لتحميل العدد بصيغته الرقمية pdf اليكم الرابط أذناه:
الأستاذ إبراهيم عزيزي
باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية
والاقتصادية
والاجتماعية بالمحمدية
أساس الالتزام العقدي بين سلطان
الإرادة وتدخل المشرع
Le fondement de l'obligation contractuelle entre l'autorité de la volonté
et l'intervention du législateur
مقدمة:
برز مبدأ سلطان الإرادة خلال النصف الأول من الثمانينات، هذه المرحلة التي
اتسمت بشيوع المد التحرري الناتج عن تطبيق قواعد الليبرالية المطلقة، عقب انهيار
الاتحاد السوفياتي، كما تميزت بغياب مطلق للدولة في المشهد الاقتصادي، وتم اعتماد
مبادئ تقوم على تقديس الفرد، الشيء الذي ترتب عنه بروز وتوهج مبدأ سلطان الإرادة.
لكن اعتماد قواعد الليبرالية، -والتي يعد مبدأ سلطان الإرادة من أبرزها -
على إطلاقها، ترتب عنه نتائج عكسية، ليتم الانتقال لمرحلة لا زالت امتداداتها تصل
إلى وقتنا الراهن، يتم فيها اعتماد الليبرالية، لكن مع الاحتفاظ للدولة بمجال
للتدخل في المشهد الاقتصادي، وذلك للحد من الليبرالية المطلقة، من خلال تمكينها
(أي الدولة) من سلطات تسعفها في تنزيل سياستها الاجتماعية والاقتصادية بنوع من
العدالة.
وفي سبيل مواكبة هذا التطور التاريخي لأساس القوة الملزمة للعقد، تم اعتماد
مجموعة من القوانين على امتداد هذه التطورات في المغرب، ونخص بالذكر هنا قانون
حماية المستهلك[1]،
والقانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة[2]،
وقانون بيع العقار في طور الإنجاز[3]...
ومن هنا تظهر أهمية دراسة موضوع "أساس الالتزام العقدي بين سلطان
الإرادة وتدخل المشرع"، بحيث أنه إذا كان مبدأ سلطان الإرادة قد ازدهر بفعل
النظريات السياسية والاقتصادية والتشريعية التي كانت قائمة على تقديس حرية الفرد
وجعلها المعيار الأساسي في وضع النصوص القانونية، فإن هذه الحرية لم تعد في ظل
القوانين الحديثة المعيار الوحيد لبناء القاعدة القانونية، بل استجدت مبادئ أخرى
أصبحت تقوم عليها فلسفة التشريع من قبيل التوازن العقدي، وحماية العقد للمصلحة
العامة الاقتصادية والاجتماعية...
ولذلك آثرنا تخصيص المطلب الأول للوقوف على تطورات وتجليات مبدأ سلطان
الإرادة في النظرية التقليدية، على أن نخصص المطلب الثاني للحدود الواردة على مبدأ
سلطان الإرادة في ظل التوجهات الحديثة للتشريع.
المطلب الأول: مبدأ سلطان
الإرادة في النظرية التقليدية
يعتبر مبدأ سلطان الإرادة من أهم النظريات الفلسفية التي ترتكز عليها مختلف
القوانين، إلا أن هذا المبدأ عرف في الواقع محطات تاريخية زادت من أهميته ومحوريته
في التشريعات، إلى أن بلغ دروته خلال القرن الثامن عشر، حيث أصبح ركيزة أساسية
تستند إليها مختلف النظريات القانونية، قبل أن يشهد مرحلة جمود لصالح نظريات
ومبادئ جديدة، لذلك ارتأينا العودة على التطور الذي عرفه مبدأ سلطان الإرادة كأساس
للقوة الملزمة للعقد في الفقرة الأولى، قبل أن نقف على تجليات هذا المبدأ وأهم
الركائز التي يقوم عليها في
الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: تطور أساس
القوة الملزمة للعقد
من المعلوم أن العقود في الزمن القديم كانت تتسلط عليها فكرة الشكلية وتدخل
الدولة، بحيث كان لا يكفي مجرد توافق إرادتي المتعاقدين لإضفاء قوة ملزمة على
العقد، بل لابد من إفراغ رضا المتعاقدين في قالب شكلي معين، وهذا ما عبرت عنه
القاعدة الرومانية القديمة EX NUDO POCTO ACTIO NON NASCITUR [4].
فمبدئيا يبقى الشكل المقرر هو الذي يضفي القوة الملزمة على العقد، ويرتب آثاره
القانونية، بحيث متى استوفيت مراسم الشكل، فإن الالتزام يتولد دون اعتبار لما قد
يشوب إرادة المتعاقدين من عيوب الرضا كالغلط والتدليس.
لكن شيوع المعاملات وتطور المجتمعات بصفة
عامة، وتجرد القانون تدريجيا من سيطرة العقائد الدينية، وزوال فكرة النظام الإلهي
المقدس الذي يحكم علاقات الأفراد، أدى في القرن الثامن عشر والتاسع عشر إلى ظهور
مذهب جديد ينادي بتقديس الفرد، وجعله مصدر القوة الملزمة للعقد.
وهكذا ظهر مبدأ سلطان الإرادة كأساس للقوة الملزمة للعقد مع مدرسة القانون
الطبيعي، بعد ذلك جاء جون جاك روسو بنظريته الشهيرة عن العقد الاجتماعيContrat
Social) [5]) فكانت دعامة أساسية وقوية لجعل مبدأ سلطان الإرادة أساسا للقوة
الملزمة للعقد.
