لتحميل العدد بصيغته الرقمية pdf اليكم الرابط أذناه:
الدكتور محمد عالي حيداس
حاصل على شهادة الدكتوراه
في القانون الخاص بجامعة القاضي
عياض - مراكش
الاختصاص القضائي في
نزاعات القرض
العقاري
uridiction compétente en matière de litiges relatifs aux prêts
hypothécaires
مقدمة:
تعد
حماية المستهلك من الواجبات الأساسية لكل نظام قانوني حديث، حيث يقع على عاتق
المشرع حماية فئة المستهلكين من كل التجاوزات والأفعال التي قد تضر بمصالحهم أو
التي يكونون ضحية لها، وخاصة تلك الناشئة عن التعامل مع المؤسسات المانحة لخدمة
القرض العقاري، نظرا لتفنن هذه الأخيرة في صياغة بنود عقد القرض حسب الشكل الذي
تحقق من خلاله أكبر نسبة من الأرباح من جهة، فضلا عن أن التمويل المالي الناتج عن
عملية الاقتراض يؤثر بشكل مباشر على الذمة المالية للمستهلك المقترض من جهة أخرى.
وكما هو معلوم فإن الحماية
الإجرائية للمستهلك قد تتخذ أساليب متعددة من بينها منحه الحق في رفع دعوى قضائية
ضد المقترض المخالف لأحكام قانون حماية المستهلك، سواء تم رفع هذه الدعوى من تلقاء
المستهلك نفسه، أو تم رفعها من قبل جمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة
المنفعة العامة[1]،
وينبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أنه لا توجد جهات قضائية مختصة[2]
للنظر في النزاعات المتعلقة بالمستهلك، وحتى الدول التي قطعت أشواطا كبيرة في
توفير حماية فعالة للمستهلك لا تتوفر قوانينها الإجرائية على إجراءات خاصة
بالتقاضي، اللهم خضوع هذه الأخيرة إلى القواعد الإجرائية العامة الموجودة في قانون
المسطرة الجنائية[3].
بناء عليه فإننا سنتطرق للإجراءات
الجنائية المتعلقة بممارسة الدعوى الخاصة بنزاعات القرض العقاري في مبحثين، نخصص
أولهما للحديث عن اختصاص المحكمة النوعي، على أن نتطرق في المبحث الثاني لمناقشة
الاختصاص المكاني للمحكمة التي تبت في نزاع القرض العقاري.
الـمبحث الأول: اختصاص المحكمة النوعي للنظر في نزاعات القرض
العقاري
إن المحاكمة الجنائية العادلة في
القوانين الحديثة تقتضي أن تكون أمام سلطة مختصة بموضوع الدعوى المحالة عليها،
واتباع إجراءات معينة يجب على القاضي الالتزام بها قبل إصدار حكمه، إذ يتطلب تحقيق
العدالة الجنائية والوصول إلى الحقيقة تطبيق القانون بشكل صحيح ومعاقبة المخالف ثم
تعويض المتضرر من الجريمة، وبالتالي فإنه لا يجوز الوصول إلى كل ذلك إلا من خلال
إجراءات محاكم قانونية منصفة[4].
والأصل هنا هو أن المحاكم العادية
هي صاحبة الاختصاص في حل كافة النزاعات الجنائية ومن بينها الجرائم المرتكبة في
مجال حماية المستهلك، وبما أن المنازعات البنكية المتعلقة بالقرض العقاري غالبا ما
يكون أحد طرفيها شخصا مدنيا والآخر تاجر، فإن عقد القرض والحالة هاته يعتبر من
العقود المختلطة[5]،
إذ يعد العقد مدنيا بالنسبة للمستهلك المقترض نظرا لأنه يلجأ إليه من أجل ضمان
تمويل بناء أو شراء أو تحسين مسكنه لغرض شخصي وليس تجاري[6]،
أما بالنسبة للجهة المانحة للقرض (مؤسسة الائتمان) فإن عقد القرض يدخل ضمن أنشطتها
التجارية، لذلك فهو يعتبر عقدا تجاريا بناء على الممارسة الاعتيادية والاحترافية
التي تنص عليها المادة 6 من مدونة التجارة[7]، كما
أن الصفة التجارية لعقد القرض العقاري تتأسس بالنسبة للبنك على ما يسمى بنظرية
"المقاولة أو المشروع"، فالبنك يكتسب صفة تاجر بمجرد تأسيس مشروعه في
شكل شركة مساهمة(SA)، لهذا تعتبر أنشطته أعمالا تجارية شكلية
حسب ما نصت عليه مقتضيات المادة الأولى[8] من
القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها[9].
وبالتالي فالاختصاص في هذه الحالة إما أن ينعقد للمحكمة العادية وإما للمحكمة
التجارية بحسب صفة العمل المختلط للطرف المدعى عليه[10].
تأسيسا على ما سبق يمكن القول بأن
عقد القرض العقاري يتم التمييز فيه من حيث الاختصاص بين أمرين هما:
1-إذا كانت صفة المدعى عليه غير
تجارية(أي أنه غير تاجر) فإنه يجب رفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية.
2-أما إذا كان المدعى عليه تاجرا
يكون أمام المدعي الاختيار بين رفع الدعوى أمام المحاكم الابتدائية أو أمام
المحاكم التجارية[11].
ونشير في هذا الإطار إلى أن المادة
الخامسة في فقرتها ما قبل الأخيرة من القانون رقم 53.95 المتعلق بإحداث المحاكم
التجارية[12]
قد منحت لغير التاجر (المستهلك المقترض في بحثنا هذا) الحق في الاتفاق بينه وبين
التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل
من أعمال التاجر[13]،
وبالتالي فإن المستهلك غير ملزم بالخيار الممنوح له بخصوص رفع الدعوى أمام المحكمة
الابتدائية باعتباره طرفا مدنيا، وله أن يختار بين عرض النزاع أمام هذه الأخيرة أو
أمام المحكمة التجارية إن شاء ذلك، لأن هذا الخيار لا يتعلق بالنظام العام وإنما
تم منحه إياه نظرا لأن القضاء التجاري قضاء غريب عنه ويتميز بقصر المدة والآجال
المرتبطة بمسطرة التقاضي، وهو ما أكدته محكمة النقض في قرار صادر عنها بتاريخ 19 مارس 2003، حيث
يتضح من خلال ما جاء فيه بأن المحكمة تبنت الخيار الممنوح للمستهلك[14].
