" منازعات
البنوك التشاركية"
محمود والشمس
مقدمة:
نظرا
لطبيعة المغرب الدينية الإسلامية [1]، كان السعي حثيثا من قبل ثلة من الفاعلين والغيورين إلى إنشاء
البنوك التشاركية؛ خصوصا في العقود الثلاثة الأخيرة، هذه البنوك التشاركية تستمد
مرجعيتها من الشريعة الإسلامية؛ فتمارس عملها الإقتصادي وفق ما تنص عليه فلسفة
المعاملات الإسلامية. وقد عرفها المشرع المغربي من خلال المادة 54 من القانون
103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان [2] "
تعتبر بنوكا تشاركية الأشخاص الإعتبارية الخاضعة لأحكام هذا القسم و المؤهلة
لمزاولة الأنشطة المشار إليها في المادة الأولى و المادتين 55و58 من هذا القانون
وكذا العمليات التجارية والمالية و الاستثمارية بصفة اعتيادية بعد الرأي بالمطابقة
الصادر عن المجلس العلمي الأعلى وفقا لمقتضيات المادة 62 أدناه ...". ولما
كانت البنوك التشاركية تقوم بهده العقود
والعمليات كان وارد أن تتسبب في حدوث منازعات ؛ والتي يقصد بها ذالك الخلاف القائم
بين البنك التشاركي وزبنائه بخصوص عقد من العقود التشاركية التي يتم ابرامها .
وتظهر أهمية هذا الموضوع "منازعات البنوك
التشاركية " على مستويين : مستوى
نظري؛ يتجلى في قلة الكتابات حول هذا الموضوع – على الأقل حسب ما اطلعت
عليه – وما سيضفيه هذا المقال من توضيح
للمنازعات البنكية التشاركية خصوصا وأننا
أمام موضوع مازال بكرا لم يشبعه الفقهاء بحثا ، وأهمية عملية
؛ تتجلى في أن المنازعات البنكية قدر محتوم لا تخفى خطورته ولا تحمد مغبته على
المؤسسات البنكية التشاركية وزبنائها وما يستوجب من آليات لفضها ، لذالك يطرح هذا
الموضوع مجموعة من المشاكل المستفزة وهي على أية حال مشروعة يمكن
بسطها وفق الأتي :
ü ماهي الجهات المختصة
في دعاوى منازعات عقود البنوك التشاركية ؟
ü كيف يتم تحديد آجال رفع
الدعوى في منازعات عقود البنوك التشاركية ؟
ü هل يمكن اللجوء للوسائل
البديلة أو الكفيلة في حل هذه المنازعات
التشاركية ؟
هذه الأسئلة وآخرى ،
سيتم بوثقتها في اشكالية مؤداها مدى
توفق المقتضيات القانونية في تنظيم المنازعات البنكية التشاركية ؟
سيتم معالجة هذه الإشكالية بالإعتماد على التصميم الأتي :
أولا :
العدالة المؤسساتية في
منازعات البنوك التشاركية
ثانيا : العدالة الموازية في منازعات البنوك التشاركية
أولا : العدالة
المؤسساتية في منازعات البنوك التشاركية
إذا كان حق التقاضي
مكفول دستوريا في المغرب وفي الدول المقارنة وأقرته جميع الإتفاقيات الدولية
والإقليمية[3]، فإن
الدعوى هي الوسيلة الوحيدة التي يحصل بها التقاضي أمام المحاكم ذلك أن إحداث هذه
الأخيرة ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو آلية تمكن ذوي الحقوق من الحماية القضائية،
التي يتم الوصول إليها هي الأخرى من خلال الدعوى[4]،
لذلك فعند وقوع منازعة بين زبون و بنك التشاركي في أحد العقود يطرح التساؤل حول
الجهة القضائية المختصة في هذه المنازعات (أ) وكدا تحديد مدة تقادم هذه
المنازعات (ب) .
(أ ): الجهة القضائية المختصة في منازعات عقود البنوك التشاركية
يقصد بالإختصاص في
العمل القضائي؛ صلاحية جهة قضائية ما للبث في قضايا معينة نوعيا ومكانيا[5]، لذلك سيتم
تناول الإختصاص النوعي في منازعات عقود
البنوك التشاركية (1)، والإختصاص المحلي (2).