واستقر سلطان الإرادة في القانون المدني الفرنسي، وبالضبط في مدونة نابليون
لسنة 1804 من خلال القاعدة الشهيرة "الاتفاقات المعقودة شرعا تقوم مقام
القانون بالنسبة لأطرافها"، وأساس هذه القاعدة هو أنه إذا انعقد العقد صحيحا،
وتوافرت فيه كل أركانه مستجمعة لشروطها كانت له قوة إلزامية في موضوعه أولا -بحيث
إن الملتزم في التعاقد مسؤول عن التزامه، وإذا تخلف عن الوفاء به، يكون مسؤولا
مسؤولية عقدية- وفي مواجهة طرفيه ثانيا[6]،
فأصبحت القوة الملزمة للعقد تتجلى في أن ما ارتضاه الطرفين يلزمهما وينتج أثره[7]،
بل وأنهم يلزمون حتى بملحقاته، مما ينتج عنه بالضرورة تنفيذ هذا الالتزام بحسن
نية، وأنه لا يجوز تعديله إلا بتوافق الإرادتين، وكل هذه الخصائص تشكل انتصار
لقاعد العقد شريعة المتعاقدين.
وفي المغرب إذا كان يعتبر مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين" من
المبادئ التي يقوم عليها قانون الالتزامات والعقود المغربي[8]
نتيجة لانفتاحه على التشريعات الأوروبية لاسيما المشرع الفرنسي، فإنه من زاوية
أخرى ينسجم والقيم الروحية للشعب المغربي التي تنهل من الشريعة الإسلامية مصداقا
لقوله سبحانه وتعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)[9].
إلا أنه في ظل مجموعة من التطورات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي[10]
كان لزاما أن تشهد مقتضيات قانون الالتزامات والعقود تعديلات حتى تواكب متطلبات
العصر الحاضر، إلا أن المشرع المغربي اختار توجها آخر بأن أصدر مجموعة من القوانين
شكلت تنظيمات خاصة لأغلب العقود المسماة، بحيث أصبحت تجد قوتها الملزمة خارج مبدأ
العقد شريعة المتعاقدين[11]،
وذلك غالبا لحماية الطرف الضعيف في العقود التي تشتمل على شروط تعسفية، بحيث أصبح
بإمكان هذا الأخير عدم تنفيذ هذه الشروط دون أن تقوم مسؤوليته، لأنه أصبح محمي
بمجموعة من النصوص القانونية الخاصة كما سيأتي معنا.
يظهر من خلال ما سبق أنه إذا كان مبدأ سلطان الإرادة
في المجال التعاقدي خلال مرحلة القرن الثامن عشر والتاسع عشر على وجه الخصوص كافيا
لوحده كمصدر للإلتزام، وينتج آثارا قانونية، فإننا في ظل التشريعات الحديثة أصبحنا
نلحظ أن القوانين الخاصة أصبحت هي التي تعطي للعقد قيمته وأثره القانونيان.
الفقرة الثاني: تجليات
مبدأ سلطان الإرادة كأساس للالتزام العقدي
يقصد باعتبار سلطان الإرادة كأساس للقوة الملزمة للعقد أن ما اتفق عليه
العاقدان يلزمهما بصفة نهائية، لأن الإرادة إذا كانت حرة من كل قيد فهي تخضع فقط
لما ترتضيه، وبذلك يستمد العقد قوته الملزمة من قاعدة العقد شريعة المتعاقدين[12]،
فما هو مضمون هذه القاعدة إذن؟ وكيف تنتج آثارها القانونية؟
أولا: مضمون قاعدة العقد
شريعة المتعاقدين
يعتبر العقد نتيجة لتوافق إرادتين من أجل
إحداث أثر قانوني، وهو بذلك يعد مصدرا من مصادر الالتزام، وسندا لإلزام الأطراف
ببنوده، بحيث لا يمكنهم التحلل منه أو تعديله أو إلغاءه إلا بإرادتهما معا
كذلك.
وقد كانت الشريعة الإسلامية سباقة إلى التأصيل لهذا المبدأ في القرآن
الكريم من خلال قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)[13]،
وفي آية أخرى يقول المولى جل جلاله (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا)[14]،
وفي السنة النبوية الشريفة، حيث روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال
(المؤمنون عند شروطهم)[15].
وعلى المستوى القانوني، تم التنصيص على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في
الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود حيث جاء فيه أن "الالتزامات التعاقدية
المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها
إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون".
ويعرف الفقيه السنهوري[16]
قاعدة العقد شريعة المتعاقدين بأنها تعني "أن ما اتفق عليه المتعاقدان بمحض
إرادتهما يلزمهما، ولا يمكن لأحدهما أن ينفك منه، كأصل عام، بإرادته المنفردة، فالإرادتان
اللتان حددا كم الالتزام، وكم مقابله، وكيفية الوفاء به، وموعد هذا الوفاء، وغير
ذلك من عناصر الالتزام هما اللتان تملكان تعديل أي عنصر من عناصره.
وهكذا فإنه على مستوى تكوين العقد يشكل مبدأ سلطان الإرادة أساس وجوده، من
خلال اختيار الدخول في التعاقد من عدمه، واختيار الشخص المتعاقد معه، بحيث أنه في
غياب إرادة للتعاقد لا يمكن الحديث عن عقد، لأنه هذا الأخير يدور عدما ووجودا في
علاقته مع الإرادة، ذلك أن الشخص كقاعدة عامة لا يلزم إلا بإرادته[17].
وعلى مستوى مضمون العقد يرى الاتجاه الغالب في الفقه[18]
أن هناك حرية حتى في تحديد مضمون العقد، بحيث إذا دخل شخصان في رابطة عقدية، فإن
لهما كامل الحرية في تحديد آثار هذه الرابطة[19] ، فلا
التزام على كل منهما إلا بما أراد الإلتزام به، والفرد حر في أن يتعاقد وفقا لما
يريد، وبالشروط التي يرتضيها.
وهكذا فإنه إذا انعقد العقد صحيحا، فإنه يلزم عاقديه في موضوعه، ويلزمهما
باحترام بنوده، ولا يمكنهما التحلل مما جاء فيه إلا باتفاقهما معا، وهو ما ينص
عليه الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود كما سبقت الإشارة إليه.