بالرغم من ذلك فإن طبيعة القرض
العقاري تشكل موضوعا خصبا لتنازع الاختصاص القضائي بين كل من المحاكم التجارية
والمحاكم الابتدائية[15]،
وهو الشيء الذي أدى إلى انقسام القضاء المغربي إلى اتجاهين أحدهما مؤيد لاختصاص
المحكمة التجارية النوعي (المطلب الأول) والآخر معارض له (المطلب الثاني).
الـمطلب الأول: الاتجاه المؤيد لاختصاص الـمحكمة التجارية
النوعي
يرى مؤيدو هذا الاتجاه بأن عقد القرض
العقاري هو عقد تجاري بغض النظر عن صفة أطرافه أو الغرض الذي منح القرض من أجله،
وبالتالي فإن النزاع الناشئ عنه يجب عرضه على المحكمة التجارية باعتبارها صاحبة
الاختصاص لحل هكذا نزاعات، بالإضافة كذلك إلى أن المادة الخامسة من القانون
المتعلق بإحداث المحاكم التجارية تنص على أن هذه الأخيرة تختص بالنظر في الدعاوى
المتعلقة بالعقود التجارية، إذ يعتبر القرض العقاري عقدا تجاريا بحسب الكتاب
الرابع من مدونة التجارة الذي قسم العقود التجارية إلى سبعة أقسام وهي: الرهن،
الوكالة التجارية، السمسرة، الوكالة بالعمولة، الائتمان الإيجاري، النقل، العقود
البنكية، وبما أن عقد القرض العقاري عبارة عن تمويل مالي يمنحه المقرض للمقترض وهو
بذلك عقد بنكي[16]،
ومن تم فإن النزاعات الناشئة عن هذا العقد تختص فيها المحكمة التجارية[17].
وفي هذا الإطار نورد مجموعة من
الأحكام والقرارات التي أصدرتها المحاكم التجارية في القضايا التي ترتبط بنزاعات
القرض العقاري، للدلالة على اختصاص المحاكم التجارية في مثل هذا النوع من الدعاوى،
ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
قرار محكمة الاستئناف التجارية
بالدار البيضاء رقم 2012 / 1283 ملف عدد 13 / 2012 / 521 صادر بتاريخ 6 / 3 / 2012
جاء فيه ما يلي: "المستقر عليه فقها وقضاء أن عقود القرض البنكية والتسهيلات
المالية التي تمنحها البنوك لزبنائها تعتبر أعمالا تجارية مهما كانت صفة المقرض
وأي كان القرض الذي خصص له، مما يبقى معه الدفع بعدم الاختصاص النوعي في غير
محله".
اعتبرت محكمة الاستئناف التجارية
بفاس في قرار صادر عنها بتاريخ 25/11/2004[18] بأن
عقد القرض وإن كان شخصيا إلا أنه في حد ذاته فتح اعتماد، ومن ثم يعد عقدا بنكيا
طبقا للفصل 524 من مدونة التجارة، وبالتالي فإنه عقد تجاري يرجع البت في النزاعات
الناشئة عنه للمحاكم التجارية بمقتضى الفصل الخامس من قانون إحداث هذه المحاكم،
وفي نفس الاتجاه سارت مجموعة من الأحكام والقرارات نذكر من بينها ما يلي:
-حكم رقم 3625 صادر بتاريخ
30/03/2017، ملف رقم 308/8210/2017.
- حكم رقم 6321 صادر بتاريخ
14/06/2017، ملف رقم 554/8210/2017.
- حكم رقم 2204 صادر بتاريخ
01/03/2017، ملف رقم 295/8210/2017.
-حكم رقم 2489 صادر بتاريخ
08/03/2017، ملف رقم 136/8210/2017.
-حكم رقم 97 ملف عدد 2013 / 9 /
2059 بتاريخ 13 يناير 2014.
-قرار رقم 2493/2012 صادر بتاريخ
08/05/2012 رقم الملف بالمحكمة التجارية 4873/5/2008
- قرار رقم 2012 / 4519 ملف عدد
2011 / 6 / 7807 صادر بتاريخ 9 /10/ 2012
.
- قرار رقم 2700/2011 صادر بتاريخ
07/06/2011 رقم الملف بالمحكمة التجارية 1864/5/2008.[19]
تأسيسا على ما سبق يتضح بأن عقد
القرض العقاري هو عقد تجاري بصرف النظر عن صفة أطرافه، إذ ينعقد الاختصاص في
النزاعات الناشئة عنه للمحكمة التجارية، وبالرغم من ذلك فإن جانبا من الفقه
والقضاء لا يقبلون الصفة التجارية التي ألحقتها بعض المحاكم بالقرض العقاري، كما
لم يستسيغوا رأي بعض الفقهاء في هذا الجانب، وهو ما سيكون موضوع المطلب الثاني.
الـمطلب الثاني: الاتجاه المعارض لاختصاص الـمحكمة التجارية
النوعي
يرى بعض الفقه بأنه من غير المعقول
وصف القروض التي تمنحها البنوك لفائدة المستهلك المقترض من أجل تمويل بناء أو شراء
عقار بهدف السكن فيه "بالعقود التجارية"[20]، نظرا
لأن عقد القرض العقاري (والذي يكون موجها بالأساس للاستعمال الشخصي) لا يمكن بأي
حال أن يرقى إلى مرتبة العقود التجارية كفتح الاعتماد أو غيره من العقود المنصوص
عليها في المادة 524 من مدونة التجارة[21]، فهذا
العقد الأخير موجه بالأساس إلى فئة التجار في إطار أنشطتهم التجارية، وبما أن عقد
القرض العقاري يكون ممنوحا للمستهلك العادي غير التاجر، إذن لماذا يتم وصفه بالعقد
التجاري بدون أي سند قانوني ويتم عقد اختصاص المحكمة التجارية للبت في النزاعات
التي قد تنشأ عنه. وبالتالي فإن مثل هذا الوصف يصطدم بصعوبة عدم توفر أي معيار
موضوعي أو شخصي يصلح لكي يكون أساسا يتم من خلاله تأكيد صحة الصفة التجارية لعقد
القرض العقاري[22]،
وهو الأمر الذي أكده لنا أحد القضاة بالمحكمة التجارية للدار البيضاء في لقاء معه،
حيث قال بأن التوجه الذي يسلكه القضاء التجاري بالدار البيضاء حاليا يسير في اتجاه
إقرار عدم اختصاص المحكمة التجارية في الدعاوى المرفوعة أمامها والتي تتعلق
بنزاعات القرض العقاري (نظرا لأن الأخير من العقود المختلطة التي يكون أحد طرفيها
شخصا عاديا وليسا تاجرا) حتى وإن اتفق طرفا العلاقة التعاقدية على اختصاص المحكمة
التجارية في نزاع القرض العقاري مسبقا، حيث تعتبر المحكمة هذا الاتفاق من الشروط
التعسفية، وبالتالي تقوم المحكمة التجارية بإحالة الدعوى على المحكمة الابتدائية
باعتبارها صاحبة الاختصاص في العقود المختلطة التي يكون أحد طرفيها مدنيا.