1 : الاختصاص النوعي في منازعات عقود البنوك التشاركية
يقصد بالإختصاص
النوعي، مدى صلاحية المحكمة للبث في نزاع أو قضية ما، بالنظر إلى نوعها وطبيعتها [6]وبالرجوع
إلى الفصل الأول من ظهير التنظيم القضائي للمملكة نجده ينص على " يشمل التنظيم القضائي المحاكم التالية:
1. المحاكم الابتدائية؛
2. المحاكم الإدارية؛[7]
3. المحاكم التجارية؛[8]
............................".
فكما هو واضح من خلال
هذا الفصل فهناك مجموعة من المحاكم المتنوعة، مايطرح التساؤل حول الاختصاص النوعي
في منازعات عقود البنوك التشاركية ؟ هل الإختصاص يعود للمحكمة الإبتدائية صاحبة الولاية العامة ؟
أم المحكمة التجارية؟
إن الإجابة عن هذا
التساؤل يقتضي منا الوقوف عند حالتين وهما كالأتي:
Ø
الحالة
الأولى الزبون المدعي :
وهي الحالة الأقل تعقيد، فمن خلالها سيتم التمييز بين الزبون
المدعي غير التاجر والزبون المدعي التاجر.
ü
الزبون المدعي غير
التاجر: يترك الخيار له في اللجوء للمحاكم المدنية أو المحاكم التجارية قصد
المطالبة بحقه ، وذلك لأن المعاملة تكتسي طابعا مختلط، إذ تعد مدنية بالنسبة إليه،
وتجارية بالنسبة للبنك التشاركية[9]، وهذا ما دفع بالإجتهاد
القضائي إلى ترسيخ قاعدة مؤداها أنه كلما تعلق الأمر بالمستهلك مدعي وتاجر مدعى
عليه ترك الإختيار للمستهلك في اللجوء إلى المحاكم العادية أو التجارية[10]لكن هنا يتوجب على
الزبون العلم بأنه في حالة اختياره للمحكمة التجارية يكون قد اختار ضمنيا تطبيق
القواعد و الأعراف التجارية وما يميزها من قصر آجال الطعن وتسريع إجراءات
المسطرة[11]وغيرها من الخصوصيات
التي وضعت لخدمة مصالح التجار[12]، وإن كان المستهلك
في الدول الأوروبية يفضل اللجوء إلى المحاكم التجارية للمطالبة بحقوقه على الرغم
من احتمال عدم حصوله على نتائج إيجابية كل ذلك من أجل الاستفادة من الإجراءات
المسطرية المرتبطة بالنزاعات ذات البعد التجاري[13].
ü
الزبون
مدعي تاجر: إذا كان الزبون تاجر
ففي هذه الحالة يعود الإختصاص
إلى المحكمة التجارية وهو مانصت عليه المادة 5 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث
المحاكم التجارية "تختص المحاكم
التجارية بالنظر في:
1.
الدعاوي المتعلق
بالعقود التجارية؛
2.
الدعاوي التي تنشأ
بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية؛"
Ø
الحالة
الثانية الزبون مدعى عليه :
ليس هناك ما يمنع البنك التشاركي بإعتباره المدعي من رفع دعواه أمام المحاكم
الابتدائية وقد سبق للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء أن بتت في نزاع بين تاجر
مدعي ومستهلك مدعى عليه ويتعلق الأمر ب «نزاع واقع بين شركة إيكدوم المدعية ، وبين
المستهلك المدعى عليه[14]
كما يمكن للبنك
التشاركي أن يرفع دعواه أمام المحكمة التجارية لكن في هذه الحالة يمكن للزبون في
عقود البنوك التشاركية، الدفع بعدم اختصاص المحكمة التجارية نوعيا في النزاعات
المختلطة وعلى سبيل القياس يمكن الإستدلال بقضية عرضت على المحكمة
التجارية بالدار البيضاء إذ بادرت المدعية شركة ليونيز للمياه "ليدك"
برفع دعوى أمام المحكمة التجارية ضد المدعي عليه المستهلك بأداء مبلغ 53422,85
درهم عن واجبات استهلاك الماء والكهرباء، فتقدمت المدعى عليها بواسطة نائبها
بمذكرة خضعت فيها بعدم الاختصاص النوعي، ملتمسا التصريح بعدم الاختصاص النوعي
للمحكمة التجارية لأن العارضة شخص مدني وأن النزاع لا يندرج تحت الشروط المنصوص
عليها في المادة 5 من مدونة التجارة[15].