هذا، وتفرض قاعدة القوة الملزمة للعقد أن العقد لا يكون ملزما لأطرافه فقط،
بل كذلك في مواجهة القاضي الذي لا يستطيع مبدئيا تعديل مضمونه، ولو حدث طارئ غير
متوقع من شأنه المساس بالتوازن الاقتصادي للعقد[20]. لكن
سرعان ما سيتدخل المشرع لتكسير هذا المبدأ من خلال نصوص قانونية خول فيها للمحكمة
الحق في إسقاط بعض البنود والحيلولة دون إنتاجها لآثارها وهو ما سيأتي معنا في
محله.
ثانيا: آثار مبدأ العقد
شريعة المتعاقدين
يترتب عن نظرية سلطان الإرادة عدة نتائج أبرزها: أن الالتزامات تكون مؤسسة
ومبنية على الإرادة كمبدأ، وأن العقد بصفة عامة يكون هو شريعة المتعاقدين، بمعنى
الآخر هو القانون الذي يحدد الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الطرفين، وعليه تظهر
آثار مبدأ العقد شريعة المتعاقدين خلال جميع مراحل العقد، بدء من التعاقد، ونتحدث
هنا عن حرية التعاقد، مرورا بمرحلة انعقاد العقد، وصولا لمرحلة تنفيذ العقد.
وحسب بعض المتخصصين[21]
في هذا المجال، فإن حرية التعاقد تتجلى في ثلاث اختيارات: وهي أولا إبرام العقد أو
الإعراض عنه، ثانيا اختيار الشخص (أو الأشخاص) المتعاقد معه (ا)، وثالثا تحديد
مضمون العقد وشروطه بكل حرية لكن باتفاق مع الطرف الآخر.
وهكذا تظهر آثار مبدأ العقد شريعة المتعاقدين خلال مرحلة تنفيذه، في أنه لا
يستطيع أحد أطرافه أن ينفرد بنقضه أو التعديل في أحكامه إلا إذا اتفق مع الطرف
الآخر على ذلك، أو للأسباب التي يقررها القانون، وبلغة أخرى لا يمكن نقض العقد أو
تعديله إلا باتفاق الطرفين أو بمقتضى أحكام القانون[22]،
وبالتالي ضرورة التزام كل طرف بتنفيذ بنود العقد والتزاماته المنصوص عليها فيه
بحسن نية، وما يقتضيه ذلك من نزاهة واستقامة في تنفيذ هذه البنود.
وعلى مستوى تطبيقات حسن النية في تنفيذ العقد، نذكر ما ذهبت إليه بعض
المحاكم الفرنسية بأن المتعهد الذي التزم بمد أسلاك كهربائية وجب عليه أن يمدها من
أقصر طريق ممكن[23]،
مما يعني أنه إذا تعددت وسائل تنفيذ الالتزام وجب على المدين أن يختار الوسيلة
التي تتفق مع الأمانة والنزاهة ومصلحة الدائن، أي مع مبدأ حسن النية، وفي قرار آخر
أوجبت محكمة التمييز الفرنسية التعاون بين المتعاقدين بهدف الوصول إلى تحقيق
النتيجة المرجوة من العقد[24].
إلا أنه إذا كانت الإرادة هي منطلق الإلتزام كمبدأ، فإنها لا تكون كذلك في
حالات معينة اشترط فيها المشرع شكليات معينة حتى ينعقد العقد بشكل صحيح، كما أنه
لم يعد بإمكانها إنهاء هذا العقد في حالات أخرى إلا بتدخل المشرع، بحيث أصبحنا
اليوم نتحدث عن العدالة التعاقدية، والأمن التعاقدي من أجل تحقيق العقد لأغراضه
الإجتماعية، وهو ما جعل المشرع يتدخل عبر مجموعة من النصوص القانونية الخاصة من
أجل وضع حدود على مبدأ سلطان الإرادة كأساس للقوة الملزمة للعقد، وهذا سيكون موضوع
المطلب الثاني.
المطلب الثاني: الحدود
الواردة على مبدأ سلطان الإرادة في التوجهات الحديثة للتشريع
إذا أرجعنا انتصار مبدأ سلطان الإرادة إلى عوامل اقتصادية، وهي العوامل
التي أدت إلى انتشار روح الفردية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وأصبح للعقد
قوة تلزم أطرافه الذين ارتضوه على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين، فهذه العوامل
ذاتها، بعد أن تطورت وقامت الصناعات الكبيرة وتأسست الشركات الضخمة... أدت إلى
انتشار روح الإشتراكية في وجه المذاهب الفردية.
وعليه إذا كانت الإرادة هي منطلق الإلتزام، إلا أنه أصبح لا يمكنها هدمه،
بل إنه في بعض الأحيان أصبح المشرع يتدخل لفرض بعض العقود على الأطراف، بحيث
أصبحنا اليوم نتحدث عن العدالة التعاقدية والأمن التعاقدي من أجل تحقيق العقد
لأغراضه الإجتماعية.
وهكذا لم يعد يكفي مبدأ سلطان الإرادة وحده من أجل إلزام المتعاقدين بمضمون
العقد، إذ أصبح يفرض المشرع في نصوص قانونية خاصة مقتضيات تحد من الأساس الذي يمكن
أن يلعبه مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في القوة الملزمة للعقد، وبذلك لم تعد
الدولة محايدة في العقود، وأصبحت توجه العلاقات التعاقدية حتى تكون لها غايات
معينة، ومنها أن تداول الثروة لم يعد يخضع للعقود، لكن أصبح يمتثل لقاعدة التوزيع
بحسب الحاجة.