وكما سبق أن أشرنا إلى ذلك فإن عقد
القرض العقاري يجمع بين طرفين أحدهما مدني (المقترض) والآخر تاجر (المقرض) مما
يعني أنه من العقود المختلطة، وفي هذا الإطار فإن المشرع أقر من خلال المادة
الرابعة من مدونة التجارة نظرية الأعمال المختلطة[23]، وعقد
القرض العقاري كما بينا ذلك هو عقد مختلط من حيث صفة أطرافه والغرض الذي منح من
أجله، لذلك فإن أي تطبيق لقواعد مدونة التجارة في مواجهة الطرف المدني يعد عملا
غير شرعي، إلا في حالة ما إذا اتفق الطرفان معا على عقد اختصاص المحكمة التجارية
لحل نزاعات عقد القرض. وفي هذا الإطار نورد بعض الأحكام القضائية التي احترمت
خلالها المحاكم مقتضيات القانون رقم 08.31، خصوصا منها ما يتعلق بعقد اختصاص
المحاكم الابتدائية في النزاعات الناشئة عن عقد القرض العقاري ومنها على سبيل
المثال:
-حكم رقم 979 صادر بتاريخ 01/02/2017، ملف
رقم 18/8210/2017[24].
-حكم صادر بتاريخ 23/06/2016 ملف رقم
1262/1201/15[25].
-حكم
صادر بتاريخ 28/04/2016 ملف رقم 1399/1201/15[26].
في المقابل نجد بأن غالبية
الاجتهادات القضائية بالمغرب تكرس الصفة التجارية لعقد القرض العقاري كما أشرنا
إلى ذلك من قبل، وبالتالي فإنه يعطي للمحاكم التجارية الحق في النظر والاختصاص في
النزاعات الناشئة عن هكذا عقود. ومما ينبغي ذكره في هذا الشأن بأن المشرع المغربي
من خلال تنصيصه على حق المستهلك في التنازل عن الخيار الممنوح له في رفع الدعوى
أمام محكمة مدنية، قد أتاح للتاجر فرصة حرمان المقترض من حق الخيار الذي تمنحه
إياه القواعد العامة في الاختصاص، لأن التاجر نظرا لحرفيته ومهنيته غالبا ما يستغل
ضعف المستهلك، المتمثل في رغبة هذا الأخير في الحصول على القرض بأقصى سرعة، نظرا
لحاجته للتمويل المالي الذي يوفره له وجهله بما تخبئه قواعد الاختصاص القضائي في
القانون التجاري، فيتفق معه قبل إبرام عقد القرض على عرض النزاع الذي قد ينشأ
بينهما على أنظار المحاكم التجارية طبقا للمادة الرابعة من مدونة التجارة،
وبالتالي يكون الاختصاص النوعي ليس من النظام العام[27].
لم يبقى لنا إلا أن نؤكد على أن المشرع
المغربي قد أقر بطريقة غير مباشرة جواز تضمين عقد القرض العقاري لشرط من الشروط
التعسفية، من خلال منحه أطراف العقد حرية اختيار المحكمة المختصة نوعيا، وهو ما
يعد امتيازا لفائدة التاجر على حساب المقترض الذي تدفعه الحاجة إلى الإذعان لكل ما
يشترطه المقرض من أجل منحه التمويل الذي يوفره له عقد القرض، ومن هذا المنبر نحث
المشرع المغربي إلى حذف هذا المقتضى بصفة كلية لأنه لا يستقيم وأهداف الحماية
المنشودة منه.
الـمبحث الثاني: المحكمة
المختصة مكانيا للبت في نزاعات القرض
العقاري
تنص القواعد المنظمة للاختصاص
المكاني في كل من قانون المسطرة المدنية وقانون إحداث المحاكم التجارية المغربيين
على أن الاختصاص المحلي ينعقد للمحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها موطن المدعى عليه
الحقيقي أو المختار، حيث نظم المشرع المغربي الاختصاص المحلي للمحاكم التجارية
بمقتضى المواد من 10 إلى 12 من قانون 95-53 المتعلق بإحداث المحاكم التجارية،
وبالرجوع إلى المادة 10 السالفة نلاحظ بأنها تعيد تنظيم نفس المقتضيات العامة
المنصوص عليها بالفصل 27 من ق. م. م التي جاء فيها ما يلي: "يكون الاختصاص
المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه"، إلا في بعض الحالات
الاستثنائية المنصوص عليها بمقتضى المادة 11 من نفس القانون، والتي خرجت عن
مقتضيات الفصل 28 من ق. م. م خصوصا فيما يتعلق بصعوبات المقاولة حيث ترفع الدعوى
أمام المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي
للشركة، أو فيما يخص الإجراءات التحفظية أمام المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها
موضوع هذه الإجراءات، أما المادة 12 من نفس القانون فقد أعطت للأطراف الخيار في
الاتفاق على اختيار المحكمة المختصة محليا.
أما قانون المسطرة المدنية الفرنسي فقد نص
في المادة 46 منه[28]
على أن الاختصاص المحلي يكون لمحكمة المكان الذي تم فيه التسليم الحقيقي للشيء محل
العقد، أو تنفيذ الخدمة، بحيث إذا تم تقديم خدمة أو سلعة ما للمستهلك بمدينة "ليون"
فإن الاختصاص المحلي ينعقد لمحكمة هذه المدينة، بالرغم من أن المؤسسة المقرضة يقع
مركزها الاجتماعي (أو مقرها الرئيسي) في مدينة "باريس" أو أية مدينة
أخرى، وهو ما تم تأكيده أيضا في الفصل 28 من ق. م. م المغربي. لذلك فإن من شأن مثل
هذه القواعد القانونية خدمة مصالح المستهلك، نظرا لأن هذا الأخير غالبا ما يستفيد
من الخدمة المقدمة إليه، أو يتسلم السلعة في المكان الذي يوجد به مقر سكناه، وهو
ما يخول له إمكانية المطالبة بحقوقه ورفع الدعوى أمام القضاء الذي يقع فيه محل
إقامته متجنبا بذلك عناء السفر ومصاريف التنقل إلى مدينة أخرى.
