الدكتورة أخياظ اسلام
دكتورة في الحقوق – كلية الحقوق - جامعة محمد
الأول وجدة
الالتزام بالوفاء بقيمة
الديون
Obligation de
payer la valeur des dettes
مقدمة:
إن أهم الالتزامات الناجمة
على إبرام عقد شراء الديون، التزام مؤسسة الشراء بالوفاء بقيمة ديون وحقوق الدائن
تجاه مدينيه، مقابل انتقال ملكية هذه الأخيرة إليها، لذلك يتعين تحديد الإطار الذي
سيتم اعتماده لأجل تنفيذ الالتزام بالوفاء بقيمة الديون، في ظل غياب نصوص خاصة في
هذا المجال، لأجل التعجيل بالوفاء بقيمتها لبائع الديون.
إذا كانت مؤسسة شراء الديون تحرص
على انتقال ملكية حقوق بائع الديون إليها بحلولها محل البائع استنادا إلى النظام
القانوني لأدوات انتقال الحقوق، فإن هذا الأخير جد حريص على أن يتم الوفاء له
بقيمة فواتيره وسنداته التي تمثل ديونه تجاه مدينيه، مقابل أن تحل مؤسسة الشراء
محله في ديونه تجاه مدينيه، وهذا يستدعي ضرورة تحديد المقصود بالوفاء، وبالأحرى الآلية
التي يتعين اعتمادها للوفاء، والتي ستسمح بالتالي بتعجيل الوفاء بقيمة الديون إلى
مؤسسة الشراء
المبحث الأول: المقصود بالوفاء في
عقد شراء الديون
أولا : المقصود بالوفاء
يقصد بالوفاء[1]
في إطار عقود شراء الديون، تنفيذ مؤسسة الشراء لالتزامها الذي رتبته على نفسها، و
ذلك عن طريق أداء محل هذا الالتزام أي أداء قيمة الفواتير وما يثبت حقوق الدائن ،و
ديون ه المقبولة [2]،
و قد اختلف الفقه في تحديد طبيعة الوفاء، حيث يرى البعض في الوفاء مجرد واقعة
مادية تصدر عن المدين فتبرأ به ذمته إلا أنه قبل كل شي يعد الوفاء بمثابة تعبير عن
الإرادة التي تجسد نية المدين من التحلل من تعهده، و في نية الدائن الحصول على محل
هذا التعهد.
وينقضي وفقا للقواعد العامة
الالتزام بالوفاء[3]،
بإعطاء شيء متفق عليه، فلا يجبر الدائن على شيء غيره حتى ولو كان هذا الشيء مساويا
لقيمة الشيء المتفق عليه، أو كانت له قيمة أعلى ( الفصل 320 من ق.ل.ع[4])،
والمشرع المغربي حرصا منه على تسهيل مهمة المدين من حيث حصوله على دليل لإثبات
الوفاء قد أورد بعض الأحكام الخاصة في الفصلين 251 و 252 من ق.ل.ع.، والتي يمكن
الاستناد عليها فيما يخص الحصول على السند الذي يثبت وفاء المؤسسة لالتزامها.
فالفصل 251 نص على أن:" للمدين
الذي وفى الالتزام الحق في أن يطلب استرداد السند المثبت لدينه، موقعا عليه بما يفيد
براءة ذمته. فإن تعذر على الدائن أن يرد سند الدين أو كانت له مصلحة مشروعة في الاحتفاظ
به حق للمدين أن يطلب على نفقته ، توصيلا مؤقتا مثبتا براءته"، وفي الفصل252
ورد فيه أن:" للمدين الذي يفي ببعض الالتزام الحق في أن يطلب إعطاءه توصيلا بما
يدفعه وله أيضا أن يطلب التأشير بما يفيد حصول الوفاء الجزئي على سند الدين".
كما أجمعت التشريعات على أن الوفاء
يخضع لذات قواعد الإثبات التي تسري على الالتزام نفسه[5]،
و قد تم تعديل الفصل 443 من ق.ل.ع.م[6]
لأجل الرفع من قيمة مبلغ الالتزام الذي يتطلب الإثبات كتابة ، وبناء على هذا
التعديل أصبح القانون المغربي يتطلب لإثبات إنشاء الالتزام أو انقضائه دليلا
كتابيا متى تجاوزت قيمة الالتزام مبلغ
10.000 درهم، و تجدر الإشارة هنا إلى أن شراء الديون يعد عملا تجاريا أصليا
أو بالتبعية بالنسبة للطرفين كما أشرنا في خصائص عقد شراء الديون، لذلك تطبق عليه
مبدأ حرية الإثبات وفقا للمادة 334 من مدونة التجارة[7]،
وتطبيقا لذلك فإنه يمكن إثبات كل ما يتعلق بعقد شراء الديون بمختلف وسائل الإثبات
ما لم يتم الاتفاق أو ينص القانون على خلاف ذلك.
