تقديم عام للموضوع:
إذا كانت الحماية القضائية وقواعد العدالة
والانصاف تقتضي وجود جهاز قضائي قائم على تنزيل المقتضيات التشريعية إلى أرض
الواقع وتطبيق القانون على الوجه المطلوب، فإن ذلك رهين بمعرفة المتقاضين
والمرتفقين بصفة عامة للمساطر الواجبة الاتباع للوصول الى حقوقهم، انطلاقا من
ضرورة التوفر على شروط التقاضي التي حددها المشرع المغربي في المادة الأولى من
قانون المسطرة المدنية، وكذا تحديد المحكمة المختصة للبث في مطالبهم، وصولا إلى
معرفة الإجراءات المتبعة في تسيير الدعوى، وممارسة طرق الطعن الجائزة التي يقتضيها
القانون، وختم الدعوى بضرورة العلم بإجراءات تبليغ وتنفيذ الحكم أو القرار القضائي
الذي يصدر بناء على مجموعة من المراحل المتنوعة والتي ينظمها قانون المسطرة
المدنية[1]،
كقانون شكلي مسطري يعنى بالشكليات التي يتعين احترامها من طرف المتقاضين والقضاة
وكل مساعدي العدالة، سواء من أجل عرض نزاع ما على القضاء أو إيجاد حل له.[2]
وكما هو معلوم أن قانون المسطرة المدنية كقانون
شكلي يعد المحرك الرئيسي للقواعد القانونية الموضوعية، شأنه في ذلك شأن قانون
المسطرة الجنائية والذي بدوره يعد بمثابة القاطرة التي تجر عربات القانون الجنائي،
إذ لا بد من التعرف إلى جانب ما ذكر على إجراءات جوهرية أخرى قد نظمها المشرع
المغربي اسوة بباقي التشريعات المقارنة، تعتبر في مجملها إجراءات ضرورية لحماية
حقوق الأفراد، وضمانة أساسية للمتقاضيين.
وعليه فإجراءات التحقيق في الدعوى في قانون
المسطرة المدنية المغربي تعتبر من بين قواعد الإثبات الشكلية والأعمال الإجرائية
التي يجب مراعاتها عند سلوك كل طريق من طرق الإثبات أمام القضاء[3]،
الهدف منها هو التحقيق في الدعوى قائمة أو مستقبلية لإثبات وقائع النزاع بتقديم
دليل، وإزالة الغموض والإبهام المحيط بوقائع القضية.
وبتالي يمكن تصنيفها إلى ثلاث أصناف، منها صنف
يسمى إجراءات التحقيق المسطرية التي يتبعا القاضي المقرر عند تسيير مسطرة التحقيق من
بينها الأمر بتبليغ المقال وتعيين أول جلسة علنية، الأمر بتبليغ المذكرات
الدفاعية، المستنتجات، إطلاع الخصوم على المستندات والأوراق المدلى بها في ملف
القضية، والأمر بالتخلي وادراج القضية بالجلسة العلنية[4]،
وصنف يسمى بإجراءات التحقيق العادية[5]،
والتي يتم بها تقديم وسائل الإثبات التي نظمها قانون الالتزامات والعقود[6]،
باعتبارها تشكل الجانب الشكلي أو الإجرائي لوسائل الإثبات المدنية، وتشمل الأبحاث
واليمين، والزور الفرعي، والحضور الشخصي والأمر بتقديم المستندات.
وصنف
ثالث يسمى بإجراءات التحقيق الإخبارية[7]،
والتي تعد من الإجراءات الخادمة لوسائل الإثبات وتشمل الخبرة ومعاينة الأماكن،
وهما إجراءين يتميزان عن باقي إجراءات التحقيق الأخرى كاليمين والأبحاث وتحقيق
الخطوط والزور الفرعي، لكونهما لا يرتبطان بوسائل الإثبات المدنية التي تم تنظيمها
في ق.ل.ع، كالإقرار والكتابة أو اليمين أو شهادة الشهود والقرينة، ناهيك على أن
المشرع اكتفى بتنظيمها فقط في قانون الشكل أي قانون المسطرة المدنية.[8]
وكما هو معلوم أن هذه الإجراءات قد أوردها
المشرع المغربي في الباب الثالث من القسم الثالث من ق.م.م تحت اسم " إجراءات
التحقيق"، في الفصول من 55 إلى 102 وأيضا الفصول 334 و 336، والتي تطرقت
للقواعد المسطرية للقيام بهذه الإجراءات أمام محاكم الاستئناف، والمتمثلة في: الخبرة
ومعاينة الأماكن والأبحاث واليمين وتحقيق الخطوط والزور الفرعي، والتي تختلف تماما
عن إجراءات تحقيق الدعوى.[9]
ويعد التحقيق من أهم مراحل الدعوى المدنية، عند
طرح الخصوم لادعاءاتهم، ومحاولتهم إثباتها، وأمر المحكمة بالإجراءات اللازمة
العناصر الضرورية للبث في الدعوى.
ولعل
الإشكال الرئيسي الذي يثيره هذا الموضوع هو: ما هي مختلف إجراءات التحقيق في قانون
المسطرة المدنية؟ وما هي ضوابط وشروط ممارسة هذه الإجراءات؟ وما هي المساطر
المتبعة في ممارستها؟.
وللإجابة على الاشكال أعلاه سنقسم هذا البحث
إلى قسمين: نتناول في (المطلب الأول) إجراءات التحقيق في قانون المسطرة المدنية،
والمتمثلة في الخبرة والأبحاث ومعاينة الأماكن، بينما سنخصص (المطلب الثاني)
للحديث عن الجزء الثاني من إجراءات التحقيق، ويتعلق الأمر باليمين وتحقيق الخطوط
والزور الفرعي.
المطلب الأول: أوامر إجراءات التحقيق: الخبرة-الأبحاث ومعاينة الأماكن
مما لا شك فيه أن إجراءات التحقيق المنصوص
عليها في قانون المسطرة المدنية، تعتبر من بين أهم الوسائل التي يرتكز عليها
القاضي المدني في عملية صنع الدليل في الدعوى، وبالتالي مساعدته في بناء حكمه أو
قراره القضائي، اسوة بباقي وسائل الأخرى المنصوص عليها في الفصل 404 من ق.م.م.
وعليه سنحاول أن نتطرق إلى هذه الإجراءات من خلال
مناقشة الأمر بإجراء خبرة (الفقرة الأولى)، والأمر بمعاينة الأماكن (الفقرة
الثانية)، والأمر بإجراء بحث (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: الأمر بإجراء
خبرة
سنحاول أن نتطرق إلى الأمر بإجراء خبرة كإجراء
من إجراءات التحقيق، من خلال بيان ماهية الخبرة (أولا)، والوقوف على أحكامها
(ثانيا).
أولا: ماهية الخبرة القضائية
يقتضي منها معالجة ماهية الخبرة
القضائية التطرق في النقطة الأول إلى تعريفها (1)، والوقوف في النقطة الموالية على
أنواعها أو تصنيفاتها (2).
1- تعريف الخبرة القضائية
الأمر بإجراء
خبرة هو توجه المحكمة لصاحب علم أو دراية بفن أو صناعة ذي تخصص، لتستعين به في
التحقق من عناصر واقعية معينة يؤثر وجودها أو انتفاؤها في مصير الدعوى، ولتستهدي
بملاحظاته ورأيه فيها، وليكشف لها عن حقائق ووقائع يكون التحقق منها ضروريا لتحديد
وجه الحكم.[10]
وهذا ما أكد عليه الفصل 59 من قانون المسطرة
المدنية، حين حدد نطاق الخبرة في العناصر التقنية التي لا علاقة لها بالقانون
مطلقا.
وتعرف الخبرة كذلك على أنها: استشارة تقنية تلبها المحكمة من شخص ذي كفاءة علمية تؤهله لمعاينة وقائع مادية، يصعب على المحكمة معاينتها لافتقادها لتلك الكفاءة.[11]
كما
عرفها بعض الفقه المغربي على أنها، مجموع العمليات والتقارير التي يقوم بها الخبير
المعين من طرف المحكمة للجواب على أسئلة علمية أو فنية وتقنية، يتوقف عليها البث
في النزاع، ولا علاقة لها بالمقتضيات القانونية وتطبيقها، الذي يعتبر من صميم عمل
القاضي.[12]
كما عرفها الأستاذ محمد
الكشبور بأنه " الخبرة في جوهرها إجراء من إجراءات التحقيق، يلتجئ اليها قضاء
الموضوع عادة قصد الحصول على المعلومات الضرورية بواسطة أهل الاختصاص، وذلك من أجل
البث في مسائل علمية أو فنية، تكون عادة محل نزاع بين الخصوم في الدعوى، ولا
يستطيع أولئك القضاة الإلمام بها والتقرير بشأنها دون الاستعانة بالغير".[13]
بينما
عرفها البعض الآخر بأنها " إجراء من إجراءات التحقيق يعهد بواسطته القاضي
لشخص مختص يسمى الخبير، بمأمورية تنور معارفه في المسائل التقنية أو الفنية التي
يتوقف ادراكها الفصل في النزاع، أو بمأمورية معاينة وقائع مادية يشق على القاضي
الوصول إليها".[14]
وعرفها كذلك الأستاذ " زعيم إبراهيم"
بأنها " الإجراء الذي يستهدف الاستعانة بدوي الاختصاص، والاسترشاد بآرائهم
لجلاء مسألة غامضة يحتاج حلها إلى دراية علمية فنية تخرج عن إطار التكوين العام
للقاضي".[15]
وبالرجوع إلى أحد قرارات محكمة النقض سنجدها قد
تعرضت الى تعريف الخبرة القضائية بأنها:" وسيلة من وسائل الإثبات، تملك معها
المحكمة سلطة تقديرية، لا تخضع لرقابة محكمة النقض".[16]
في حين اعتبرتها محكمة النقض في قرار آخر صادر
عنها وسيلة للتحقيق، حيث جاء فيه ما يلي:" الخبرة تعتبر وسيلة تحقيق
وليس إثبات".[17]
وهو ما أكدته كذلك في قرار آخر، حيث اعتبرت
الخبرة اجراء من إجراءات التحقيق بقولها:" إن الخبرة إجراء للتحقيق قصد إعداد
الحجة...".[18]
والملاحظ من خلال استقراء القرارات أعلاه أن توجه
محكمة النقض عرف تدبدبا، إذ لم تستقر بخصوص الطبيعة القانونية للخبرة القضائية،
وبذلك تكون قد خالفت توجه المشرع المغربي الذي اعتبر الخبرة القضائية وسيلة من
وسائل التحقيق وليس وسيلة إثبات، والتي نظمها في الفصول من 59 إلى 66 من ق.م.م،
والتي ينحصر مجالها في تقدير الوقائع وليس تنوير القاضي في المسائل القانونية.
وعليه لا يجوز للقاضي تكليف خبير تكليف الخبير
للبحث في المسائل القانونية، وإلا أضحى ذلك تنازلا عن ولايته واختصاصه وتفويضا منه
لسلطاته القضائية[19]، وبذلك ينحصر
اختصاص الخبير في بحث المسائل الواقعية التي تدخل ضمن اختصاصه، دون إمكانية
تجاوزها إلى الخوض في المسائل القانونية أو إعطاء رأيه بخصوصها، والتي تبقى من
صلاحيات واختصاصات القاضي.[20]
2- أنواع الخبرة القضائية
تعتبر الخبرة
القضائية كما رأينا سلفا إجراء من إجراءات التحقيق تأمر به المحكمة تلقائيا، أو
بناء على طلب أحد الأطراف أو كليهما، كلما عرضت عليها مسألة واقعية (فنية) تحتاج
الى تشخيص من دوي الاختصاص بغية إعطاء فهم وتوضيح لهذه الوقائع الفنية التي تدخل
في صميم اختصاص شخص يسمى " الخبير".
والخبرة القضائية ليست صنف واحد وإنما هي أنواع
مختلفة سنحاول أن بينها في هذه النقطة، بحيت سنبدأ حديثنا بالخبرة المضادة (أ)،
بعد ذلك الخبرة الجديدة (ب)، وأخيرا الخبرة التكميلية (ت).
أ-
الخبرة المضادة
تعرف الخبرة المضادة على أنها نوع من أنواع
الخبرة تقتضي انتداب خبير أو عدة خبراء جدد للنظر وتوضيح المسائل الفنية التي جعلت
المحكمة تلتجأ الى الخبرة، ويصدر بشأنها أمر أو قرار تمهيدي، وتنجز وفقا للشروط
والشكليات المتطلبة قانونا، واللجوء الى هذا النوع من الخبرة مسألة موضوعية تندرج
ضمن السلطة التقديرية لمحاكم الموضوع، إذ لها وحدها ولو طلبها الخصوم سلطة تقرير
ما إذا كانت هناك فائدة منها أم لا.[21]
ويستفاد من هذا التعريف أن الخبرة المضادة
إنطلاقا من تسميتها، تقتضي بداية وجود خبرة أولية قامت بها المحكمة، وتمت المنازعة
بشأنها، وهو المنازعة بشأن الخبرة هو بيت القصيد الذي جعل المحكمة تأمر بخبرة
مضادة إما لإثبات صدق الخبرة الأولى أو تفنيدها.
وعليه فالخبرة المضادة وكتوضيح أكثر لما قلنا
أعلاه لا يؤمر بها ابتداء، وإنما بعد وجود خبرة سابقة، كما تفترض وجود منازعة في
هذه الخبرة[22]، ويكون
موضوعها غالبا مقارنة صحة معطيات وسلامة الإجراءات وصدق نتائج الخبرة الأولى من
حيث نتيجتها.[23]
ب- الخبرة الجديدة
هي الخبرة التي تؤمر
بها المحكمة عندما ترفض نهائيا الخبرة الأولى لأي سبب من الأسباب، كالبطلان مثلا،
وبطلان الخبرة لا يؤثر على الدعوى القائمة أمام القضاء، بل أن أثرها ينال من الحكم
التمهيدي بإجراء خبرة، إما بإلغائه والاستغناء عن الخبرة أو بإلغائه واستبدال
الخبير.
وفي هذا السياق ذهبت محكمة الاستئناف بالحسيمة
في قرار لها إلى الاستجابة لملتمس إجراء خبرة جديدة بناء على طلب أحد الأطراف،
بدعوى أن الحكم المستأنف اعتمد على الخبرة التي أنجزها خبير لا علاقة له بالشؤون
العمرانية ومسائل البناء التي هي من اختصاص المهندسين، الذين هم المؤهلون لإجراء
الخبرات على الدعامات والأسوار والسقوف، إلا أن نتيجة الخبرة الجديدة رغم اسنادها
إلى مهندس مختص جاءت مطابقة للخبرة الأولى وأكدتها، الشيء الذي اعتبرته المحكمة
مصادفا للصواب يتعين اعتماد نتائجهما معا.[24]
ويستفاد من التعريف أعلاه أن الخبرة الجديدة
لها حكم تبعي، إذ تؤمر بها المحكمة عند الغاء الخبرة الأولى، وسبب الغائها يرجع
اما الى بطلان إجراءاتها أو قد يرتكز بتجريح الخبير الذي قام بها، وإجراءات الخبرة
أمام القضاء المدني، لها تقريبا نفس الأحكام بالنسبة للخبرة القضائية في المادة
الجنائية.
ت- الخبرة التكميلية
هي كل خبرة تأمر بها
المحكمة عندما ترى نقصا واضحا في معطيات ونتائج الخبرة المقدمة لها في الدعوى، أو
أن الخبير لم يجب عن جميع الأسئلة أو لم يتطرق إلى كل النقط الفنية التي عين من
أجلها، أو أنه لم يجري البحث كما يجب.
وهذا ما يجعل المحكمة تأمر باستكمال ذلك النقص
الملحوظ في تقرير الخبرة، وتقرر اجراء خبرة تكميلية، وتستند هذه الأخيرة إلى
الخبير الذي قام بإنجاز الخبرة الأصلية أو خبير آخر حسب السلطة التقديرية الممنوحة
للقاضي.[25]
ثانيا: أحكام الخبرة القضائية
لا ضير أنه متى قامت في الدعوى المرفوعة أمام
القضاء مسألة يتطلب حلها معلومات لا يأنس القاضي نفسه الكفاية العلمية أو الفنية[26]،
كإجراء حساب معقد أو معاينة عقار أو إثبات حالة أو تحديد نسبة الأضرار المادية أو
الجسدية في حوادث السير وغيرها، أو تقدير التعويض الواجب للمصاب في حوادث الشغل
والأمراض المهنية وغيرها، فالخبرة بذلك تعتبر وسيلة تحقيق في الدعوى.[27]
وعليه فالأمر بإجراء الخبرة القضائية يقتضي
اسنادها الى شخص مؤهل ومتخصص يدعى الخبير، وهو ما يستدعي منا (1) التعرف على
إجراءات تعيينه وتجريحه، والوقوف في النقطة الثانية (2) على مسطرة إجراء الخبرة.
1- إجراءات تعيين الخبير واختصاصاته
إن تعيين الخبير أمر
موكول لسلطة القاضي التقديرية، والتي بموجبها يعطيه القانون حق الاستجابة لطلب
الخبرة في الحالة التي يطلبها أحد الخصوم أو كليهما، أو عدم اجراءها[28]،
في الحالة التي يتقرر قانونا على المحكمة الاستعانة بها .
والتعرف على إجراءات تعيين الخبير واختصاصاته، يقتضي
معالجة مسطرة تعيينه وتبيان الحقوق المخولة له قانونا(أ)، تم بعد ذلك تسليط الضوء
على اختصاصاته في مجال الخبرة القضائية (ب)، وتوضيح مسطرة التجريح وأسبابه (ت).
أ-
مسطرة تعيين الخبير
تطبيقا لمقتضيات الفصل 59 من قانون المسطرة
المدنية يتم تعيين الخبير من طرف القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية[29]
إما بشكل تلقائي أو بناء على الطلب الذي تقدم به أحد أطراف الدعوى، وكما هو معلوم
لا يمكن اختيار الخبير إلا من ضمن الخبراء المسجلين في لائحة الخبراء القضائيين
التابعين للمحكمة التي تنظر في النزاع، كما يمكن تعيين خبير خارج تلك اللائحة كلما
اقتضت الضرورة ذلك، وفي هذه الحالة يجب على الخبير الذي عين خارج الجدول أن يؤدي اليمين
القانونية[30] أمام
السلطة القضائية قبل مباشرته لمهامه، تحت طائلة بطلان الاجراء الذي يتم إنجازه.