وعليه، فإننا سنتطرق للقواعد
المتعلقة باختصاص المحكمة المكاني للبت في نزاعات القرض العقاري من خلال مطلبين،
نخصص أولهما لإبراز دور صفة الطرف الذي رفع الدعوى في تحديد الجهة القضائية
المختصة مكانيا، على أن نخصص المطلب الثاني للدفع بعدم الاختصاص الـمكاني من تلقاء
الـمحكمة.
الـمطلب الأول: صفة الطرف الذي رفع الدعوى
إن الطبيعة المختلطة لعقد القرض العقاري
تجعل منه عقدا متميزا عن غيره من العقود الأخرى (كما سبق أن رأينا ذلك)، وبالرغم
من أن الاختصاص النوعي ينعقد للمحكمة التجارية في دعاوى القروض العقارية بغض النظر
عن صفة أطراف العقد، إلا أن قواعد الاختصاص المحلي في هذه الدعاوى تراعي صفة الطرف
الذي رفع الدعوى، فإذا كانت المؤسسة المقرضة هي التي رفعت الدعوى (المدعية)، فإن
الاختصاص ينعقد لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه، أما إن كان المقترض
هو الذي رفع الدعوى فإن الاختصاص ينعقد للمحكمة التي يوجد في دائرتها المركز
الاجتماعي للشركة، وذلك حسب ما نص عليه البند الثالث عشر من الفصل 28 من قانون
المسطرة المدنية[29]،
أو المكان الحقيقي لأحد فروعها[30].
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن
الاتفاق بين أطراف عقد القرض العقاري كتابة على اختيار المحكمة المختصة، دون
مراعاة القواعد الخاصة بتحديد الاختصاص المحلي المرتبطة بالموطن الحقيقي أو
المختار للمدعى عليه، وهذا ما نصت عليه مقتضيات الفصل 12 من قانون إحداث المحاكم
التجارية وسارت عليه أغلب الاجتهادات القضائية التي اطلعنا عليها، حيث جاء في قرار
لمحكمة الاستئناف التجارية بفاس صادر بتاريخ 19/10/1998 على أن "الاختصاص
المحلي لا يكتسي صبغة النظام العام، وإنما يجوز لأطراف العلاقة الاتفاق على تعيين
المحكمة المختصة محليا للنظر في النزاع، وهو المبدأ الذي كرسه المشرع المغربي
بمناسبة سن قانون إحداث وتنظيم المحاكم التجارية بالمغرب عدد 95.53 ضمن الفصل 12"[31]،
كما تم تأكيد هذا الأمر في قرار آخر صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار
البيضاء بتاريخ 24/02/2003[32].
وهو ما يفيد بأن المشرع المغربي لم يقم بمراعاة مصلحة المستهلك المقترض حينما منح
أطراف العقد حرية الاتفاق على اختيار المحكمة المختصة محليا للنظر في النزاعات
التي قد تنشأ عن هذا العقد، ومن تم فإنه يكون قد فتح الباب مرة أخرى أمام مؤسسات
الائتمان من أجل إدراج شرط تعسفي في عقد القرض العقاري، الشيء الذي أدى إلى تقييد
الحق الممنوح للمستهلك في مقاضاة الجهة المقرضة، حيث إن رفع دعوى ضد المؤسسة
المقرضة يقتضي في مثل هذه الحالة ضرورة الانتقال إلى الموطن الذي يوجد فيه مركزها
الاجتماعي، والذي قد يكون بعيدا عن محل إقامة المستهلك، كأن يكون المقترض يقطن
بمدينة العيون والمؤسسة المقرضة يوجد مقرها الاجتماعي بالدار البيضاء، وهو ما يؤدي
إلى عزوف المستهلك عن اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقوقه والسماح فيها نظرا لبعد المسافة
وكثرة المصاريف الناتجة عنها، وبالتالي عدم رفع الدعوى ضدها نظرا لاعتقاده بصحة
الشرط المضمن في العقد، مما يخلف حالة نفسية لدى المقترض توحي إليه بأن القضاء لن
يساعده على تحقيق رفع الضرر عنه وتعويضه ثم مقاضاة المقرض وإنما ستكون في جانب
خصمه.
ومن أجل تجاوز هذا الوضع نص المشرع
المغربي في الفقرة الأولى من المادة 111[33]
والمادة 202 من قانون 08.31 على أن المحكمة المختصة للنظر في النزاعات التي قد
تنشأ بين المورد والمستهلك هي محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل
الذي وقع فيه الفعل المتسبب في الضرر باختيار هذا الأخير[34]،
وذلك بالرغم من وجود أي شرط مخالف (كاتفاق المقرض والمقترض على عقد الاختصاص
المحلي للمحكمة التي يوجد بها المركز لاجتماعي للشركة)، حيث أتاح هذا المقتضى
الجديد للمستهلك إمكانية المطالبة بحقوقه ورفع الدعوى ضد المقرض أمام المحكمة التي
يتواجد فيها محل إقامته، وهو الأمر الذي يتلاءم مع مصلحة الطرف الضعيف في العلاقة
التعاقدية ويسهل عليه اللجوء إلى القضاء سواء كان مدعيا أو مدعى عليه، وفي نظرنا
فإن إعطاء الخيار للمستهلك بمقاضاة المورد أمام محكمة موطنه أو محل إقامته أو إما
أمام محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المسبب للضرر، لهو ضمانة حقيقية وحماية فعالة
للمستهلك من شروط الإذعان التعسفية، التي قد توضع مسبقا من طرف المورد الذي لا
يتردد في تضمينها بعقد القرض العقاري، ليحتج كعادته بكون العقد شريعة المتعاقدين
طبقا لما نصت عليه مقتضيات الفصل 230 من ظ. ل. ع..
