الإثبات في المادة الاجتماعية - الدكتورة عائشة برشان - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث
الدكتورة
عائشة برشان
دكتورة في الحقوق - أستاذة باحثة بالكلية
المتعددة التخصصات
بالقصر
الكبير
الإثبات في المادة الاجتماعية
Evidence in social material
مقدمة:
يرتكز الإثبات على إقامة
الدليل أمام القضاء بالطرق المحدد في القانون، وعلى بيان وجود حق متنازع عليه، مما
يترتب عليه نتائج قانونية، وبالتالي فان الإثبات في جوهره يسعى إلى إقناع المحكمة
بادعاء أو دحض ادعاء الخصم، لأن القاعدة العامة في مجال الإثبات، حسب الفصل 399 من
ق.ل.ع تقضي بأن البينة على المدعي.
والملاحظ أن المشرع المغربي تطرق لوسائل الإثبات في قانون
الالتزامات ولعقود من خلال الفصل 404. كما أورد بعض قواعده في قانون المسطرة
المدنية.[1]
لكن مدونة الشغل كرست مبدأ الحرية في الإثبات من خلال مقتضيات المادة 18 من مدونة
الشغل.[2]
وإذا كان موقف قانون الالتزامات والعقود، قد تأثر إلى حد
بعيد بقاعدة أنه من يدعي الشيء هو من عليه الإثبات، إلا أن مدونة الشغل وضعت حدا
لهذه القاعدة، وذلك نظرا للصعوبات والإرهاصات التي تواجه الأجير أثناء عملية
الإثبات والتي تحول في غالب الأحيان دون إقناع القضاء بعدم مشروعية موقفه.
وعموما تتنوع طرق الإثبات في المادة الاجتماعية، وتضم
بالأساس الإثبات الكتابي (المحور الأول)، وكذا الإثبات غير الكتابي (المحور الثاني).
المحور الأول: الإثبات الكتابي في المادة الاجتماعية
تتعدد طرق الاثبات الكتابي في المادة الاجتماعية، ولعل
أهمها عقد الشغل، هذا الأخير يفترض أن يتضمن فيه اسم طرفي العقد ومختلف الشروط
وكذا حقوق والتزامات، التي يتوجب على كل طرف أن يمليها على الآخر، مرفوقة
بتوقيعهما، وهو ما يتجسد من خلال ذلك ما يعبر عنه بالإيجاب والقبول اللذين يعتبران
لازمين في أي عقد.
إلا أنه باقي الوثائق الأخرى يشترط فيها فقط أن تكون صادرة
عن المشغل أو المؤسسة التي يعمل بها الأجير، والتي يجب أن تتوفر على المعلومات
الآتية: اسمه التجاري أو اسمه الخاص، إسم الأجير الشخصي أو العائلي، تاريخ بداية
عمله، وتاريخ تحرير الوثيقة، ثم توقيع وتأشيرة المشغل أو من ينوب عنه، ولا يشترط
أن يتم تصحيح الإمضاء عليها أمام السلطة المحلية.
وأيضا من وسائل الاثبات الكتابي في المادة الاجتماعية نجد شهادة
العمل، وهي هي تلك الشهادة التي تسلم عند انقضاء العمل أو عند احتياج الأجير لها،
وذلك بناءا على طلب هذا الأخير، داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام، وذلك تحت طائلة
أداء تعويض مقابل أي رفض أو تماطل في هذا التسليم.[3]
وحسب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 72 من مدونة الشغل :
"يجب على المشغل عند انتهاء عقد الشغل تحت طائلة أداء تعويض، أن يسلم الأجير
شهادة شغل داخل أجل أقصاه ثمانية أيام".
