأينا تقسيم هذا المبحث الى
قسمين اثنين: قسم أول يتعلق بالمسطرة قبل تقديم
طلب التنفيذ (المطلب الأول) ثم قسم ثاني يتعلق بالمسطرة المتبعة بعد تقديم طلب
التنفيذ (المطلب الثاني).
المطلب الأول: المسطرة
المتبعة قبل تسجيل طلب التنفيذ
تنص المادة 451-8 من مشروع ق.م.م على أنه: " يقدم طلب التنفيذ إلى قاضي
التنفيذ المختص مكانيا، متضمنا اسم كل من طالب التنفيذ والمنفذ عليه ولقبهما
وموطنهما مع تعيين موطن مختار داخل دائرة اختصاص قاضي التنفيذ.
يرفق الطلب بالسند التنفيذي مع نسخ من الطلب وبصور من السند
بقدر عدد المنفذ عليهم".
كما تنص المادة 851-9 من مشروع ق.م.م على أنه: " يشتمل الطلب على تعيين محل
للمخابرة بدائرة اختصاص قاضي التنفيذ وإلا بلغت الإجراءات لكتابة ضبطه التي تعلقها
في لوحة الإعلانات.
يعين المنفذ عليه الذي لا موطن له بدائرة التنفيذ موطنا مختارا
له بها، وإلا طبقت عليه الاحكام السابقة.
إذا كان طالب التنفيذ أو المنفذ عليه ممثلا بمحام، اعتبر
مكتبه موطنا مختارا له تبلغ فيه الإجراءات إليه.
تطبق القواعد السابقة سواء طلب التنفيذ الدائن أم طلبه المدين
اختيارا."
الملاحظ من خلال هذين المقتضيين أن المسطرة أمام قاضي
التنفيذ ليست – من حيث المبدأ - مسطرة تلقائيا و انما مبنية على طلب و هذا ما
يستشف من خلال قراءة العبارة الأولى من المادة 451-4 أعلاه التي جاء فيها (يقدم
طلب التنفيذ).
وبالتالي فان طلب التنفيذ يجب ان يشتمل على شروط موضوعية
(أ) وأخرى شكلية (ب).
أ -الشروط الموضوعية:
والملاحظ كذلك أن طلب التنفيذ يجب أن يتوفر على مجموعة من
الشروط الموضوعية الأساسية نذكر منها:
-
أجل التنفيذ:
جاء في الفصل 429 من ق.م.م: " على أن الأحكام يجب أن تنفذ خلال ثلاثين سنة من اليوم الذي صدرت
فيه وتسقط بانصرام هذا الأجل..."
إذن اول ما يتعين على قاضي التنفيذ مراقبته في إطار عملية المراقبة
والإشراف وبعد
التأكد من صفة و أهلية و مصلحة طالب هو أجل التنفيذ و يتم ذلك
بالنظر بين تاريخ صدور الحكم و تاريخ تقديم الطلب على أن يتعدا ما بينهما ثلاثين
سنة.
وبالتالي يجد قاضي التنفيذ نفسه عند مراقبته الأجل أمام
فرضيتين اثنين:
أولهما أن يكون الأجل محترم وهنا يتعين عليه الاستجابة
للطلب
وثانيهما ان يكون الأجل غير محترم وهنا يتعين عليه عدم
قبوله[9].
-
مكان التنفيذ:
وهو شرط ثاني يستشف من خلال قراءة العبارة التالية من
المادة 541-8 (إلى قاضي التنفيذ المختص مكانيا).
وفي هذا الإطار جاء في الفصل 429 على أن الأحكام الصادرة عن
محاكم المملكة تنفذ في مجموع التراب الوطني. أي أن الأحكام القضائية التي تتمتع
بقوة الشيء المقضي به تقبل التنفيذ في أي مكان تشمله السيادة المغربية.