وهذا ما قضت به محكمة النقض في قرار لها بتاريخ
18 يونيو 1980، على أنه:" الدفع بعدم أداء الخبير غير المحلف اليمين نقطة
قانونية يمكن التمسك بها في الخبرة واو بعد اجراءها عملا بالفصل 59 من
ق.م.م".[31]
ويكون للطرف الذي له مصلحة في ذلك اثارة الدفع
بالبطلان في المستنتجات التي يدلي بها عقب الخبرة، كما يمكن اثارة نفس الدفع في
مرحلة الاستئناف كوسيلة من وسائل الاستئناف، شريطة أن تكون قد تمت إثارته أمام
محكمة الدرجة الأولى.[32]
وتجدر الإشارة كذلك أنه وعملا بمقتضيات المادة
66 من ق.م.م، فقد أعطى المشرع للقاضي الحق في انتداب أكثر من خبير، إذا ما اعتبر
أن ظروف القضية تدعوا إلى ذلك، ويقم الخبراء في حالة تعيينهم كلهم مجتمعين بإنجاز
الخبرة المسندة إليهم، وتحرير تقرير يبين كل الإجراءات والعمليات التي تم القيام
بها وضرورة توقيعه من طرفهم في الحالة التي ينجزون تقريرا واحدا مشتركا.
وقيام الخبير بإجراءات الخبرة القضائية يتوقف
على إعطائه لحقوقه المخولة له قانونا، وهي أتعابه التي تراعا فيها المجهودات وقيمة
العمل والعناية التي يستلزمها والزمن الذي سيقضيه في ذلك، ما لم يطلب الزيادة في
الأتعاب بعد انتهائه من مهامه، أو يأمر القاضي بأداء أتعاب تكميلية، والمحكمة هي
التي تحدد المبلغ الجزافي الذي سيتقاضاه الخبير والطرف الملزم بأدائه.[33]
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 56 من ق.م.م يأمر
القاضي بإيداع مبلغ مسبق يحدده لتسديد الصوائر تحت طائلة رفض طلب الخبرة، ما لم
يكن أحد الأطراف قد استفاد من المساعدة القضائية.
وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها، والذي
جاء فيه:" عدم إيداع طالب الخبرة أتعابها داخل الأجل المحدد، يؤدي إلى صرف
النظر عن الخبرة، لكن يبقى الخيار للمحكمة في أن تستجيب للطلب، أو ترفضه حسبما
تستنتجه من دراستها للقضية في إطار سلطتها التقديرية".[34]
وطبقا للفصل 57 من نفس القانون، فالخبير يمنع
عليه تسلم أي مبلغ مباشرة من الأطراف، تحت طائلة التشطيب عليه من الجدول، وهو
أجراء سليم يبعد الشبهات بما في ذلك التأثير على الخبير.
ب- اختصاصات الخبير
يتعين على الخبير أن
يحصر تدخله على النقط التقنية المحددة بشكل حصري في الأمر الصادر عن السلطة
التقديرية التي قامت بتعيينه، ويترتب عن خرق هذه القاعدة بفعل تجاوز الخبير للحدود
المحددة من طرف القضاء بطلان التقرير الذي تم إنجازه، وهو ما يمنع على الخبير
إبداء آرائهم بخصوص مسائل قانونية تتعلق بتأويل القانون أو بتحديد المقتضيات
القانونية الواجبة التطبيق.
وقد أكد القضاء المغربي على هذه المقتضيات في
العديد من القرارات، يمكن الوقوف على بعضها، من ذلك قرار محكمة النقض بتاريخ 3
يناير 1995، والذي جاء فيه ما يلي:" مهمة الخبير تقنية لا أتر لها على ما
يرجع النظر فيه للقضاة الذين لهم وحدهم حق مناقشة الدعوى في إطارها القانوني.
المحكمة التي اعتمدت على تصريحات الأشخاص
المستمع إليهم من طرف الخبير، وبنت قضاءها على ذلك جعلت قرارها معرضا للنقض".[35]
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يتوفر الخبير كذللك
أيا كانت الجهة القضائية التي قامت بتعيينه على سلطات واسعة للتحري والبحث، ويمكنه
استنادا على هذه السلطات أن يستمع إلى كل الأشخاص الذين يتواجدون في الأماكن التي
يقوم بزيارتها تنفيذا للمهام المنوطة به، غير أن التصريحات الصادرة عن هؤلاء في
هذا الصدد لا تتوفر على نفس الحجية التي منحها القانون لشهادة الشهود، وبالتالي
فهي لا تنتج نفس الأثر.[36]
ولا تنحصر اختصاصات الخبير في النقاط المذكورة أعلاه،
بل يجب عليه اعداد تقرير مفصل لمجمل العمليات والمهام التي قام بها، وقد يكون
شفويا أو كتابيا، وضرورة إيداعه إذا كان كتابيا داخل الأجل الذي يحدده القاضي لدى
كتبة ضبط المحكمة المختصة، ويقوم كاتب الضبط بإشعار الأطراف فور ايداعه قصد
الاطلاع عليه، أما بخصوص التقرير الشفوي فيتعين على كاتب الضبط أن يحرر محضرا
يضمنه كافة العناصر التي أشار اليها الخبير تطبيقا لما نصت عليه المادة 60 من
قانون المسطرة المدنية.
غير أن المشرع المغربي رتب جزاء على عدم قيام
الخبير بالمهام المسندة إليه داخل الأجل المحدد أو لم يقبل القيام بها، بحيث أعطى للقاضي
استبدال الخبير المعين من طرفه تلقائيا أو بناء على طلب أحد الخصوم وتعيين خبير
آخر محله، وهذا ما نصت عليه مقتضيات الفصل 61 من ق.م.م، وتجري مسطرة استبدال
الخبير كما تم التنصيص عليها في الفصل أعلاه بدون حضور الأطراف، وإنما اشعرهم
بإجراء الاستبدال، وهذا ما تم التأكيد عليه من طرف محكمة النقض في إحدى قراراتها،
والذي جاء فيه ما يلي:" تعيين الخبير بدل آخر لا يستلزم حضور الأطراف، ولا
وقوعه في جلسة...".[37]
ت- مسطرة تجريح الخبير
سمح المشرع المغربي لأطراف النزاع بتجريح الخبير،
والتجريح يقصد به الطعن في نزاهة الخبير، أو على الأقل ادعاء أسباب من شأنها
التشكيك في حياده ونزاهته، بشكل يؤثر على مصالح الطرف المجرح.[38]
ويقصد كذلك
بالتجريح تنحية الخبير عن المهمة التي أنتدب إليها، حتى يأتي رأيه بعيد عن مظنة
التحيز ومحاباة خصم على حساب خصم آخر، وبعيدا عن دافع الحقد أو الانتقام لكي تكون
خبرته موضح طمأنينة وللمحكمة عند الاستعانة بها.[39]
غير أنه يشترط لذلك
أن يتم التجريح هذا بطلب موقع من المعني بالأمر أو وكيله داخل أجل خمسة أيام من
تبليغه بتعيين الخبير، حيث تبث المحكمة في الطلب بحكم تمهيدي غير قابل للطعن إلا
مع الحكم البات في الجوهر، ولا تقبله إلا بسبب القرابة القريبة أو لأسباب أخرى
خطيرة، تبقى للمحكمة سلطة تقديرية واسعة بشأنها، تطبيقا لمقتضيات المادة 62 من
ق.م.م.[40]
وهذا ما أكدته
محكمة النقض في قرار لها:" الأمر القاضي بتعيين الخبير أو استبداله ينبغي أن
يبلغ لمن يعنيهم الأمر ليتمكنوا من ممارسة حقهم في التجريح قبل القيام بإجراءات
الخبرة ما دام من يعنيه الأمر قد تمسك بهذا التبليغ ليتسنى له ممارسة حقه في تجريح
الخبير...".[41]
والفصل 62 من
ق.م.م في صيغته القديمة، في حديثه عن أسباب التجريح، أشار فقط إلى القرابة
القريبة، والأسباب الخطيرة، وهي إشارة تبقى معه هذه الأسباب غامضة، وتقديرها موكول
إلى اجتهاد القاضي وفطنته.
بيد أن الصيغة
الجديدة للفصل 62 من نفس القانون، كما وردت بالقانون 00-85 أضفت ايضاحا على
القريبة القرابة، وأضافت أسبابا أخرى لتبرير إبعاد الخبير عن العملية التي انتدب
اليها.
ولا شك في ذلك
أن المشرع كان موفقا الى حد ما، فهو بعد أن بين درجة القرابة والمصاهرة المانعة من
إنجاز الخبرة، أشار كذلك إلى سبب هام جدا وهو إذا عين الخبير في غير مجال
اختصاصه.[42]
وعليه ومن خلال
الفصل 62 أعلاه، فإن تجريح الخبير يتعين الإعلان عنه قبل اجراء الخبرة تحت طائلة
عدم قبوله. لكن هذا يبقى رهين أولا بتبليغ المقرر القضائي بتعيين الخبير للأطراف،
وثانيا بانكشاف سبب التجريح قبل إنجاز الخبرة، وكون هذا السبب لم يظهر، ولم يعلم
به الأطراف إلا بعد إجراء الخبرة أو أتناءه يسمح لهم التمسك به لاحقا.
وبتالي فإذا
انكشف سبب التجريح بعد عملية الخبرة، جاز لمن له مصلحة في إثارته في إبانه، وإذا
ظهر بعد ذلك أي أتناءها، فلا شك أن التمسك به يجب إعلانه قبل مناقشة موضوع الخبرة،
بل وقبل كل دفع شكلي.
وهذا الذي سبق
قوله هو مجرد رأي تم استقاؤه مما نص عليه الفصل 80 من ق.م.م، والذي يؤكد على وجوب
إبداء التجريح في الشاهد قبل أداءه للشهادة، عدا إذا لم يظهر سببه إلا بعد ذلك.[43]
كما أنه يمكن
استبدال الخبير أو الخبراء الذين تم تعيينهم من طرف المحكمة التي تنظر في النزاع
إما تلقائيا أو بناء على طلب من له مصلحة في ذلك، ويتم التغيير بشكل تلقائي على
الخصوص في الحالة التي لا يلتزم فيها الخبير المعين بإيداع تقريره داخل الأجل
المحدد.
وهذا ما أكدته
محكمة النقض في قرار لها، بحيث قضت بأن:" الخبير
الذي عينته المحكمة أثناء جريان الدعوى لا يمكن تعويضه إلا بطريقة قانونية وبعد
إعلام الفريقين وإلا كان الحكم المبني على تقرير الخبراء باطلا".[44]
2- إجراءات الخبرة القضائية
لقد حدد المشرع
المغربي إجراءات الخبرة القضائية كإجراء من إجراءات التحقيق في المادة المنية في
الفصول من 63 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية بالإضافة إلى الفصول المشار اليها
أعلاه، وتشمل انتداب الخبير للقيام بهذه المهمة كشخص متخصص في الخبرات العلمية
والتقنية، ويتطلب عمله في هذا الصدد استدعاء الأطراف (أ)، ومحاولة إجراء الصلح بين
الأطراف والاستماع إلى أقوالهم (ب)، ثم بعد ذلك يجب على الخبير انجاز تقرير عن
مجمل العمليات التي تهم الخبرة وايداعه لدى المحكمة (ت).
أ-
استدعاء الأطراف
يجب على الخبير أن يستدعي الأطراف ووكلائهم لحضور إنجاز
الخبرة، ويتضمن الاستدعاء تحديد تاريخ ومكان وساعة إنجازها[45]،
وذلك قبل خمسة أيام على الأقل قبل الموعد المحدد، وهذا ما نصت عليه المادة 63 من
قانون المسطرة المدنية والذي جاءت مقتضياته على الشكل التالي:" يجب على الخبير تحت طائلة البطلان، أن يستدعي الأطراف ووكلائهم لحضور انجاز
الخبرة، مع إمكانية استعانة الأطراف بأي شخص يرون فائدة في حضوره".[46]
من خلال
استقراء مقتضيات الفصل أعلاه يمكن القول إن المشرع المغربي ألزم الخبير باحترام
مبدأ الحضورية أو الوجاهية خلال عمليات تنفيذ الخبرة، ويظهر ذلك من صيغة الوجوب
الواردة في النص، حيث إن المشرع جعل هذا الالتزام من النظام العام.[47]
وهذا ما أكده
القضاء المغربي في أحد قرارات محكمة النقض والذي جاء فيه ما يلي:" الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية يكتسي صبغة آمرة ويتعلق بحقوق
الدفاع يجب احترامه مهما كانت طبيعة الخبرة، ولهذا تكون المحكمة قد خرقت النص
المذكور عندما بررت عدم استدعاء الأطراف لحضور الخبرة الطبية بكونه شخصا عاديا لا
يمكن له القيام بأي دور في موضوع الخبرة التي تستند على معلومات وأجهزة طبية هي في
متناول الخبير وحده".[48]
كما اعتبر
القضاء في قرار آخر أن:" الخبرة الطبية وإن
كانت تحتوي على جانب تقني، فإن استدعاء الأطراف للحضور عند الفحص ضروري، وذلك
لتمكينهم من ممارسة حقهم في الدفاع والتأكد من أن الفحص يجري على المريض المتضرر،
وليمكنهم من ابداء ملاحظاتهم حول طريقة تنفيذ الخبرة، وأن الحكم المطعون فيه عندما
اعتبر أن الخبرة تقنية لا تحتاج إلى استدعاء الخبير للأطراف رغم تمسك الطالب بذلك
يكون قد مس بحقه في الدفاع خارقا للقانون".[49]
هذا بالإضافة
إلى أن الفصل أعلاه رتب جزاء بطلان الخبرة في الحالة التي لا يقوم فيها الخبير
باستدعاء الأطراف ووكلائهم لحضور إجراءاتها، وقد أحسن المشرع صنعا لأنه لم يترك أي
مجال للخبير ولسلطة القاضي في هذه المسألة.
وما يجب لفت
النظر اليه أن الدفع المتعلق بالاستدعاء وإجراءاته تتعين إثارته قبل كل دفع أو
دفاع في موضوع الخبرة، وإلا كان غير مقبول عملا بعموم الفصل 49 من ق.م.م.[50]
وهذا ما أكدته
محكمة النقض في قرار لها، حيث جاء فيه ما يلي:" يجب
إثارة الدفع بعدم استدعاء الأطراف من طرف الخبير قبل كل دفع في الموضوع".[51]
إلا أنه يمكن
في حالة الاستعجال القصوى التي تقتضيها ظروف القضية، أن يأذن القاضي المقرر أو
المحكمة التي تنظر في النزاع للخبير بإنجاز مهمته دونما حاجة إلى استدعاء الأطراف
تطبيقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 63 من ق.م.م.[52]
ب- محاولة إجراء الصلح بين الطرفين والاستماع إلى أقوالهم
بمقتضى الفصل 63 من ق.م.م قبل تعديله بالقانون رقم 00-85[53]،
ثم القانون رقم 11-33[54]،
منح من خلاله المشرع المغربي للخبير حق إجراء محاولة الصلح بين الأطراف، وعلى
الخبير أن يشير لهذا الاجراء في تقريره عند الاقتضاء.
ومن الفقه من
ذهب في هذا الاطار إلى أنه:" والغريب أن المشرع المغربي يسمح للخبير الذي
يعمل تحت إمرة القاضي بإجراء محاولة الصلح، بينما القاضي لا يملك هذا الحق في أغلب
القضايا، باستثناء بعض القضايا كقضايا الأحوال الشخصية والقضايا الاجتماعية، ولعل
إبقاء صلاحية إجراء محاولة التصالح بين الأطراف أمام الخبير، هي من مخلفات المسطرة
المتبعة أمام محاكم الصلح في ظل التنظيم القضائي القديم، والتي تعتبر في محاولة
اجراء التصالح بين الأطراف الجانب المهم من المسطرة، سواء أمام قاضي الصلح أو أمام
الخبير، لذا ندعوا المشرع المغربي لحذف مسطرة التصالح أمام الخبير، وأن يمنح صراحة
للقاضي صلاحيته بهذا الشأن، وهو بهذا سيحذو حذو التشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي.[55]
وهذا ما استجاب
اليه المشرع المغربي بعد تعديله الفصل 63 من ق.م.م بالقانون 00-85 ثم بالقانون
11-33، ولكن بالعودة إلى مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية في مادته 63 في الفقرة
ما قبل الأخيرة، نرى أن المشرع أعاد مقتضى قيام الخبير بمحاولة الصلح بين الأطراف
إلى الواجهة.[56]
ت- وضع الخبرة وإيداعه
من خلال استقراء
مقتضيات الفصل 60 من قانون المسطرة المدنية يتضح لنا أنه يتعين على الخبير بعد
انهاء عمليات انجاز الخبرة أن يضع تقريرا يضمن فيه مجمل العمليات والأعمال التي
قام بها وما توصل اليه من نتائج وهو بصدد المهمة المنوطة به من طرف المحكمة[57]،
ما يضفي على هذه الاجراء نوع من الإلزامية ما أشار اليه المشرع في الفصل 61 من نفس
القانون، حيث رتب جزاء على عدم تنفيذ الخبير للعمليات المنوطة به أو التأخر في
إيداعه التقرير.
كما ألزم المشرع الخبير بالتوقيع على التقرير
لتكون له الصفة الرسمية، وذلك بنصه في الفصل 66 من ق.م.م في فقرته الثانية على أنه
:" يقوم الخبراء بأعمالهم مجتمعين ويحررون تقريرا
واحدان فإذا كانت آراؤهم مختلفة بينوا رأي كل واحد والأسباب المساندة له مع توقيعه
من طرف الجميع".
وبمجرد إيداع التقرير من طرف الخبير ومناقشته
من طرف الخصوم وابداء آرائهم بشأنه[58]،
تصدر المحكمة حكما تعبر فيه عن موقفها إزاء التقرير، إما أن تأخذ بتقرير الخبرة
برمته بأسبابه ونتائجه، أو تأخذ جزء منه حسب الأحوال، وفي حالات أخرى يمكن للمحكمة
أن تصرح ببطلان تقرير الخبرة لمخالفته للقانون، أو أن تأمر بحضور الخبير أمامها
لتقدير الإيضاحات والمعلومات اللازمة مع إشعار الأطراف بالحضور عند استدعاء الخبير
تطبيقا لما نص عليه الفصل 64 من ق.م.م[59]،
وأخيرا قد تعهد بالمأمورية إلى خبير أو خبراء آخرين في حالة بطلان الخبرة الأولى
أو في حالة عدم اطمئنان المحكمة لنتائجها.
وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها بأنه:" تعيين المحكمة خبرة ثانية لا ينبئ عن اقتناعها بالخبرة الأولى أو
الثانية، إذ لها كامل السلطة في تقرير قوة إثبات الخبرة الأولى التي عملت بها".[60]
وفي ما يخص حجية الخبرة القضائية[61] فالمحكمة
غير ملزمة بالأخذ برأي الخبير المعين ويبقى لها الحق في تعيين خبير آخر من أجل
استيضاح الجوانب التقنية في النزاع ( الفصل 66 من ق.م.م)، كما يمكن للمحكمة الحكم
في الدعوى دون الاستناد الى المستنتجات التي خلص اليها الخبير، غير أنه يتعين في
هذه الحالي أن تقوم المحكمة بتعليل حكمها تعليلا سليما[62]
من خلال توضيح الأسباب التي جعلتها تستبعد تلك المستنتجات، ويتعرض الحكم أو القرار
المشوب بنقصان التعليل في هذه الحالة للإبطال أو النقض.[63]
الفقرة الثانية: الأمر بمعاينة
الأماكن
نظم المشرع المغربي المعاينة كإجراء من
إجراءات التحقيق في الفصل من 67 إلى الفصل 70 من قانون المسطرة المدنية تحث عنوان
" معاينة الأماكن".
وعليه سنعالج الأمر بإجراء بمعاينة الأماكن من
خلال التطرق في النقطة الأولى إلى تعريفها وموضوعها والحكمة منها (أولا)، لنخصص
(ثانيا) للحديث عن إجراءات المعاينة.
أولا: ماهية المعاينة وموضعها
يعتبر الأمر بالمعاينة إجراء من إجراءات
التحقيق الهدف منها إخبار القاضي بوقائع النزاع وتمكينه من عناصر الاقناع، ولتقريب
القارئ الكريم أكثر من هذا الإجراء سنتطرق إلى تعريف المعاينة (1)، ثم بعد ذلك
نسلط الضوء على موضوعها (2).
1- تعريف المعاينة
تعرف المعاينة لغة على أنها: تشتق المعاينة من
عاينه معاينة، أي رآه بعينه وشاهدته عيانا ومعاينة ولم أشك في رؤيتي إياه.[64]
وفي الاصطلاح: هي أن يشاهد القاضي بنفسه أو
بواسطة آمنيه محل النزاع بين المتخاصمين لمعرفة حقيقة الأمر فيه.[65]
كما
عرفها أحد الفقه بأنها:" المقارنة الحسية للشيء المتنازع فيه من طرف
القاضي"، ويضيف أن هذا التعرف جاء لإبراز أن المعاينة لا تتم دائما
بالمشاهدة، أي بواسطة حاسة البصر، بل يمكن تصورها بباقي الحواس الأخرى، كما أن
المعاينة لا تتطلب دائما الانتقال إلى عين المكان، بل من الممكن أن يجري القاضي
المعاينة في الجلسة، خاصة إذا تعلق الأمر بمنقول.
وعرفها البعض الآخر بأنها:" انتقال القاضي
المكلف بالقضية أو القاضي المقرر وكامل الهيئة إلى عين المكان للوقوف على موضوع
النزاع، وغالبا ما تتم هذه المعاينة في المسائل المادية لاسيما القضايا العقارية،
كالنزاع على الحدود أو الأضرار التي تحدث في العقارات"[66]،
هذا بالإضافة إلى أن بعض الفقه اعتبر المعاينة بكونها أهم الأدلة في المسائل
المادية، وقد تكون في بعض الأحيان الدليل القاطع الذي لا يغني عنه دليل سواها.[67]
ويقصد بالمعاينة كذلك:" الوقوف على عين
المكان لمشاهدة موضوع النزاع، ويحصل هذا غالبا في النزاعات العقارية، حيث ينتقل
القاضي المقرر أو المحكمة بكاملها للمشاهدة، وتتم المعاينة بأمر قضائي بناء على
طلب الأطراف أو تلقائيا من القاضي المقرر أو المحكمة، حيث يتعين في الأمر القضائي
اليوم والساعة التي تجري فيها المعاينة، ويستدعون للحضور وفق القواعد العادية
لتوجيه الاستدعاءات وفق ما نص عليه الفصل 68 من ق.م.م".[68]
وفي هذا الصدد اعتبرت محكمة النقض إجراء
المعاينة من وسائل الإثبات، جاء في قرار لها بتاريخ 25 أبريل 2001، على أنه:" المعاينة والخبرة من وسائل الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية
لمحكمة الموضوع".[69]
وعليه ومن خلال ما سبق يمكننا تعريف المعاينة
على أنها:" إجراء من إجراءات التحقيق الذي تأمر به المحكمة كما رأت في ذلك
ضرورة أو كلما عرضت أمامها قضية تستوجب إجراء المعاينة للتثبت وتوضيح المسائل
المتنازع عليها، والذي قد تقوم بها المحكمة بنفسها أو تعين لهذا الغرض قصد
مساعدتها في كل ما هو تقني عند إنجازها لهذا الاجراء، كما تعد المعاينة وسيلة من
الوسائل التي تساعد القاضي على بناء قناعته القضائية واصدار حكمه في موضوع
الدعوى".
2- موضوع المعاينة
مما لا شك فيه أن
إجراء المعاينة كغيره من إجراءات التحقيق الأخرى، لها مواضيع تختص فيها والتي يمكن
أن تتعلق بما يلي:[70]
-
القضايا العقارية: حيث تقوم
المنازعة هنا على حدود العقار أو حيازته أو حقوق الارتفاق العالقة به أو غير ذلك.
-
الدعاوى المنقولة: والتي قد
يتعلق فيه إجراء المعاينة، على معاينة الخسائر المادية اللاحقة بالسيارة في دعوى
التعويض المدني.
-
الدعاوى الشخصية: كمعاينة شخص
مثلا يطالب بتغيير عمره في دعوى الحالة المدنية.[71]
وعليه ولتوضيح النقاط التي أشرنا إليها أعلاه، يمكن القول أنه إذا كان محل
المعاينة شخصا فمن الممكن معاينته في الجلسة، إذا كان حاضرا، ما لم تسمح ظروف
معينة من حضوره كمرضه مثلا، وفي هذه الحالة تتم المعاينة بانتقال المحكمة إلى مكان
تواجده، وإذا كان موضوع المعاينة أشياء منقولة يمكن معاينتها بالجلسة ما دام من
الممكن نقلها، على أنه إذا كان لا يجوز أولا يمكن احضارها أمام المحكمة، إما
لكثرتها كأتاث المنازل، أو لاستحالة نقلها كالباخرة أو لضرورة أخد قياسها في
مكانها كستائر النوافذ أو سجاد الغرفة الي طلب من أجلها، ففي جميع هذه الأحوال
تضطر المحكمة للوقوف على حقيقة القضية إلى مكان النزاع، أما إذا كان محل المعاينة
عقارا فإن المحكمة تنتقل إلى مكان تواجده.[72]
ثانيا: إجراءات المعاينة
مما لا شك فيه أن أمر القاضي بالمعاينة يمر
بمجموعة من الإجراءات القانونية والتي تتلخص في الأمر بالمعاينة (1)، والعمليات
التي تتطلبها المعاينة (2)، وتنتهي المعاينة بتحرير محضر الانتقال والذي يوثق
لمجموع العمليات والإجراءات التي تم القيام بها (3).
1- الأمر بالمعاينة
تطبيقا للفصل 67 من
قانون المسطرة المدنية، فإن القاضي يمكنه الحكم بمعاينة الأماكن إما تلقائيا أو
بناء على طلب الأطراف، وفي جميع الحالات، فإنه متى قرر ذلك يحدد في حكمه اليوم
والساعة التي تتم بها بحضور الأطراف الذين يقع استدعاؤهم بصفة قانونية[73]،
فإذا كان الأطراف حاضرين وقت النطق بالحكم أمكن للقاضي أن يقرر حالا الانتقال إلى
عين المكان طبقا للفقرة الأولى من الفصل أعلاه.
وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها بتاريخ
9/02/05 على أنه:" إذا أمر القاضي تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف الوقوف
على عين المكان، فإنه يحدد في حكمه اليوم والساعة التي تتم فيها بحضور الأطراف
الذين يقع استدعائهم بصفة قانونية حسب أحكام الفصل 67 من ق.م.م".[74]
كما
يمكنه أن يؤخر أو أن يستأنف الوقوف على عين المكان إذا لم يستطع أو لم يحضر أحد
الأطراف في اليوم المحدد بسبب اعتبر وجيها.
هذا على خلاف الخبرة التي تكتفي فيها المحكمة
بتعيين الخبير الذي ينتقل الى عين المكان، فإن المعاينة تتطلب انتقال القاضي نفسه،
ولا يقوم شخص آخر مقامه، ولوكان أحد أعوان المحكمة، ككتاب الضبط مثلا.
وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض 23
يناير 1980 بأنه :" إذا أمر القاضي بالمعاينة وجب أن يقف بنفسه على عين
المكان، وله وحده حق الاستماع إلى الأشخاص الذين يعينهم ويقوم بمحضرهم بالعمليات
التي يراها مفيدة، يحرر محضر الانتقال ويوقع من طرف القاضي وكاتب الضبط.
لما اعتمدت المحكمة في قضائها على محضر
المعاينة التي قام بها كاتب الضبط وحده ورفضت دفوع الخصم في هذا الشأن تكون قد
خرقت المقتضيات المتعلقة بالمعاينة وعرضت قرارها للنقض".[75]
وفي حالة ما إذا كان موضوع الانتقال يتطلب مزيد
من المعلومات أو لغاية توضيح بعض الأمور الفنية المتعلقة بالمعاينة، يحق للقاضي
المكلف بالتحقيق أن يعين عند الاقتضاء خبيرا قصد مساعدته في كل ما هو تقني عند
إنجازه لهذا الاجراء ومده بالإيضاحات التقنية، وتبقى مهمة الخبير المعين في هذه
الحالة محصورة على المسائل التقنية المحضة، طبقا لما تم التنصيص عليه في الفصل 68
من ق.م.م.[76]
وهذا على العكس من الخبير المعين في إطار خبرة
عادية فهو لا يتوفر على الحق في القيام بالتحقيقات الضرورية، كتوجيه الأسئلة
للأطراف والشهود وكل من بإمكانه مساعدته على استقاء المعلومات الضرورية على
الوقائع موضوع النزاع.[77]
وفي هذا الصدد يطرح بعض الفقه تساؤلا حول ما إذا
كان يتعين احترام الإجراءات المتعلقة بالخبرة في حالة اقترانها بالمعاينة، وخاصة
ما يتعلق بتجريح الخبير، ويرى وجوب احترام الإجراءات المتعلقة بالخبرة كما هي
منصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، وأن رأي الخبير يحرر مضمونه في المحضر الذي
يضعه كاتب الضبط، والذي يدون فيه جميع عمليات المعاينة، على أنه ليس هناك ما يمنع
القاضي من مطالبة الخبير بوضع تقرير لاحق للمعاينة ويودع بملف القضية.[78]
2- عمليات المعاينة
عند الوقوف على عين
المكان يقوم القاضي بمعاينة موضوع النزاع، كالنزاع على الحدود بين قطعتين أرضيتين
أو حالة بناء أو أثار حريق أو غير ذلك، وطبقا للفصل 69 من ق.م.م، يجوز للقاضي أن
تستمع أثناء الانتقال إلى الأشخاص الذين يعينهم وأن يقوم بمحضرهم بالعمليات التي
تراها مفيدة.[79]
ولا تستمع المحكمة الى هؤلاء الأشخاص وفق
إجراءات الاستماع إلى شهادة الشهود، بحيث لا يتطلب الأمر إصدار حكم بذلك ولا أداء
هؤلاء لليمين، ولا استدعاؤهم طبقا للقانون، فالاستماع إلى هؤلاء الأشخاص لا يقصد
به القاضي الحصول على دليل إثبات، بل يستهدف منه تسهيل عمليات المعاينة لفهم وقائع
النزاع بصورة أفضل، على أنه ليس هناك ما يمنع المحكمة من الاستماع إلى هؤلاء
الأشخاص بصفتهم شهودا، على أنه في هذه الحالة يجب عليه إتباع إجراءات الاستماع إلى
شهادة الشهود.
كما يمكن للمحكمة طبقا للفقرة الثانية من الفصل
67 من ق.م.م، أن تؤخر الوقوف على عين المكان إذا لم يستطع ولم يحضر أحد الأطراف في
اليوم المحدد بسبب أعتبر وجيها.[80]
3- تحرير محضر الانتقال
تناول المشرع
المغربي محضر الانتقال في الفصل 70 من ق.م.م، حيث نص هذا الأخير على ما يلي:"
يحرر محضر الانتقال إلى عين المكان ويوقع حسب الأحوال من طرف رئيس الهيئة التي
قامت به وكاتب الضبط، أو من طرف القاضي المقرر، أو القاضي المكلف بالقضية، ويودع
هذا المحضر رهن إشارة الأطراف بكتابة الضبط.
وتطبيقا لذلك ذهبت محكمة النقض المغربية في قرار
لها بتاريخ 24 نونبر 2004، إلى أن:" المحكمة الادراية قررت اجراء معاينة يقوم
بها السيد القاضي المقرر بمساعدة خبير في المحاسبة، غير أن هذا الأخير هو الذي
استمع لأطراف النزاع بدل القاضي المقرر ولم يحرر أي محضر عن الانتقال موقع من طرفه
وكاتب الضبط خرقا لمقتضيات الفصل 70 من ق.م.م، فيكون الحكم المستأنف لما اعتمد على
محضر المعاينة المنجز من طرف الخبير قد خالف القانون".[81]
ويوقع المحضر حسب الأحوال من طرف رئيس الهيئة
التي قامت به وكاتب الضبط أو من طرف القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية،
ويوضع رهن إشارة الأطراف بكتابة الضبط طبقا من نص عليه الفصل 70 أعلاه، ومن الفقه
من أكد أنه من المطلوب أيضا توقيع المحضر من طرف الخبير في حالة حضوره لعمليات
المعاينة.[82]
الفقرة الثالثة: الأمر بإجراء
بحث أو شهادة الشهود
مما لا شك فيه أن
المشرع المغربي استعمل مصطلح " البحث" أو " الأبحاث"، للدلالة
على ما يسمى بشهادة الشهود، وقد تناول هذا الاجراء في قانون المسطرة المدنية في
الفصول من 71 إلى 84 من ذات القانون، كما تناول قانون الالتزامات والعقود مجال
الاعتداد بشهادة الشهود في المادة المدنية في الفصول من 443 إلى 448.
وعليه سنحاول من خلال هذه الفقرة مناقشة أبرز
النقاط التي تهم هذه الاجراء، من خلال التطرق (أولا) إلى ماهية الأمر بإجراء بحث،
ومجالات تدخله وكيفية إجرائه، لنعرج في النقطة الثانية ( ثانيا ) للحديث عن
الشهادة، تعريفها وكيفية تأديتها، لنختم هذا الاجراء بتحرير محضر.
أولا: ماهية الأمر
بإجراء بحث
سنحاول
في هذه النقطة أن نتطرق إلى تعريف هذا الاجراء (1)، تم بعد ذلك نعالج مجالات عمل
الأبحاث (2)، وأخيرا كيفية إجراء الأبحاث (3).
1- تعريف
الأمر بإجراء بحث
يمكن تعريف الأمر بإجراء بحث على أنه:" إجراء من
إجراءات التحقيق التي تمكن القاضي من الاستماع لأطراف النزاع وللشهود، والذي يتم
إنجازه إما تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف.[83]
ومن وجهة نظري
المتواضعة يمكنني القول أن الأمر بإجراء بحث إجراء كغيره من إجراءات التحقيق التي
تأمر بها المحكمة إما تلقائيا أو بناء على طلب أطراف النزاع الذي يقتضي البحث
والاستماع للأطراف وكذا لشهودهم عند الاقتضاء، وذلك بهدف إثبات واقعة مادية أو
واقعة قانونية يجوز قانونا معاينتها من طرف الشهود والتي يبدو التثبت منها مقبولا
ومفيدا للدعوى، تطبيقا لنص الفصل 71 من ق.م.م.
وعلى الرغم من
أن البحث يتميز بطابع الاختياري كباقي إجراءات التحقيق، إلا أنه بالرجوع إلى أحد
القرارات الصادرة عن محكمة النقض المغربية، سنلاحظ أن هذه الأخيرة سارت في اتجاه
تكريس الطابع الاجباري لهذا الاجراء في بعض النزاعات والذي جاء فيه ما يلي:"
ولما كان من الثابت أن الخلاف بين الطرفين يدور حول طريقة الأداء والكيفية التي تم
الاتفاق على أساسها تسليم الثمن وهو ما لم تتضمنه بنود العقد بكيفية صريحة فإنه
كان على المحكمة حسما للخلاف إجراء بحث للوصول إلى الحقيقة".[84]
ويترتب عن هذا كقاعدة عامة ضرورة استجابة
المحكمة للطلب الذي من الممكن أن يتقدم به الأطراف في هذا الشأن.
واستثناء يمكنها أن ترفض ملتمس استدعاء الشهود والاستماع
اليهم، إذا لم تتوفر شروطه القانونية، وهي: - أن تكون الوقائع المراد اثباتها
مفيدة في تحقيق الدعوى، - وأن لا يسمح القانون بإثبات هذه الوقائع بشهادة الشهود.
وهو ما أكدته
محكمة النقض في قرارها عدد 19 الصادر بتاريخ 20/01/2015، والذي جاء فيه:" إن
إجراء بحث، يندرج ضمن إجراءات التحقيق الموكولة لسلطة المحكمة التقديرية، ولا تقوم
به إلا إذا كان ضروريا للفصل في النزاع".[85]
2- مجال إجراء الأبحاث
استهل المشرع المغربي الأمر بإجراء بحث كإجراء من
إجراءات التحقيق، بالحديث عن مجال إجرائه، حيث نص الفصل 71 من قانون المسطرة
المدنية بأنه يجور الأمر بالبحث في شأن الوقائع التي يمكن معاينتها من طرف الشهود
والتي يبدو التثبت منها مقبولا ومفيدا في تحقيق الدعوى.