غير أن إسناد الإختصاص
للمحاكم الإبتدائية عند وقوع نزاع بين تاجر وطرف مدني عرف ارتباك على مستوى
القضاء، وذلك ناتج عن الفصل 202 من قانون حماية المستهلك الذي تناول الإختصاص
المكاني دون الإختصاص النوعي، غير أنه يمكن أن نستبشر مع مقترح قانون الذي تقدم به
أحد الفرق البرلمانية من أجل تغيير وتتميم هذه المادة وحسب المذكرة التقديمية لهذا
المقترح سيتم إسناد الإختصاص النوعي في المنازعات الإستهلاكية بين المورد
والمستهلك حصريا للمحكمة الابتدائية.[16]
2 : الإختصاص المحلي في منازعات عقود البنوك
التشاركية
يقصد بالإختصاص
المحلي تحديد المحكمة المختصة مكانيا من بين المحاكم التي هي من نفس درجة واحدة
والموزعة جغرافيا في أماكن مختلفة داخل الدولة[17]وبالرجوع
إلى القواعد المنظمة للإختصاص المحلي سواء في قانون المسطرة المدنية[18] أو قانون
إحداث المحاكم التجارية [19] أو قانون
المحاكم الإدارية [20] يتضح أن
المشرع أقر مبدأ واحد وهو أن الإختصاص المحلي ينعقد للمحاكم التي يوجد بدائرة
نفوذها موطن المدعى عليه الحقيقي أو محل إقامته عند انعدام موطن لديه[21]
غير أنه بعد صدور
القانون 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك تبنى المفهوم الجديد للإختصاص
المحلي الأكثر فائدة للمستهلك الزبون في منازعات عقود البنوك التشاركية من خلال المادة 202 ، التي تنص على "في
حالة نزاع بين المورد والمستهلك، ورغم وجود أي شرط مخالف، فإن المحكمة المختصة هي
محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المتسبب في
الضرر.
إذن من خلال هذه
المادة يحق للزبون رفع الدعوى في عقود البنوك
التشاركية إما في موطنه أو محل الإقامته أو المحل الذي وقعت فيه المنازعة .
غير انه في حالة وقوع
منازعة بين بنك تشاركي وزبون تاجر وبالتالي معاملة تجارية خالصة ، فإن الإختصاص
المحلي حسب المادة 10من قانون53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية يكون لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعي
عليه وإذا لم يكن لهذا الأخير موطن في المغرب ولكنه يتوفر على محل إقامة به كان
الإختصاص لمحكمة هذا المحل ، و إذا لم يكن للمدعى عليه موطن ولا محل إقامة بالمغرب
،أمكن مقاضاته أمام محكمة موطن أو محل إقامة المدعي أو واحد منهم في حالة تعددهم .
ب : تقادم الدعوى في منازعات عقود البنوك التشاركية
يعتبر التقادم[22] أحد أسباب
انقضاء الإلتزام وقد تناوله المشرع المغربي من خلال المواد 371 إلى392 من قانون
الالتزامات والعقود إضافة إلى مجموعة من الفصول المتفرقة[23]، وقد كانت فلسفة المشرع من دالك بصفة عامة
توفير الإستقرار في المجتمع و إشاعة الإطمئنان والثقة بين الأفراد لأن فتح باب
المنازعات على وجه الديمومة يشيع جوا من الفوضى والإضطراب ،ولما كانت دعوى التقادم
في منازعات البنوك التشاركية كدالك فقد وضع لها المشرع قاعدة (1) و اورد عليها
حالات خاصة (2).
1: القاعدة العامة في تقادم دعاوى منازعات البنوك التشاركية
حدد المشرع المغربي
قاعدة عامة لتقادم الدعوى في عقود البنوك التشاركية و المحددة في خمسة عشرة سنة وهو
ما يتضح من خلال المادة 387 من ق ل ع " كل الدعاوئ الناشئ
عن الالتزام تتقادم بخمسة عشرة سنة فيما عدا الاستثناءات الواردة فيما بعد و
الاستثناءات التي يقضي بها القانون في
حالات خاصة ".