ثانيا: الوفاء مع الحلول
هذا النوع من الحلول يتم بالاتفاق[8]،و
من هنا جاءت تسميته بالحلول الاتفاقي، غير أنه اتفاق من نوع خاص لأنه لا يتم بموافقة جميع أطراف
العلاقة، وتفترض هذه الحالة أن يتفق الغير مع الدائن على أن يقوم هذا الغير
بالوفاء له بدين المدين على أن يحل محله في مطالبة المدين بالدين بما له من ضمانات
و كفالات دون أن يتوقف ذلك على موافقة المدين.
ويشترط في الحلول توافر الشروط
التالية:
1-أن يكون صريحا:
ومعنى ذلك أن يكون التعبير عن
إرادة الدائن صريحة في الحلول و أن تكون واضحة جلية لا أن يكون تعبيرا ضمنيا، و هو
ما يعني الإعلان عن الإرادة في صورة يفهم منها مباشرة أن المقصود هو سداد دين
الدائن مع بقائه قائما لصالح الغير الموفي حتى يعلم دائنو المدين الآخرون، ودون
لبس أو غموض بالمدين الحقيقي للوفاء، و مدى تأثيره في مراكزهم[9].
ومن الناحية العملية وتطبيقا لنص
الفصل 212 من ق .ل.ع [10]،
فإنه عادة ما تشترط شركات الشراء التي تمارس عمليات شراء الديون في عقودها التي تبرمها مع بائعي الديون بضرورة
ورود عبارة تحرر على الفواتير أو المستندات، تفيد أو تبين أن البائع أو الدائن يقر
بحلول مؤسسة الشراء محله في جميع حقوقه وديونه، ويقترب هذا الإجراء الذي تطالب به
مؤسسات الشراء عادة بالإعلان الذي
لا يعد إجراء لازما في الحلول
الاتفاقي لنفاذها على المدين، و إنما هو مجرد إجراء اختياري يجوز إجراؤه بكافة الطرق الممكنة، دون الإعلان
عنه رسميا. وتطبيقا لذلك جاء في إحدى القضايا[11]، التي
عرضت على القضاء الفرنسي، أن عميلا أخطر مدينه بضرورة الوفاء للمؤسسة مباشرة
بعبارة دونت على نفس الفاتورة وتقضى بأن الوفاء يكون منهيا للدين فقط عندما يتم
لمؤسسة الشراء.
ولدى رجوع المؤسسة على المدين رفض الوفاء واحتج
بالمادة 1240 من القانون المدني الفرنسي، وقدم دليلا على حسن نيته بسبق وفائه
المنتظم للعميل مباشرة، وأن العبارة التي دونت على نفس الفاتورة لم تلفت انتباهه
خاصة وأنها كتبت بنفس المداد الذي كتبت به الفاتورة ذاتها.
أيدت محكمة استئناف باريس المدين
في رفضه الوفاء مقررة أن "التجار الحريصين يبذلون قدرا أكبر من العناية في
سبيل إعلام مدينهم بالحلول، وإن الصيغة التي دونت على الفاتورة لم تكن واضحة، ولم تشتمل على لفظ الحلول، وجاء حكم
النقض قاطعا في تأييد هذا الاتجاه ، فالوفاء لغير مؤسسة الشراء يكون مبرئا لذمة
المدين طالما أن التنويه بعملية الحلول الاتفاقي بعبارة دونت على الفاتورة لم يكن
واضحا لجذب انتباه المدين"[12].
و تنص عقود شراء الديون على التزام
العميل بإخطار مدينه بحلول المؤسسة محله في حقوقه بعبارات تدون على الفاتورة
ذاتها، وتكون صيغتها كالآتي: "لكي يكون الوفاء مبرئا لذمتكم، يتعين أن يتم
الوفاء لمؤسسة الشراء والتي حلت محلنا (subrogé) في حقوقنا تجاهكم"[13]. ولا
تكتفي المؤسسة بهذا الإخطار، وإنما تقوم من جانبها بإجراء تكميلي بإخطار المدين
بحلولها محل العميل في حقوقه تجاهه[14].