وفي هذا السياق
ذهبت محكمة النقض المغربية بتاريخ 25 أكتوبر 1981، إلى أن: «محكمة الاستئناف التي
لم تستجب لملتمس الاستماع إلى الشهود لإثبات علاقة العمل بين الطرفين تكون قد خرقت
مقتضيات الفصل 71 من قانون المسطرة المدنية التي تجيز الأمر بإجراء بحث الاستماع
الى الشهود في شـأن الوقائع التي يمكن معاينتها من طرفهم".[86]
3- كيفية
إجراء البحث
إذا كان بإمكان القاضي القيام بإجراء بحث عن طريق حكم
تمهيدي، فإن نفس الحكم يبين الوقائع التي سيجري بشأنها الحكم وكذلك، يوم وساعة
الجلسة التي سيتم فيها تطبيقا للفصل 72 من قانون المسطرة المدنية.[87]
ويقرر الفصل
أعلاه استدعاء الأطراف لحضور جلسة البحث، والمقصود هو وجوب استدعائهم، لا وجوب
حضورهم، ( الفص 76 من ق.م.م)، والأصل أن يتم استدعاء الأطراف بمواطنهم المختار عملا
بمقتضيات الفصلين 33 و 524 من نفس القانون، وليس بمواطنهم الحقيقية.
وتجدر الإشارة
الى أن المشرع لم يتحدث عن وجوب استدعاء وكلاءهم أو عن حضورهم جلسة البحث. فهل عدم
استدعائهم بهذه الصفة يشكل إخلالا يترتب عنه البطلان؟
ما يمكن أن
نخلص في تقريره في هذا الشأن هو نفسه الذي ورد بشأن حضور أو عدم حضور الوكلاء خلال
البحث مع أطراف الدعوى، فالواضح أن قواعد المسطرة لا تنص على استدعاء وكلاء
الأطراف، وهذا لا ينفي فقط وجوب استدعائهم، وإنما يفيد عدم الرغبة في حضورهم جلسات
البحث، فإن التقيد بالقواعد القانونية وبسلامة الاجراء يقتضي عدم السماح لهم بذلك.
ولو أن المشرع
وهو ينظم إجراءات البحث مع الشهود أراد اشراك الوكلاء في هذا الاجراء، لنص صراحة
على استدعائهم، غير أنه اكتفى فقط بالحديث عن استدعاء الأطراف ( الفصل 72)، وعبارة
"الأطراف" هنا تعني أشخاص الخصوم في الدعوى، ولا تمتد الى من ينوب عنهم.[88]
وتتكلف كتابة
الضبط[89]
باستدعاء الشهود الذين توصلت بلائحتهم في إطار القواعد الخاصة بتوجيه الاستدعاءات
الواردة في الفصل 37 و 38 و 39 من قانون المسطرة المدنية[90]،
كما يمكن للأطراف أن يباشروا شخصيا استدعائهم عن طريق رسالة مضمونة.[91]
ثانيا: ماهية الشهادة
مما لا شك فيه ان الأمر بإجراء بحث هو
نفسه شهادة الشهود أو الاستماع للشهود، ووردنا لكل واحد على حدة ليس لشيء انما فقط
لتوضيح الامر أكثر، وعليه سنحاول أن نتطرق الى مفهوم الشهادة من خلال التطرق الى
تعريفها (1)، وكيفية تأديتها (2)، ونختم هذه النقطة بمناقشة محضر الشهادة أو محضر
الأمر بإجراء بحث (3).
1- تعريف
الشهادة
يمكن تعريف الشهادة
أنها قيام شخص أجنبي عن النزاع بإخبار القاضي بعد أداء اليمين القانونية بالوقائع
التي علمت الى علمه بأي وجه كان، وتكمن الشهادة باعتبارها وسيلة من وسائل الاثبات
في أنها تمكن المحكمة من الوقوف على مدى تحقق واقعة معينة من وقائع النزاع، غير أنه
في المادة المدنية لا يمكن استعمال هذه الوسيلة لإثبات قيام التزام تفوق قيمته
10.000 درهم ( الفصل 443 من قانون الالتزامات والعقود).[92]
2- كيفية تأدية الشهادة
نص الفصل 76 من
ق.م.م على أنه يستمع الى الشهود على انفراد سواء بمحضر الأطراف أو في غيبتهم، ويتم
الاستماع إليهم بعد أداء اليمين القانونية والتحقق من هوياتهم، ويمكن هذا الاجراء
من تفادي تأثير شاهد على آخر.
واعتبارا
للفصل 76 من ق.م.م، فإن الشهود يستمع إليهم على انفراد حتى لا يسمع بعضهم بعضا،
وهذا يستتبع أيضا ألا تترك لهم فرصة الاتصال فيما بينهم، قبل انتهاء عملية البحث
حتى لا يحصل أي تواطئ بينهم، كما يمكن للمحكمة أن تستمع من جديد الى الشهود أو
تقوم باجراء مواجهة فيما بينهم[93]،
وتجدر الإشارة أنه لا يؤدي الأفراد الذين لم يبلغوا ست عشرة سنة كاملة اليمين، ولا
يستمع اليهم إلا على سبيل الاستئناس.[94]
ويصرح كل شاهد قبل سماع شهادته باسمه العائلي
والشخصي وحرفته وسنه وموطنه وما إذا كان قريبا أو صهرا للأطراف مع ذكر الدرجة أو
خادما أو عاملا عند أحدهم.
كما نص الفصل 81 و 82 من نفس القانون، على ضرورة
تأدية الشهادة شفهيا، ولا يمكن للشاهد الاستعانة بمذكرات كتابية إلا بإذن من
القاضي، كما منع المشرع مقاطعة الشاهد من قبل الأطراف، أو توجيه أسئلة مباشرة
اليه، وأوجب على المحكمة أن تقرأ لكل شاهد شهادته المدونة في محضر الجلسة مع
توقيعه عليها أو التنصيص على عدم معرفته للتوقيع أو رفضه له.[95]
هذا بالإضافة الى أن المشرع سمح لأطراف الدعوى
تجريح الشهود، إما لعدم أهليتهم لأداء الشهادة طبقا لما ورد في الفصل 75 من ق.م.م،
أو للقرابة القريبة أو لأي سبب خطير آخر تطبيقا لمقتضيات الفصل 79 من نفس القانون،
واشترط أن يقدم التجريح قبل أداء، إلا إذا لم يظهر سببه الا بعد ذلك[96]، كما
أوجب المشرع على المحكمة البث في طلب التجريح في الحال أي وقت تقديمه، بحكم تمهيدي، ورتب على قبول
التجريح الغاء الشهادة طبقا للفصل 79 و80 من ق.م.م.[97]
وهذا على عكس تجريح الخبراء، فإن المشرع لم
يحدد الأسباب التي يتعين الاستناد عليها عند إثارة التجريح، ويجمل الاجتهاد
القضائي هذه الأسباب في الحالات التي تكون فيها للشاهد المعني بالامر مصلحة في
النزاع المعروض على المحكمة، ويتعين على الطرف الذي يعتزم إثارة هذه الوسيلة أن
يفعل ذلك قبل الاستماع إلى الشاهد تحت طائلة عدم القبول، إلا أن هذا الجزاء لا يهم
الحالة التي يكتشف فيها سبب التجريح إلا بعد إدلاء الشاهد بتصريحاته أمام المحكمة.[98]
3- محضر الأمر بإجراء بحث/ الشهادة
بالنظر لكون الشهادة
هي أداة ووسيلة تحقيق، يمكن للقاضي الرجوع إليهم قبل نطقه بالحكم، فإنه ينبغي أن
تكون محررة في محضر، وهو الأمر الذي نص عليه المشرع المغربي بمقتضى الفصل 83 من
ق.م.م، والذي جاء فيه ما يلي:" يحرر كاتب الضبط في جميع الأحوال محضرا بشهادة
الشهود ويوقع هذا المحضر حسب الأحوال من طرف القاضي المقرر أو القاضي المكلف
بالقضية أو رئيس الجلسة ويرفق بأصل الحكم ويبين اليوم ومكان وساعة الاستماع، وغياب
أو حضور الأطراف والأسماء العائلية والشخصية والمهن وسكنى الشهود وأدائهم اليمين
وتصريحاتهم، وإذا كانت هناك رابطة تتعلق بالزوجية أو القرابة أو المصاهرة أو
الخدمة أو العمل عند الأطراف وأوجه التجريح وشهادتهم والاشارة إلى تلاوتها
عليهم".[99]
المطلب الثاني: إجراءات
التحقيق: اليمين وتحقيق الخطوط والزور الفرعي
إذا كنا قد تطرقنا في المطلب الأول لإجراءات
التحقيق المتعلقة بالخبرة والأبحاث ومعاينة الأماكن، فإننا سنحاول أن نسلط الضوء
في هذا المطلب على إجراءات التحقيق الأخرى ويتعلق الأمر هنا باليمين وتحقيق الخطوط
والزور الفرعي.
وقد تعرض لها المشرع المغربي بالتنظيم في
الفصول من 85 إلى 102 من قانون المسطرة المدنية.
ولما كان اجراء اليمين تلك الوسيلة التي تمكن
أحد طرفي الدعوى من الحصول على اشهاد بصحة مستند أو واقعة معينة أو نفيها، فإن
الادعاء بالزور الفرعي وتحقيق الخطوط نظامان قانونيان أوجدهما المشرع شأنهما شأن
باقي إجراءات التحقيق التي تعرضنا لهم سلفا، وذلك من أجل تحقيق الدعوى وجمع
العناصر اللازمة للبث فيها.
وعليه فلسلوك مسطرة اليمين أو اجراء تحقيق
الخطوط أو الزور الفرعي لابد من اتباع مجموعة من الإجراءات القانونية اللازمة سواء
من قبل أحد أطراف الخصومة أو كليهما أو من طرف المحكمة، لذلك سنتعرف على مجمل هذه
الإجراءات بعد أن نتعرض الى مفهوم كل اجراء على حدة كما سوف يأتي بيانه.
وبالتالي سنتطرق في الفقرة الأولى الى اجراء
اليمين كوسيلة من وسائل تحقيق الدعوى، وفي الفقرة الثانية سنخصصها للحديث عن تحقيق
الخطوط، لنختم هذا المطلب بمناقشة الزور الفرعي، وذلك على الشكل التالي:
الفقرة الأولى: اليمين[100]
سنحاول أن نعرض لإجراء اليمين كوسيلة من
وسائل تحقيق الدعوى، من خلال التعرف (أولا) على مفهومها، وأنواعها ( ثانيا)،
حجيتها وطبيعتها ( ثالثا).
أولا: مفهوم اليمين
يمكن تعريف اليمين بأنها تلك
الوسيلة التي تمكن أحد طرفي الدعوى من الحصول على اشهاد بصحة مستند أو واقعة معينة
أو نفيها، فاليمين في الحقيقة تمثل وسيلة من وسائل الإثبات، إلا أنه يجب التسليم
بأن هذه الوسيلة تبقى من الوسائل غير العادية نظرا لكون اللجوء اليها لا يمكن أن
يتم في الحالة التي تغيب فيها الوسائل الأخرى أو التي تعتري هذه الأخيرة فيها نقص
يؤثر في قيمتها، وتستمد اليمين قوتها من مقتضيات الفصل 377 من القانون الجنائي
الذي يجرم شهادة الزور ويحدد العقوبات التي توقع على مرتكبيها.[101]
ويقصد بها كذلك، ذلك القسم الذي يؤديه أحد
المتخاصمين، إما لحسم نزاع قضائي بصفة نهائية، وهي ما تسمى باليمين الحاسمة، أو
باعتبارها مجرد وسيلة مكملة للحجج الأخرى المدلى بها، وتسمى في هذه الحالة باليمين
المكملة.[102]
كما عرفها بعض الفقه على أنها:" ذلك القسم
أو الحلف، إما يمين حاسمة أو يمين مكملة، وتؤدى بعبارة " أقسم بالله العلي
العظيم".[103]
وفي هذا الصدد عبر بعض الفقه كذلك، أنه إذا كان
المقصود باليمين هو ذلك الحلف الذي يصدر من أحد الخصمين على صحة ما يدعيه، أو عدم
صحة ما يدعيه الخصم الآخر، فإن هذه اليمين إما أن تكون قضائية أو غير
قضائية...".[104]
معلوم أن اليمين القانونية تنقسم الى قسمين:
اليمين الحاسمة واليمين المكملة، وهذا ما سنحاول التطرق اليه في النقطة الموالية.
ثانيا: أنواع اليمين
تطرق قانون المسطرة المدنية إلى نوعين من
اليمين في مجال إجراءات التحقيق، وتتمثل في اليمين الحاسمة (1)، والمكملة (2).
1- اليمين الحاسمة
يقصد باليمين الحاسمة[105]،
تلك اليمين التي يؤديها أحد أطراف النزاع بناء على طلب الطرف الآخر من أجل إثبات
حق أو نفيه، أو بتعريف أحد الباحثين فالمقصود باليمين الحاسمة " هي تلك
اليمين التي يوجهها الخصم إلى خصمه حسما للنزاع، وذلك حينما يعوزه دليل آخر
للإثبات".[106]
ولعل هذا ما
ذهب اليه المشرع المغربي عندما قضى في الفقرة الأولى من الفصل 85 من ق.م.م، والذي
جاء فيه ما يلي:" إذا وجه أحد الأطراف اليمين إلى خصمه لإثبات ادعاء أوردها
هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا، فإن الخصم يؤدي اليمين في الجلسة بحضور الطرف
الآخر أو بعد استدعائه بصفة قانونية".[107]
ورغم أن المشرع
المغربي صنف اليمين ضمن إجراءات تحقيق الدعوى، إلا أن بعض الفقه ذهب إلى القول أن
اليمين الحاسمة لا تشكل في الحقيقة إجراء من إجراءات التحقيق بل وسيلة من وسائل
الإثبات[108]، وتوصف
اليمين بالحاسمة عندما يتم أداءها بناء على كلب من أحد طرفي الدعوى[109]،
ولا يمكن استعمال هذه الوسيلة من حيث المنطق إلا من قبل الطرف الذي لا يتوفر على
وسيلة إثبات أخرى، وهوما أكدته محكمة النقض في قرار لها، والذي جاء فيه ما
يلي:" لا يمكن توجيه اليمين الحاسمة إلا للطرف الذي لا يتوفر على حجج
كافية".[110]
وهو الأمر الذي
أكد عليه القضاء المغربي في العديد من قراراته، ففي قرار لمحكمة النقض بتاريخ 17
يناير 1990، ذهبت هذه الأخيرة إلى أن " اليمين الحاسمة تعتبر وسيلة من وسائل
الإثبات يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل.
لا تملك المحكمة
الا الاستجابة لطلبها متى تأكدت من توفر شروطها.
لا يجوز للمحكمة
رفض توجيه اليمين الحاسمة بعلة أن المديونية مبنية على سند كتابي ولا يجوز إثبات
عكس ما جاء فيه إلا بالكتابة".[111]
وفي
قرار آخر، ذهبت محكمة النقض بتاريخ 30 ماي 2001، إلى أنه " طبقا للفصل 85 من
ق.م.م، فإن اليمين الحاسمة لا يحكم بها إلا إذا وجهها أحد الأطراف الى خصمه لإثبات
ادعاء أوردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا".[112]
ويمكن المطالبة
بأداء اليمين الحاسمة في أي مرحلة من مراحل الدعوى، كما يمكن المطالبة بها ولو
لأول مرة أمام محاكم الاستئناف، غير أنه لا يمكن إثارة هذه الوسيلة أمام محكمة
النقض، ويبقى تنفيذ الحكم المشروط بأداء اليمين القانونية، عند الاقتضاء رهينا
بأدائها.[113]
وفي هذا الصدد من الفقه[114]
من ذهب إلى أن توجيه اليمين الحاسمة هي بمثابة تصرف قانوني بإرادة منفردة[115]،
يريد به من يوجه اليمين أن يحكم الى ذمة خصمه، ويتحمل بما يترتب على ذلك من آثار
قانونية[116]، لذلك
فهي تعتبر بمثابة ملك أطراف النزاع وليس ملك للمحكمة.
وتأكيدا لهذا التوجه، ذهبت محكمة النقض المغربية
في قرار لها صدر بتاريخ 25 فبراير 2009 إلى أن:" اليمين الحاسمة هي ملك أطراف
النزاع لا ملك المحكمة، فللخصوم وحدهم الحق في توجيهها لحسم النزاع، إذا وجه خصم
اليمين الحاسمة لخصمه، وأداها هذا الأخير، خرجت تلك الواقعة أو التصرف عن دائرة
الإثبات، وامتنع على من وجهها الاستدلال بوسيلة إثبات أخرى لنفي مضمونها".[117]
إضافة إلى ما
أشرنا إليه أعلاه سنحاول أن نتطرق في بضعة أسطر إلى مسألة أداء اليمين الحاسمة
وكيفية أدائها، على أن نختم هذه النقطة بالتعرف على آثار أداء هذا الاجراء وآثار النكول
عنه.
طبقا للفصل 85 من ق.م.م المشار إليه أعلاه،
تؤدى هذه اليمين بالجلسة بحضور الطرف الذي وجهها، أو بعد استدعائه بصفة قانونية[118]،
دون ضرورة لإصدار حكم بشأنها، خلافا لليمين المتممة، وتؤدى بصيغة" أقسم بالله
العظيم".