وقد حاول المشرع تكريس هذه التوجهات الجديدة للتشريع في مجال العقود من
خلال مجموعة من النصوص القانونية سنحاول ذكر بعضها في الفقرة الأولى، على أن نخصص
الفقرة الثانية لبعض التطبيقات القضائية التي حاولت منها من جهتها تنزيل إرادة
المشرع في هذا الباب.
الفقرة الأولى: حدود مبدأ
سلطان الإرادة في بعض القوانين الخاصة
قبل الوقوف على بعض مظاهر تدخل المشرع في سلطان الإرادة، من خلال مجموعة من
النصوص القانونية، لا بأس من محاولة بسط مبررات هذا التطور في أساس القوة الملزمة
للعقد، الذي أصبحت تميل كفته لصالح تدخل المشرع.
أولا: مبررات تطور أساس
القوة الملزمة للعقد لصالح تدخل المشرع
إذا كان مبدأ سلطان الإرادة قد أفرغ في شكل نظرية قانونية مرتكزة على أسس
فلسفية ترجمت في كل النظم القانونية التي اتسمت بتقديس وإعلاء المبدأ الفردي،
واعتبار العقد القائم على الإرادة الفردية هو ظاهرة أساسية يقوم عليها نظام
المعاملات في أغلب المجتمعات، فإنه بالنظر للظروف الاقتصادية والاجتماعية، وفي خضم
الثورة الصناعية، وتطور عملية التصنيع التي عرفها العالم خاصة في نهاية القرن 19،
أدى إلى ظهور ممارسات من شأنها خلق اختلال في التوازن بين المنتج والمصنع ومقدم
الخدمة باعتبارهم طرفا قويا على الأقل من الناحية الاقتصادية، والمستهلك باعتباره
طرفا ضعيفا، فأصبح من غير الممكن أن يترك مجال واسع لتطبيق مبدأ سلطان الإرادة.
ولذلك يعتبر بعض الفقه[25]
أن هذه الأوضاع إنما خلقها اعتماد مبدأ سلطان الإرادة على إطلاقه، مما جعله يتحدث
عن أزمة العقد، وعن ظاهرة انفجار العقود، وعن العقد غير المستقر.
وقد خلقت أزمة العقد اختلافا بين الفقهاء[26] بين
من يدعو إلى التضييق من نطاق العقد والحد من مداه، وذلك بحصر مجاله في نطاق
العلاقات التي تدخل في دائرة القانون الخاص، وبين من يزيد في تضييق نطاق العقد حتى
في إطار القانون الخاص، بشكل يشمل المعاملات المالية دون الأحوال الشخصية، ورأي
ثالث يذهب إلى أقصى مدى فيطالب بتضييق نطاق العقد في المعاملات المالية وقصرها على
العقود التي يسودها مبدأ المساواة القانونية والتكافؤ الاقتصادي بين أطرافها، ومن
تم نادى بإخراج عقود الإذعان والعقود الجماعية والنموذجية والعقود التي تجمع بين
مصالح متوافقة (كعقد الشركة) والعقود الاستهلاكية من نطاق العقد.
وهكذا أصبحت أغلب دول العالم تتدخل من خلال قوانين خاصة، لحفظ التوازن
الاجتماعي والاقتصادي، بسبب ما خلقه تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية من وضعيات
غير متوازنة نتيجة تفاوت المراكز الاقتصادية، والقصور الذي أبان عنه مبدأ سلطان
الإرادة في توفير الحماية للمتعاقد الضعيف.
ولذلك كانت الغاية من هذه النصوص هي تغليب المصلحة الاقتصادية والاجتماعية
العامة، التي تقتضي التدخل لحفظ النظام العام الاقتصادي والاجتماعي على حساب
المصالح الخاصة للمتعاقدين.
ذلك أن تطور النظم الاقتصادية وظهور الصناعات الكبيرة واختلال التوازن بين
القوى الاقتصادية، وانتشار أشكال جديدة للتعاقد لم تكن معروفة... مهد الطريق لبروز
نزعة موضوعية اجتماعية، اعتبرت العقد أداة للتعاون والتبادل المتوازن للمصالح
وأضفت عليه قيمة اجتماعية، ولم يعد عملا فرديا يستمد قوته من الإرادة المطلقة
لعاقديه، بقدر ما أصبح ذو طابع اجتماعي يتصل بمصالح المجتمع ويؤثر فيها[27].
ثانيا: مظاهر تدخل بعض
القوانين الخاصة في مبدأ سلطان الإرادة
جاءت التنظيمات الخاصة لقانون العقود متأثرة بالتوجهات الحديثة للتعاقد،
بدليل أنها تضمنت عددا كبيرا من القواعد القانونية الآمرة التي تسعى إلى تحقيق
مصلحة عامة اقتصادية واجتماعية، وذلك عن طريق تنظيم كثير من العقود كعقد الشغل، أو
مراقبتها، ومثاله تدخل الدولة عبر أجهزتها المختصة لمراقبة بعض العقود والاتفاقات
التي من شأنها عرقلة المنافسة أو الحد منها، أو فرضها أحيانا كعقود التأمين.
وهكذا لئن كان مبدأ سلطان الإرادة يقتضي أن الفرد حر في إنشاء العقد، وله
حرية في تحديد آثاره في اتفاق مع المتعاقد معه، فإن بعض القوانين الخاصة، ولغايات
معينة غالبا ما تكون اقتصادية أو اجتماعية، أصبحت تحد من هذا المبدأ في امتداداته
سواء على مستوى الدخول في التعاقد وتكوين العقد أو على مستوى تحديد آثاره.