بالتالي فشهادة العمل يمكن للأجير أن يستغلها كوسيلة لإثبات
قيام العلاقة الشغلية في حالة إنكارها من قبل المشغل، أو عند منازعته لمدة العمل
أو الأجر الذي كان يتقاضاه الأجير قبل إنهاء عقد الشغل.[4]
وفي هذا صدر قرار عن محكمة النقض: "حيث إن المحكمة
وبعد دراستها لوثائق الملف اتضح لها عدم صحة ما اعتمدته الأجيرة كأساس لاستئنافها،
ذلك أن صفتها كعاملة موسمية ثابتة استنادا لشهادة العمل المحتج بها من طرف الأجيرة
نفسها والتي تشير إلى صفتها كعاملة موسمية، فمن أدلى بحجة فهو قائل بما جاء فيها،
ويؤكد ذلك ورقة الأداء التي تحمل أن طبيعة العلاقة الشغلية التي تربط المستأنف
بالمستأنف عليه على أنها موسمية".[5]
كما جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير والذي
جاء فيه: "وحيث إن تسليم شهادة العمل لفائدة المدعي يقتضي من المدعى عليها
القيام بعمل، مما يكون طلبه الرامي إلى إجباره على تنفيذ ذلك بواسطة غرامة تهديدية
له ما يبرره وتحددها المحكمة تبعا لذلك في إطار سلطتها التقديرية في مبلغ 100.00
درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ تحتسب من تاريخ ثبوت امتناع المدعى عليها عن
التنفيذ".[6]
وتعتبر ورقة الأداء من أهم طرق الاثبات الكتابي في هذا
المجال، حيث نجد أن الفقرة الأولى من المادة 370 من مدونة الشغل تنص على أنه :
"يجب على كل مشغل أن يسلم أجراءه عند أداء أجورهم، وثيقة إثبات تسمى
"ورقة الأداء"، وأن يضمنها وجوبا البيانات[7]
التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل".
ولورقة الأداء أهمية كبيرة في إثبات مجموعة من الأمور من
أهمها ما يتعلق بإثبات علاقة الشغل، وفي هذا الصدد ما جاء به قرار صادر عن محكمة
النقض على أنه:"...والطالب دفع في سائر مراحل الدعوى بأن المطلوب في النقض هو
أجير مؤقت، وما دامت ورقة أداء الأجر المدرجة بالملف والتي تقوم مقام عقد العمل،
والتي لا ينفيها الأجير تتضمن صفة أجير مؤقت، فإن القرار المطعون فيه عندما اعتبر
المطلوب في النقض أجيرا قارا لدى الطالب ورتب في حقه الأثر القانوني بعلة، أنه قضى
في العمل الفعلي مدة تفوق سنة يكون غير مرتكز على أساس...".[8]
ونجد المادة 23 من مدونة الشغل نصت في فقرتها الثالثة على
أنه : "يجب على المشغل أن يسلم الأجير بطاقة شغل"، كما أضافت الفقرة
الرابعة من نفس المادة على أنه : "يجب أن تتضمن بطاقة الشغل البيانات التي
تحدد بنص تنظيمي".[9]
وعلى العموم نجد أن بطاقة الشغل قد سهلت على القضاء في أن
تكون دليل لإثبات علاقة الشغل، والأخذ بجميع العناصر الأخرى مثل مدة الشغل وطبيعته
ثم الأجرة، وأنها تغني عن باقي الوسائل الأخرى في الإثبات.كما أن تسليم هذه
البطاقة تعد التزاما وواجبا على عاتق المشغل سواء كان ذلك بالاتفاق الكتابي أو
الشفوي أو بمجرد ممارسة الاجير لعمله ولو ليوم واحد.[10]
وبحكم أهمية هذه الحجة الكتابية في إثبات وجود العلاقة
الشغلية فقد رتب المشرع حسب مقتضيات المادة 25 من مدونة الشغل غرامة مالية تتراوح
بين 300 و500 درهم.[11]
كما نجد أن المشرع المغربي عمل على تنظيم توصيل عن تصفية كل
حساب في إطار مواد مدونة الشغل من المادة 73 إلى المادة 76 منها، حيث نجد في
الفقرة الأولى من المادة 73 من مدونة الشغل، عملت على تعريفه على أنه : "هو
التوصيل الذي يسلمه الأجير للمشغل، عند إنهاء العقد لأي سبب كان، وذلك قصد تصفية
كل الأداءات تجاهه".[12]
ويسلم وصل الإبراء أو وصل صافي الحساب عند انتهاء العلاقة
الشغلية، وفي الوقت الذي تكون فيه الحقوق قد صارت مستحقة، وطلب تحرير الوصل وغالبا
ما يكون من طرف المشغل، وذلك حتى يضع حدا لأية مطالبة لاحقة من طرف الأجير.
ونظرا لتأثير هذا الإجراء على الحقوق المالية المكتسبة
للأجير، فقد خص المشرع هذا الوصل بشروط منها ما هو موضوعي، ومنها ما هو شكلي،
باعتباره تصرفا قانونيا صادرا عن الإرادة المنفردة للأجير، فيجب أن يصدر عن إرادة
حرة، صريحة وخالية من العيوب، كما أنه يبطل بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 73 من
مدونة الشغل كل إبراء أو صلح يكون موضوعه تنازل الأجير عن أي أداء وجب لفائدته
بفعل تنفيذ العقد أو بفعل إنهائه.