ونظرا لكون اليمين تستمد قيمتها من الالتزام
الديني لدى الحالف، ولكون توجيهها اليه هو احتكامه لضميره لإرغامه على كشف حقيقة
الوقائع التي يخفيها، فإن افتقاد هذا العنصر لا يحصل معه الاطمئنان والاقتناع
بصدقه، لذلك نجد الفصل 88 من ق.م.م، الحاحا منه على مراعاة الصيغة الدينية
والاعتقادية في اليمين، أجاز إمكانية تعديل صيغتها الإسلامية الواردة في الفصل 85
من نفس القانون، فقال:" يمكن للمحكمة أن تأمر، بعد اتفاق الأطراف، بأداء
اليمين طبقا للشروط التي تلزم دينيا ضمير من يؤديها"، ولا شك أن هذه الشروط
لا تتعلق فقط بصيغة اليمين، وإنما تتناول أيضا مكان وزمان أدائها.[119]
ومما لا شك فيه أن أداء اليمين الحاسمة تترتب
عنها مجموعة من الآثار القانونية، والتي تتلخص في كون أن مصطلح " اليمين
الحاسمة" لم يأتي عبثا وإنما هي صيغة مستخلصة من العبارة التي استعملها
المشرع المغربي في الفصل 85 من ق.م.م، وهي تذل على حسم النزاع، وهو أول أثر يترتب
على أداء هذه اليمين، أي وضع نهاية له بثبوت الحق لأحد الطرفين والحكم لفائدة
الحالف أو ضد الناكل، ولا يسمح لمن ثبت عليه الحق على هذا النحو، بالتمسك بوسائل
إثبات أخرى، بيد أنه يمكنه في جميع الأحوال إثبات كذب اليمين.[120]
وبناء على ما
سبق لا يجب أن يفهم من عبارة " لحسم النزاع نهائيا" الواردة في الفصل 85
من ق.م.م، أن الحكم الصادر اعتمادا على هذه اليمين هو حكم نهائي لا يقبل أي طعن،
فاليمين لا أثر لها على وصف الحكم، والظاهر أن عبارة "نهائيا" الواردة
في الفصل أعلاه، لم يكن لسياقها ضرورة ما دامت عبارة " لحسم النزاع"
كافية في الدلالة على حجية هذه اليمين، وأثرها في ثبوت الحق لأحد الطرفين، وهو
الأمر المطلوب الحسم فيه.
وفي هذا السياق
قضت محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)، في قرار لها بعدم قبول طلب النقض، بناء
على أن القرار المطعون فيه أثبت في تعليلاته، تبريرا لما قضى به، كون الطاعن طلب
توجيه اليمين الحاسمة للمطلوب، احتكاما لضميره، فأداها هذا الأخير في جلسة
البحث...وليس هذا محل أي نعي من الطاعن، ومن تم يعتبر النزاع بين الطرفين قد انتهى
بصفة لا رجعة فيها، ولا يحق الطعن في الحكم المبني على ذلك، إلا بشأن خلل في
إجراءات أداء اليمين...".[121]
وإذا كان لأداء
اليمين الحاسمة مجموعة من الآثار، فالنكول عن أدائها يترتب عليها كذلك آثار من
أهمها، أنه إذا كانت اليمين الحاسمة وسيلة إثبات، يترتب عن أدائها ثبوت الحق
المتنازع عليه، على النحو المقدم، فإن النكول عنها لم ينل حظا من العناية بالتفسير
وتقصي آثاره، والاشارة الوحيدة إليه، وردت في الفصل 404 من ق.ل.ع، الذي تحدث عن
وسائل الإثبات، وجعل من بينها النكول.
بمعنى أنه رتب
عن نكول من وجهت اليه اليمين، ثبوت الحق في ذمته لفائدة خصمه، أو عدم ثبوت الحق،
تبعا لصفة الناكل في الدعوى.
ويرى الأستاذ
عبد الرزاق السنهوري، أن النكول عن اليمين الحاسمة، هو إقرار ضمني بصحة الدعوى،
يوجب الحكم بمقتضاه.[122]
على أن السؤال
الذي يطرح نفسه في هذا الصدد، يتجلى فيما مدى حجية اليمين الحاسمة أمام القضاء؟
وهل تمتد سلطة القاضي في تقدير وتقيم قيمة هذا الاجراء كغيره من الوسائل الأخرى؟
جوابا على هذا
التساؤل يمكن القول إن أداء هذه اليمين، غايته اقناع القاضي بصدق الحالف فيما
يدعيه، فلا شط أن هذا الاقناع لا يتم إلا بالتحقق من قوة الالتزام الديني لدى
الحالف، إذ بانتفاء هذا الالتزام، ينتفي الالتزام الى صدقه.
والظاهر من
خلال الطبيعة الدينية والقانونية لليمين، يمكن القول أنه إذا كانت محكمة الموضوع تحتفظ
لنفسها بسلطة مراقبة الحجج والأدلة المعروضة عليها، وتقييم قوتها في الإثبات، فإن
اليمين بالنظر الى طبيعتها كما هو مشار إليه أعلاه تتملص من هذه الرقابة، ومرد ذلك
أن المحكمة تكون مقيدة بالآثار التي رتبها القانون على اليمين، وهي ثبوت الواقعة
المراد إثباتها، دون إرهاقها بالبحث عن صدق هذا اليمين أو كذبها، اللهم إلا إذا
توفر لديها من وقائع أخرى، ما يفيد بدون ريب كذب اليمين.
ورغم ذلك
فالشريعة الإسلامية قبل القانون الوضعي أعطت لليمين مكانة مرموقة وعالية وسامقة في
نظام الإثبات، وأحاطتها في نفس الوقت بضمانات إجرائية، تناسب الخيانة التي تجسمها
اليمين الكاذبة، فقد ورد في الحديث الشريف" من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه،
حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار".
وهو ما نص عليه
المشرع المغربي في الفصل 377 من مجموعة القانون الجنائي، حيث جرم اليمين الكاذبة،
واعتبر الحالف مسؤولا جنائيا عن يمينه التي استعملها لتضليل القضاء، والاستحواذ
على حقوق خصمه.[123]
2- اليمين المتممة أو المكملة
على عكس اليمين التي
لا يمكن توجيهها إلا بناء على طلب الأطراف، فإن اليمين المتممة هي التي يتم
توجيهها من طرف المحكمة تلقائيا، ولا تتوفر هذه اليمين على نفس القوة الثبوتية
لباقي وسائل الإثبات فهي تقوم فقط بتكملة ودعم وسيلة أخرى أو قرينة.
وهو ما يوضح لنا أن المحكمة إذا لاحظت أن وسيلة
الإثبات المعروضة عليها غير كافية في اقتناعها واطمئنانها، فإن لها أن تزكيها
بيمين يحلفها صاحب الحجة الناقصة، وهذا نص عليه الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية.[124]
وهذا ما أقرته محكمة النقض في قرار لها، والذي
جاء فيه :" إذا لم تكن الحجج المدلى بها من طرف المدعي كافية، فإن اليمين
المكملة لا يمكن توجيهها للمدعى عليه قصد تكملة تلك الحجج، إذ لا يمكن اللجوء إلى
هذه الوسيلة إلا في الحالة التي تكون فيها الحجة المدلى بها هي شهادة الشهود التي
لا تستجيب للنصاب القانوني".[125]
وتعتبر اليمين المكملة بمثابة إجراء من إجراءات
التحقيق عملا بما قضت به محكمة النقض في قرار لها صادر بتاريخ 30/10/1980، والذي
جاء فيه ما يلي:" اليمين المكملة هي إجراء من إجراءات تحقيق الدعوى المنصوص
عليها في قانون المسطرة المدنية والتي من الممكن أن تكون ضرورية للحسم في النزاع،
ويجب القيام بهذا الاجراء قبل صدور الحكم البات في موضوع النزاع، ويتم تحرير محضر
بخصوصه".[126]
إذ لا يمكن الأمر بتوجيهها إلا من خلال حكم
تمهيدي، كما يتعين أن يحدد الحكم القاضي بها كافة الوقائع التي سينصب عليها
أداؤها، وهذا ما أكده القضاء المغربي في العديد من المواقف، ومنها ما قضت به محكمة
النقض في قرار لها بتاريخ 29/11/1993، والذي جاء فيه ما يلي:" الحكم الصادر
بأداء اليمين يعتبر حكما تمهيديا لا يستأنف إلا بعد البث في الموضوع.
الحكم بإفراغ الطاعن بعد حلف المطلوب دون الأمر
بتنفيذ أداء تلك اليمين، يكون قد بث في الموضوع قبل استيفاء الاجراء المسطري،
وبذلك يكون معرضا للنقض".[127]
وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض بتاريخ
19/12/1984، والذي ورد فيه:" إن توجيه اليمين المتممة من قبل المحكمة يعد
إجراء من إجراءات التحقيق ينبغي أن يصدر بشأنه حكم تمهيدي سابق، لا جزءا من الحكم
النهائي في الجوهر.
وأن المحكمة بفصلها في النازلة بحكم معلق على
شرط أداء اليمين المتممة التي يعتبر استيفاؤها وسيلة من وسائل الإثبات، تكون قد
خرقت القانون".[128]
وهو نفس المقتضى الذي عبرت عنه محكمة النقض في
قرار آخر صادر بتاريخ 25 أكتوبر 2000، حيث جاء فيه أن:" الحكم باليمين حكم
تمهيدي باعتباره وسيلة من وسائل الإثبات يدخل في إجراءات التحقيق التي تمكن القاضي
أن يأمر بها بناء على طلب الأطراف أو تلقائيا قبل البث في جوهر النزاع".[129]
ومن
بين القرارات أيضا نشير إلى قرار آخر صادر بتاريخ 29/3/2011، والذي جاء فيه ما
يلي:" المحكمة حين اعتبرت أن أحد الأطراف لم يعزز ادعاءاته بالحجة الكافية
وارتأت أن توجه إليه اليمين المتممة، كان عليها ان توجه إليه هذه اليمين قبل الفصل
في موضوع الدعوى...".[130]
وبناء على الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية،
نتبين أهم الخصائص التي تتميز بها اليمين المتممة، والتي يمكن أن نجملها في النقاط
التالية:
أولا: اليمين المتممة، يؤمر بها من أجل
تكملة حجة أدلي بها، تراها المحكمة غير كافية في إثبات الوقائع والتصرفات المراد
إثباتها، فتكون بذلك وسيلة يلتجأ اليها لإقامة الإثبات.[131]
وإذا كان الفصل 87 أعلاه يتحدث عن اليمين
المتممة ارتباطا بأحد الطرفين الذي لم يعزز ادعاءه بالحجة الكافية[132]،
فإن هذه الحجة غير الكافية أو الدليل الناقص، قد يكون مجرد قرائن قضائية، تقتنع
بها المحكمة اعتمادا على ما يخوله لها الفصل 454 من قانون الالتزامات والعقود،
فتؤيدها باليمين حسبما ينص عليه الفصل 455 من نفس القانون.[133]
هذا بالإضافة إلى ما سبق يتبين لنا مدى مساهمة
القاضي في الإثبات، أي أن دوره في هذا النوع من اليمين يصبح إيجابيا، وتدخل القاضي
في توجيه اليمين المتممة لا يتم إلا إذا تبين له أن الأذلة المقدمة ناقصة وغير
كافية لتشكيل قناعته ويريد تكملتها، أو إذا لم يكن هناك أي دليل في القضية
المعروضة أمامه.
وعليه يتبين مما سبق أن حرية القاضي في توجيه
اليمين المتممة لأي من الخصمين، معلق على شرطين أساسين: الأول أن لا يكون في
الدعوى دليل كامل، أما الثاني فيتجلى في عدم توجيه اليمين المتممة إلا في حالة
وجود دليل، غير أنه دليل ناقص.[134]
وهذا ما أكد عليه القضاء المغربي في العديد من
أحكامه وقراراته، ففي قرار لمحكمة النقض المغربية بتاريخ 23 نونبر 1983، ذهبت فيه
إلى:" أن اليمين المتممة كما تدل تسميتها، تكمل أدلة الإثبات وليس بديلا وليس
بديلا لها فلا توجه إلا إذا أقام المدعي دليلا اعتبرته المحكمة غير كامل، فلا يمكن
أن تكون وحدها أساسا للقضاء بحق وقع انكاره".[135]
ثانيا: اليمين المتممة تأمر بها
المحكمة بمبادرة منها وبإرادتها ولا يوجهها أحد الخصمين إلى الآخر، وهي لذلك، لا
تقبل الرد بمعنى أن الخصم الذي وجهت إليه هذه اليمين، ليس له إلا أن يحلفها، ليكمل
حجته الناقصة في رأي المحكمة وتقديرها، أو أن ينكل عنها، ولا يحق له أن يقلبها على
خصمه، ليؤديها بدلا منه.[136]
ثالثا: أن تكون الوقائع المراد إثباتها
محددة ومعينة بمقتضى حكم تصدره المحكمة، وهذا واضح من نص الفصل 87 من ق.م.م.
أما بخصوص الصيغة التي تؤدى بها اليمين المتممة،
فتطبق بشأنها نفس الشروط والشكليات التي أشرنا اليها سابقا بخصوص اليمين الحاسمة،
طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 85 و 86 و 88 من ق.م.م.
ووقوفا على حجية اليمين المتممة، من البديهي
وسيرا مع منطق الأمور، أن بنتج عن أداء اليمين المتممة اكتمال الدليل ليصبح تاما، وكافيا
في اطمئنان المحكمة، واقناعها بصحة ادعاءات الحالف، فتقضي لصالحه.
إلا أنه وفي غياب
قواعد تشريعية توضح حجية هذه اليمين بعد أدائها أو آثار النكول عنها، ومدى سلطة
المحكمة إزاء كل ذلك، نرى الفقه، لا يعترف لهذه اليمين بحجية، إلا على قدر ما
تمنحه لها المحكمة، التي تحتفظ بكامل سلطتها في تقدير قيمة هذه اليمين وأثرها على
ثبوت الحق...وإن كان أدائها تزكية وتكملة للدليل الناقص في قيمته الإثباتية، فتقضي
لفائدة الحالف، أو تعتبر النكول عنها[137]
مؤيدا للخصم الآخر، فتقضي ضد الناكل.[138]
وختاما يمكن القول أن اليمين المتممة تمكن
المحكمة التي تنظر في النزاع من وضع حد للشك الذي يحوم حول واقعة معينة، ويمكن
توجيه اليمين الحاسمة للطرف الذي لا يتوفر إلا على بداية حجة من الحصول على حكم
لصالحه، وفي هذا قضت محكمة النقض المغربية في قرار لها صادر بتاريخ 29/04/1970،
بأن:" محكمة الموضوع لم تخرق القانون حينما قررت تحويل اليمين المكملة بسبب
عدم كفاية الحجج المدلى بها بالنظر لعدم ثبوت الحق".[139]
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة غير ملزمة بأخذ
نتيجة أداء اليمين المكملة بعين الاعتبار، إذ يمكنها على الرغم من توجيهها الحكم
في كلا الاتجاهين شريطة تعليل مقررها، وهو ما أكدت عليه محكمة النقض في قرار صادر
عنها بتاريخ 29/11/1993، والذي جاء فيه:" لا يمكن لمحاكم الموضوع أن تستند في
تعليلها على اليمين المكملة فقط، ولا يمكن الأمر باليمين إلا في حالة عدم كفاية
الحجج المدلة بها وليس انعدامها".[140]
وإذا كان الفصل 460 من قانون الالتزامات
والعقود نص على ان الاحكام المتعلقة باليمين مقررة ضمن قانون المسطرة المدنية، فغن
ذلك لا يعني حصر اليمين كوسيلة إثبات[141]،
فيما نصت عليه الفصول 85 إلى 88 من قانون.م.م، التي نظمت اليمين الحاسمة والمتممة،
فإن قانون الالتزامات والعقود نظم بدوره أنواع أخرى من اليمين، فنص في الفصل 455
على يمين مؤيدة للقرينة القضائية، ثم تحدث في الفصل 910 أيضا عن يمين أخرى، يؤديها
الوكيل في حالة خاصة لإثبات براءة ذمته تجاه موكله.[142]
الفقرة الثانية: مسطرة تحقيق
الخطوط
يعتبر إجراء تحقيق الخطوط من أهم إجراءات
التحقيق المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، كقانون اجرائي له علاقة
بالإجراءات والمسطرة المتبعة أمام المحاكم، جاء لتحقيق وتفعيل ما نصت عليه
القوانين الموضوعية.
وفي هذا الصدد تعد الكتابة من أهم طرق الإثبات
وأقواها حجة، فإذا كان غالبا ما يسلم أطراف الدعوى بصحة وصدق المحررات التي تقدم
فيها، بحث لا تكون محل أية منازعة من قبلهم، فإنه قد يحدث في بعض الأحيان أن ينازع
طرف في المحرر الذي يحتج به عليه في الدعوى فيبادر الى الطعن في صحته وصدق ما
تضمنه من بيانات.
الأمر
الذي يفتح المجال أمام مسطرة تحقيق الخطوط والتي يكتفي فيها الطرف المحتج عليه
بمحرر عرفي بإنكار ما ورد به من كتابة أو توقيع منسوب إليه أو يصرح بعدم معرفته
لما ينسبه هذا المحرر من كتابة أو توقيع إلى الغير.[143]
والورقة العرفية هي التي لا يحررها الأشخاص أو
الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق[144]،
وعليه وبناء على ما سبق فإن الورقة العرفية هي التي تخضع لمسطرة تحقيق الخطوط،
وسنتعرف في هذه الفقرة على أهم الشروط الموضوعية والشكلية لمسطرة تحقيق الخطوط
(أولا)، على أن نتعرض بعد ذلك إلى الطبيعة القانونية لهذه المسطرة وكذا لإجراءات
ممارستها ( ثانيا).
أولا: الشروط الموضوعية والشكلية
لمسطرة تحقيق الخطوط
اشترط المشرع المغربي في مسطرة
تحقيق الخطوط مجموعة من الشروط الموضوعية والإجراءات الشكلية الواجب احترامها،
ولذلك سنحاول في هذه النطة أن نتعرض للشروط الموضوعية بداية (1)، على أن نناقش في
النقطة الثانية (2) الشروط الشكلية.
1- الشروط الموضوعية
يقضي الفصل 89 من
قانون المسطرة المدنية والذي ينص على أنه:" إذا أنكر الخصم ما نسب إليه من
كتابة أو توقيع أو صرح بأنه لا يعترف بما نسب إلى الغير أمكن للمحكمة صرف النظر عن
ذلك ان رأت أنه غير ذي فائدة للفصل في النزاع، إذا كان الأمر خلاف ذلك فإنها تؤشر
بتوقيعها على المستند وتأمر بتحقيق الخطوط بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة
خبير عند الاقتضاء".
واستنادا الى الفصل أعلاه سيتبين لنا أن الشروط
الموضوعية لمسطرة تحقيق الخطوط تتجلى في إنكار الكتابة والوقيع في محرر مدلى به في
دعوى أصلية (أ)، وأن يكون محل الانكار أو التوقيع متعلق بورقة عرفية (ب).