وهنا ، لابد من ابداء
ملاحظتين :
الملاحظة الأولى : وهي أن مدة
التقادم التي أخد بها المشرع المغربي
كقاعدة عامة طويلة عكس ما ذهب إليه المشرع
الفرنسي الذي حددها في خمس سنوات من خلال المادة 2228 من القانون المدني الفرنسي[24]
الملاحظة الثانية :أن جل العقود التي
تبرمها البنوك التشاركية لحد كتابة هذه الأسطر هي عقود " المرابحة " والتي
تكون في غالبيتها مرتبطة برهن رسمي
وبالتالي لا تخضع للتقادم وهو ما يتضح من خلال المادة 377 من ق ل ع " لا محل
للتقادم ادا كان الالتزام مضمونا برهن حيازي او برهن بدون حيازي او برهن رسمي
"[25]
2: حالات
خاصة في تقادم دعاوى منازعات عقود البنوك التشاركية
سيتم التميز بين 3 حالات :
الحالة الأولى : وهي الحالة المحدد فيها
التقادم في خمس سنوات من خلال الفصل 388 من ق ل ع الذي ينص على " دعوى التجار و الموردين و أرباب
المصانع بسبب التوريدات التي يقدمونها لغيرهم من التجار أو الموردين أو أرباب
المصانع من أجل حاجات مهنهم " وكما هو معلوم
فالبنك التشاركي تاجر قد يجمعه مع
أحد التجار أو الموردين أو أرباب المصانع عقد المرابحة وبالتالي فإن تقادم الدعوى في الحالة حالة حصول منازعة بينهم محدد في خمس سنوات .
الحالة الثانية :التقادم الذي يحصل بمرور
سنتين وهي الحالة المنصوص عليها في البند
الخامس من المادة 388 من ق ل ع "
دعوى التجار و الموردين و أرباب المصانع من أجل التوريدات المقدمة منهم للأفراد
لإستعمالهم الخاص " يدخل في هذه الحالة بالأساس عقد المرابحة البسيطة التي
يقدم من خلالها البنك التشاركي منقول أو عقار للزبون من اجل استعماله بشكل خاص .
الحالة الثالثة : التقادم الذي يحصل في أجل
سنة والمنصوص عليه في البند الخامس من الفقرة الثانية من المادة 388 من ق ل ع التي تنص على "
دعوى مكري المنقولات من أجل أجرتها " وتدخل هذه الحالة في عقد الإجارة البسيط
أو التشغيلية المنصوص عليها في المادة 58 من القانون 103.12 .
ثانيا : العدالة الموازية في منازعات البنوك التشاركية
كما هو معلوم فإن حل النزعات لم يعد حكرا فقط على المحاكم بمختلف درجتها
وأصنفها أو مايطلق عليه بالعدالة المؤسساتية وإنما يمكن أن يتم أيضا عن طريق
مجموعة من الآليات البعيدة عن هذه المحاكم والتي أصبح يطلق عليها بالوسائل البديلة
أو المكملة [26]
والتي أصبحت تقوم بدور ريادي في فض المنازعات بشكل عام والبنكية التشاركية
بشكل خاص وقد نص عليها منشور والي بنك المغرب رقم 1/و/17 بشكل أساسي من خلال المادة 70 التي تنص على
" مع مراعاة سبل التقاضي المنصوص عليها في التشريعات
الجاري بها العمل يجب أن تتضمن عقود المنتجات المشار اليها في هذا المنشور كيفية
التسوية الودية للنزاعات ما بين المؤسسة والعميل مع مراعاة مقتضيات المادة 2 من
هدا المنشور " لذالك سيتم تناول التحكيم في
المنازعات البنوك التشاركية (أ)، والوساطة البنكية في منازعات البنوك التشاركية
(ب).
(أ):التحكيم في منازعات البنوك التشاركية
عرف التحكيم كمؤسسة اختيارية لفض المنازعات مند عهود قديمة جدا إد كان
معتمد في مجتمعات مصر القديمة وبابل واشور والفنيقين والرومان واليونان [27]وكان
العرب بدورهم يحتكمون في معاملاتهم الى شيوخ القبائل كمحكمين يضطلعون بمهمة فض
الخلافات التي كانت تثار بينهم حتى واضحى التحكيم في العصر في الحديث وسيلة فعالة
في إنهاء الخلافات التي تنشب بين الأفراد و المؤسسات سواء كانت ذات طبيعة مدنية أو
تجارية [28] وفي عقود البنوك التشاركية
نصت المادة 70 من منشور والي بنك المغرب رقم 1/و/17 على امكانية اللجوء إلي
التحكيم [29] ويستوجب
التحكيم في منازعات عقود البنوك التشاركية
مجموعة من الشروط وهي كالأتي :
ü أهلية البنك التشاركي و
الزبون : يقضي الفصل 308 من قانون
المسطرة المدنية في فقرته الأولى على أنه " يجوز لجميع الأشخاص من دوي الأهلية
الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا إتفاق التحكيم " ويعني ذالك
أن المشرع يستلزم بالضرورة توفر البنك التشاركي[30]
و الزبون على الأهلية الكاملة للقيام بالتحكيم .