و تجدر الإشارة إلى أن مؤسسات
الشراء تتطلب ورود ما يفيد الحلول في كل حالة على حدة أو بمناسبة الوفاء بقيمة
الدين في كل مرة ،وذلك بمعنى أن كل فاتورة أو كل سند يثبت حقا أو دينا للبائع
يتعين أن يرد عليه ما يفيد أن مؤسسة الشراء تحل محل الدائن في الحق أو الدين
وضماناته .
2 أن
يقع الوفاء فور الحلول
ويتعين بالإضافة إلى ما سبق أن
يتزامن ذلك الحلول مع وقوع الوفاء، وهو ما يستدعي أن تقوم مؤسسة الشراء بمجرد أن
تتوصل بالفواتير وغيرها من الوثائق التي تثبت ديون البائع، والتي يفترض أن تكون
مؤسسة الشراء قد أطلعت عليها مسبقا لاختيار ما تراه ملائم لقدراتها في تحمل مخاطر
الموافقة على إبرام العقد مع البائع (الدائن الأصلي )،لأجل القيام بالوفاء فور وضع
بائع الديون ما يفيد حلول المؤسسة محله، وسواء أكان الوفاء نقدا أو عن طريق تقييد
المبلغ من جانب الدائن في الحساب البنكي بالاطلاع [15]المتفق
على فتحه فيما بين الطرفين .
وعليه، إذا قامت شركة الشراء
بالوفاء بالدين دون الاتفاق مع البائع على الحلول محله، فإنها لا تستطيع قانونيا
أن تحل محله بعد ذلك، لأن الدين يكون قد انقضى بعملية الوفاء التي قام بها الغير
دونما أن يتفق مع الدائن على الحلول محله، غير أن القضاء الفرنسي يجيز الحلول السابق
على الوفاء حسب ما ذهبت إليه محكمة استئناف باريس من أن الحلول السابق هو وعد
بالحلول و لا عبرة بكونه واقعا في تاريخ
سابق على الوفاء ما دام لم ينتج أثره إلا من لحظة الوفاء [16].
و يتعين أن يكون الاتفاق على
الحلول وقت الوفاء وليس بعده ثابت التاريخ للاحتجاج به على الغير الذي تكون له
مصلحة في معرفة تاريخ الاتفاق بدقة، وفي نفس السياق فإن مؤسسات أو شركات الشراء
عادة ما ترفض الوفاء أو قيد المبلغ بالحساب بالاطلاع إلا حينما تتوصل بمخالصة مع
الحلول [17].
وهكذا، فقد دأبت شركات الشراء على
أن " لا تقوم بأي وفاء أو قيد بالحساب بالاطلاع إلى غاية ما يتم التوصل أو
استلام المخالصة المتضمنة للحلول، ويعود السبب في ذلك إلى تشدد العمل القضائي من
تحقق هذا الشرط " تزامن الوفاء مع الحلول " الذي يثير صعوبات كثيرة على
مستوى التكييف القانوني للوفاء مع الحلول ، وتعد المخالصة الأداة التي يتم من
خلالها إثبات الحلول [18].
وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أن
ثمة تمييز بين المخالصة العادية والمخالصة المتضمنة للحلول ذلك أن هذه الأخيرة
تهدف إلى إثبات اتفاقين، اتفاق يتعلق بالوفاء، أي بقضاء الدين، واتفاق على الحلول
ولذلك عادة ما يطلق عليها مخالصة الحلول، باعتبار أنها تتضمن الاتفاق على أن تحل
المؤسسة محل الدائن الذي يقوم بالتوقيع عليها، مقابل أن تضع المؤسسة مبالغ
الفاتورات المقبولة مسبقا في الحساب الجاري لبائع الديون مع مؤسسة الشراء. ولهذا
فالمخالصة المتضمنة لاتفاق الحلول يجب أن تكون ثابتة التاريخ، حتى تتمكن مؤسسة
الشراء من إثبات تاريخ الحلول.