أ-
إنكار الكتابة أو التوقيع من
طرف الخصم أو تصريحه بجهله لها
كما هو معلوم فإن الكتابة سواء بخط اليد أو بالآلة هي
التي تشكل نوع المحررات التي يتم الطعن في صحتها، ولكن أهمية المحرر الخطي إنما
يتم توقيعه بخط اليد وأن هذا التوقيع هو الذي يعد دلالة خطية على التعبير الصريح
عن الإرادة، وأن التوقيع يستوجب توفره على خصائص جوهرية ويكون بدلالة خطية ويكون
بخط يد الملتزم ويكون في أسفل الوثيقة.[145]
والظاهر من هذا
أن الطابع أو الختم لا يعتبران توقيعا في القانون المغربي، إذ نص الفصل 426 من
قانون الالتزامات والعقود في فقرته الأخيرة على أنه:" ويلوم أن يكون التوقيع
بيد الملتزم نفسه وأن يرد بأسفل الورقة ولا يقوم الطابع أو الختم مقال التوقيع
ويعتبر وجوده كعدمه".
ونفس المقتضى
يسري بالنسبة للبصة، وهو ما أكده الاجتهاد القضائي المغربي، حيث جاء في قرار
لمحكمة النقض ما يلي:" التوقيع بالبصمة لا يشكل إمضاء يلزم صاحبه، فتكون
المحكمة على صواب لما استبعدت العقد الذي تحمله انكار البصمة من طرف المحامي ليس
انكار توقيع منوبة الذي يستلزم وجود توكيل خاص بذلك".[146]
بالإضافة إلى
ما سبق، يتجلى من خلال المقتضيات المشار اليها أعلاه، أن التوقيع ليس عنصرا جوهريا
من مكونات الورقة العرفية، إلا إذا كانت مكتوبة بغير يد الملتزم بها، كما لو كتبها
غيره باليد أو كتبت بالآلة، بمعنى أن الورقة المكتوبة بيد الملتزم بها لها حجية
كاملة في ثبوت ما ورد بها عملا بالفصلين 424 و 426 من ق.ل.ع، ولو لم تكن موقعة من
الملتزم، إذ القانون لم يشترط توقيع الملتزم، إلا إذا كانت مكتوبة بغير يده.[147]
وهذا على خلال
التشريع المصري، الذي يعتبر توقيع الملتزم على الورقة العرفية، شرطا لصحة الاحتجاج
بها.[148]
ب- تعلق الانكار بورقة عرفية[149]
يستفاد من خلال الفصل 89 أعلاه، أن من شروط اللجوء الى
مسطرة تحقيق الخطوط هو أن يكون محل إنكار الكتابة أو التوقيع ورقة عرفية، أما إذا
كانت الورقة رسمية فيجب سلوك مسطرة الزور الفرعي كما سنرى لاحقا.
وحسب تعبير بعض
الفقه فإن ما يجب التركيز عليه، هو أن الانكار الذي يعتد به لإبطال حجية الورقة
العرفية، هو إنكار الكتابة أو الخط أو انكار التوقيع عند وجوده، بأن يصرح الشخص
بأن الكتابة ليست بيده وليست كتابته، أو أن التوقيع ليس توقيعه، أما أن ينكر مضمون
الورقة، أو ينكر صدور الالتزام عنه، أو أن يقول بأن هذه الورقة غير صادرة عنه، فكل
هذا لا يعتد به إطلاقا.[150]
مرد ذلك أن
الورقة العرفية من خلال عنصر الكتابة فيها، أو التوقيع في حالة وجوده، هي حجة على
حقيقة الوقائع والاتفاقات التي كتبت فيها، حسبما نظمه الفصلان 424 و 431 من قانون
الالتزامات والعقود.[151]
2- الشروط الشكلية
ان اللجوء إلى مسطرة
تحقيق الخطوط في مستند مطعون فيه بالإنكار يستوجب أن يكون هذا المستند له تأثير
على مسار الدعوى ويتوقف عليها، كما أن وكيل الخصم الذين يطعن في هذا المستند
يستوجب عليه الإدلاء بوكالة خاصة بإذن له فيها بهذا الإنكار.
وتتجلى الشروط الشكلية لمسطرة تحقيق الخطوط
فيما يلي:
أ-
توقف البث في الدعوى الأصلية
على المستند المطعون فيه بالإنكار
إذا تبين للمحكمة بعد النظر وتفحص المستند المطعون فيه
بالإنكار بأن نتيجة الدعوى تتوف عليه، وبأن هذا المستند سيكون له فصل في النزاع
فإنها في هذه الحالة تؤشر بتوقيعها على المستند وتأمر بتحقيق الخطوط فيه إما
بشهادة الشهود أو بواسطة خبير عن الاقتضاء طبقا لما نصت عليه مقتضيات الفصل 89 من
ق.م.م.
أما إذا كان
البث في الدعوى الأصلية غير متوقف على هذا المستند فإن القاضي يرفض الاستجابة لطلب
اجراء تحقيق الخطوط، لأنه في هذه الحالة غير منتج في الدعوى، كما لو كانت الورقة
المطعون في صحتها ليس لها أي دخل في إثبات الدعوى أو هناك مستندات أخرى غير مطعون
في صحتها من شأنها إثبات الدعوى الأصلية.
وبالتالي
فالمحكمة تأمر بتحقيق الخطوط متى كان المستند منجا ومفيدا في الدعوى، وإلا فإنها
تقضي بعدم قبوله إذا تبين لها العكس، غير أنه لا يجوز للمحكمة اعتماد المستند
المطعون فيه متى صرفت النظر عن الطعن، وهو الأمر الذي أكدته محكمة النقض في قرار
لها بتاريخ 14/04/2004، والذي جاء فيه:" يمكن للقاضي أن يصرف النظر عن الطعن
بالزور الفرعي إذا رأى أن الفصل في الدعوى لا يتوقف على المستند المطعون فيه، أما
إذا اعتمده في الإثبات فإنه يتعين إجراء المسطرة المبينة في الفصل |92 من ق.م.م.
صرف المحكمة عن
التحقيق في الطعن بالزور الفرعي، واعتمادها للمستند المطعون فيه يجعل قرارها
مجانبا للصواب، ومعرضا للإلغاء ".[152]
ب- الادلاء بوكالة خاصة إذا كان الخصم ممثلا للدعوى
انطلاقا من المادة 30 من القانون 08-28 المنظم لمهنة
المحاماة، فإن الدفع بالإنكار المقدم بواسطة محام يستوجب توفره على وكالة مكتوبة
من طرف موكله.
ثانيا: الطبيعة القانونية لمسطرة تحقيق الخطوط وإجراءات ممارستها
تكملة للمقتضيات التي تم التطرق اليها
في النقطة الأولى، سنحاول في هذه النقطة أن نتطرق الى الطبيعة القانونية لمسطرة
تحقيق الخطوط (1)، على أن نخصص (2) للحديث عن إجراءاتها المسطرية.
1- الطبيعة القانونية لمسطرة تحقيق الخطوط
الملاحظ أن المشرع
المغربي لم يحسم بنص صريح في مسألة الطبيعة القانونية لمسطرة تحقيق الخطوط، ما إذا
كانت طلبا أو دفعا، أي هل يقدم على شكل طلب عارض أم على شكل دفع موضوعي، الشيء
الذي أدى إلى ظهور اتجاهين فقهيين، الاتجاه الأول يرى أن طبيعة مسطرة تحقيق الخطوط
ليس دفعا موضوعيا، وإنما هي ادعاء يجب ان يقدم في شكل عارض، واتجاه آخر يرى أن
طبيعة هذه المسطرة يجب أن تقدم على شكل دفع، لكن الرأي الراجح انها يجب أن تقدم
على شكل طلب قياسا على الفصل 94 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه:"
إذا وضع المستند أجرى القاضي التحقيق في الطلب العارض المتعلق بالزور
الفرعي".
ومن خلال الفصل المشار اليه أعلاه يتضح أن
الزور الفرعي من الطلبات العارضة، وهو نفس الشيء يمكن أن يطبق على تحقيق الخطوط
لكونها مضامين قانونين متشابهين بحيث لا يعتد به إلا إذا قدم في شكل طلب عارض يكون
منطلقا لقيام المحكمة بإجراءات انكار الخط أو التوقيع المنصوص عليه في القانون دون
الاكتفاء بمجرد إثارته أو الوقوف عند حد الدفع به.[153]
2- الإجراءات المسطرية لتحقيق الخطوط
بعد ما يتضح للمحكمة
أن المستند المطعون فيه بالإنكار يتوقف عليه مسار الدعوى فإنها تشرع في إجراءات
التحقيق وذلك بتوجيه إنذار إلى الطرف المتمسك بالمستند المطعون فيه وتندره إذا ما
كان يتمسك بالمستند المذكور والتعريف بنيته في استعماله أم لا وتشرع بعد ذلك في
تطبيق الفصل 92 من ق.م.م.
وعليه إذا تخلى الطاعن عن استعمال المستند أو
لم يصرح بشيء بعد ثمانية أيام على إنذاره صرفت المحكمة النظر عن الإجراء وقامت
بتنحية من الدعوى، أما إذا كان الأمر خلاف ذلك فإنها تأمر بإيداع أصل المستند
المطعون فيه لدى كتابة الضبط المحكمة حفاظا عليه من الضياع، وتقوم المحكمة بالتأشير
وتشرع حينئد في مسطرة تحقيق الخطوط، إما بواسطة الشهود أو بواسطة خبير عند
الاقتضاء.
وفي هذا تطبق القواعد المقررة بالنسبة للأبحاث
والخبرة في تحقيق الخطوط، ويتم كذلك تحقيق الخطوط بواسطة المقارنة بالمستندات مع
المستند المطعون فيه بالإنكار، وتكون المستندات المقارنة وفق ما ينص عليه الفصل 90
من ق.م.م هي: التوقيعات على السندات، والكتابة أو التوقيعات التي سبق الإقرار بها،
بالإضافة إلى القسم الذي لم ينكر من المستند موضوع التحقيق.
وقد أكد الفصل 97 من ق.م.م على أن وضع المستند
المطعون فيه أو أصله بكتابة الضبط والتأشير عليه، فإنه يتم تحرير محضر من قبل
المحكمة تبين فيه حالة المستند أو الأصل بحضور الأطراف أو بعد استدعائهم بصفة
قانونية لذلك.
كما أنه يمكن للنيابة العامة أن تحضر أثناء
تحرير المحضر المشار اليه، ولا بد من التأكيد في هذه النقطة أن مسطرة تحقيق الخطوط
والزور الفرعي، من الضروري تبليغ النيابة العامة بها.
وعليه اذا انتهت المحكمة من خلال إجراءات
التحقيق التي أمرا بها الى كون المحرر صحيحا، حكمت على من أنكره بغرامة مالية
قدرها ما بين مائة وثلاثمائة درهم دون المساس بالتعويضات والمصاريف التي ستحكم بها
عليه، ويلاحظ أن الغرامة المفروضة في الفصل 90 من ق.م.م ضئيلة جدا ولا تفي بالغرض
من الزجر خاصة إذا كان طالب الإنكار سيء النية وكانت غايته إطالة أمد الدعوى لا
غير.[154]
الفقرة الثالثة: مسطرة الزور
الفرعي[155]
الملاحظ من خلال قانون المسطرة المدنية أن
المشرع المغربي لم يعرف لنا مفهوم الزور الفرعي، ولكن بقراءة الفصول المنظمة له من
الفصل 89 إلى 102 منه، يتضح أن دعوى الزور الفرعي هي دعوى عارضة تتار أثناء سريان
دعوى أصليه ويقوم أحد الخصوم بالطعن بالزور في المستند المحتج به ضده.
وبما أن مسطرة تحقيق الخطوط والزور الفرعي
أوردها المشرع في فرع مشترك، فإن الإجراءات المسطرية التي تسري على تحقيق الخطوط
هي نفسها الإجراءات المطبقة على مسطرة الزور الفرعي، وعليه سنكتفي فقط في تناولنا
لهذه المسطرة على الشروط الإضافية التي تستلزمها فتح مسطرة الزور الفرعي[156]
وطبيعتها القانونية ومزاياها الخاصة.
أولا: شروط ممارسة دعوى الزور
الفرعي
مما لا شك فيه أن مسطرة الزور
الفرعي تتشابه مع مسطرة تحقيق الخطوط، كما سبقت الإشارة الى ذلك فيما يخص شروط
ممارستها، إلا أن ما يميز مسطرة الزور الفرعي هي أن مدعي الزور في وثيقة معينة لا
يكتفي فقط بإنكار مضمونها وإنما يتجاوز ذلك إلى القول بتغير حقيقتها وتحريف
الحقيقة الواردة فيها اما بإحلال أمر غير صحيح فيها أو ادخال إضافة أو حذف أو
تعديل شيء في الأصل، ولذلك فإن شروط الزور الفرعي تكون اما شروط موضوعية أو شروط
شكلية.
1- الشروط
الموضوعية:
إن أهم الشروط
الموضوعية لممارسة الزور الفرعي في مستند معين أن يكون ادعاء الزور موجه للمستند
سواء على مستوى الكتابة أو التوقيع، كما ان ادعاء الزور يشمل سواء الورقة العرفية
أو الورقة الرسمية[157]
على خلاف تحقيق الخطوط الذي ينصب فقط على الأوراق العرفية.
2- الشروط
الشكلية:
كما هو الشأن
بالنسبة لتحقيق الخطوط، فإن الشروط الشكلية لممارسة دعوى الزور الفرعي، لا بد كذلك
أن يتوقف البث في الدعوى الأصلية على المستند المطعون فيه بالزور، بالإضافة الى
وجوب الادلاء بوكالة خاصة مكتوبة صادرة عن الموكل يمنحها لدفاعه الذي ينوي ممارسة
الطعن بالزور الفرعي.
كما أنه يستوجب على طالب ومدعي الزور ما يلي:
-
ضرورة إيداع غرامة قدرها 500
درهم بكتابة الضبط إذا كان الزور الفرعي مقدم أمام محكمة النقض، بحث ينص الفصل 386
من قانون المسطرة المدنية أنه:" يقدم طلب الزور في مستند مدلى به أمام المجلس
الأعلى إلى الرئيس الأول ولا يمكن النظر في الطلب إلا إذا اودعت بكتابة الضبط
غرامة قدرها 500 درهم، يصدر الرئيس الأول أمرا بالرفض أو بالإذن بتقييد دعوى
الزور".
ويلاحظ أن هذه الغرامة بالنسبة لمحاكم الموضوع يحكم بها
في حالة رفض طلب الزور طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 98 من ق.م.م، وتتراوح
الغرامة ما بين 500 و 1500 درهم دون المساس بالتعويضات والمتابعات الجنائية.
ثانيا: الطبيعة القانونية لمسطرة
الزور الفرعي
انطلاقا من الفصل 94 من قانون المسطرة
القانونية والذي ينص على أنه:" إذا وضع المستند أجرت المحكمة التحقيق في
الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي".
ويتضح من خلال استقراء مقتضيات الفصل أعلاه أن
الادعاء بالزور ليس دفعا، إنما طعن يجب أن يقدم في الشكل دعوى أصلية أو عارضة تكون
هي المنطلق للقيام بالإجراءات المنصوص عليها في القانون.[158]
وبذلك فإن سلوك مسطرة الزور الفرعي يستوجب
تقديم طلب بذلك على شكل دعوى عارضة لكي تنظر المحكمة في ادعائه ولا يمكن أن تكون
فقط على شكل دفع، وهو الاتجاه الذي كرسته محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا)، في
قرارها عدد 56 الصادر بتاريخ 9/2/1982، والذي جاء فيه ما يلي:" لكن حيث إن
مجرد ادعاء الزور لا يستدعي من المحكمة القيام بأية إجراءات، إذ أن الادعاء
المذكور ليس دفعا تقتضي إثارته اتخاذ أي اجراء، وإنما هو طعن يجب أن يقدم في شكل
دعوى عارضة تكون منطلقا للقيام بالإجراءات المنصوص عليها في القانون، وإن هذا
الجواب على الوسيلة الأولى مستفاد عن الفصلين 92 و 94 من قانون المسطرة المدنية،
مما تكون معه الوسيلة لا أساس لها".[159]
ثالثا: المزايا الخاصة بمسطرة
الزور الفرعي
انطلاقا من مقتضيات الفصل 102 من ق.م.م، يتضح
أن المحكمة الزجرية إذا رفعت دعوى أصليه بالزور مستقلة عن دعوى الزور الفرعي، فإن
المحكمة المدنية يجب عليها أن توقف البث في دعوى الزور الفرعي إلى أن تصدر المحكمة
الزجرية حكمها في الموضوع، وأن هذه الخاصية تجد سندها في المبدأ الأصيل المعروف
بأن " الجنائي يعقل المدني".[160]
كما أنه إضافة إلى ذلك، فإنه بمجرد سلوك الطرف
لمسطرة الزور الفرعي في مستند ما في الدعوى، تكون المحكمة ملزمة بإحالة الملف على
النيابة العامة وتبليغها فيما يتعلق بالمسطرة الجارية بالزور الفرعي، تطبيقا
لمقتضيات الفصل التاسع من ق.م.م الذي يجري مضمونه على وجوب تبليغ النيابة العامة بالدعاوى
المتعلقة بقضايا الزور الفرعي.
هذا إلى جانب الخصائص المذكورة أعلاه، فإن
تقديم دعوى الزور الفرعي تؤدي إلى وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى، حيث إنه
بالرجوع الى الفصل 361 من ق.م.م نجده ينص على أنه لا يوقف الطعن أمام محكمة النقض
التنفيذ إلا في الأحوال الآتية:
-
في الأحوال الشخصية
-
في الزور الفرعي
كما
أنه في حالة وجود الزور وظهرت عناصر تسمح بمعرفة مرتكبه، فإن المحكمة التي تبث في
القضية تحيل المستندات على النيابة العامة طبقا للمقتضيات المنصوص عليها في قانون
المسطرة الجنائية، وذلك قصد تحريك الدعوى العمومية ومتابعة مرتكب جريمة التزوير،
وكذا الشخص الذي استعمل الوثيقة المزورة.[161]
خاتمة:
وفي ختام هذا الموضوع الذي يعتبر من بين أهم
المواضيع البارزة والمهمة في قانون المسطرة المدنية، كون إجراءات التحقيق من
الوسائل الفعالة والناجعة التي تساعد المحكمة للوصول وبلوغ الحقيقة القضائية.