وبالرجوع إلى التشريع المقارن فإنه ينبغي الإشارة إلى
أنه قد تم حل إشكالية الاختصاص المحلي بشأن التقاضي في المنازعات التي تجمع بين
المهني والمستهلك على صعيد الاتحاد الأوربي بين الدول الأعضاء، حيث تم النص في
المواد 13-14-15 من الاتفاقية التي تم توقيعها في 27 شتنبر 1968 ببروكسيل
والمتعلقة بالاختصاص القضائي على أن الاختصاص يعود لمحكمة موطن المستهلك سواء كان
مدعيا أو مدعى عليه[35]،
وهو الأمر الذي استجابت له الدول الأعضاء بما فيها فرنسا التي اعتبرت في المادة 48
من قانون المسطرة المدنية بأن الاختصاص المحلي يعد من النظام العام، وبأن أي شرط
مخالف يعد كأن لم يكن[36]،
الأمر الذي أكده الاجتهاد القضائي الفرنسي في مجموعة من القرارات الصادرة عن
محاكمه[37].
وبالعودة إلى المقتضيات الواردة في
القانون رقم 08.31 المرتبطة بالاختصاص المحلي في الدعاوى التي تنشأ بين المهني
والمستهلك، فإننا نتساءل عن مدى إمكانية الدفع بعدم الاختصاص من تلقاء القاضي الذي
عرض عليه النزاع أم أن هذا الأمر يجب إثارته من قبل المستهلك شخصيا؟
الـمطلب الثاني: الدفع بعدم الاختصاص الـمكاني من تلقاء الـمحكمة
إن أي نزاع يتعلق بالنظام العام
ويكون القاضي بصدد البت فيه إلا ويتوجب عليه إثارته من تلقاء نفسه، بعكس ما إذا
كان يرتبط بمصلحة شخصية للفرد فإن هذا الأخير هو المطالب بإثارته ولا دخل للقاضي
فيه. وبما أن حماية مصالح المستهلك جعلها المشرع ترقى إلى مرتبة المصلحة العامة،
فإن القاضي ملزم بإثارة الدفع بعدم الاختصاص من تلقاء نفسه، وفي هذا السياق استقر
الاجتهاد القضائي المغربي على فرض احترام هذا الاختصاص وإثارته تلقائيا كلما تبين
للمحكمة أن موطن أو محل إقامة المستهلك يوجد خارج دائرة نفوذها، ومن هذه الأحكام
والقرارات نذكر: الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 09/05/2013، ملف
رقم 5527/8/2012، والذي جاء فيه ما يلي:"...وحيث إنه بموجب المادة 111 من
القانون رقم 08.31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك فيجب أن تقام دعاوى
المطالبة بالأداء أمام المحكمة التابع لها موطن أو محل إقامة المقترض، وحيث إن
الاختصاص المكاني يعتبر من النظام العام بموجب القانون المذكور وفي حدود المنصوص
عليه بالمادة 151، وحيث إن موطن المدعى عليه حسب الوارد بعقد القرض المؤرخ في
04/11/2008 يتواجد بمنطقة تندرارة التابعة لإقليم فكيك، هذه الأخيرة التي هي تابعة
لدائرة نفوذ المحكمة التجارية بوجدة حسب الجدول الملحق بالمرسوم رقم 2.97.771
الصادر بتاريخ 28/10/1997 المغير والمتمم بالمرسوم رقم 2000.00.280 بتحديد عدد
المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية ومقارها ودوائر اختصاصها مما تبقى معه
هذه المحكمة غير مختصة مكانيا للبت في الملف، ويتعين معه إحالته على المحكمة
التجارية بوجدة لاختصاصها"[38].
وكذلك الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 20/12/2011، رقم
10620، حيث اعتبرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء في حكم صادر عنها بتاريخ
20/12/2011 بأن التدابير المنظمة للعلاقة بين كل من المستهلك والمؤسسة المانحة
للقرض هي من النظام العام ولا يجوز للأطراف الاتفاق على ما يخالفها، حيث جاء في
حكمها ما يلي: "... وحيث إن التدابير المنظمة للعلاقة بين المستهلك والمورد
أو المؤسسة المقرضة هي من النظام العام ولا يجوز للأطراف الاتفاق على ما يخالفها،
وتبعا لذلك فإن المحكمة وخلافا للقواعد الخاصة بالاختصاص المحلي المشار إليها في
قانون المسطرة المدنية تتدخل وتثير من تلقاء نفسها إلزام المؤسسة المقرضة بمقاضاة
المدين أمام محكمته المختصة وهي محكمة موطنه الحقيقي أو المختار، وطالما أن المدعى
عليه في النازلة يخضع لهذا القانون المنظم للعلاقات التعاقدية بين الموردين
والمستهلكين وبما أنه يقطن بمدينة وجدة فإن المحكمة التجارية بالدار البيضاء
وتطبيقا للمادة 202 من القانون رقم 08.31 تكون غير مختصة محليا للبت في
النزاع"[39].
ويتضح من خلال الأحكام المشار
إليها أعلاه وغيرها من الأحكام التي اطلعنا
عليها[40]
بأن القضاء المغربي يتجه صوب إقرار مبدأ الدفع بعدم الاختصاص المحلي تلقائيا أي
دون انتظار إثارته من قبل المقترض(المستهلك المدين)، وذلك لأن القواعد المنظمة
لعقد القرض العقاري تعتبر من النظام العام، ولا يجوز إدراج أي شرط مخالف لها في
العقد استنادا إلى ما نصت عليه المادة 202 من القانون رقم 08.31.
من جهتنا فنحن نتفق مع ما توصل إليه القضاء
المغربي في هذا الإطار، لأن من شأن عدم إثارة الدفع بعدم الاختصاص المحلي تلقائيا
من قبل القاضي الذي يبت في النزاع أن يثقل كاهل المقترض بمصاريف أخرى كمصاريف
النقل والكراء وغيرها، زد على ذلك جهل أغلبية المقترضين بمثل هذه القواعد (قواعد
الاختصاص المحلي)، إن لم نقل جهلهم حتى بالقواعد المنظمة لعقد القرض العقاري طبقا
لما ينص عليه القانون رقم 08.31. وبعد دراستنا للأحكام المرتبطة باختصاص المحكمة
النوعي والمكاني في الدعاوى الناشئة عن نزاعات القرض العقاري، ننتقل للتطرق في
الفصل الثاني من هذا الباب إلى دور الجمعيات الوطنية والدولية في حماية المستهلك
المقترض والدفاع عن حقوقه وتوعيته بها، ثم تمثيله أمام الجهات الرسمية والقضائية
دفاعا عن مصالحه الأساسية.