فعلى مستوى الحرية في التعاقد نلحظ أن المشرع من جهة أولى، قد قيد هذا
المبدأ بأن فرض على الأشخاص ضرورة إبرام عقود معينة[28]،
ومثاله عقود التأمين الإجباري على المسؤولية بالنسبة للعربات ذات محرك، لكل شخص
يمكن أن تثار مسؤوليته المدنية، فيكون الشخص في مثل هذه الحالة ملزما على الدخول
في التعاقد، ولا اختيار له في الدخول أو الإعراض عن إبرام العقد، كما أنه ليس
مخيرا في اختيار المتعاقد معه الذي يجب أن يكون مقاولة للتأمين وإعادة التأمين[29]،
ومن جهة ثانية، فإنه وإن ترك للأطراف الحق في الاختيار في الدخول في العقد من
دونه، فإنه عند اختيار التعاقد يتم فرض مجموعة من الشكليات على المتعاقدين، حتى
أصبحت الشكلية واجبة لصحة عقود معينة، من قبيل البيوع العقارية[30].
ومن ذلك مثلا القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة الذي خول
الإدارة حق تحديد أسعار بعض البضائع والمنتوجات والخدمات، وكذا اتخاذ تدابير مؤقتة
في مواجهة تفاحش ارتفاعها وانخفاضها، وذلك بشروط وضوابط معينة، وعليه لم يعد يتمتع
العقد في هذه الحالة بقوة إلزامية في موضوعه، إذا تضمن ما يخالف القانون المذكور
من أسعار تزيد أو تنقص عن الأسعار المحددة.
وتنص المادة 10 من القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة على أنه
"يعد باطلا كل التزام أو اتفاقية أو بند تعاقدي يتعلق بممارسة محظورة تطبيقا
للمادتين 6 و7 أعلاه"، بحيث أنه رغم توافر العقد في هذه الحالة على أركانه
مستجمعة لشروطها، فإن المشرع رتب عليه جزاء البطلان لغايات اقتصادية واجتماعية.
كما كان من تأثير الأفكار الاشتراكية أنها قامت بتحديد القوة الملزمة لبعض
العقود في بعض القوانين عبر قواعد آمرة، ومن ذلك مثلا عقد الشغل، بحيث حددت
التزامات وحقوق طرفيه (وهما العامل ورب العمل) تحديدا يكاد يكون شبه كامل، ومن هذه
المقتضيات مثلا: تخفيض أجرة العامل في نطاق المادة 347 من مدونة الشغل[31]
وإنهاء عقود الشغل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية...
أضف إلى ذلك العقود المبرمة في إطار القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير
لحماية المستهلك والتي منح المشرع فيها خيارات عديدة للمستهلك تحد من أساس القوة
الملزمة للعقد ومنها: الحق في الرجوع عن العقود التي يبرمها المستهلك في عجلة من
أمره، أو إذا كان ضحية الإغراء الدعائي المبالغ فيه أو كل ما من شأنه أن يمثل شرطا
من الشروط التعسفية[32]،
وهو ما سنتطرق له بمزيد من التفصيل في محله.
ومن الحدود الواردة كذلك على أساس القوة الملزمة للعقد؛ ضرورة استصدار بعض
الوثائق لإبرام بعض العقود، ومن ذلك ما تقتضيه المادتين 33 و35 من القانون 25.90
المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات[33]
من إجراءات ووثائق يتعين أن تسبق مرحلة التعاقد، وبالتالي لا يكفي توافق الإرادتين
في مثل هذه العقود من أجل إضفاء قوة إلزامية على العقد، بل لابد أن تقوم الجماعة
بإبرام التسليم المؤقت[34]
لأشغال تجهيز التجزئة قبل إبرام العقود المتعلقة بعمليات البيع والإيجار والقسمة
وفق القانون المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، مما
يشكل رقابة إدارية وتدخل في إرادة الأطراف، بحيث رتبت المادة 72 من نفس القانون
جزاء البطلان على عقود البيع والإيجار والقسمة المبرمة خلافا لهذه الأحكام.
من خلال ما سبق أعتقد أن المشرع المغربي تأثر بشكل كبير بالتوجهات الحديثة
لقانون العقود، وهو ما يظهر كما من خلال إصداره لمجموعة من القوانين ذكرنا بعضها
آنفا، والتي أصحبت تنظم مجال التعاقد خارج مبدأ سلطان الإرادة، وكيفا بحيث تضمنت
هذه النصوص قواعد آمرة وأحيانا تكون من النظام العام تفرض على المتعاقدين، سواء
قبل الدخول في العقد أو عند التعاقد وصولا لمرحلة إنهاء العقد.
الفقرة الثانية: بعض التطبيقات
القضائية للحدود الواردة على مبدأ سلطان الإرادة
يعتبر بعض المختصين[35]
أن المبادئ التقليدية المضمنة بالتشريعات القانونية من قبيل عيوب الرضا، قد أصبحت
عاجزة في الواقع عن بلوغ الغايات المتمثلة في الحد من مبدأ سلطان الإرادة، بشكل
يضمن نوع من التوازن العقدي، لذلك يبرز هنا دور القضاء من أجل تحقيق هذا التوازن
على أرض الواقع.
واخترنا عدم التطرق لدور القاضي في تفسير العقود[36]
باعتباره كذلك من مظاهر التدخل القضائي في مبدأ سلطان الإرادة، والتركيز على الدور
المتقدم الذي أصبح يلعبه القضاء في التدخل في مبدأ سلطان الإرادة لكسر عدم التناسب
في العقد، ونذكر هنا حكم ماكرون الشهير[37] الذي
انتهت فيه الدائرة التجارية بمحكمة النقض الفرنسية إلى مسؤولية المقرض الذي أعطى
أحد مديري إحدى الشركات قرضا يتجاوز إمكانياته ولا يتناسب مع دخله.
وعموما نعتقد أن دور القضاء في الحد من مبدأ سلطان الإرادة بشكل يساهم في
تحقيق نوع من التوازن العقدي يظهر من خلال مناسبتين: أولا عند تطبيقه للمقتضيات
القانونية التي نص عليها في قواعد قانونية آمرة، أو متعلقة بالنظام العام، هذه
الأخيرة يكون القاضي ملزما بإثارتها وتطبيقها على العقد من تلقاء نفسه[38]،
ثم ثانيا من خلال اجتهاد القضاء في تفسير بنود العقد لصالح الطرف الضعيف، وكذا
حماية المستهلك من الشروط التعسفية بشكل يضمن توازنا بين طرفي العقد.