إذ يكون القاضي أو أطراف الدعوى مجبرين على
سلوك هذه الإجراءات في الحالات التي تقتضيها الضرورة الملحة للوصول إلى الدليل أو
الأذلة التي تكون في كثير من الأحيان حاسمة في الدعوى.
وقد حاولنا على امتداد صفحات هذا البحث
المتواضع دراسة إجراءات التحقيق، المتمثلة في الخبرة والأبحاث ومعاينة الأماكن، في
الجزء الأول من هذه الدراسة، واليمين وتحقيق الخطوط والزور الفرعي في القسم
الثاني.
ولا بد من التأكيد أن المشرع المغربي تناول
إجراءات تحقيق الدعوى من خلال إجراءات التحقيق العادية موضوع دراستنا والتي سبق أن
تطرقنا اليها، وافرد لإجراءات التحقيق المسطرية فصولا خاصة بها أما القاضي المقرر
في الفصول من 329 إلى 344 من قانون المسطرة المدنية.
[1] - فموضوع هذا القانون، هو بيان كيفية رفع الدعاوى أمام القضاء، وتحديد
إجراءات سيرها، والدفاع فيها، وكذا قواعد البث والفصل فيها من قبل المحاكم، وصولا
إلى إصدار أحكامها، وتبليغها وتنفيذها، بعد تمكين المتقاضين من حقوقهم في الطعن
فيها، بمختلف طرق الطعن الجائزة.
[2] - جواد أمهول، الوجيز في قانون المسطرة المدنية، الطبعة الأولى، مطبعة
الأمنية، الرباط، ص 5.
[3] - المعطي الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين
الحجج، الطبعة الأولى، 2002، مطبعة الرشاد، ص 02.
[4] - نظمها المشرع المغربي في
الباب الأول " إجراءات التحقيق المسطرية" من القسم السادس المعنون
بـ" المسطرة أمام محكمة الاستئناف وغرف الاستئنافات بالمحاكم الابتدائية من
قانون المسطرة المدنية" في الفصول من 328 إلى 336 منه.
[5] - نظمها المشرع في الفصول
من 71 إلى 102 من قانون المسطرة المدنية.
[6] - ينص الفصل 404 من ق.ل.ع
على أنه:" وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:
- إقرار الخصم
- الحجة الكتابية
- شهادة الشهود
- القرينة
- اليمين والنكول عنها
[7] - نظمها المشرع المغربي في
الفصول من 59 إلى 70 من قانون المسطرة المدنية.
[8] - عبد الرحيم بنيحي،
إجراءات التحقيق الإخبارية في قانون المسطرة المدنية، مقال منشور بمجلة القانون
والأعمال، العدد 17، 2018، ص 102.
[9] - ينبغي التمييز هنا بين إجراءات التحقيق وإجراءات تحقيق الدعوى، حيث إن
هذه الأخيرة أوسع وأشمل دلالة من الأولى، وفي هذا الصدد ذهب أحد الباحثين، إلى أنه
إذا كان قانون المسطرة المدنية نفسه لم يميز بينهما، فإن هذا التمييز ليس صعبا على
من يستقصيه ليتبين له أن إجراءات التحقيق هي ما نصت عليها الفصول من 55 إلى 102 من
قانون المسطرة المدنية والمتمثلة في الخبرة ومعاينة الأماكن والأبحاث واليمين...،
بينما تحقيق الدعوى بمفهومه العام يشمل كل الإجراءات إلى جانب إبلاغ كل طرف في
الدعوى بمستنتجات خصمه ومستنداته، وتمكينه من فرصة الرد عليها، وهو ما يعبر عنه أيضا بمناقشة الدعوى.
وهذا
التمييز يعتمد أساسا على طبيعة كل إجراء مسطري، وأيضا على مدى سلطة المحكمة
وحريتها في الأمر به.
[10] - نور الدين لبريس، نظرات في قانون المسطرة المدنية، الطبعة الأولى، مطبعة
الأمنية-الرباط، 2012، ص 800.
[11] - عبد العزيز حضري، المسطرة المدنية، دون ذكر الطبعة ومكان الطبع، 2018، ص
67.
[12] - لبنى الوزاني، دليل الملحق في قانون المسطرة المدنية، المعهد العالي
للقضاء، مديرية تكوين الملحقين القضائيين والقضاة، ص 71.
- راجع
كذلك، إبراهيم الزعيم، رقابة القضاء على أعمال الخبرة، مقال منشور في مجلة
المحامي، عدد 37، ص 9.
[13] - محمد الكشبور، الخبرة القضائية في قانون المطرة المدنيةّ، الطبعة الأولى،
2000، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء، ص 13.
- راجع
كذلك: مصطفى المهداوي، الخبرة القضائية في المادة المدنية بين الاعتماد
والاستبعاد، منشورات مجلة العلوم القانونية، الطبعة 1، 2015، ص 22.
[14] - عبد الرحيم بنيحي، إجراءات التحقيق الإخبارية في قانون المسطرة المدنية،
مقال منشور بمجلة القانون والأعمال، العدد 17، 2018، ص 104.
[15] - زعيم إبراهيم، نظام الخبرة في القانون المغربي، الطبعة الأولى، سنة 1993،
مكتبة عليلي-مراكش، ص 3.
[16] - قرار صادر عن محكمة النقض (المجلس الأغلى سابقا)، عدد 4963 بتاريخ
29/05/2004، في الملف المدني عدد 2373/02، منشور بمجلة المعيار، عدد 41، 245.
[17] - قرار صادر عن محكمة النقض عدد 352، والمؤرخ في 29/01/2004، في الملف
المدني عدد 2373/02، منشور بمجلة المعيار عدد 31، ص 230.
[18] - قرار صادر عن محكمة
النقض (المجلس الأعلى سابقا)، بتاريخ 12/1/87، تحت عدد 3، منشور بالمجلة المغربية
للقانون، عدد 14/87، ص 229 وما يليها.
- وهو نفس الشيء الذي تعرضت له المحكمة
الابتدائية بالحسمية، حينما اعتبرت الخبرة اجراء من إجراءات التحقيق.
أنظر: الأمر الصادر عن المحكمة الابتدائية
بالحسيمة بتاريخ 22/2/00 تحت حدد 42 في الملف عدد 97/99، منشور بكتاب قانون
المسطرة المدنية في العمل الفقهي والاجتهاد القضائي، ص 261 وما يليها.
[19] - سناء النشاط، الخبرة القضائية بين قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي،
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني والأعمال، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية
2008-2009، ص 13.
[20] - راجع بهذا الخصوص:
-
حسين خضير الشمري، الخبرة في الدعوى المدنية، منشورات زين الحقوقية، الطبعة
الأولى، 2012، ص 19.
[21] - المصطفى المهداوي، مرجع سابق، ص 26.
[22] - كريمة الصنهاجي الفطراني، الخبرة الطبية في حوادث الشغل، رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص القانون المدني والأعمال، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، ص 43.
[23] - المصطفى المهداوي، مرجع سابق، 26.
[24] - قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالحسيمة عدد 522 بتاريخ 25/09/2012، في
الملف المدني عدد 228/4/2011، أشار اليه مصطفى المهداوي، مرجع سابق، ص 28.
[25] - عبد الرحيم بنيحي، مرجع سابق، ص 107.
[26] - وهذا ما أكد عليه الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية، حين حدد نطاق
الخبرة في العناصر التقنية التي لا علاقة لها بالقانون مطلقا.
[27] - محمد الأزهر، الدعوى المدنية، مطبعة دار النشر المغربية عين السبع الدار
البيضاء، الطبعة الأولى، 2010، ص 162-163.
[28] - خالد الشرقاوي السموني، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية
والاجتهاد القضائي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة
مؤلفات وأعمال جامعية، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، دون ذكر الطبعة
وتاريخها، ص 38.
[29] - كتوضيح فقط: القاضي المقرر يكون في الدعاوى التي يبث فيها القضاء
الجماعي، بينما يكون القاضي المكلف بالقضية عندما تتصل الدعوى بالقضاء الفردي.
[30] - وغالبا ما تكون اليمين
القانونية وفق العبارة التالية:" أقسم بالله العلي العظيم أن أقوم بأمانة
وإخلاص بالمهمة المسندة لي وأن أعطي رأيي بكل تجرد واستقلال".
[31] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 335 المؤرخ في 18 يونيو 1980، منشور بمجلة
المحامي، العدد 3، ص 105.
[32] - جواد أمهمول، مرجع سابق، ص 99.
[33] - محمد الأزهر، الدعوى المدنية، دار النشر المغربية، عين السبع الدار
البيضاء، الطبعة الأولى، 2010، ص 169.
[34] - قرار عدد 9672 بتاريخ 19/12/1989، منشور بمجلة المحامي، العدد المزدوج
19-20، ص 164.
[35] - قرار منشور بمجلة قضاء محكمة النقض، العدد 47، ص 175.
[36] - جواد أمهمول، مرجع سابق، ص 100.
[37][37] - قرار صادر عن محكمة
النقض رقم 699 بتاريخ 14 مارس 1988، ملف مدني عدد 3332/86، منشور بمجلة قضاء
المجلس الأعلى، العدد 41، 1988، ص 88.
[38] - نور الدين لبريس، نظرات في قانون المسطرة المدنية، الطبعة الأولى، 2012،
ص 83.
[39] - عبد الوهاب العشماوي،
إجراءات الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الطبعة العاشرة، القاهرة، ط 1985،
دون ذكر دار الطبع، ص 230.
[40] - عبد العزيز حضري، مرجع سابق، ص 68.
[41] - قرار صادر عن محكمة
النقض ( المجلس الأعلى سابق)، رقم 350 بتاريخ 25 يونيو 1975، في الملف المدني عدد
46388، منشور بمجلة المحاماة، العدد 16، 1979، ص 37.
[42] - لقد كان هذا السبب يأتي عادة في سياق الدفوع والطعون المثارة بعد إنجاز
الخبرة، إلا أن حشره بين أسباب التجريح في الخبير حاليا يلزم الأطراف بإثارته
مسبقا ويمنع عنهم استعمال هذا السبب عشوائيا، وفي نفس الوقت يسمح لقاضي الموضوع
بالتحقق منه تحت مراقبة قاضي النقض.
-
أنظر نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 84.
[43] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 84.
[44] - قرار صادر عن محكمة النقض عدد 434 والمؤرخ في 10/7/1961، منشور في قضاء
المجلس الأعلى، الإصدار الرقمي، 2000، ص 128.
[45] - الملاحظ من خلال استقراء مقتضيات الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية تبين
لنا أن المشرع المغربي لم يشر إلى طرق استدعاء الأطراف ووكلائهم لحضور إجراءات
الخبرة، الأمر الذي يحيلنا على المقتضيات العامة للتبليغ المشار إليها في الفصول
37 و 37 و 39 من ق.م.م.
[46] - وخلافا لما نص عليه المشرع المغربي في الفصل 63 أعلاه، إن المشرع المصري
يلزم الخبير بأن يحدد لبدء تنفيذ مأموريته تاريخا لا يتجاوز 15 يوما التالية
لتكليفه بالحضور لاطلاع على الأوراق وتسلم صورة الحكم الصادر بندبه، وعليه أن يدعو
الخصوم بخطابات مسجلة يرسلها إليهم قبل هذا التاريخ بسبعة أيام على الأقل يبلغهم
فيها بمكان أو اجتماع ويومه وساعته طبقا للفقرة الأولى من المادة 146 من قانون
الإثبات المصري.
[47] - محمد المجدوبي الادريسي، إجراءات التحقيق في الدعوى في قانون المسطرة
المدنية المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، ص 112،
أورده عبد الرحيم بنيحي، مرجع سابق، ص 112.
[48] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 61 مؤرخ في 27/02/1981، الصادر في الملف
المدني عدد 54541، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 27 غشت 1981، ص 176.
[49] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 26 والمؤرخ في 9/03/1977، الصادر في الملف
الاجتماعي عدد 54258، منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 128، ص 17.
[50] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 86.
[51] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 75 بتاريخ 24/12/1969، منشور في مجلة قضاء
المجلس الأعلى، عدد 16، ص 18.
[52] - جواد أمهلول، مرجع سابق، ص 102.
[53] - قانون رقم 00-85 الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير رقم 345.00.1، بتاريخ
29 رمضان 1421 الموافق لـ 26 دجنبر 2000، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4866،
بتاريخ 23 شوال 1421 الموافق لـ 18 يناير 2001، ص 233.
[54] - القانون رقم 11-33 الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 153.11.1، بتاريخ 16 رمضان 1432، الموافق لـ 17 غشت
2011، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 75.59، بتاريخ 5 سبتمبر 2011، ص 4389.
[55] - محمد المجدوبي الادريسي، مرجع سابق، ص 119.
[56] - عبد الرحيم بنحي، مرجع سابق، ص 114.
[57] - ويتعين أن يكون رأي
الخبير معللا حتى يستطيع الخصوم مناقشته والقاضي من تكوين رأيه، حيث سبق للقضاء
الفرنسي أن قرر أن يتعين على الخبير أن يكشف عن المصادر التي بنى عليها استنتاجه،
وإلا كان ذلك منه مخالفا لقواعد الإثبات ومبادئ العدالة والانصاف.
- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بباريس في 2
فبراير 1968، دالوز 1963 قضاء، ص 280.
[58] - وفي هذا الصدد يمكن
لأطراف النزاع الطعن في تقرير الخبير وإثبات خطئه أو سهوه أو عدم مطابقته للواقع،
وله أن يستعملوا في ذلك كافة وسائل الإثبات المتاحة أمامهم، وهذا ما أشارت إليه
محكمة النقض المصرية في قرار لها، والذي جاء فيه بأنه:" الطعن في تقرير
الخبير بأنه ما انتهى إليه من نتائج على أسباب لا أصل لها في الأراق لا يعد
تزويرا، وسبيل الطعن في ذلك هو مناقشة تقرير الخبير وإبداء اعتراضاته عليه، لا
الطعن فيه بالزور".
- نقض مدني صادر في جلسة 13 أبريل 1967، في الطعن
رقم 213 لسنة 33 ق.
[59] - وهذا ما أكدته محكمة
النقض في قرار لها بتاريه 16 يناير 2006، بأنه :" ... كما أن المادة 64 من
ق.م.م أعطت للحكمة في حالة عدم توفر الخبرة على البيانات الكافية إمكانية إجراء
تحقيق إضافي أو الأمر بحضور الخبير لتقديم الإيضاحات والمعلومات اللازمة، فعدم
مراعاتها لهذه المعطيات جعل قرارها مشوبا بسوء التعليل الموازي لانعدامه".
- قرار منشور بمجلة قضاء محكمة النقض، العدد
70، ص 377.
[60] - قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 26/03/1969، في الملف المدني عدد 151،
منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 8، ماي 1969، ص 12.
[61] - جواد أمهلول، مرجع سابق، ص 102-103.
[62] - وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها صادر في 1999، بأنه:" لكن
حيث إن الاخذ بالخبرة أو عدم الاخذ بها خاضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ولا
رقابة عليها من طرف المجلس الأعلى إلا فيما يخص التعليل".
-
قرارصادرعن محكمة النقض عدد 1144 بتاريخ 21/07/1999، منشور بمحلة القضاء والقانون،
عدد 56، ص 124.
[63] - وهذا ما أكدته محكمة النقض المغربية في قرار لها، حيث قضت فيه
بأنه:" يكون تقرير الخبرة عنصرا من عناصر الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية
لقضاة الموضوع، دون رقابة عليهم من المجلس الأعلى ما لم يمنع عليه أي تحريف
لها".
-
قرار رقم 1179 المؤرخ في 10/03/99، في الملف المدني رقم 93/400، منشور بمجلة قضاء
المجلس الأعلى/ عدد 55.
[64] - مراد محمود الشليكات، الإثبات بالمعاينة والخبرة في القانون المدني-دراسة
مقارنة، دار الثقافة والتوزيع، الطبعة الثالثة، 2011، ص 45، أورده عبد الرحيم
بنيحي، مرجع سابق، ص 117.
[65] - أحمد بوعتابة الزعابي، الإثبات القضائي-دراسة شرعية وقانونية مع المقارنة
بين قانون الإثبات بالمغرب والامارات، الطبعة الأولى، 2009، دون ذكر دار الطبع، ص
333.
[66] - حسين خضري الشمري، الخبرة في الدعوى المدنية، منشورات زين الحقوقية،
الطبعة الأولى، 2012، ص 51.
[67] - للتوسع أكثر في هذا الصدد راجع:
- عبد
الرحمان الشرقاوي، قانون المسطرة المدنية-دراسة فقهية وعلمية مقارنة مع مسودة
مشروع قانون المسطرة المدنية، الطبعة الثانية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط،
2017، ص 138.
[68] - عبد العزيز حضري، مرجع سابق، ص 68.
[69] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 1582 الصادر بتاريخ 25 أبريل 2001، في
الملف رقم 716/4/00، منشور في إصدار خاص بمناسبة الذكرى الخمسين لإحداث المجلس
الأعلى تحت عنوان" قرارات الغرفة المدنية المتعلقة بقانون المسطرة المدنية،
اشراف على الاعداد المستشار محمد منقار بينس، ط 2006، ص 334.
وكتعليق
على هذا القرار يمكننا القول إن محكمة النقض في هذا القرار قد خالفت توجه المشرع،
عندما اعتبرت اجراء المعاينة والخبرة من وسائل الإثبات، والحال أن المشرع قد صنفها
ضمن إجراءات التحقيق.
[70] - هذه المواضيع المتعلقة
بالمعاينة أوردناها على سبيل المثال لا الحصر، وعليه فمواضيع المعاينة كثيرة
وكثيرة جدا حسب كل قضية على حدة.
[71] - محمد المجدوبي الادريسي، مرجع سابق، ص 130.
[72] - محمد المجدوبي الادريسي، مرجع سابق، ص 130-131.
[73] - ويتم الاستدعاء هنا عن طرق التبليغ المنصوص عليها في الفصول 37 و 38 و 39
من قانون المسطرة المدنية.
[74] - قرار صادر عن محكمة
النقض بتاريخ 9/2/05، تحت عدد 408، في الملف المدني عدد 1259/03، منشور بمجلة قضاء
المجلس الأعلى عدد 67، ص 106 وما يليها.