المبحث الثاني : الحصول على قبول
الموفي
أولا: صفة الموفي
إن الذي يدعي بالحلول يجب أن يكون
من الغير أي أجنبيا عن الدين، فمن يدفع دينه الخاص لا يمكنه أن يتمسك بالحلول، و
يجب أن يتصرف هذا الغير عند الوفاء باسمه الخاص و لحسابه[19]،
و هي خصائص قانونية تتوفر بلا شك في مؤسسة شراء الديون، فهي أجنبية عن العلاقة
الأساسية التي تربط الدائن (البائع) بالمدين (المشتري)"عقد بيع أو تقديم
خدمات " و التي نشأ عنها الدين، و تتصرف باسمها الخاص و لحسابها عند الوفاء
للبائع بقيمة حقوقه على مدينه و بحكم أن هذا العقد يشكل تزاوجا بين أحكام القانون
المدني و القانون التجاري، فلا يكتفي أن يكون الموفي في عقد شراء الديون من الغير،
بل يجب أيضا أن يكون من مؤسسات الائتمان، وهو ما جاء صراحة في نص المادة الخامسة
من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان
والهيآت المعتبرة في حكمها بأن:
"شراء الفاتورات المشار إليها في المادة 3 أعلاه هو اتفاقية تلتزم بموجبها
إحدى مؤسسات الائتمان .... "، وقد تعرضت المادة الأولى من قانون 34-03
المتعلق بمؤسسات الائتمان[20]
للمقصود بمؤسسات الائتمان بقولها " تعتبر مؤسسات للائتمان الأشخاص المعنوية
التي تزاول نشاطها في المغرب، أيا كان موقع مقرها الاجتماعي أو جنسية المشاركين في
رأس مالها أو مخصصاتها أو جنسية مسيريها، و التي تحترف بصفة اعتيادية نشاط واحدا
أو أكثر من الأنشطة التالية:
- تلقي الأموال من الجمهور
- عمليات الائتمان
- وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف
العملاء أو القيام بإدارتها."
و نفس الشيء تضمنته المادة الأولى
من قانون الائتمان الفرنسي الصادر في 24 يناير 1984 و التي جاء فيها بأن المقصود
بمؤسسات الائتمان بأنها الأشخاص المعنوية التي تزاول العمليات المصرفية على وجه
الاحتراف [21]،
و طبقا للفقرة الثانية من المادة المذكورة تتمثل العمليات المصرفية في عمليات تلقي
الودائع من الجمهور و مختلف عمليات الائتمان فضلا عن منح العملاء سبل الوفاء
بديونهم أو سبل إدارة أموالهم. [22]
و لم يشر القانون المصري إلى
اعتبار عقد شراء الديون من عقود منح الائتمان، على خلاف ما فعل بشأن عقد الائتمان
الإيجاري، بيد أن عناصر الائتمان جلية في هذا العقد لا ينكرها أحد بل يذهب القضاء إلى تجريم ممارسة مهنة شراء
الحقوق إذا تمت دون الحصول على ترخيص مسبق، باعتبار أن ذلك يعد من قبيل مزاولة
العمل البنكي بغير الحصول على موافقة الجهات المختصة[23].
ثانيا : شرط القبول
في هذا الصدد ينص الفصل الثالث من
عقد شركة (Maroc Factoring) على أنه: "يتعين على العميل أن يحصل
على الموافقة المسبقة لشركة (Maroc Factoring) وذلك
طبقا للشكل المنصوص عليه في هذا الشأن والمتضمن لحدود الاعتماد الممنوح بشأن كل
مشتري، ولكن للشركة في أي وقت أن تبلغ العميل قرارها بتعديل الموافقة أو إلغائها،
كما تلغى بصفة تلقائية كل موافقة لم تكن موضوع تسليم بعد مرور مدة سنة، ودون إشعار
العميل [24].
وكما يستفاد من هذا الفصل المذكور،
ومن النهج المتبع من قبل شركات الشراء عموما يتميز شرط القبول أو الموافقة المسبقة بالخصائص التالية:
1- يمنح القبول من قبل مؤسسة
الشراء على شراء فاتورات كل مدين على
حدة [25] وليس
عن كل فاتورة أي على أساس اعتبار شخصي فمؤسسة الشراء تمنح القبول لجزء أو لكل
الفواتير التي يقدمها بائع الديون و المتعلقة بمدين معين من مديني البائع.