ب- الشروط الشكلية
-
البيانات الإلزامية:
ان طلب التنفيذ في حد ذاته يجب أن يتوفر على مجموعة من
البيانات والشروط الشكلية من قبيل: اسم كل من طالب التنفيذ والمنفذ
عليه ولقبهما وموطنهما مع تعيين موطن مختار داخل دائرة اختصاص قاضي التنفيذ على أن
يرفق الطلب بالسند التنفيذي مع نسخ من الطلب وبصور من السند بقدر عدد المنفذ عليهم.
-
تسجيل الطلب في قسم
التنفيذ:
تنص المادة 451-10 على أنه: " يمسك في قسم التنفيذ سجل خاص ورقي أو رقمي تقيد
فيه طلبات التنفيذ.
يفتح ملف لكل طلب تودع فيه
جميع الوثائق والإجراءات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ. يأمر قاضي التنفيذ فورا
وبعد التأكد من اختصاصه ومن قابلية السند للتنفيذ، بتبليغ صورة من السند مع إعذار المنفذ
عليه بتنفيذ ما يقضي به اختياريا. "
إن تسجيل طلب التنفيذ لدى المحكمة الابتدائية يتم في قسم
التنفيذ ويمسك في سجل خاص ورقي أو رقمي بحيث تقيد فيه جميع طلبات التنفيذ المقدمة
من طرف المحكوم لهم.
وبعد أن تتم عملية التسجيل والتحقق من إمكانية التنفيذ و
أحقية طالب التنفيذ في ذلك يفتح ملف لكل طلب برقم خاص يضمن بالسجل المعد لذلك حيث
تودع فيه جميع الوثائق و الإجراءات و الأوامر المتعلقة به[10].
وبعد استيفاء الشروط الشكلية والموضوعية التي يجب ان تتوفر
في طلب التنفيذ يقوم قاضي التنفيذ من مراقبة إمكانية وصلاحية السند التنفيذي
للتنفيذ.
المطلب الثاني: المسطرة
المتبعة بعد تسجيل طلب التنفيذ
لا شك أن بعد تسجيل طلب التنفيذ تترتب عن ذلك مجموعة من
الأثار القانونية ذات الصبغة المسطرية والإجرائية.
وفي هذا المقام سوف
نتناول من جهة تبليغ واعذار المحكوم عليه كإجراء أولي يقوم به مأمور التبليغ بأمر
من قاضي التنفيذ ثم التأكد من محل التبليغ وبعد ذلك تسوية التي يقوم بها قاضي
التنفيذ بين الأطراف من جهة أخرى.
-
التبليغ والاعذار:
تنص المادة 451-11 من مشروع ق.م.م على أنه: " يبلغ المكلف بالتنفيذ داخل أجل عشرة أيام من
تاريخ تقديم الطلب، نسخة من طلب التنفيذ وصورة من السند المراد تنفيذه إلى المنفذ
عليه شخصيا أو في موطنه أو حمل إقامته مع إعذاره بالتنفيذ اختياريا حالا وبتعريفه
بنواياه.
إذا طلب المنفذ عليه أجال أخرب المكلف بالتنفيذ قاضي
التنفيذ الذي له وحده أن يتخذ ما يراه مناسبا عملا بالمادة 451-13 بعده.
إذا رفض المنفذ عليه التنفيذ أو صرح بعجزه عن ذلك باشر المكلف
بالتنفيذ الاجراءات المقررة في الباب المتعلق بطرق التنفيذ."
ان عملية التبليغ في مقام التنفيذ تعتبر اجبارية وضرورية
لدرجة اعتبارها ضرورة ملحة و هذا ليس اعتباطا اذ أن الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض
اعتبرت في احد قراراتها عدد 1017 الصادر بتاريخ 22/09/2004 في الملف عدد 2003/1913
أن تبليغ الحكم قبل تنفيذ مسطرة التنفيذ هو اجراء جوهري و ضروري و لو كان مشمولا
بالنفاذ المعجل"[11]
-
تسوية قاضي التنفيذ:
ان ابرز ما جاء به مشروع ق.م.م هو التسوية التي يقوم بها
قاضي التنفيذ بين الأطراف والتي من أبرز تجلياتها منح المهلة الاسترحامية. و قد
يختلف معي البعض في كون أن التسوية التي يقوم بها قاضي التنفيذ تختلف عن الاجل
الاسترحامي على اعتبار أن التسوية تعطي لقاضي التنفيذ صلاحية تمكين المنفذ عليه من
اختبار طريقة أخرى للوفاء و هو أمر صحيح و منطقي و لكن تبقى هذه المكنة أيضا من
تجليات التسوية و ليس كلها اذ أنه في نظرنا تبقى هذه المكنة و المهلة الاسترحامية
على نفس المسافة باعتبارهما من تجليات التسوية.