ü
ملكية التصرف موضوع التحكيم : نص على هذا الشرط المادة 308 من قانون المسطرة
المدنية " يجوز لجميع الاشخاص من دوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو
معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها "
فجميع العقود الواردة في المادة 58 من القانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان
سواء تعلق بعقد المرابحة أو المشاركة أو السلم ....إلخ يجوز التحكيم عند المنازعة فيها ، غير أنه لابد
من إبداء ملاحظة غاية في الأهمية ؛ إذا كان ايظا يمكن القيام بالتحكيم في الوديعة
الإستثمارية بين البنك التشاركي و الزبون فلا يمكن القيام بالتحكيم بين البنك
التشاركي و الغير بشان الوديعة الإستثمارية لكون البنك التشاركي لا يملك حق التصرف
وهو شرط أساسي في اللجوء إلى التحكيم .
ü عقد أو شرط التحكيم : للقيام بالتحكيم في حالة المنازعة بين البنك التشاركي و الزبون في عقود البنوك التشاركي لابد ما وجود شرط التحكيم ؛ ويقصد بشرط التحكيم اتفاق البنك التشاركي مع الزبون حول الحالة التي ينشا فيها نزاع بعرضه على التحكيم وهو ما نص عليه الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية ، او عقد التحكيم وهو الاتفاق الدي يحصل بين البنك التشاركي و الزبون بعرض النزاع على التحكيم بعد وقوع النزاع .
(ب): الوساطة في منازعات البنوك التشاركية
تعد الوساطة الإتفاقية احدى الوسائل الجديدة التي أدخلها المشرع في مجال
تسوية النزاعات . ويلعب الوسيط دورا أساسيا في تسهيل إبرام صلح ينهي النزاع بين
البنك التشاركي و الزبون البنكي في عقود البنوك التشاركية ويقصد بإتفاق الوساطة العقد الذي يتفق الأطراف
بموجبه على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح لإنهاء نزاع أو قد ينشأ فيما بعد ، ونظرا
لأهمية الوساطة البنكية في فض المنازعات فقد تم
إحداث المركز المغربي للوساطة البنكية ويقوم هذا المركز بتدبيرالوساطة
البنكية للنزاعات الناشئة أو تلك التي تحتمل نشأتها بين المؤسسات البنكية
التشاركية وزبنائها. يتعلق الأمر بآلية
وساطة مؤسساتية تعاقدية أو قضائية لصالح الأشخاص الذاتيين أو المعنويين، وذلك في
إطار القانون 05ـ08 المتعلق بالوساطة
بالنسبة لجميع العقود والمنتجات التشاركية المنصوص عليها في المادة 58 من القانون
البنكي ، ويلزم المركز أن تدرج
المؤسسات البنكية التشاركية في جميع الوثائق التعاقدية التي تربطها بالزبناء، شرط
الوساطة للمركز المغربي للوساطة البنكية. في حالة حدوث نزاع ما، يوقع الزبون على
طلب الوساطة وفقًا لنموذج محدد مسبقًا وهو ما اكدته المادة 70 من منشور والي بنك
المغرب رقم 1/و/17.
خاتمة
على امتداد صفحات هذا
المقال ، تم تناول المنازعات البنكية التشاركية من خلال إبراز العدالة المؤسساتية
في منازعات البنوك التشاركية وتحديد الجهة القضائية المختصة من جهة وكذا تحديد آجال
تقادم دعوى هذه المنازعات من جهة
ثانية كما تم التعريج في الشق الثاني على
العدالة الموازية في منازعات البنوك التشاركية من خلال التحكيم و الوساطة في المنازعات البنكية التشاركية .
[1] ينص الفصل الثالث من الدستور المغربي على أن " الإسلام دين الدولة والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية " .
[2] ظهير شريف رقم 1.14.193 صادر في فاتح ربيع الأول 1436(24ديسمبر2014) بتنفيذ القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ، الجريدة الرسمية عدد6328 بتاريخ 22يناير 2015،ص462.
[3]- عبد الرحمان الشرقاوي ، التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية والعدالة المكملة أو البديلة ، الطبعة الثانية ، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط ، سنة 2015 ، ص 156.
[4]- عبد الرحمان الشرقاوي ، قانون المسطرة المدنية ،
الطبعة الرابعة ، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط ، سنة 2019، ص 19.