وقد ذهبت محكمة النقض من خلال إحدى قراراته على أنه :
"لكن لا يكفي القول بأن المادة 74 من مدونة الشغل تنص على البيانات التي يجب
توفرها في وصل تصفية الحساب لترتيب عليه أجل 60 يوما لإقامة الدعوى بل يتعين ذكر
البيانات التي يجب أن تتوفر في الوصل المذكور المعتمد من طرف المحكمة حتى يمكن
لمحكمة النقض من ممارسة رقابتها بشأن التطبيق السليم للقانون مما تكون معه الوسائل
المستدل بها غامضة فهي غير مقبولة".[13]
فتوصيل صافي الحساب بدوره يعد وسيلة وحجة في الإثبات، يمكن
أن يلجأ إليها الطرفين، وذلك من أجل إثبات نقطة معينة ثار الخلاف في شأنها.
كما أن للمراسلات المتبادلة بين طرفي عقد الشغل أهمية في
الاثبات في هذا المجال، ويقصد بها تلك المراسلات التي تكون بين الأجير والمشغل، قد
تكون بواسطة البريد العادي كالرسائل والبرقيات، وقد تكون بواسطة أجهزة لاسلكية
كالتلكس والفاكس.[14]
فقد يؤدي المشغل مثلا أجور الأجراء عبر التحويلات البنكية
أو البريدية، وقد يصدر أوامر لأجرائه بأداء أشغال معينة بواسطة الهاتف أو الفاكس،
أو البريد. كما قد يوجه المشغل إنذارا لأحد أجرائه لحمله على الرجوع إلى العمل،
كما تتم هذه المراسلات عن طريق البريد الإلكتروني والذي أصبحت مستخرجاته ذات حجية
إثباتية، وتخضع في جميع الحالات إلى السلطة التقديرية للمحكمة في تقييم الحجج ولا
رقابة عليها إلا من حيث التعليل.
كما أن شهادة مفتش الشغل تعتبر من وسائل الاثبات الكتابي، فقد
يحدث أن يسلم مفتش الشغل شهادة موقعة من طرفه يشهد فيها بقيام علاقة الشغل، وهذه
الشهادة تعتبر ورقة رسمية،[15]
على أساس أن مصدرها سلطة مختصة، فهي بذلك حجة إثبات قاطعة على الوقائع التي
تتضمنها.
حيث نجد أن القضاء المغربي قد اعتد بشهادة مفتش الشغل، وهذا
ما ذهبت اليه محكمة النقض في إحدى قراراته والذي جاء فيه : "...إن محكمة
الموضوع كانت على صواب حين أسست حكمها على الشهادة الصادرة عن مفتشية الشغل، تلك
الشهادة التي تثبت بصورة واضحة ظروف استقالة المدعي بمحض إرادته...".[16]
كما أن بطاقة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تلعب دورا
هاما في مجال الاثبات الكتابي في المادة الاجتماعية، بحيث إن تصريح الشغل في
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالأجير يخول لهذا الأخير الحق في الحصول على
بطاقة التسجيل، والتي تحمل الاسم الكامل للأجير المسجل وعنوانه وتاريخ انخراطه
وبيانات أخرى، كما تعتبر هذه البطاقة وسيلة إثبات كتابية، خاصة عند قيام نزاع بين
طرفي عقد الشغل بخصوص إثبات العلاقة الشغلية، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف
بالرباط في إحدى قراراتها : "وذلك لإثبات هذه العلاقة حينما اعتبرت العلاقة
الشغلية ثابتة بين الطرفين بمقتضى شهادة أداء المشغلة للواجبات الدورية لانخراط
الأجير لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي".[17]
إلا أنه في حالة إذا لم يقم المشغل بتسجيل الأجير في
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإنه تثار الإشكالية التالية هل يتحمل المشغل
المسؤولية عن ذلك وهذا ما يجد أساسه في ظهير 27/07/1972، ويكون معه المشغل ملزم
بتسجيل أجيره لدى هذا الصندوق، وهو ما أكده قرار محكمة النقض، حيث رخص للأجير
تسجيل نفسه لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بينما لا حق للأجير في طلب
التعويض عن عدم التسجيل.[18]
المحور الثاني: الإثبات غير الكتابي في المادة الاجتماعية
إلى جانب الاثبات الكتابي، نجد الإثبات غير الكتابي في
المادة الاجتماعية، ولعل أهم طرقه شهادة الشهود واللفيف العدلي ثم الإقرار.