لائحة المراجع:
عبد العزيز توفيق، "شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي"، ج
1، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، 1995.
عبد الوهاب المريني، "دروس في القانون القضائي الخاص المغربي"،
مكتبة دار السلام، ط 1، الرباط، 2001.
ظهير شريف رقم 193.14.1 صادر في فاتح ربيع الأول 1436 (24 ديسمبر 2014) بتنفيذ
القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، الجريدة
الرسمية عدد 6328 بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1436 (22 يناير 2015)، ص 462.
بحار عبد الرحيم، "الإجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية"،
منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، مطبعة إليت، سلسلة الدراسات
والأبحاث، العدد 8، فبراير 2009.
عز الدين بنستي، "دراسات في القانون التجاري المغربي"، ج 1، مطبعة
النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998.
امحمد لفروجي، "التاجر وقانون التجارة
بالمغرب"، مطبعة النجاح الجديدة، ط 1، الدار البيضاء، 1997.
[1]- وتنص في هذا الإطار المادة 3 من المرسوم رقم
2.12.503 الصادر في 4 ذي القعدة 1434(11 شتنبر 2013) بتطبيق بعض أحكام القانون رقم
08.31 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك على أنه:
"يسلم
الإذن الخاص بالتقاضي المذكور في المادة 157 من القانون رقم 08.31 المذكور أعلاه،
لجمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة من طرف السلطة
الحكومية المكلفة بالعدل بعد أخذ رأي السلطات الحكومية الوصية على قطاع النشاط
المعني بطلب الإذن الخاص بالتقاضي".
[2]- يعرف اختصاص
المحكمة بأنه: "صلاحيتها للبث في نزاع ما عرض عليها، أما عدم اختصاصها فيعني
عكس ما قيل أي عدم هذه الصلاحية للبث في النزاع المعروض عليها". و لقد فرضت
مسألة الاختصاص أسباب منها عملية توزيع العمل بين المحاكم في مكان ما، إذ لا يعقل
أن تكون محكمة وحيدة مختصة بالنظر في جميع القضايا في مكان كامل، و يسمى هذا النوع
من الاختصاص القضائي "بالاختصاص المكاني"، إذ بمقتضاه يوزع العمل
القضائي على جميع المحاكم التي هي من درجة واحدة، وتكون كل واحدة مختصة بالنظر في
القضايا ضمن ترابها القضائي و هذا الاختصاص المكاني يحدده إما موقع العقار
المتنازع فيه وإما موطن المدعى عليه، وإما باختيار الزوجة في قضايا الأسرة. أما
النوع الثاني فهو اختصاص من نوع آخر فرضه تنوع القضايا من حيث تنوع العلاقات
القانونية واختلاف موضوعاتها وانتماء القائمين بالتصرفات القانونية أو الأفعال
القانونية أو المادية المرتبطة بتلك العلاقات إلى فئات مختلفة من أشخاص القانون
ويسمى "الاختصاص النوعي"، ويراد به صلاحية محكمة دون غيرها للبث في نزاع
معين
.للمزيد أنظر:
-
عبد العزيز توفيق، "شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي"، ج 1،
مطبعة النجاح، الدار البيضاء، 1995، ص 101 .
-
عبد الوهاب المريني، "دروس في القانون القضائي الخاص المغربي"، مكتبة
دار السلام، ط 1، الرباط، 2001، ص 48 .
[3]- محمد بودالي،
م. س، ص 647.
[4]- أحمد محمد
محمود على خلف، م س، ص 413.
[5]- العقود
المختلطة هي العقود التي يبرمها التجار بمناسبة أنشطتهم التجارية مع غير التجار أي
مع أشخاص لا يحملون الصفة التجارية.
[6]- كما نص على ذلك المشرع المغربي في البند الأول من المادة 113 من
قانون 08.31 بقوله: "تطبق أحكام هذا الباب على القروض كيفما كانت تسميتها أو
تقنيتها والتي تمنح بصورة اعتيادية من قبل أي شخص لأجل تمويل العمليات التالية :
فيما يخص
العقارات المعدة للسكن أو المعدة لنشاط مهني وللسكن"
[7]- تنص المادة 6
على ما يلي:
"مع
مراعاة أحكام الباب الثاني من القسم الرابع المتعلق بالشهر في السجل التجاري،
تكتسب الصفة التجارية بالممارسة الاعتيادية والاحترافية للأنشطة التالية:
"البنك
والقرض والمعاملات المالية...".
[8]- تنص المادة الأولى من
القانون رقم 103.12 على أنه:
"تعتبر مؤسسات للائتمان الأشخاص
الاعتبارية التي تزاول نشاطها في المغرب، أيا كان موقع مقرها الاجتماعي أو جنسية
المشاركين في رأسمالها أو مخصصاتها أو جنسية مسيريها، والتي تزاول بصفة اعتيادية
نشاطا واحدا أو أكثر من الأنشطة التالية:
- تلقي الأموال من الجمهور؛
- عمليات الائتمان؛
- وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو
القيام بتدبيرها".
[9]- ظهير شريف رقم 193.14.1 صادر في فاتح ربيع
الأول 1436 (24 ديسمبر 2014) بتنفيذ القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها، الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ فاتح ربيع الآخر
1436 (22 يناير 2015)، ص 462.
[10]- بحار عبد الرحيم، "الإجراءات التحفظية في
مادة العقود التجارية"، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية،
مطبعة إليت، سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد 8، فبراير 2009، ص 299.
[11]- عز الدين بنستي، "دراسات في القانون
التجاري المغربي"، ج 1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998، ص 78.
[12]- ظهير شريف رقم 65.97.1 صادر في 4 شوال 1417
(12 فبراير 1997) بتنفيذ القانون رقم 95.53 يقضي بإحداث محاكم تجارية، الجريدة
الرسمية عدد 4482 بتاريخ 8 محرم 1418 (15 ماي 1997)، ص 1141.
[13]- تنص المادة 5 في فقرتها الأخيرة على ما يلي:
"يمكن
الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ
بينهما من نزاع بسبب عمل من اعمال التاجر".