[5]- البشير عدي ، الوجيز في التنظيم القضائي المغربي ، الطبعة الثانية ، دون ذكر المطبعة ، سنة 2020 ، ص 86
[6]- نفسه.
[7] غير وتمم بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم 10 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.148 بتاريخ 16 من رمضان 1432 (17 أغسطس 2011)؛ الجريدة الرسمية عدد 5975 بتاريخ 6 شوال 1432 (5 سبتمبر 2011)، ص 4386.
[8]- أحدثت المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية
بمقتضى القانون رقم 53.95 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.97.65 بتاريخ 4 شوال
1417 (12 فبراير 1997)؛ الجريدة الرسمية عدد 4482 بتاريخ 8 محرم 1418 (15 ماي
1997)، ص 1141.
[9]- تجدر الإشارة إلى أن جل العمليات التي يقوم بها البنك التشاركي تعتبر عمليات تجارية شكلية باعتباره يتخذ شكل شركة المساهمة حسب المادة 35 من القانون 103.12.
[10]- أمر رقم 563 بتاريخ 01/11/2005 ملف رقم 2005/1/195 صادر عن المحكمة التجارية بمراكش (غير منشور).
[11]- عبد الحميد أخريف ، الحقوق القضائية للمستهلك ، مجلة المعيار، العدد 38 ، دجنبر 2007، ص 28.
[12]- المهدي العزوزي، تسوية نزاعات الاستهلاك في ضوء القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ، دار المعرفة الرباط ، د. ذ .س ، ص 37.
[13]- منير المهدي، المظاهر القانونية لحماية المستهلك ، أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون الخاص ، وحدة البحث والتكوين قانون الأعمال ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2004- 2005، ص 399.
[14]- حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ،
عدد 1689 بتاريخ 2012/07/13 ملف مدني عدد
2012/24/12851.
[15]- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء، تحت عدد 6117، بتاريخ 2012/04/25، ملف رقم 2012/6/1636، غير منشور.
[16] محمود والشمس،الآجال في عقود البنوك التشاركية،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس ،جامعة مولاي
اسماعيل،السنة الجامعية (2020/2019)،ص 111.
[17]- المهدي العزوزي ، تسوية نزاعات الاستهلاك ، مرجع سابق ، ص45.
[18]-الفصل 27 من ق م م.
[19]-المادة 10 من ق إ م ت.
[20]
-المادة 10 من إ.م.إ ، التي تحيل على الفصل 27 من ق م م.
[21]-انظر الفصل 27 من ق م م.
[22]- التقادم في اللغة: من القدم والعتق ، ونقيض الحدوث ، قَدُمَ يَقْدُمُ قِدَماً وقُدامة، وهو قديم، وقدُم الشيء خلاف حدُث وعيبٌ قديمٌ، أي سابق زمانه متقدم الوقوع على وقته؛ وفي الاصطلاح فهو منع سماعالدعوى بعد أن تركت مدة معلومة.
[23]-
كما هو الأمر بالنسبة للمادة 106 من ق ل ع.
[24] Les actions personnelles ou mobilières se prescrivent par cinq ans
a compter ou le jour titulaire d un droit a connu ou aurait connaitre les faits
lui permettant de l exercer
[25] لابد من الإشارة هنا انه تم تغيير
المادة377 بمقتضى المادة 3 من القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة .
[26] عبد الرحمان الشرقاوي،التنظيم القضائي- بين العدالة المؤسساتية والعدالة
المكملة او البديلة، الطبعة الرابعة،مطبعة المعارف الجديدة – السنة 2018 ،
الصفحة239.
[27]
اورده عبد الكريم الطالب ، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ، الطبعة الاولى ، مطبعة المعرفة – مراكش ،
السنة 2015،الصفحة 298.
[28] نفس المرجع .
[29] تجدر الاشارة ان التحكيم من مصدر حكمه في الامر
اي جعله حكما وهو تفويض الحكم لشخص ويقال للمحكم حكم من باب التفعيل بصيغة اسم
المفعول ويقال محكم من باب التفعيل بصيغة اسم الفاعل وفي القران الكريم قوله تعالى
" فلا وربك لا يومنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم" اما اصطلحا اتجاد
الخصمين اخر اهلا للحكم برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما .للمزيد راجع لطيفة الحسني
،التحكيم في منازعات البنوك التشاركية ،الطبعة الاولى ،مكتبة دار السلام،السنة
2018،الصفحة 24.
[30] تجدر الاشارة الى ان اهلية البنك التشاركي
تتمتثل في الممثله القانوني.
0 تعليقات