والأكيد أن
شهادة الشهود تعد من بين أهم وسائل الإثبات المقررة قانونا بمقتضى الفصل 404 من
قانون الالتزامات والعقود، بل الأكثر انتشارا على أرض الواقع والساحة القانونية في
المادة الاجتماعية.
بالتالي إذا كان عدم توفر الأجير على وثائق كتابية من شأنه
أن يحرمه من مجموعة من الضمانات، فإنه يمكنه من اعتماد وسيلة الإثبات بشهادة
الشهود وهذه لا تكون في نفس القيمة الإثباتية بالنسبة للكتابة.
ونجد أن محكمة النقض ذهبت في إحدى قراراتها على أنه :
"...لكن، حيث إنه من الثابت من وقائع النازلة أن المطلوبة في النقض دفعت
بمغادرة الأجيرة لعملها تلقائيا بعد رفضها العمل بالتوقيت الجديد، وأنه طبقا
لمقتضيات المادة 63 من مدونة الشغل فإن عبء إثبات المغادرة يقع على عاتق المشغل،
ومحكمة الموضوع بتأييدها للحكم المستأنف تكون قد تبنت تعليلاته المعتمدة على شهادة
الشاهد، المستمع إليه ابتدائيا طبقا للقانون والذي لم تكن شهادته محل أي ملاحظة
وتفيد قيام المدعية بمغادرة عملها بعد رفضها العمل بالتوقيت الجديد واستعملت
سلطتها التقديرية في الأخذ بشهادة الشاهد والتي لا رقابة عليها من طرف محكمة النقض
إلا من حيث التعليل، كما أنه لا يوجد أي نص قانوني يلزم المشغل بإنذار المدعية
بالرجوع إلى عملها عند مغادرتها له تلقائيا، فيكون القرار قد تم تعليله بما فيه
الكفاية وطبقا للقانون والوسيلة لا سند لها".[19]
فالقضاء الاجتماعي غالبا ما يستند إلى الشهادة كوسيلة
لإثبات عقد الشغل أو نفيه وله في ذلك كامل السلطة في تقدير قيمتها، ويمكن الاكتفاء
بشهادة شاهد واحد لإثبات العلاقة الشغلية مادام أنه لا يوجد نص قانوني يمنع ذلك،
كما أنه بخصوص شهادة الأجراء الذين يرتبطون مع المشغل بعلاقة عمل فقد أكد القضاء
في عدة مناسبات على أنه لا يوجد أي مانع قانوني مع الاستماع للشهود المرتبطين بعقد
شغل مع المشغل سواء لقائدته أو ضده.[20]
كما نجد في هذا الصدد اللفيف العدلي الذي يتجلى في أن يتلقى
عدلان منتصبان للإشهاد من اثني عشر شخصا تصريحات بواقعة معينة، إذ نجدها ترتبط في
الغالب بعلاقة شغل بين المدعي (الأجير) والمدعى عليه (المشغل)، ومدة هذه العلاقة.
وبالتالي نجد أنه إذا كان اللفيف العدلي، يعتبر حجة قائمة
الذات في قضايا الأحوال الشخصية والعقار، فهو ليس كذلك في القضايا المدنية، لأن
اللفيف العدلي وإن كان وثيقة كتابية إلا أنه يعتبر من وسائل الإثبات الشفوية.
وعموما ينبغي للمحكمة أن تقوم بالاستماع لبعض شهود اللفيف
الذين يكونون قناعتها، مع مواجهة هؤلاء الشهود بما صرحوا به أمام العدلين حسب ما
تم توثيقه بالرسم العدلي.
كما يمكن الاثبات بالإقرار، ويبرز عندما يعترف شخص بحق
عليه، سواء قصد ترتيب هذا الحق في ذمته أو لم يقصد، فلا يكون إقرارا إنشاء الشخص
الحق في ذمته بتصرف قانوني أو بواقعة قانونية، كأن يتعهد المشغل بأداء الأجر في
مقابل تعهد الأجير بأداء العمل.