ونذكر هنا على سبيل المثال تدخل القضاء في بعض الحالات لاستبعاد بعض الشروط
التعسفية[39]:
أولا: الاتفاق على إسناد
الاختصاص في المنازعات بين المورد والمستهلك
جاء قانون حماية المستهلك[40]
من أجل حماية الطرف الضعيف "اقتصاديا" في العلاقة التعاقدية، ونقصد هنا
المستهلك، وذلك من خلال وضع مجموعة من المقتضيات القانونية، ومن أهمها ما يتعلق
بالاختصاص.
وهكذا إذا اتفق الطرفين على إسناد الاختصاص لمحكمة ما، وتعلق الأمر بنزاع
بين المستهلك والمورد[41]،
فإن المحكمة تكون ملزمة بإثارة عدم اختصاصها من تلقاء نفسها، وهو ما ذهبت إليه
المحكمة التجارية بالدار البيضاء في أحد أحكامها[42]،
والذي جاء في إحدى حيثياته "وحيث إن موطن أو محل إقامة المدعى عليه كمستهلك
يتواجد بالقنيطرة أي خارج دائرة نفوذ هذه المحكمة، مما تكون معه هذه المحكمة غير
مختصة.
وحيث بالاطلاع على العقدة المبرمة بين الطرفين
يتبين أنه قد تم التنصيص في الفصل 25 منه صراحة على إسناد الاختصاص لمحاكم الدار
البيضاء.
وحيث
إعمالا لمقتضيات المادة 16 من القانون 31.08، فإن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية
تبين لها أن البند المذكور من شأنه أن يرتب إخلالا بين حقوق وواجبات طرفي العقد،
وهو ما يشكل شرطا تعسفيا، والذي يندرج في إطار المادة 18 من نفس القانون التي نصت
على الشروط التعسفية على سبيل المثال لا الحصر والتي في جميع الأحوال تبقى للمحكمة
صلاحية تقديرها.
وحيث
تبعا لما بسط أعلاه، يبقى شرط إسناد الاختصاص لاغيا حسب المنصوص عليه في المادة 19
من قانون حماية المستهلك، ويتعين بالتالي تجاوزه، والتصريح بعدم الاختصاص المكاني
للبت في النازلة."
ثانيا: تدخل القضاء
لمراجعة الشرط الجزائي المبالغ فيه
تنص الفقرة الثالثة من الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود على أنه
"يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته
إذا كان زهيدا، ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد
على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي".
وهكذا لئن كان من حق الطرفين طبقا لمبدأ سلطان الإرادة أن يتفقا مسبقا على
مبلغ التعويض الذي يستحقه أحدهما إذا لم ينفذ الطرف الآخر التزامه أو تأخر في
تنفيذه، من خلال التنصيص على ذلك في بنود العقد، فإنه للقضاء سلطة مراجعة هذه
البنود.
وفي هذا الإطار تدخل القضاء في مجموعة من الحالات قصد إبطال أو التخفيف من
بعض الشروط التعسفية حتى قبل صدور القانون 08-31 المتعلق بحماية المستهلك، ونذكر
هنا قرار صادر عن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) سنة 1991 جاء فيه "لكن
حيث لئن كانت محكمة الاستئناف لا تملك حق تعديل العقد إلا طبقا لمقتضيات الفصل 230
من قانون الالتزامات والعقود، فإنه ليس ثمة ما يمنعها من تعديل التعويض موضوع
الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه منعا لإثراء أحد المتعاقدين على حساب المتعاقد
الآخر"[43].
وقد برزت الحماية القضائية للطرف الضعيف من الشرط الجزائي بشكل جلي في ظل
القانون 08-31 المتعلق بحماية المستهلك، وذلك من خلال توسيع نطاق سلطة القضاء في
بسط رقابته عليه وإمكانية إلغائه، وفي هذا الإطار قضت المحكمة التجارية بالرباط[44]
ببطلان شرط تعسفي كان يقضي باستحقاق البنك لنسبة 10 في المائة من قيمة التسبيق رغم
أن المدعي لم يخل بالتزامه إراديا، وإنما بسبب رفض البنك إقراضه.
خاتمة:
يمكن الانتهاء من خلال ما سبق إلى أن موضوع أساس الالتزام العقدي تتجاذبه
نظريتان؛ أولا أن أساس هذه الالتزام يتمثل في مبدأ سلطان الإرادة الذي حاول المشرع
حمايته من خلال قانون الالتزامات والعقود، وإضفاء كل القيمة قانونية على تصرفات
المتعاقدين المبنية على سلطان الإرادة، وثانيا ظهور مجموعة من النصوص القانونية
التي جاءت في قوانين، أحيانا داخل قانون الالتزامات والعقود نفسه، وغالبا ما تكون
خارج هذا القانون، وأصبحت تتدخل في إرادة المتعاقدين في سائر مراحل العقد، وتبرز
إرادة المشرع التي تنبني على غايات اقتصادية واجتماعية...
ذلك أنه إذا كان من المسلم به أن إرادة
المتعاقدين هي أساس الإلتزام، إلا أن تأثر المشرع بالتوجهات الحديثة لقانون
العقود، والتي تؤسس الروابط العقدية بالاستناد إلى قواعد المنفعة الاجتماعية
والعدالة التعاقدية والأمن التعاقدي... كان بمثابة انتكاسة لمبدأ سلطان الإرادة،
وللفلسفة التي يقوم عليها قانون الالتزامات والعقود، لكن ألا يمكن اعتبار أن فلسفة
المشرع في هذا الباب مبررة كذلك، بما أن الهدف منها هو حماية المصالح الاجتماعية والاقتصادية...