و في هذا السياق تنص المادة 541-13 على أنه: " إذا لم يوف المنفذ عليه خلال
الأجل المحدد، ولكنه عرض أسلوبا للوفاء يتوافق مع ظروفه المالية، عرض قاضي التنفيذ
الأمر على طالب التنفيذ، فاذا وافق هذا الاخير اعتمد القاضي هذه التسوية، وإلا اتخذ
ما يراه مناسبا مع مراعاة حق طالب التنفيذ ووضعية المنفذ عليه حاضرا ومستقبلا.
كما تنص المادة 541-14 على أنه: " إذا رفض المنفذ عليه الوفاء أو أخل بالتسوية المقررة،
يتعني علو المكلف بالتنفيذ تحرير محضر بالحجز التنفيذي أو بيان الأسباب التي حالت
دون إنجازه وذلك داخل أجل عشرين يوما يبتدئ من تاريخ رفض التنفيذ أو الاخلال
بالتسوية."
والملاحظ من خلال هذا المقتضى أن لجوء قاضي التنفيذ للتسوية
رهين بتوفر مجموعة من الشروط نذكر منها:
·
عدم الوفاء من طرف المنفذ
عليه.
·
أن يتم عرض طريقة أخرى
للوفاء.
·
أن يعبر المنفذ عليه عن
رضاه للوفاء بالطريقة الأخرى.
لائحة المراجع:
حميد املال: إشكالية تنفيذ الاحكام الصادرة في مواجهة الإدارة، رسالة ماستر –
السويسي الرباط-2008/2009.
أمال الزفيري: التنفيذ في المواد المدنية والتجارية – منشأة
المعاريف بالإسكندرية بدون ذكر المطبعة -1990.
قرار عدد 1017 بتاريخ 22/09/2004 ملف عدد 1913/2003 منشور
بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 6.
[1] البهجة في شرح التحفة لابن عاصم الاندلسي
الغرناطي ص 15.
[2] حميد املال: إشكالية تنفيذ الاحكام
الصادرة في مواجهة الإدارة، رسالة ماستر – السويسي الرباط- 2008/2009 ص: 3.
[3] أمال الزفيري : التنفيذ في المواد
المدنية و التجارية – منشأة المعاريف بالإسكندرية بدون ذكر المطبعة -1990 ص: 13.
[4] سوف يرمز له ب ق.م.م.
[5] و لهذا اشرنا في العنوان على : من التكليف الى المأسسة ,
لنوضح ان الطبيعة القانونية لقاضي التنفيذ تطورت من مجرد تكليف بمهام الى مؤسسة
قانونية قائمة الذات.
[6] أحمد قيلش – تفعيل مؤسسة قاضي التنفيذ في
التشريع المغربي ص 57.
[7] الملاحظ ان المشرع في مشروع المسطرة المدنية
غير مصطلح الفصل بالمادة.
[8] قياسا على نظرية الاختصاص الثلاثي في
المسطرة الجنائية.
[9] محمد المحاسني – مؤسسة قاضي التنفيذ – بحث
نهاية التخرج بالمعهد العالي للقضاء 2018-2020 ص 28.
[10] محمد المحاسني – المرجع السابق ص 30
[11] قرار عدد 1017 بتاريخ
22/09/2004 ملف عدد 1913/2003 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 6 ص 137.
0 تعليقات