والإقرار إما أن يكون قضائيا أو غير قضائي، فالإقرار
القضائي هو الاعتراف الذي يتقدم به أمام المحكمة أو نائبه المأذون له في ذلك إذن
خاصا، والإقرار الحاصل أمام قاضي غير مختص أو الصادر في دعوى أخرى يكون له نفس أثر
الإقرار القضائي.[21]
ويعتبر الإقرار من أهم وسائل الإثبات خاصة بالنسبة للمشغل
ويتخذ أحد الشكلين، فإما أن يكون صريحا، أو أن يكون ضمنيا، فالإقرار الصريح يتجلى
في أن يعترف المشغل ببعض ما جاء في المقال، كأن يعترف بعلاقة الشغل مثلا، من خلال
تصريحات يدلي بها أمام المحكمة، كما جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمدينة
طنجة : "حيث تبين للمحكمة من خلال وثائق الملف ومحتوياته وما أتت به تصريحات
كل من الطرف المدعي والمدعى عليه، من أن علاقة الشغل قائمة بين الطرف المدعي
والمدعى عليه ولمدة غير محددة بصفة مستمرة...".[22]
أما بالنسبة للإقرار الضمني فيستنتج من بعض مواقف رب العمل.
خاتمة:
نستنتج أن المشرع المغربي لم يلزم أطراف العلاقة الشغلية
باثبات ادعاءاتهم بطريقة معينة، فمثلا لم يتم تقييد الأجير بوسيلة محددة لإثبات
عقد الشغل، أي أن الأجير يتمتع بحرية الإثبات وفق ما هو منصوص عليه في المادة 18
من مدونة الشغل، وبالتالي يجوز للأجير إثبات عقد الشغل بكافة وسائل الإثبات
الكتابي مثل شهادة العمل أو بطاقة العمل أو شهادة التسجيل في الصندوق الوطني
للضمان الاجتماعي، بل يجوز للأجير إثبات عقد الشغل حتى بوسائل الإثبات غير الكتابية
مثل شهادة الشهود وغيرها، والتي سبق بيانها ضمن هذا المقال.
وفي اعتقادي الشخصي فان قواعد الإثبات في المادة الاجتماعية
سوف تعرف تحولات وتغيرات مستقبلية بحكم البدء في اعتماد أنشطة الشغل عن بعد وأيضا
بفعل خصوصيات طرق الإثبات الحديثة في المجال الرقمي.
لائحة المراجع:
عبد اللطيف خالفي الوسيط في مدونة الشغل"، الجزء الأول،
علاقات الشغل الفردية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى، 2004.
سعيد الزهيري : القواعد المنظمة لطرق الإثبات في
دعوى فسخ عقد الشغل"، مداخلة في الندوة
الثانية للقضاء الاجتماعي.
محمد الأمراني زنطار "التشريع الاجتماعي المغربي"، المطبعة والوراقة
الوطنية مراكش، طبعة 2002.
عبد المجيد الهباري : "عقد العمل الفردي،
ودعوى نزاع الشغل بصفة خاصة"، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، المعهد
الوطني للدراسات القضائية، الرباط في 25-26 فبراير 1992، مطبعة الأمنية الرباط.
دنيا مباركة : "إثبات عقود الشغل في ضوء
النص التشريعي والتوجهات القضائية والفقهية"، سلسلة المعارف القانونية
والقضائية، حول موضوع :
"قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء"، منشورات مجلة الحقوق الإصدار 34،
2016، دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع الرباط.
[1] ينص الفصل 404 من ق.ل.ع على أنه:
"وسائل الإثبات التي يقررها
القانون هي:
1.
إقرار
الخصم.
2.
الحجة
الكتابية.
3.
شهادة
الشهود.
4.
القرينة.
5.
اليمين
والنكول عنها".
[3] عبد اللطيف خالفي : الوسيط في مدونة الشغل"، الجزء الأول،
علاقات الشغل الفردية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى، 2004، ص :
514.
[4] سعيد الزهيري : القواعد
المنظمة لطرق الإثبات في دعوى فسخ عقد الشغل"، مداخلة
في الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، مرجع سابق، ص : 58.
[5] قرار عدد 1212، الصادر عن محكمة
النقض بتاريخ 06/10/2011، في ملف اجتماعي عدد 1246/5/1/2010
[6] حكم
عدد 104، الصادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير، بتاريخ 14/03/2011، في ملف
اجتماعي عدد 712/08،.