وأن هذه العقود تشكل الإستثناء من القاعدة العامة التي تستند بالأساس لمبدأ سلطان
الإرادة.
لائحة
المراجع:
عبد الرزاق السنهوري "الوسيط في شرح القانون
المدني" الجزء الأول، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية.
عبد الحق صافي "الوجيز في القانون المدني"،
الجزء الأول - المصادر الإرادية للالتزام العقد والإرادة المنفردة دراسة في ق ل ع
وفي القوانين الأخرى- مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة 2016.
عبد الحق صافي "القانون المدني"، الجزء
الأول، المصدر الإرادي للإلتزامات، (العقد) الكتاب الأول تكوين العقد، الطبعة
الأولى سنة 2006.
التهامي الزروقي "تأثير قانون حرية الأسعار
والمنافسة على النظرية العامة للعقد"، مطبعة قرطية بأكادير المغرب، طبعة 2021.
بلال العشيري "الحماية القضائية للمستهلك من
الشروط التعسفية" كتاب جامع لأشغال ندوة التحولات الاقتصادية وانعكاساتها على
ظهير الالتزامات والعقود المغربي، مطابع الرباط نت، 2016.
ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ
القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، ج ر عدد 5932 بتاريخ 3
جمادى الأولى 1432 (7 أبريل 2011) ص 1072.
ظهير شريف رقم 1.14.116 صادر في 2 رمضان 1435 (30 يونيو 2014) بتنفيذ القانون
رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، ج ر عدد 6276 بتاريخ 26 رمضان 1435
(24 يوليو 2014) ص 6077.
القانون 107.12 المتعلق بتغيير وتتميم القانون 44.00
بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.05
بتاريخ 23 من ربيع الآخر 1437 (3 فبراير 2016)، ج ر عدد 6440 بتاريخ 9 جمادى
الأولى 1437 (18 فبراير 2016) ص 932.
ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر
2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، ج ر عدد 5167 بتاريخ 13 شوال 1424 (8
ديسمبر 2003)، ص 3969.
ظهير شريف رقم 1.92.7 صادر في 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992) بتنفيذ
القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم
العقارات.
[1] ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير
2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، ج ر عدد
5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 (7 أبريل 2011) ص 1072.
[2]
ظهير شريف رقم 1.14.116 صادر في 2 رمضان
1435 (30 يونيو 2014) بتنفيذ القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة،
ج ر عدد 6276 بتاريخ 26 رمضان 1435 (24 يوليو 2014) ص 6077.
[3]
القانون 107.12 المتعلق بتغيير وتتميم القانون
44.00 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.05
بتاريخ 23 من ربيع الآخر 1437 (3 فبراير 2016)، ج ر عدد 6440 بتاريخ 9 جمادى
الأولى 1437 (18 فبراير 2016) ص 932.
[4]
ففي مجال العلاقات التعاقدية، لم يكن مجرد توافق
إرادتي المتعاقدين كافيا لنشأة الرابطة العقدية الملزمة، وترتيب آثار قانونية في
ذمة كل من طرفيها، بل كان لا بد من إفراغ رضا المتعاقدين في قالب شكلي معين.
[5]
روسو كان أول من يرى أن الفرد هو
أساس القانون وغايته، وقد ولد الفرد حرا وسيدا لنفسه فلا يجوز أن يخضع لغير
إرادته.
[6]
وهذا يكرس لامتداد من امتدادات مبدأ سلطان
الإرادة، وهو نسبية العقود.
[7]
وذلك بغض النظر عن وسيلة إبرام العقد، خاصة أن
المشرع أصبح يضفي قيمة قانونية على العقود الموجهة بطريقة إلكترونية من خلال
القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.
[8]
قانون الالتزامات والعقود لسنة 1913.
[9] سورة المائدة، الآية 1.
[10]
راجع في هذا الإطار عبد الحق صافي "قانون
العقود بين التنظيم العام والتنظيمات الخاصة –الحصيلة والآفاق- المجلة المغربية
للقانون والاقتصاد والتدبير، ع 54، سنة 2016، ص 73.
[11]
من ذلك مثلا القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير
لحماية المستهلك، والقانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
[12]
بحيث يعتبر الفقيه السنهوري أنه إذا نشأ العقد
صحيحا فقد خلصت له قوته الملزمة، ووجب على المتعاقدين تنفيذ ما التزما به.
[13]
الآية 1، سورة المائدة.
[14]
الآية 177، سورة البقرة.
[15]
أخرجه الديلمي في الفردوس (6592) وأخرجه أبو
داود (3594) والحاكم (2309).
[16]
الدكتور عبد الرزاق السنهوري "الوسيط في
شرح القانون المدني" الجزء الأول، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، دار النهضة
العربية، ص 182.
[17]
رغم اختلاف المذاهب بشأن الإرادة التي يجب الأخذ
بها بين المذهب اللاتيني الذي كان يأخذ بالإرادة الباطنة، والمذهب الألماني الذي
لم يكن يعترف سوى بالإرادة الظاهرة.
[18]
للمزيد في هذا الإطار انظر عبد الحق صافي
"القانون المدني"، الجزء الأول، المصدر الإرادي للإلتزامات، (العقد) الكتاب
الأول تكوين العقد، الطبعة الأولى سنة 2006، ص 107.
[19]
وفي حالة غموض العقد وتنازع الطرفين، يتدخل
القاضي من أجل تفسير العقد عبر البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين، دون الوقوف
على المعنى الحرفي للألفاظ، والأخذ بعين الإعتبار طبيعة التعامل وتفسير الشك لصالح
المدين.
[20] عبد الحق
صافي "الوجيز في القانون المدني"، الجزء الأول - المصادر الإرادية
للالتزام العقد والإرادة المنفردة دراسة في ق ل ع وفي القوانين الأخرى- مطبعة
النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة 2016، ص 266.