[14]- والذي جاء فيه ما يلي:
"لكن حيث إنه بالنسبة للعقود المختلطة التي تعتبر تجارية
بالنسبة لأحد أطرافها ومدنية بالنسبة للطرف الآخر كما هو الشأن في نازلة الحال،
فإن التاجر لا يمكنه رفع دعواه في مواجهة غير التاجر سوى أمام المحكمة الابتدائية،
بينما غير التاجر له الخيار بين رفع دعواه أمام المحكمة التجارية أو أمام المحكمة
المدنية، وهو ما اختاره المدعي في هذه الخصومة، والمحكمة لما ثبت لها أن القرض منح
من أجل السكنى للمدعي الذي هو غير التاجر، وأن النزاع يتعلق باسترداد مبلغ دفع
بدون وجه حق، فاعتبرت بسبب ما ذكر الخصومة مدنية واستبعدت الدفع بعدم الاختصاص
النوعي، تكون قد سايرت المبدأ المذكور، وبخصوص المادة الرابعة من مدونة التجارة[14]
فهي تتعلق بتطبيق قواعد القانون التجاري على الذي كان العمل بالنسبة إليه تجاريا
ولا تهم عرض النزاع المختلط على المحكمة التجارية، وبشأن المادة التاسعة من قانون
إحداث المحاكم التجارية فهي تخص ولاية المحكمة التجارية في نظر مجموع النزاع
التجاري الذي يتضمن جانبا مدنيا، وليس بما يكون النزاع معروضا على المحكمة
المدنية، فلم يخرق القرار أي مقتضى، وكان الوجه من الوسيلة على غير أساس".
للاطلاع على نص القرار كاملا أنظر:
-
قرار رقم 339، صادر بتاريخ 19/03/2003، ملف تجاري عدد 391/2001، مجلة القضاء
المجلس الأعلى، عدد 62، ص 145 وما يليها.
[15]- إبراهيم وجعيدان، م. س، ص 132.
[16]- تعتبر عقودا بنكية حسب القسم السابع من الكتاب
الرابع من مدونة التجارة: الحساب البنكي، إيداع النقود، إيداع السندات، التمويل،
فتح الاعتماد، الخصم، حوالة الديون المهنية، رهن القيم.
[17]- كما ينبغي الإشارة
إلى أن الاتجاه الذي يسير فيه القضاء المغربي يكرس الصفة التجارية لعقد القرض
العقاري، إذ أن غالبية الأحكام والقرارات التي اطلعنا عليها بخصوص نزاعات القرض
العقاري تعتبره عقد الاختصاص فيها للمحاكم التجارية وهذا ما جرى به العمل القضائي، ولقد صدرت في هذا الشأن مجموعة من القرارات نذكر منها
على سبيل المثال ما جاء في قرار محكمة الاستئناف التجارية بمراكش: "الأعمال
التي تقوم بها البنوك تعتبر تجارية بطبيعتها بصرف النظر عن أطراف العلاقة فالعقد
البنكي يدخل ضمن العقود التجارية.
حيث إنه خلافا لما تمسك به المستأنف فإن الأعمال التي تقوم
بها البنوك تعتبر تجارية بطبيعتها بصرف النظر عن أطراف العلاقة التعاقدية وأن
العقد البنكي يعتبر من العقود التجارية التي تختص المحكمة التجارية بالبت فيها بنص
القانون. وحيث ترى المحكمة بناء عليه أن الحكم المستأنف واقع في محله ومؤهل
للتأييد". أنظر:
- القرار رقم 282/7 صادر بتاريخ 13/03/2007، ملف عدد
302/2007.
[18]- قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 1295 صادر
بتاريخ 25/11/2004، ملف عدد 1286/2004.
[19]- أنظر كذلك القرارات
الآتية:
- قرار محكمة النقض رقم 204 الصادر بتاريخ 23 / 5 / 2005
.
- قرار رقم 2733/2010 صادر بتاريخ 25/05/2010 رقم الملف بالمحكمة التجارية
2041/5/2007.
- قرار محكمة الاستئناف
التجارية بالدار البيضاء رقم 2003 / 2700 ملف عدد 9 / 2002 / 4242.
- قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 61 ملف عدد 61 / 2000 صادر
بتاريخ 3 / 2 / 2000.
- قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 588 ملف عدد 650 / 2000 بتاريخ
29 / 6 / 2000.
[20]- امحمد لفروجي،
"التاجر وقانون التجارة بالمغرب"، مطبعة النجاح الجديدة، ط 1، الدار
البيضاء، 1997، ص 102.
[21]- تنص المادة 524 من
مدونة التجارة على ما يلي:
"فتح
الاعتماد هو التزام البنك بوضع وسائل للأداء تحت تصرف المستفيد أو الغير المعين من
طرفه في حدود مبلغ معين من النقود.
لا يعد الرصيد المدين العرضي فتحا للاعتماد".
[22]- فبالنسبة للمعيار
الشخصي يصطدم بكون المقترض شخص عادي وليس بتاجر كالمؤسسة المقرضة التي تعد تاجرا
نظرا لأن العقد يدخل ضمن أنشطتها المعتادة، أما المعيار الموضوعي فلا يمكن تطبيقه
لأن القرض غير مخصص لأغراض تجارية بالنسبة للطرفين معا. أنظر:
- إبراهيم وجعيدان، م. س، ص 135.
[23]- تنص المادة 4 من
مدونة التجارة على ما يلي:
"إذا كان العمل تجاريا بالنسبة لأحد المتعاقدين
ومدنيا بالنسبة للمتعاقد الآخر، طبقت قواعد القانون التجاري في مواجهة الطرف الذي
كان العمل بالنسبة إليه تجاريا، ولا يمكن أن يواجه بها الطرف الذي كان العمل
بالنسبة إليه مدنيا، ما لم ينص مقتضى خاص على خلاف ذلك".
[24]- والذي حكمت من خلاله
المحكمة التجارية بالدار البيضاء بعدم الاختصاص النوعي لها في الدعاوى التي يكون
أحد طرفيها مدنيا، وأحالت الدعوى للمحكمة التي يقع بها موطن المدعى عليه(المحكمة
الابتدائية ببرشيد).
[25]- حكمت من خلاله
المحكمة الابتدائية بالرباط بقبول الدعوى المعروضة عليها والمتعلقة بنزاع حول توقف
المستهلك المقترض عن أداء أقساط القرض المدين به لفائدة المقرض، والحكم على المدين
بأداء الأقساط المتبقية في ذمته.