[7] أنظر في هذا الصدد البيانات التي يجب
أن تتضمنها ورقة الأداء، في قرار لوزير التشغيل والتكوين المهني رقم 346.05 الصادر
في 29 من ذي الحجة 1425 (9 فبراير 2005)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5300 بتاريخ
6 صفر 1426 الموافق 17 مارس 2005، ص : 990.
[8] قرار عدد 405 صادر عن محكمة النقض بتاريخ 22/04/2003، منشور بمجلة
قضاء المجلس الأعلى عدد 61، سنة 2003، ص : 192 وما بعدها.
[9] مرسوم عدد 2.4.422، الصادر في 16 ذي
القعدة 1425 الموافق لـ29 دجنبر 2004، المحدد للبيانات التي يجب أن تتضمنها بطاقة
الشغل، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5279، بتاريخ 03/01/2005، ص : 15.
[10] محمد الأمراني زنطار : "التشريع الاجتماعي المغربي"،
المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، طبعة 2002، ص : 165.
[11] تنص
المادة 25 من مدونة الشغل على أنه : "يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم عن
الأفعال
التالية :
·
عدم
تسليم بطاقة الشغل أو عدم تجديدها وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 23.
·
عدم
تضمين بطاقة الشغل أي بيان من البيانات المحددة بنص تنظيمي، يتكرر تطبيق الغرامة
بحسب عدد الأجراء الذين لم تراع في حقهم أحكام المادة 23، على ألا يتجاوز مجموع
مبلغ الغرامات 20000 درهم.
يعاقب
بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم عن عدم اطلاع الأجراء لدى تشغيلهم على البيانات
المنصوص عليها في المادة 24 أعلاه وعلى كل تغيير يطرأ عليها.
تضاعف
الغرامة المترتبة على مخالفة مقتضيات المادة 24 في حالة العود، إذا تم ارتكاب نفس
الفعل داخل السنة الموالية لصدور حكم نهائي".
[12] تنص المادة 73 من مدونة الشغل، على
أنه : "التوصيل عن تصفية كل حساب "هو التوصيل الذي يسلمه الأجير للمشغل،
عند إنهاء العقد لأي سبب كان، وذلك قصد تصفية كل الأداءات تجاهه.
يعتبر باطلا كل إبراء أو صلح، طبقا
للفصل 1098 من قانون الالتزامات والعقود، يتنازل فيه الأجير عن أي أداء وجب
لفائدته بفعل تنفيذ العقد أو بفعل إنهائه".
[13] قرار عدد 49، صادر عن محكمة النقض،
بتاريخ 16/01/2008، في الملف الاجتماعي عدد 572/5/1/2007.
[14] عبد المجيد الهباري : "عقد
العمل الفردي، ودعوى نزاع الشغل بصفة خاصة"، الندوة الثانية للقضاء
الاجتماعي، المعهد الوطني للدراسات القضائية، الرباط في 25-26 فبراير 1992، مطبعة
الأمنية الرباط، ص : 271.
[15] انظر الفقرة الاولى من الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود
[16] قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 10/03/1975 في ملف اجتماعي عدد
48997
[17] قرار عدد 514 صادر عن محكمة
الاستئناف بالرباط، بتاريخ 08/06/2010، في ملف اجتماعي عدد 439/2009.
[18] قرار عدد 977/2000، صادر عن محكمة
النقض بتاريخ 18/11/2000، في ملف اجتماعي عدد533/2000.
[19] قرار عدد 1356، الصادر عن محكمة
النقض بتاريخ 21/06/2012، في ملف اجتماعي عدد 243/5/2/2012.
[20] دنيا مباركة :
"إثبات عقود الشغل في ضوء النص
التشريعي والتوجهات القضائية والفقهية"، سلسلة
المعارف القانونية والقضائية، حول موضوع :
"قضايا مدونة الشغل بين التشريع
والقضاء"، منشورات مجلة
الحقوق الإصدار 34، 2016، دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع الرباط، ص : 103.
[21] حيث جاء في
الفصل 405 من ق.ل.ع، على أنه : "الإقرار القضائي أو غير قضائي، فالإقرار
القضائي هو الاعتراف الذي يقوم به أمام المحكمة الخصم أو نائبه المأذون له في ذلك
إذنا خاصا، والإقرار الحاصل أمام قاضي غير مختص، أو الصادر في دعوى أخرى، يكون له
نفس أثر الإقرار القضائي".
[22] حكم صادر عن المحكمة
الابتدائية بطنجة، في ملف اجتماعي عدد 1038/09/2010 بتاريخ 22/03/2010.
0 تعليقات