[21]
عبد الحق صافي "القانون المدني"،
الجزء الأول، المصدر الإرادي للإلتزامات، (العقد) الكتاب الأول تكوين العقد،
الطبعة الأولى سنة 2006، ص 106 و107.
[22] محمد رياض
دغمان "إلزامية العقد" منشورات زين الحقوقية، ط1، سنة 2010، لبنان، ص 52
و53.
[23] أشار للقرار
محمد رياض دغمان، م س، ص 54.
[24] انظر في هذا الإطار محمد رياض دغمان، م س، ص 54.
[25] Batiffol (H) la crise du contrat et ses portés, Archives de Philosophie
du droit, 1998.
أشار إليه التهامي الزروقي "تأثير قانون حرية الأسعار والمنافسة على
النظرية العامة للعقد"، مطبعة قرطية بأكادير المغرب، طبعة 2021 ص 5.
[26]
بلال العشيري "الحماية القضائية للمستهلك
من الشروط التعسفية" كتاب جامع لأشغال ندوة التحولات الاقتصادية وانعكاساتها
على ظهير الالتزامات والعقود المغربي، مطابع الرباط نت، 2016، ص 105 و106.
[27]
بلال العشيري، م س، ص 106.
[28] وهو ما يصطلح عليه بمفهوم العقود
الجبرية.
[29] المادة 120 من القانون 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، الصادر
بالجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 2 رمضان 1423 (7 نوفمبر 2002) ص 3105.
[30] وفي هذا الإطار تنص المادة 4 من
مدونة الحقوق العينية على أنه "يجب
أن تحرر- تحت طائلة البطلان - جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء
الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، وكذا الوكالات الخاصة بها
بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع
أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك.
يجب أن يتم توقيع العقد المحرر
من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف، ومن الجهة التي حررته".
[31]
ظهير شريف رقم 1.03.194
صادر في 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99
المتعلق بمدونة الشغل، ج ر عدد 5167 بتاريخ 13
شوال 1424 (8 ديسمبر 2003)، ص 3969.
[32] في هذا الإطار اعتبرت المادة 19
من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الشرط التعسفي باطلا
ولاغيا.
[33]
ظهير شريف رقم 1.92.7 صادر في 15 من ذي
الحجة 1412 (17 يونيو 1992) بتنفيذ القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات
العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
[34]
ويقصد بالتسليم
المؤقت للأشغال شهادة يمنحها رئيس المجلس الجماعي لصاحب التجزئة يثبت فيها أن
أشغال التهيئة وتجهيزات الأرض والصرف الصحي وخطوط شبكة الاتصالات جاءت مطابقة
للمشروع الذي صدر الإذن بشأنه، للمزيد في هذا الإطار انظر:
مازن القضاوي
"القضاء والعدالة التعاقدية"، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء،
فترة التدريب 2015/2017، ص 28 وما بعدها.
[35]
عبد الرحمان الشرقاوي "دور القضاء في تحقيق
التوازن العقدي" سلسلة البحوث القانونية المعمقة -1- سنة 2008، ص 9 وما
بعدها.
[36]
للمزيد في هذا الإطار انظر عبد الرحمان
الشرقاوي، م س، ص 24 وما بعدها.
[37]
أورده بكر عبد السعيد محمد أبو طالب "أزمة
العقد" رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة
المنوفية بمصر، سنة 2020، ص 122.
[38]
ونذكر هنا بعض الأحكام، حيث جاء في حكم عدد 231
بتاريخ 02/07/2003 ملف 2001/15/9 صادر عن ابتدائية الرباط " وحيث إن البيع في
واقع النازلة مخالف لمقتضيات المادة أعلاه، مما يكون معه باطلا بطلانا مطلقا.
وجاء في حكم آخر صادر عن ابتدائية الرباط بتاريخ 22/07/2003،
ملف عدد 2004/410/6 صرحت فيه المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومما جاء في حيثيات الحكم
"وحيث إن البيع جاء سابقا عن واقعة التسليم المؤقت، وأمام غياب هذه الوثيقة،
فإنه يتعين التصريح بعدم القبول".
أشار لهذين الحكيمن مازن القضاوي "القضاء والعدالة
التعاقدية"، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، فترة التدريب
2015/2017، ص 29 و30.
[39]
لا يهمنا في هذا الباب الدخول في تعريف الشرط
التعسفي وعناصر قيامه، للتوسع في هذا الإطار انظر:
إدريس الفاخوري "حماية
المستهلك من الشروط التعسفية" مجلة طنجيس، ع 3 سنة 2003، ص 65 وما بعدها.
[40]
ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول
1432 ( 18 فبراير 2011 ) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية
المستهلك الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 (7 أبريل
2011) ص 1072.
[41] وقد عرف
قانون حماية المستهلك المورد والمستهلك في المادة 2 منه.
[42] حكم رقم6667 في الملف رقم2017/8209/5152 صادر بتاريخ2017/06/2 عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء، غ م.
[43]
قرار المجلس الأعلى عدد 977 الصادر في الملف
المدني 3874/85 بتاريخ 10 أبريل 1991.
أشار إليه بلال العشيري "الحماية القضائية من الشروط التعسفية"
مقال منشور بأشغال الندوة المنظمة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
السويسي بمناسبة الذكرى المئوية لظهير الالتزامات والعقود، مطابع الرباط سنة 2016،
ص 123.
[44]
حكم رقم 1980 صادر عن المحكمة التجارية بالرباط
بتاريخ 09/11/2020، ملف رقم 20/8232/1722.
للمزيد في هذا الإطار انظر عبد الجبار احميداني "التوازن العقدي: أية
إمكانية للتحقق"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، الكلية
المتعددة التخصصات الرشيدية، السنة الجامعية 2020-2020.
0 تعليقات