[75] - قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 23/01/80، تحت عدد 25 في الملف المدني
عدد 65946، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 26، ص 108 وما يليها.
[76] - حيث لا يجوز للخبير مثلا
الاستماع للشهود والأشخاص الذين يرى فيه فائدة في الاستماع اليهم، وهذا ما ذهبت
إليه محكمة النقض في قرار لها حيث قضت:" المحكمة الادراية قررت اجراء معاينة
يقوم بها السيد القاضي المقرر بمساعدة خبير في المحاسبة، غير أن هذا الأخير هو
الذي استمع لأطراف النزاع بدل القاضي المقرر ولم يحرر أي محضر عن الانتقال موقع من
طرفه وكاتب الضبط خرقا لمقتضيات الفصل 70 من ق.م.م، فيكون الحكم المستأنف لما
اعتمد على محضر المعاينة المنجز من طرف الخبير قد خالف القانون".
[77] - جواد أمهلول، مرجع سابق، ص 103-104.
[78] - أدولف رييولط، قانون المسطرة المدنية في شروح، تعريب وتحيين إدريس مليز،
منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، دار النشر المعرفة للنشر
والتوزيع، الرباط، 1996، ص 78
[79] - عبد اللطيف البغيل، الدعوى المدنية وإجراءاتها في التشريع المغربي، 2005،
بدون ذكر دار الطبع، ص 172، أشار إليه عبد الرحيم بنيحي، مرجع سابق، ص 122.
[80] - عبد الرحيم بنيحي، مرجع سابق، ص 122.
[81] - أورده محمد بفقير، قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي، ص 173.
[82] - محمد المجدوبي الادريسي، مرجع سابق، ص 135.
[83] - جواد أمهلول، مرجع سابق،
ص 104.
[84] - قرار صادر عن محكمة النقض عدد 815 بتاريخ 16/03/2005، منشورات قرارات
المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف، ج 4، ص 109.
[85] - قرار صادر عن محكمة
النقض عدد 19 الصادر بتاريخ 20/01/2015، منشور بنشرة قرارات محكمة النقض الغرفة
المدنية، أشارت اليه لبنى الوزاني، مرجع سابق، ص 76.
[86] - قرار منشور بمجلة المحامي، العدد الخامس، ص 53.
[87] - عبد الرحمان الشرقاوي،
مرجع سابق، ص 142.
[88] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 93 و 94.
[89] - ويتم اشعار كتابة الضبط خلال خمسة أيام بأسماء الشهود الذين يرغبون في
الاستماع اليهم.
[90] - ينص الفصل 74 من قانون
المسطرة المدنية على أنه:" يجوز للأطراف استدعاء شهودهم مباشرة برسالة مضمونة
أو عن طريق كتابة الضبط وفق الشروط المنصوص عليها في الفصول 37 و 38 و 39".
[91] - جواد أمهلول، مرجع سابق، ص 106.
[92] - جواد أمهلول، مرجع سابق، ص 105.
[93] - أحمد عبيا، شهادة اللفيف، مقال منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 150،
ص 119.
- عبد
السلام العسري، كيفية توثيق شهادة اللفيف، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية،
العدد 66، ص 61.
[94] - عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 143.
[95] - عبد العزيز حضري، مرجع سابق، ص 69.
[96] - وبمفهوم المخالفة وانطلاقا من نص الفصل 80 من قانون المسطرة المدنية،
يمكن القول أن تقديم التجريح بعد أداء الشهادة ودون أن يكون هناك سبب مبرر لذلك،
فإن طلي بالتجريح يقع باطلا ويتم رفضه.
[97] - عبد العزيز حضري، مرجع سابق، ص 70.
[98] - جواد أمهلول، مرجع سابق، ص 106.
[99] - عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 143.
[100] - جاء في الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على أنه:"
وسائل الاثبات التي يقررها القانون، هي إقرار الخصم، الحجة الكتابية، شهادة
الشهود، القرينة، اليمين والنكول عنها".
ولما
كان المشرع المغربي أخذ بالتصنيف الذي يدرج اليمين وشهادة الشهود، ضمن ما يوصف
بوسائل الإثبات الشكلية، فقد نص الفصل 460 من ق.ل.م على الأحكام المتعلقة باليمين
مقررة ضمن قانون المسطرة المدنية.
وإذا
عدنا الى قانون المسطرة المدنية سنجد المشرع خص اليمين بأربعة فصول من 85 الى 88،
تحدث فيها باقتضاب عن اليمين الحاسمة واليمين المتممة، مبينا شكليات وأصول أدائها،
ومجال كل منها، دون أن يعالج أو يشير إلى آثار أداء اليمين أو آثار النكول عنها،
ولا إلى علاقة اليمين بغيرها من وسائل الإثبات.
-راجع
نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 95.
[101] - جواد أمهلول، مرجع سابق، ص 112.
[102] - عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، 144.
[103] - عبد العزيز الحضري، مرجع سابق، ص 71.
[104] - عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 144.
[105] - ذهب أحد الباحثين إلى أنهذه اليمين سميت بالحاسمة، لأنها تحسم النزاع
وتنهيه، بمعنى أنه إذا حلفها الخصم الموجهة إليه حكم له، وإذا نكل عنها حكم عليه،
وله ردها على خصمه، فإذا حلفها حكم له كذلك، وإذا نكل عنها حكم عليه، ولا ترد مرة
أخرى.
-
أنظر أحمد نشأت، رسالة الإثبات، الجزء الثاني، ص 75، أورده عبد الرحمان الشرقاوي،
مرجع سابق، ص 145.
[106] - عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 145.
[107] - عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 145.
[108] - ولعل ما جعل البعض يصنف
اليمين من وسائل الإثبات رغم تنصيص المشرع المغربي على ذلك في قانون المسطرة
المدنية، هو ما تم التنصيص عليه في الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود.
[109] - وتأكيدا لهذا المقتضى
جاء في قرار لمحكمة النقض رقم 1934، الصادر بتاريخ 1/6/1994، منشور في مجلة قضاء
المجلس الأعلى، عدد 37/38، ص 204، " من الممكن توجيه اليمين الحاسمة خلال
جلسة البحث".
[110] - قرار لمحكمة النقض عدد
2659/90 بتاريخ 21/11/1990، منشور بمجلة الاشعاع، عدد 16، ص 118.
[111] - قرار منشور بمجلة المعيار، العدد 17، ص 77.
[112] - قرار منشور بمجلة المرافعة، العدد 13، ص 151.
[113] - وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض المغربية بأنه:" إذا كان
الفصل 85 من ق.م.م يقضي بأن اليمين الحاسمة تؤدى بالجلسة بحضور الطرف الآخر أو بعد
استدعائه بصفة قانونية، فإن هذا لا يعني أداؤها في نفس الجلسة التي صدر الحكم بها
بل يمكن أداؤها بجلسة أخرى.
لا يبدأ
التنفيذ حين يصبح الحكم قابلا للتنفيذ إلا بعد تأديتها حسبما هو منصوص عليه في
الفصل 444 من ق.م.م"
-قرار
لمحكمة النقض عدد 586 بتاريخ 15/02/1995، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العددان
53، 54.
[114] - توفيق حسن فرج، قواعد الاثبات في المواد المدنية والتجارية، ص 228، أورده
عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 146.
[115] - للتوسع في الإرادة المنفردة، يمكن الرجوع لمؤلف الأستاذ عبد الرحمان
الشرقاوي، القانون المدني، دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثيرها
بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الثالثة،
2015.
[116] - ويترتب عن توجيه اليمين
الحاسمة، أي عن المطالبة بأدائها، آثار بالنسبة للمحكمة، وآثار أخرى تنصرف الى
الخصم الذي وجهت إليه.
-للتوسع أكثر، راجع، عبد نور الدين لبريس،
مرجع سابق، من الصفحة 96 إلى 101.
[117] - قرار منشور بمجلة قضاء محكمة النقض، العدد 72، ص 73.
[118] - وهذا ما أكدته محكمة النقض المغربية في القرار الصادر عنها عدد 586
بتاريخ 15/02/1995، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العددان 53، 54.
[119] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 100-101.
[120] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 102.
[121] - قرار صادر عن محكمة النقض-الغرفة التجارية-عدد 1934، بتاريخ 94/06/01، في
الملف المدني عدد 3559/91، أورده نورد الدين لبريس، مرجع سابقن ص 102.
-إلا
ان الغرفة المدنية بمحكمة النقض سارت في اتجاه مخالف لما ذهبت اليه الغرفة
التجارية في القرار المشار اليه أعلاه، حين اعتبرت اعتماد قضاء الموضوع في حكمهم
على اليمين الحاسمة-كوسيلة للإثبات-لا يؤثر على قابلية هذا الحكم للطعون المقدمة
له بقوة القانون.
-أنظر
القرار عدد 986 بتاريخ 2 مارس 2010-نقض مدني 4063/1/02/08، أورده نور الدين
لبريس، مرجع سابق، ص 103.
[122] - نور الدين لبريس، مرجع سابقن ص 104.
[123] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 107.
[124] - ينص الفصل 87 من قانون
المسطرة المدنية على ما يلي:" إذا اعتبرت المحكمة أن أحد الأطراف لم يعزز
ادعاءاته بالحجة الكافية أمكن لها تلقائيا أن توجه اليمين إلى هذا الطرف بحكم يبين
للوقائع التي ستلقى اليمين بشأنها".
[125] - قرار صادر عن محكمة النقض عدد 85 صادر بتاريخ 17/2/1981، منشور بمجلة
قضاء المجلس الأعلى، عدد 56، ص 38.
[126] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 205 بتاريخ 30/10/1980، منشور في مجلة قضاء
المجلس الأعلى عدد 28، ص 56.
[127] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 3201 بتاريخ 29/11/1993، منشور قضاء المجلس
الأعلى، عدد 48، ص 66.
-
وفي قرار آخر صدر في نفس السياق، قضت فيه محكمة النقض المغربية بأن:" المحكمة
تكون قد خرقت القانون والتي أوقفت تنفيذ القرار الذي أصدرته على شرط أداء اليمين
المكملة، فاليمين المكملة يتعين أن تصدر بناء على حكم تمهيدي، وأن تشكل جزءا من
الحكم البات في جوهر النزاع".
قرار
صادر عن محكمة النقض رقم 205 بتاريخ 30/10/1980، منشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى
عدد 28، ص 56.
[128] - قرار صادر عن محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابق)، عدد 2360 بتاريخ
19/11/1984، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 39 نونبر 1986، ص 63.
[129] - قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 25 أكتوبر 2000، منشور بمجلة الدفاع،
العدد الرابع، ص 139.
[130] - قرار صادر عن محكمة
النقض عدد 1415، بتاريخ 29 مارس 2011ن في الملف المدني عدد 1537/1/2/2010، منشور
بمجلة قضاء محكمة النقض، العدد 75، ص 11.
[131] - نور الدين لبريس، مرجع سابقن ص 110.
[132] - وهو نفس المقتضى الذي نص عليه المشرع المغربي في الفصل 87 من مسودة مشروع
ق.م.م.
[133] - ينص الفصل 455 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي:" لا تقبل
القرائن ولو كانت قوية وخالية من اللبس إلا إذا تأيدت باليمين ممن يتمسك بها متى
رأى القاضي وجوب أدائها".
[134] - عبد الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 148.
[135] - قرار منشور بمجلة قضاء محكمة النقض، عدد 35 و 36، ص 64، أشار إليه عبد
الرحمان الشرقاوي، مرجع سابق، ص 148.
-
وفي هذا الصدد استقرت محكمة النقض مؤخرا، الغرفة المدنية، عدد 21 يناير 2014، على
أن اليمين الحاسمة هي الأخرى ينبغي أن يصدر بشأنها حكم تمهيدي،
وهو ما
نص عليه المشرع المغربي في الفصل 85 مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية.
[136] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 111.
[137] - يرى الأستاذ عبد الرزاق
السنهوري أن النكول عن اليمين المتممة كحلفها لا يقيد القاضي، فهي ليست تحكيما
كاليمين الحاسمة، بل هي إجراء من إجراءات التحقيق، ودليل إثبات تكميلي ذو قوة
محدودة.
وفي هذا أنظر، عبد الرزاق السنهوري، الوسيط،
الجزء 2، ص 586، دار إحياء التراث العربي.
[138] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 116.
[139] - قرار صادر عن محكمة النقض رقم 213 بتاريخ 29/04/1970، منشور بمجلة مجلة
قضاء المجلس الأعلى، عدد 17، ص 30.
[140] - قرار لمحكمة النقض رقم 3201 بتاريخ 29/11/1993، منشور بمجلة قضاء المجلس
الأعلى، عدد 35-36، ص 11.
[141] - في اعتقادي المتواضع أرى أن هناك تناقض أو بالأحرى اختلاف بين المقتضيات
التي نص عليها المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود، إذ أشار إلى اليمين
كوسيلة من وسائل الإثبات، وبين المقتضيات التي نص عليها في قانون المسطرة المدنية،
والذي أدرج فيه اليمين كإجراء من إجراءات التحقيق.
وعليه
يمكننا القول أن هذا الاختلاف في التنظيم مرده بالدرجة الأولى طبيعة كلا القانونين
(ق.ل.ع و ق.م.م)، إذ أشار في الأول على اليمين كوسيلة لإثبات الالتزامات، وخص
اليمين في الثاني بالتنظيم كإجراء لتحقيق الدعوى، كما أن ق.ل.ع يصنف ضمن القانون
الموضوعي بعيد كل البعد عن الإجراءات والشكليات التي نظمها المشرع في ق.م.م الذي
يعتبر قانون شكلي.
[142] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 120-121.
[143] - ادريس شبلي، مسطرة تحقيق الخطوط في القانون المغربي، الطبعة الأولى،
2016، المطبعة والوراقة الوطنية، الداوديات مراكش، ص 57.
[144] - ينص الفصل 423 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي:" الورقة
التي لا تصلح لتكون رسمية بسبب عدم اختصاص أو عدم أهلية بسبب عيب في الشكل تصلح
لاعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقع عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة
الورقة".
[145] - ادريس شبلي، مرجع سابقن
ص 83.
[146]- قرار صادر عن محكمة
النقض، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 30، 1990، أورده ادريس الشبلي، مرجع
سابق، ص 98.
[147] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 136.
[148] - السنهوري، الوسيط، الجزء 2، ص 176، أورده نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص
136.
[149] -لم يأت قانون الالتزامات والعقود ولا قانون المسطرة المدنية بتعريف للورقة
العرفية، واكتفى ضمن الفصل 426 من ق.ل.ع بالإشارة الى بعض مكوناتها الشكلية
والموضوعية، وهي الكتابة، والالتزام، أو الموضوع الذي أنشئت له، ثم التوقيع في
حالة خاصة، وقد جاء فيه:" يسوغ أن تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد غير
الملتزم بها، شرط أن تكون موقعة منه...".
ويفهم
من ذلك أن الورقة العرفية، هي محرر، يكتبه شخص بيده يسجل فيه ما ذمته وما هو ملتزم
به نحو شخص آخر، ويمكن أيضا ان تكون الورقة مكتوبة بغير يد الشخص الملتزم بشرط أن
تكون موقعة منهز
[150] - نور الدين لبريس، مرجع سابق، ص 137.
[151] - يتبين بشكل واضح من خلال هاذين الفصلين أنهما لا يوجبان لدفع الاحتجاج
بالورقة العرفية أن يتم الطعن فيها بالزور، وإنما يكفي إنكار الكتابة أو التوقيع.
[152] - قرار صادر عن محكمة النقض عدد 1086، بتاريخ 14/4/2004، في الملف المدني
عدد 2539/1/4/2004، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 62، 2005، مطبعة المنية،
الرباط، ص 59.
[153] - ادريس الشبلي، مرجع سابق، ص 119.
[154] - محمد رضى عكلي، عبد السلام مزيغي، لحسن ادلمين، إجراءات تحقيق الدعوى،
عرض منجز من طرف طلبة ماستر القانون الاجتماعي المعمق، الفوج الأول، مادة المسطرة
المدنية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة ابن زهر، اكادير،
2018/2019، ص 28-29.
[155] - يكون الطعن بالزور
فرعيا، حين يثار أمام القضاء أثناء نظره في دعوى مدنية أو جزائية ضد أحد المستندات
المقدمة فيها.
[156] - تفاديا للتكرار سنقتصر في هذه النقطة على دراسة الشروط الاضافية التي
تستلزمها مسطرة الزور الفرعي إذا علمنا أن الشروط الموضوعية والاجرائية التي تم
التطرق اليها بخصوص مسطرة تحقيق الخطوط.
[157] - يعرف الفصل 418 من قانون
الالتزامات والعقود الورقة الرسمية على أنها:" هي التي يتلقاها الموظفون
العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي
يحدده القانون"، تم أضاف، وتكون رسمية كذلك:
- الأوراق المخاطب عليها من القضاة في
محاكمهم.
- الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية
والأجنبية.
وبالمقابل نجد القانون المدني المصري يعرف
الورقة الرسمية بأنها:" هي التي يتبث فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة
ما تم على يده، أو تلقاه من دوي الشأن، وذلك طبقا للأوضاع القانونية، وفي حدود
اختصاصه وسلطته.
[158] - عبد اللطيف خالفي، الاجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية، الجزء
الأول، الطبعة 1، 2004، المطبعة الوطنية الحي المحمدي، مراكش، ص 174.
[159] - قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 56 بتاريخ 9/2/1982، في الملف الشرعي عدد
824/80، منشور بقضاء المجلس الأعلى، عدد 30، سنة 1982، ص 70 وما بعدها.
[160] - وهو المبدأ الذي أشار اليه المشرع المغربي في الفصل 102 من قانون المسطرة
المدنية، والذي جاء فيه ما يلي:" اذا رفعت الى المحكمة الزجرية دعوى أصلية
بالزور...فإن المحكمة توقف البث في المدني إلى يصدر حكم القاضي الجنائي".
وهو نفس
المقتضى الذي انتهى به الفصل 421 من قانون الالتزامات والعقود عند حديثه عن دعوى
الزور الأصلية.
[161] - محمد رضى عكلي، عبد السلام مزيغي، لحسن ادلمين، مرجع سابق، ص 31-32.
0 تعليقات