2- يمنح القبول في حدود الاعتماد
الممنوح بشأن كل مدين معين و يتجدد هذا الاعتماد المفتوح تلقائيا بالقبول الذي تم
تحصيله من الديون المقبولة، فللاستفادة من ضمان حالات عدم الأداء يجب أن تكون
الفواتير مساوية لقيمة الاعتماد لأن الشركة لا تضمن القيمة الزائدة.
3- تبقى الموافقة سارية المفعول
غاية صدور قرار جديد بتعديلها أو إلغائها، و ذلك بمعنى أن القبول الممنوح من مؤسسة
الشراء يمكن تعديله بإنقاصه أو إلغائه كليا من تلقاء نفسه، أما الزيادة فيه فإنها
تتطلب إعلان بائع الديون صراحة بتلك الزيادة حتى يسري ذلك عليه، فهاته الخاصية تمثل ضمانة هامة
للشركة للحد من مخاطر عدم الرجوع، فقد تطرأ ظروف من شأنها أن تغير وضع العميل أو
مركز مدينيه، كتعرضهما لمشاكل مالية أو صدور أحكام قضائية بإفلاسهما، الشيء الذي
يفرض على المؤسسة تغيير قرارها بالنسبة للمستقبل حماية وصيانة لحقوقها. وقرار التعديل
أو الإلغاء كما يتضح من مقتضيات المادة الثالثة من العقد المشار إليه سابقا لا
يسري بأثر رجعي على المعاملات التي تمت قبل صدوره[26].
وتطبيقا لذلك عادة ما تؤكد عقود الشراء على حرمان العميل من كل ضمان بالنسبة للفواتير
المحررة على المدين الذي كان متوقفا على الدفع، أو موضوع تسوية أو تصفية قضائية
إذا علم بالحالة قبل تسليم المخالصة مع الحلول[27].
4-إذا كان لمؤسسة الشراء حق اختيار
الديون المناسبة، فإن سلطتها التقديرية ترجع حقيقة إلى ما يلي:
أولا: من مصلحة المؤسسة قبول أكبر
عدد ممكن من العمليات، و أما الثاني فيتعلق برفضها لإبرام عقود شراء الديون بمقتضى
مبدأ القبول؛ إذ يمكن اعتبار ذلك تعسفا في استعمال الحق، و ما ينجر عن ذلك في حالة
الرفض من
نشوء التزام على عاتق مؤسسة الشراء
بعدم إفشاء أسرار المدين، لأن رفض كل أو بعض فواتير مدين معين؛ يعني أن المدين ليس
أهلا بأن يمنح له ائتمانا. و مهما كان الرفض صحيحا أو فيه تعسفا فواقعة عدم القبول
لفواتير على أحد المدينين – سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا- تتعلق بمعلومات يؤدي
نشرها إلى التأثير على مركز هذا المدين (المشتري) [28].
وعليه، فإن عقود شراء الديون تنص
على شرط مفاده كتمان السر و عدم إفشائه و هذه السرية تلزم كلا الطرفين مؤسسة
الشراء و بائع الديون.
و في هذا الشأن، قضت محكمة النقض
الفرنسي الغرفة الثانية مدني في 14/10/1987 قضية "سولفا و سونترال
فاكتور" ، حيث لم يحق للمدين بالادعاء على المؤسسة ، و لكن رفعها ضد البائع
على أساس المسؤولية العقدية[29] .
و فصلت في قضية أخرى في حكم تجاري
25/01/1984 بتقرير مسؤولية المؤسسة اتجاه أحد مديني عميله عن إهماله الجسيم بإفشاء
معلومات غير صحيحة عنه وهذا طبقا للمادة 1382 من القانون المدني الفرنسي [30]
الخاتمة :
و بالتالي فإن هناك التزام على
عاتق مؤسسة الشراء عندما تصدر قرارها، بضرورة مراعاة قواعد الحيطة و الحذر حتى لا
يكون الرفض مؤثرا على وضعية المدين مما قد يؤدي إلى مسؤولية المؤسسة، و بالنتيجة يلتزم بائع الديون بعدم إفشاء ما
بلغ به من طرف مؤسسة الشراء، وإلا قامت مسؤوليته تجاه المدين، و اجتنابا لما قد
يحصل، فإنه عادة ما يوجد شرط في العقد ينص على مسؤولية العميل في حالة إفشاء هذه
المعلومات باعتباره مخالفا لقواعد السير المهني و المصرفي[31] .