[26]- حكمت من خلاله
المحكمة الابتدائية بالرباط بقبول الدعوى ورفض طلب المدعية (المؤسسة المقرضة)
الرامي إلى الحكم على المدعى عليه (المستهلك المقترض) بأداء ما بذمته من أقساط
القرض العقاري.
[27]- امحمد الفروجي، م. س،
ص 397.
[28]- Article 46 du
procédure civile prévoit que:
« Le demandeur peut saisir à
son choix, outre la juridiction du lieu où demeure le défendeur :
- en matière contractuelle, la juridiction du lieu
de la livraison effective de la chose ou du lieu de l'exécution de la
prestation de service ;
- en matière délictuelle, la juridiction du lieu du
fait dommageable ou celle dans le ressort de laquelle le dommage a été subi ;
- en matière mixte, la juridiction du lieu où est
situé l'immeuble ;
- en matière d'aliments ou de contribution aux
charges du mariage, la juridiction du lieu où demeure le créancier ».
Modifié par Décret 81-500
1981-05-12 art. 8 JORF 14 mai 1981 rectificatif JORF 21 mai 1981.
[29] - ينص البند 13 من المادة 28 على
ما يلي:
"في دعاوى الشركات، أمام المحكمة التي يوجد في
دائرتها المركز الاجتماعي للشركة".
[30]- كما نصت على ذلك
المادة 11 من قانون إحداث المحاكم التجارية التي جاء فيها بأنه:
" استثناء من أحكام الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية، ترفع الدعاوى:
فيما يتعلق بصعوبات المقاولة، إلى المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة
التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة؛
فيما يخص الإجراءات التحفظية، إلى المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها
موضوع هذه الإجراءات".
[31]- الذي جاء فيه ما يلي:
"وحيث إن الاختصاص المحلي لا يكتسي صبغة النظام العام،
وإنما يجوز لأطراف العلاقة الاتفاق على تعيين المحكمة المختصة محليا للنظر في
النزاع، وهو المبدأ الذي كرسه المشرع المغربي بمناسبة سن قانون إحداث وتنظيم
المحاكم التجارية بالمغرب عدد 53/95 ضمن الفصل 12 والذي ينص على أنه يمكن للأطراف
وفي جميع الأحوال الاتفاق كتابة على تعيين المحكمة التجارية المختصة". أنظر:
- قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 100، صادر
بتاريخ 19/10/1998، ملف عدد 11/98، منشور بالموقع الالكتروني للمحكمة: www.cacfes.ma/competence.htm.
[32]- نصت المحكمة في
قرارها على أنه: "حيث إن التمسك بالدفع بعدم اختصاص المحكمة التجارية بالدار
البيضاء للبت في النزاع لفائدة المحكمة التجارية بالرباط التي يوجد موطن المستأنف
داخل دائرتها الترابية غير مفيد، طالما أن الفصل الثامن من العقد الرابط بين
الطرفين يسجل اتفاق الطرفين على منح الاختصاص للمحكمة التجارية بالدار البيضاء
للبت في النزاعات التي تحدث بين الطرفين، علما بأن ذلك الاتفاق يسمح به القانون
بناء على الفصل 12 من القانون المنظم للمحاكم التجارية". أنظر:
- قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 680/2003،
صادر بتاريخ 24/02/2005، ملف عدد 11843/2001، غير منشور.
[33]- تنص الفقرة الأولى من
المادة 111 على ما يلي:
"يجب أن تقام دعاوى المطالبة بالأداء أمام المحكمة التابع لها موطن أو
محل إقامة المقترض خلال السنتين المواليتين للحدث الذي أدى إلى إقامتها تحت طائلة
سقوط حق المطالبة بفوائد التأخير".
[34]- تنص المادة 202 على
ما يلي:
"في حال نزاع بين المورد والمستهلك، ورغم وجود أي
شرط مخالف، فإن المحكمة المختصة هي محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة
المحل الذي وقع فيه الفعل المتسبب في الضرر باختيار هذا الأخير".
[35]- Convention concernant la compétence judiciaire à
l’exécution des décisions en matière civil et commerciales (signée le 27
septembre 1968) (72/454/CEE), Journal officielle des communautés européenne, N°
L299/32.
[36]- L’article 48 du code de procédure civile
stipule que:
« toute clause
attributives de compétence qui directement ou indirectement dérogent aux règles
territoriale est réputée non écrite à moins qu'elle n'ait été convenue entre des
personnes ayant toutes contracté en qualité de commerçant et qu'elle n'ait été
spécifiée de façon très apparente dans l'engagement de la partie à qui elle est
opposée ».
[37]- « Constatant que
la clause attributive de juridiction figurant dans le contrat conclu entre une
banque et un client, aux termes de laquelle la banque se réservait le droit
d'agir au domicile du client ou devant "tout autre tribunal compétent"
ne liait en réalité que le client qui était seul tenu de saisir les tribunaux
luxembourgeois, le juge du fond en déduit exactement qu'une telle clause
revêtait un caractère potestatif à l'égard de la banque, de sorte qu'elle était
contraire à l'objet et à la finalité de la prorogation de compétence ouverte
par l'article 23 du Règlement Bruxelles I ». Cour de
cassation, chambre civile 1, 26 septembre 2012, 11-26022, Publié au
bulletin. Voir aussi :
- Cass. civ. 2e,
13 juillet 2006, pourvoi no 03-15605 ; Cass. civ. 2e,
4 juillet 2007, pourvoi no 06-16140.
[38]- حكم صادر عن المحكمة
التجارية بالرباط بتاريخ 09/05/2013، ملف رقم 5527/8/2012، غير منشور.
[39]- حكم صادر عن المحكمة
التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 20/12/2011، رقم 10620، ملف رقم 13172/6/2011، غير
منشور.
[40] -
ومن بينها:
- قرار
محكمة النقض رقم 2896/2012 ملف عدد 920/2012 /4 صادر بتاريخ 29/5 /2012.
-
قرار محكمة النقض رقم 9519/2012 ملف عدد 4003/ 201 /13 صادر بتاريخ 9/10/ 2012.
-
قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 2012/4519 ملف عدد 2011/6/ 780
صادر بتاريخ 9/10/ 2012.
0 تعليقات