وشركات الشراء تتمتع بحرية كاملة
في موافقتها على إبرام العقد مع بائع
الديون، وحتى بعد موافقتها على إبرام العقد تظل حرة في قبول و عدم قبول الفواتير
المعروضة عليها ثم بعد ذلك تمارس حريتها
في اختيار ما تراه مناسبا و قليل المخاطر، و بعدها تحدد سقف الاعتماد الذي
تظل متحكمة في الزيادة فيه أو التوقف عن تقديمه خلال المرحلة المستقبلية، ويخشى أن
تتحول هذه الحرية إلى تعسفات وتجاوزات يكون موضوع ضحيتها الدائن الأصلي الذي يسعى
إلى البحث على كل ما من شأنه أن يحقق طموحاته خصوصا تمويل مقاولته وحل مشاكله قبل
مدينيه قصد تطوير وضعيته المالية والارتقاء بمقاولته الصغيرة أو المتوسطة نحو
الأفضل.
[1]
- يقصد بالوفاء قانونا قيام المدين بتنفيذ
الالتزام الذي رتبه على نفسه ، وذلك عن طريق أداء محل هذا الالتزام، فإذا كان محل
الالتزام نقل عيني كما في التزام بائع عقار محفظ مثلا، فوفاء البائع بالتزامه يتم
بتسجيل ملكية العقار المبيع على اسم المشتري في السجل العقاري؛ وإذا كان محل
الالتزام القيام بعمل ما كالتزام المؤجر نحو المستأجر من حيث تمكينه من الانتفاع
بالمأجور أو التزام المستقرض إزاء المقرض من حيث رد مبلغ القرض إليه، فإن المؤجر
أو المستقرض يعتبر قد وفى بالتزامه إذا قام الأول بتسليم المأجور إلى المستأجر
وقام الثاني بدفع مبلغ القرض إلى المقرض، وإذا كان محل الالتزام الامتناع عن عمل
كالتزام ممثل بعدم قبول التمثيل لدى شركة منافسة للشركة التي تعاقد معها، فإن
الممثل يعتبر قائما بالوفاء بالتزامه مادام يرفض العمل مع هذه الشركة المنافسة. مأمون
الكزبري: نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، أوصاف
الالتزام وانتقاله وانقضاؤه، ج.2 ،طبعة 1970، دون ذكر المطبعة، ص 297.
[2]
في حين يقصد بالوفاء بمفهومه الشائع في اللغة الدارجة أداء المدين دينا محله مبلغ
من النقود و ذلك برد المدين هذا المبلغ من النقود إلى الدائن.
[3] مأمون الكزبري: نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات
والعقود المغربي، أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه، مرجع سابق ، ص 296.
[4] - ينص الفصل 320 من ق ل ع على ما يلي:" ينقضي الالتزام بأداء
محله للدائن وفقا للشروط التي يحددها الاتفاق أو القانون."
[5] إسماعيل
غانم، النظرية العامة للحق في النظرية العامة للالتزام، ج 2، الطبعة الثالثة 1963،
مكتبة وهبة بالقاهرة، ص 394.
[6]
بموجب الظهير الشريف رقم 01.07.129 الصادر في 30 نونبر 2007 بتنفيذ القانون رقم
05.53 المتعلق بالتبادل الالكتروني .
[7]
تنص المادة 334 من مدونة التجارة على أنه:" تخضع المادة التجارية لحرية
الإثبات، غير أنه يتعين الإثبات بالكتابة إذا نص القانون أو الاتفاق على
ذلك".
[8] - تعرض المشرع المغربي للحلول من الفصل 211 إلى الفصل 216 من ق ل
ع.
[9]
- Christian Larroumet :
les operation juridique a Trois personnes en droit Privé ,
these,BORDEAUX,1967,p156 .
[10]
- ينص الفصل 212من قانون الإلتزامات والعقود
على ما يلي: يقع الحلول الاتفاقي إذا أحل الدائن الغير محله، عند قبضه
الدين منه في الحقوق والدعاوى والامتيازات والرهون الرسمية التي له على المدين.
ويجب أن يقع هذا الحلول صراحة، وأن يتم في نفس الوقت الذي يحصل فيه الأداء.
[11]-
Cass .Com.14
Octobre 1975 :J.C.P.G .1976-II-18279 Note ,CH.Gavalda et RTD.com,
1976.p175.
[12]-
Cass .Com.14
Octobre 1975 :J.C.P.G .1976-II-18279 Note ,CH.Gavalda et RTD.com,
1976.p175. voir, Gavalda Deschanel et Lemoine, Affacturage,1994,n
63.
[13]
Cass .Com.9Janvier
1990, R.T.D ,Civ.1990 ,p.661.observation Mestre (J).
[14] محمود عبد الرحمن: الحلول
الشخصي، دراسة مقارنة في القانونين المصري و الفرنسي، دار النهضة العربية ،
القاهرة ،1989، ص 274.
[15] يعتبر الحساب بالإطلاع
عقدا من العقود البنكية التي تخضع في إبرامها بين البنك و الزبناء المعينين بالأمر،
للقواعد و الإجراءات المنصوص عليه في القانون البنكي ، إلا أن ما يميزه عن هذه
العقود يكمن في كونه يشكل منطلقا لإبرامها و وعاء لسريانها، إذ من النادر جدا أن
تقدم أي مؤسسة بنكية على التعامل مع زبون
لها من دون أن تفتح له حسابا بنكيا بالاطلاع حتى و لو كان هذا التعامل
يندرج أساسا في إطار توزيع الائتمان.راجع في هذا الموضوع محمد لفروجي: العقود
البنكية، الطبعة الأولى، ص 77 و ما بعدها.
[16]
Paris 22 Avril
1983 ;cité par Gavalda Perspectives et réalités juridiques de la
convention dite d affacturage , J.C.P 1989 ,éd 15578 ,n 12 .
[17]
- و لتأكيد تزامن الحلول مع الوفاء في آن واحد، تفرض مؤسسة الشراء على عميلها أن
يتضمن طلبه، المرسل إليها لأجل تعجيل الوفاء بقيمة الديون الصيغة التالية:
"نحن نقر بأن الطلب المقدم يعتبر و بمفرده و من لحظة قيامكم بالوفاء لنا سندا
لحلولكم محلنا في حقوقنا لدى المدين ".
و قد أقرت محكمة النقض الفرنسية بصحة هذه الصيغة للتدليل على وجود التزامه من
الحلول و الوفاء بقيمة الديون .
[18]
Gavalda
( Christian ) : Note sous paris 21 Janvier 1970.J C P 1971.16837.
[19] -محمود عبد الرحمن محمد: الحلول الشخصي، مرجع
سابق، ص 293.
[20]
ظهير شريف رقم 1-05-178،الصادر في 15 من محرم 1427(14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون
34-03 المتعلق بمؤسسات الائتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها ،الجريدة الرسمية
5397 بتاريخ 20/02/2006، ص 435.
[21] Gavalda et Stoufflet : la loi
bancaire du 24 Janvier 1984,J.C.P,éd.F,14379
.
[22] أنظر القانون البنكي الجديد .
[23]
L.13Juin
1941,art27,C.E.13 mars1970J.C.P,1970,éd.G,2,16417,note
ch. Gavalda ,R.T.D,com.1976,P.753 ;obs,
M.Cabrillac et J-L. Rives-lange ;Les juridictions civiles se sont
prononcées dans le même sens :Paris,9e ch.24Janvier1983,note
,Cohen :D.1983,I.R.405.V .aussi :cass.crim 20fevrier1984 :D
1985.I.R.P.327,Bull.Crim.n62 ;Lemoine (Laurent) et Deschanel(Jean-Pierre)
Affacturage, j.c.c (banque et crédit)1994,n 10.
[24]
راجع عقد شركة Maroc Factoring.
[25]
- تورية توفيق: وكالة تحصيل و ضمان الحقوق
التجارية، رسالة دكتوراه في جامعة عين شمس في مصر ، 1987، ص 87.
[26]
« toute fois les modifications ne
produiront effet que pour les operations effectuées postérieurement a la
notification faite a l’adherent ou a la date de la prise d’effet de résiliation
du contrat ).
[27]
راجع الفصل 3 من العقد النموذجي لشركة (A.F.M)
[28]
C.Gavalda perspectives et réalités juridiques
de la convention dite d’affacturage .J.C.P 1989, ed.fasc 15579,N°03
[29]
Ibid N° 03.
[30]
Cass . Com du
25/01/1984.BRDR . 30 Mai 1984 .
[31]
J.PDESCHANEL-LLEMOINE :
Affacturage JC. Com) BANQUE ET CREDIT(.1994.FASS
580. N° 60.
0 تعليقات